كتابات | آراء

غزة هاشم كشفت عورات الحكام العرب

غزة هاشم كشفت عورات الحكام العرب

من المفارقات العجيبة والتي تستحق الوقوف عندها للتأمل أن الحكام العرب الذين تأصلت عقدة الخوف في نفوسهم من أمريكا وإسرائيل وجعلوا منهما بعبعاً يقض مضاجعهم ليلاً ونهاراً يرفعون أصواتهم هذه الأيام للمطالبة بحل الدولتين في فلسطين جريا وراء التصريحات الأمريكية في هذا الجانب

بعد يأس أمريكا التام من أن تحقق إسرائيل أي نصر في قطاع غزة وكذلك بعد أن تلاشت آمال الحكام العرب الخانعين وانتظارهم الطويل الذي يوشك على نهاية شهره الرابع وهم يترقبون متى سيزفُ إليهم الجيش الصهيوني بشرى انتصاره والقضاء على المقاومة الفلسطينية وتحديداً حركة حماس وإعادة احتلال غزة وتهجير سكانها كما فعلوا في عامي 1948 و1967م عندما أفرغوا نصف فلسطين من سكانها العرب وذهبوا بهم إلى الشتات حتى يسهل للكيان اللقيط ابتلاع من تبقى منهم والاستيلاء على أرضهم وهذا ما حدث فعلا، فلم تكتف الأنظمة العربية خاصة من كانت تعتبر نفسها تقدمية وترفع راية التحدي كقول دون فعل بتشجيع السكان الفلسطينيين على الهجرة وإنما سلموا كل أراضيهم غير المحتلة لإسرائيل دون أية مقاومة تذكر وهي نفس الأراضي التي يطالب الحُكام العرب بها اليوم لإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة عليها وعاصمتها القدس الشريف متجاهلين ومتناسين أنهم هم من فرطوا فيها ومنعوا الفلسطينيين من إقامة دولتهم عليها عندما كانت حرة تحت أيديهم مدة تسعة عشر عاما وكانت تدار من قبل مصر والأردن، ولمعلومة الجيل الجديد نذكر بمبادرة الرئيس التونسي الأسبق الحبيب بورقيبه التي قدمها في منتصف الستينيات من القرن الماضي واقترح فيها إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة في أراضي القدس والضفة الغربية وقطاع غزة وهي الأراضي التي يطالب بها العرب اليوم وحتى الفلسطينيين أنفسهم لإقامة الدولة المستقلة عليها وأعلن بورقيبة عن استعداده للذهاب إلى تل أبيب للتحاور مع الإسرائيليين الذين كانوا آنذاك مستعدين لقبول قيام دولة فلسطينية مستقلة بجانب كيانهم في مقابل اعتراف الأنظمة العربية به فما كان من الحكام العرب التقدميين إلا أن اتهموا الرئيس بورقيبة بالخيانة وقطعوا العلاقة مع تونس وحاولوا اغتياله ولم تمر على هذه الواقعة إلا فترة قصيرة حتى قامت إسرائيل بشن حرب خاطفة في 5 يونيو عام 1967م واستولت على الأراضي الفلسطينية التي كانت تحت أيدي العرب وضمتها إلى كيانها اللقيط وأضافت اليها أراض أخرى اقتطعتها من ثلاث دول عربية مجاورة لها هي: مصر وسوريا والأردن وفيما بعد غزت لبنان واستولت على جزء من أراضيه بعضها حررها حزب الله والبعض الآخر لا يزال تحت سيطرتها إلى اليوم ومنها مزارع شبعه، ولأن بوادر انتصار المقاومة الفلسطينية على الجيش الصهيوني في قطاع غزة بدأت تلوح في الأفق رغم ما ارتكبه هذا الجيش المشكل من العديد من الدول الأوروبية تحت يافطة اعتناق منتسبيه للديانة اليهودية وإيمانهم بالعقيدة الصهيونية من جرائم إبادة جماعية تحت أشراف أمريكي استنكرها المجتمع الدولي بأكمله وأدانها لفظاعتها التي لم يسبق لها مثيل في كل الحروب التي شهدها العالم في تاريخه القديم والحديث وهو ما دفع دولة جنوب أفريقيا لرفع قضية إلى محكمة العدل الدولية لمحاكمة هذا الكيان الغاصب وتضامنت معها العديد من الدول