كتابات | آراء

تنسيقات أمنية مجحفة لتجفيف مقاومة الضفة

تنسيقات أمنية مجحفة لتجفيف مقاومة الضفة

لقد كان من شأن رُزُوح الشعب العربي الفلسطيني -لما يقرب من 75 عامًا- تحت وطأة الاحتلال الصهيوني الفاشي تماسك النسيج المجتمعي والتئامه لما من شأنه التصدي لكافة الممارسات الاحتلالية الظالمة -بصورةٍ دائمة- بما أمكنه من وسائل وأساليب المقاومة.

تقاسم النفس النضالي المقاوم
ولأنَّ القاسم المشترك بين جميع أبناء الشعب الفلسطيني في كافة أرجاء فلسطين -سواءً سكان قطاع غزة أو سكان الضفة الغربية والقدس الشرقية أو عرب٤٨- هو المعاناة اللامتناهية من جور الاحتلال الصهيوني وعدوانية المحتلين الظلمة الذين (لَا يَرۡقُبُونَ فِي مُؤۡمِنٍ إِلّٗا وَلَا ذِمَّةٗۚ) وجرائمهم الوحشية الغاشمة، فإنهم -بالرغم ممَّا فرض عليهم من تباعد- نسيجٌ نضاليٌّ مقاوماتيٌّ مترابط، بل إنهم بإيمانهم وتوادِّهم وتراحمهم -في ضوء حديث خير الورى صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليمًا كثيرا- (كَمَثَلِ الْجَسَدِ الْوَاحِدِ، إِذَا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الْأَعْضَاءِ بِالسَّهَرِ، وَالْحُمَّى).
وعلى هذا الأساس تنتج عن أية عملية مقاوماتية أصداء في كل الأنحاء، فعمليات الدهس والطعن التي لا تتاح سواها لـ«عرب٤٨» تتردد أصداؤها الإيجابية في أوساط سكان «قطاع غزة» مثلما تدوي في مدينة «القدس الشرقية» وفي أرجاء «الضفة الغربية»، وعند ما تقتحم أو تدنس باحات «المسجد الأقصى» المبارك من قبل قطعان المستوطنين -بين الحين والحين- تقابل تلك الاقتحامات بالكثير من العمليات الفدائية من قبل الشباب المحسوبين على «عرب٤٨»، وتنطلق القذائف الصاروخية من أنحاء متعددة من «قطاع غزة» نحو المدن والبلدات الواقعة تحت سيطرة الاحتلال لا سيما الواقعة في الوسط الشمال، وما أكثر ما يتطور إطلاق تلك القذائف إلى خوض حربٍ غير متكافئةٍ مع العدو المسنود بالغرب الصليبي وأنظمة التصهين العربي بالإضافة إلى أزلام «أوسلو»، ومن أبرز المعارك التي خاضها «القطاع» دفاعًا حرمة وقدسية «المسجد الأقصى» معركة «سيف القدس» التي خِضيت في مايو 2021، ومعركة «طوفان الأقصى» التي ما تزال تخاض -للشهر الرابع على التوالي- إلى هذه الأثناء.

حقد سلطة «أوسلو» المساومة على المقاومة
ممَّا لم يعد سرًّا أنَّ مهمة سلطة «أوسلو» اللا«وطنية» الفلسطينية قد انحصرت -منذ الأيام الأولى لتأسيسها- في التعاون مع أجهزة القمع الصهيونية لمحاربة المقاومة الوطنية الفلسطينية، من خلال ما أرسي بين السلطات الاحتلالية الدخيلة والسلطة اللاوطنية العميلة من تنسيقات أمنية تتشاطر أجهزة أمن السلطتين -في ضوئها- مهمة اعتقال وقمع وتعذيب المقاومين الفلسطينيين بتنسيق رصين.
وبالرغم من أنَّ وتيرة قمع مقاومي الضفة الغربية آخذةٌ في الارتفاع منذ انفراد حركة «حماس» بإدارة شؤون «القطاع»، فإنَّ ردود الفعل الغاضبة التي صدرت عن المقاومين في شتى بقاع فلسطين على ما يرتكب في «قطاع غزة» -منذ اليوم الأول لـ«طوفان الأقصى»- من مجازر شنعاء قد ساهم في رفع وتيرة القمع الذي لم تكن أجهزة أمن السلطة عنه بمنأى إلى أعلى مستوى، فقد قوبلت وما تزال تقابل عمليات المقاومة التي نفذها مقاومون فلسطينيون في أنحاءٍ متفرقة من «الضفة» استنكارًا لما يشن ضد سكان «غزة» من «حرب إبادة شاملة» باقتحاماتٍ متواصلة لمنازل المشتبه بانتمائهم إلى فصائل المقاومة وبالكثير من الاعتقال المتجدد والقتل بدمٍ بارد، بل لقد اشتركت المسيَّرات والمروحيات -للمرة الأولى- بشن غارات لتدمير منازل أو منشآت أو مركبات بهدف زعزعة ما يتمتع به المقاومون والمقاومات من ثبات، بينما قوبلت المظاهرات والإضرابات الشاملة التي اجتاحت «مدن الضفة الغربية» كاملة تنديدًا باستمرار التنسيقات الأمنية مع السلطات الصهيونية الوالغة في الدماء الفلسطينية بتحركات أجهزة أمن السلطة بانفعالات مفرطة مستهدفةً جموع المتظاهرين بالرصاص الحي، وما تزال -في سبيل إنجاح عمليات الاعتقال- تطارد النشطاء والمقاومين في ساعات النهار والليل على متن المصفحات التي حصلت عليها -مؤخرًا- من «إسرائيل»، فضلًا عمَّا تضطلع به من دور وقائي للقوات التي تتخذ من شعبها وأمتها أشد موقفٍ عدائي، فقد أعلنت هيئة البث الإسرائيلية فجر يوم السبت الموافق 30 ديسمبر الماضي -بحسب ما ورد في سياق تقرير إخباري نشره موقع «الجزيرة نت» في ذلك اليوم- (أنَّ أجهزة الأمن الفلسطينية تتحرك في مخيمات الضفة لمنع المسلحين من الهجوم على الجيش الإسرائيلي. ونقلت أنه في إطار هذه الجهود، يتم التركيز على منع زرع العبوات الناسفة في الشوارع والأزقة داخل تلك المخيمات).
ولعل الأكثر لفتًا للنظر والأدعى إلى دق ناقوس الخطر أنَّ يبلغ تضييق السلطة على المقاومين الفلسطينيين الذين يجمعهم بها مشتركا الوطن والذين حدَّ فرض الرقابة الصارمة على المساجد، زاعمةً أنها -تبعًا للتوصيفات الصادرة عن العدو الصهيوني الذي يقترف من الجرائم ما تعافه مجلحة الذئاب- تستغل للتحريض على ارتكاب أعمال الإرهاب.

أخبار الجبهات

وسيبقى نبض قلبي يمنيا
لن ترى الدنيا على أرضي وصيا