الصفحة الإقتصادية

الاقتصاد في المحافظات المحتلة.. انهيار واندثار وفساد

الاقتصاد في المحافظات المحتلة.. انهيار واندثار وفساد

رشيد الحداد/ 
 يدفع المواطن اليمني في المحافظات المحتلة، ثمناً باهظاً لفشل وفساد الحكومة الموالية للتحالف السعودي الأمريكي، في الملف الاقتصادي،

ويعيش حالة حرب اقتصادية مفتوحة لا تتوقف من نقل وظائف البنك المركزي من صنعاء في سبتمبر ٢٠١٦م، تنفيذاً لتهديدات أمريكية بعد فشل سفيرها في مفاوضات الكويت ٢بفرض مسودة استسلام في ختام تلك الجولة من مفاوضات التي رعتها الأمم المتحدة والكويت وانتهت في أغسطس من نفس العام بالفشل
 فحينذاك كان سعر صرف العملة لا يتجاوز ٢٧٠ ريالاً للدولار، وكانت الاسعار شبه متقاربة في مختلف المحافظات رغم تداعيات الحصار والأزمات الناتجة عنه، وبعد أيام فقط من السيطرة على وظائف البنك في عدن، بدأت الأوضاع المعيشية تتدحرج نحو الأدنى فالأدنى، وبدأ مسلسل التقلبات السعرية في أسواق تلك المحافظات دون توقف جراء التوظيف الخاطئ لوظائف البنك في طباعة العملة دون المحدود ودون غطاء نقدي، والفشل في إدارة الإيرادات العامة للدولة في تلك المحافظات التي كانت تغطي احتياجات اليمن برمتها قبل العدوان والحصار، الا أنها تعرضت للتقاسم من قبل مراكز القوى العسكرية والسياسية التابعة للعدوان، ومنحت تلك الحكومة حق طباعة العملة لتغطية عجزها واخفاء عجزها عن فرض سيطرتها على تلك المحافظات، ولذلك أكدت بيانات رسمية صادرة عن وزارة التخطيط في تلك الحكومة، أن تلك الحكومة العميلة فشلت في استعادة أي ايرادات عامة للدولة من أدوات التحالف ولجأت إلى الاقتراض من فرع البنك والسحب على المكشوف لسد عجزها خلال السنوات الماضية، وعوضاً عن وقف تدهور العملة والدفاع عنها، وفقا لسياسة التعويم المدار، أعلنت في يوليو من العام ٢٠١٧م، الانتقال الى سياسة التعويم الكامل للعملة لتفتح ابواب المضاربة والتلاعب بسعر صرف العملة على مصراعيه، وهو ما أتاح هامشاً واسعاً لعصابات المافيا وتجار الحروب لتنفيذ رغباتهم في ضرب ما تبقى من استقرار معيشي واقتصادي في تلك المحافظات المحتلة.
تلك الخطوات الكارثية، التي أفقدت فرع البنك في عدن السيطرة على السوق المصرفي، عالجتها تلك الحكومة بخطوات تدميرية للاقتصاد اليمني، تمثلت بالاعتماد على القروض الداخلية بالريال اليمني من مصادر تضخمية متعددة، وكذلك قروض خارجية تحت مسميات متعددة أبرزها ودائع مالية بالدولار، حصلت عليها تحت ضغط انهيار سعر صرف العملة وتم استنزافها بطرق عبثية دون أن يلمس المواطن اليمني أي أثر إيجابي لها، ومن مؤشرات فشل تلك الحكومة في إدارة الملف الاقتصادي ارتفاع ظاهرة السحب على المكشوف من قبلها لتغطية العجز في الإيرادات، وهو نوع من أنواع الاقتراض الداخلي من قبل الحكومات من المصارف المركزية، الا أن المتغير في المحافظات المحتلة أن السحب على المكشوف ارتفع من ٢٠%، عام ٢٠١٦م، إلى ٤٩% عام ٢٠١٧م، وزاد ذلك بعد فشل الاغراءات التي قدمتها مطلع العام ٢٠١٧م، من خلال قيام بنك عدن برفع معدل الفائدة على الودائع البنكية والسندات الحكومية ورفعها سعر الفائدة على شهادات الإيداع إلى ٢٧%، ونتيجة لذلك ارتفع مستوى السحب على المكشوف خلال العام ٢٠١٨م، إلى ٥٥%، وبلغت ٦٣% عام ٢٠٢٠م، ووصلت خلال السنوات الماضية ما بين ٧٠%، إلى ٧٥%، وكنتاج طبيعي لتلك السياسات ارتفع معدل الدين العام الداخلي والخارجي إلى أكثر من ١٥ تريليون ريال.