والحكام العرب يتفرجون وكأن ما يحدث في غزة من عدوان بربري لا يعنيهم لا من قريب ولا من بعيد بل وصلت الدناءة بالبعض منهم أن حملوا المقاومة الفلسطينية مسؤولية الاعتداء على إسرائيل وما فعله نظام محمد بن زايد في الإمارات العربية المتحدة أنموذجاً كموقف عربي سخيف استهجنته حتى الدول التي تقف إلى جانب إسرائيل فشكل هذا الموقف المخزي أكثر من فضيحة للحكام العرب أمام شعوبهم وأمام العالم أجمع الخانعين والخاضعين لسياسة الإدارة الأمريكية التي تسيرهم كيفما تشاء ولتزداد فضيحتهم وتنتشر فقد وقفوا جهاراً ضد محور المقاومة المساند لقضية فلسطين العادلة والداعم لما تقوم به الفصائل الفلسطينية وفي مقدمتها حركة حماس من مواجهة جبارة وشجاعة للجيش الصهيوني في مختلف محاور القتال.
أما موقف اليمن المتميز ممثلا في جيشه وقواته البحرية المدعوم شعبياً الذي غير المعادلة وفرض حصاراً اقتصادياً على إسرائيل عبر البحر الأحمر بل وأربك حسابات أمريكا وبريطانيا وإسرائيل فقد أصبح حديث العالم وهو ما جعل أمريكا وبريطانيا تقومان بشن عدوان مشترك ضد اليمن انتقاما من موقفه الديني والوطني والإنساني وبهدف ثنيه وتخويفه ليتوقف عن محاصرة إسرائيل اقتصاديا ولكنه قبل التحدي وازداد قوة وواجه أمريكا وبريطانيا بشكل مباشر رداً على عدوانهما مستهدفاً سفنهما في البحرين العربي والأحمر وخليج عدن بما في ذلك بوارج أمريكا الحربية وقد أصيبت إحداها مؤخراً بصواريخ بالستية أطلقها عليها رجال القوات الصاروخية من البر والبحر إضافة إلى استمرار القوات المسلحة اليمنية بمنع مرور السفن المرتبطة بإسرائيل المتجهة نحو موانئ فلسطين المحتلة المطلة على شواطئ البحر الأحمر وجعلت من ميناء إيلات الذي يشكل عصب إسرائيل الاقتصادي خاويا على عروشه وتم تهجير سكان منطقة إيلات بالكامل بفعل الضربات الصاروخية والطيران المسير الموجهة إليها من يمن العزة والشموخ رغم ما تقوم به الدول المجاورة لإسرائيل من اعتراض بعضها وإسقاطها خوفا من إلحاق الضرر بمناطق الكيان الصهيوني لأن ما يجمع أنظمة هذه الدول المحسوبة على العرب مع الكيان اللقيط من سمات مشتركة ومرجعية واحدة هي أمريكا وبريطانيا يجعلها تقوم بالدفاع عنه خشية من أن تلحق المقاومة الفلسطينية الهزيمة المخزية به، فكان لهذا الموقف اليمني العظيم أثره الايجابي على ما يحدث في قطاع غزة ولأن الحكام العرب الخانعين وجدوا أنفسهم محرجين أمام هذا الموقف اليمني العظيم فقد وقفوا ضد ما يقوم به اليمن من نصرة للأشقاء في فلسطين مسايرة منهم للسياسة الأمريكية التي تفرض عليهم السمع والطاعة لما تريده أمريكا وإن لم يفعلوا فسيطيرون من على كراسيهم المهزوزة أصلاً التي أوصلتهم إليها أمريكا ضاربين بمصالح شعوبهم عرض الحائط ومطبقين المثل الشائع: إذا لم تستح فافعل ما شئت، لقد نزع الله منهم حتى الحياء ولذلك لا يرجى منهم خيرا لأن خطرهم على القضية الفلسطينية أكثر من خطر العدو الصهيوني نفسه كونهم هم قديمهم وحديثهم من تسببوا في ضياع فلسطين وتسليمها للصهاينة ومن أجل بقائهم في الحكم مستعدون لتسليم بلدانهم لتدور في فلك أعداء الأمة العربية والإسلامية، وإن كان صبر الشعوب له حدود فلابد من أن يأتي يوم يكون فيه لهؤلاء الحكام حساب وعقاب وسينصر الله من ينصره وليس ذلك على الله ببعيد.

أخبار الجبهات

وسيبقى نبض قلبي يمنيا
لن ترى الدنيا على أرضي وصيا