خلال مرحلة العبث بالاقتصاد اليمني من قبل حكومة المرتزقة في عدن، حاولت ضرب الهامش المتبقي من الاستقرار الاقتصادي والمعيشي في المحافظات الحرة خلال ٢٠١٧- ٢٠٢٠م، وفي موازاة ذلك عمدت على تجفيف كافة الموارد المالية على صنعاء، نقلت حركة الملاحة من الحديدة إلى عدن لتسيطر على الإيرادات الجمركية والضريبية، ونقلت الجوازات والعديد من الرسوم الحكومية، واستغلت تكالب العدوان على المحافظات الحرة لتحرض العدو ضد صنعاء، وتمنع دخول المشتقات النفطية، وحاولت استنزاف العملات الأجنبية عبر السوق السوداء للوقود، ولأن فاقد الشيء لا يعطيه، فإنها فشلت في تحقيق أهدافها وفشلت في إيجاد أي نموذج اقتصادي في المحافظات المحتلة رغم سيطرتها بتعاون تحالف العدوان على أكثر من ٧٠%، من الإيرادات العامة للدولة.
ولأنها أداة تدمير تنفذ ما تؤمر وتعمل وفق رغبات واجندات دول العدوان، كرست كل جهدها لانهاك القوة الشرائية للعملة اليمنية، وضربت القدرات الشرائية للمواطنين، وصارت مجرد غطاء رخيص لأهداف العدوان ضد وطنها وشعبها ومقدراته، فبعد أن كان بنك صرف يصرف المرتبات لكل موظفي الدولة في مختلف المحافظات، ويقوم بتغطية واردات البلاد من العملات الصعبة، ويبذل قصارى جهده في الدفاع عن سعر صرف العملة المحلية أمام العملات الأجنبية في السوق المصرفي، تم التحريض على البنك قبل أن يتم تعطيل وظائفه وإقالة محافظه السابق المخضرم، محمد بن همام ، تحت مبرر قيام تلك الحكومة بصرف المرتبات والحفاظ على سعر العملة ومواصلة مهام البنك بتمويل فاتورة الواردات، استخدمت كل وظائف البنك كأدوات حرب ضد اليمنيين، وعلى مدى السنوات الماضية تم تعيين خمسة محافظين لفرع البنك في عدن، وفشلوا جميعهم في الحفاظ على ما تبقى من هامش للعيش الكريم، وتنصلت تلك الحكومة عن صرف مرتبات الموظفين ورفضت كافة المبادرات الهادفة لصرف تلك الحقوق الأصيلة للموظف وفق الدستور والقانون وحولتها إلى ورقة ابتزاز ووسيلة من وسائل العقاب الجماعي، وتنصلت تلك الحكومة عن القيام بواجبها في تحسين خدمات الكهرباء، وأدارت ظهرها عن معاناة اليمنيين في المحافظات المحتلة، مكتفية بتنفيذ المزيد من المؤامرات الخارجية على حساب الوطن.
وعلى سبيل المثال هناك من يتقاضى راتباً شهرياً في المحافظات الجنوبية من تلك الحكومة التي تتقاضى رواتبها بالدولار، ولكن لا يتجاوز راتب الموظف في عدن ٥٠ دولاراً، أي ٦٠ الف ريال من العملة المطبوعة بينما سعر الكيس القمح يساوي ٤٨ ألف ريال هناك، والقرص الروتي حجم ٣٠جرام بسعر ١٠٠ ريال، وفي ظل الاحتلال في المحافظات الجنوبية يعيش المواطن دون أمن ودون استقرار معيشي ودون كهرباء ودون ماء ويعاني من ضائقة اقتصادية خانقة.
وفي محاولة منها تغطية الفشل والفساد الذي تمارسه ودورها التأمري الذي تنفذه ضد مقدرات الوطن، تتحدث عن ارتفاع عدد السفن الواصلة إلى ميناء الحديدة وترى بأنها جاءت على حساب الحركة الملاحية في ميناء عدن، وتلتزم الصمت حيال مسلسل التدمير الذي نفذته ضد موانئ عدن أكان من خلال رفع الرسوم أو التعرفة الجمركية أو التعامل المناطقي من قبل العاملين في الميناء ضد التجار، وكذلك فشلها في حماية خطوط الإمداد وكل تلك الممارسات أدت إلى تعطيل موانئ عدن وخدمت الموانئ الاماراتية، وفي نفس الاتجاه حاولت إسقاط فشلها على قرار صنعاء الخاص بوقف نهب الثروة النفطية، وارجعت الازمة المالية الخانقة التي تعيشها اليه، رغم أنها كانت تعيش نفس الأزمات خلال سنوات نهب النفط الخام، ورغم ذلك تواصل رفض مبادرات وطنية تهدف إلى تحرير النفط من السيطرة الأجنبية وربط إعادة الإنتاج والتصدير بالموافقة على صرف المرتبات، دون مبررات مقنعة، بل تردد املاءات الأمريكي والفرنسي بهذا الشأن.

أخبار الجبهات

وسيبقى نبض قلبي يمنيا
لن ترى الدنيا على أرضي وصيا