الصفحة الإقتصادية

رغم كل التحديات والصعوبات ..تقرير حديث يؤكد: القطاع الزراعي يحقق قفزة نوعية في إنتاج الحبوب بما يزيد عن 50% مقارنة بالسنوات الماضية

يلعب قطاع الزراعة دوراً حيوياً في دعم الأمن الغذائي ومكافحة الفقر في اليمن حيث يوفر حوالي 25% من الاستهلاك الغذائي ويساهم بحوالي 20% من الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي

في البلاد.. ويشغل 40.9% من إجمالي قوة العمل في المناطق الريفية حيث تتركز جيوب الفقر.
ويعتبر القمح سلعة استراتيجية في غاية الأهمية للأمن الغذائي في كافة البلدان، وتزداد أهميته في اليمن باعتباره مكونا أساسياً في الوجبات الغذائية للمستهلكين بمختلف شرائحهم ومناطقهم. لكن في مقابل تنامي الاحتياجات الاستهلاكية للسكان. وبالتالي، انخفضت نسبة الاكتفاء من محصول القمح إلى أقل من 5% ولسد الفجوة الغذائية في القمح يستورد اليمن أكثر من 95% من احتياجاته الاستهلاكية من القمح من الخارج.. و المقدرة بأكثر من 3 ملايين طن متري سنوياً
ويوضح تقرير المستجدات الاجتماعية والاقتصادية الصادر عن وزارة التخطيط والتعاون الدولي للعام 2018م أن واردات القمح قد شكلت المرتبة الأولى بين أهم ثلاثين سلعة مستوردة عام 2016م، وباتت فاتورة استيراده تؤرق الاقتصاد والعملة الوطنية متجاوزة 700 مليون دولار سنوياً.. وهذا جعل القوت الضروري للسكان والأمن الغذائي في البلد عرضة لصدمات سعر الصرف وتقلبات الأسعار الدولية للقمح التي قادت ضمن عوامل أخرى إلى زيادة الأسعار المحلية للقمح بمعدل 377.4% بين يناير 2015م وأكتوبر2018م.
وفي ضوء ذلك، اقترح هذا التقرير حزمة من السياسات الهادفة لتقليص استهلاك القمح وزيادة إنتاجه وتخفيف عبء وارداته على المستهلكين، بما فيها أهمية تخصيص جزء من مساعدات المانحين الغذائية العينية لدعم مزارعي القمح والحبوب الأخرى على التحول من مستهلكين للمساعدات الغذائية إلى منتجين للمحاصيل الضرورية.
إنتاج القمح:
تعتبر الحبوب من أهم المحاصيل الاستراتيجية والمنتج الرئيسي الذي تعتمد عليه الزراعة في اليمن. ويمثل إنتاج القمح ثاني أهم محاصيل الحبوب حيث احتل المرتبة الثانية 27% بعد الذرة عام 2017م.
وتظهر الإحصائيات تدهور إنتاج الحبوب ومنها القمح الذي انخفض تدريجياً.. من 264,250 طناً عام 2012م إلى 651,95 طناً عام 2017م، بمعدل انخفاض بلغ في المتوسط 6.16% سنوياً..ويعود ذلك ضمن عوامل أخرى إلى ارتفاع أسعار الوقود وغيره من مدخلات الانتاج وشحة الأمطار وتذبذب هطولها، وضعف خدمات الإرشاد الزراعي، ومحدودية الحافز المالي للمزارعين لزيادة انتاجهم من القمح مقارنة بالمحاصيل النقدية - بالذات القات - التي توفر عائداً أكبر بكثير. ولذلك، ارتفعت حصة القات في المساحة المزروعة من 11.3 %عام 2013 إلى 15.4% عام 2017م مقابل انخفاض حصة القمح في المساحة المزروعة من 9.2% إلى 5.7% خلال نفس الفترة، على الرغم من الوضع الحرج لانعدام الأمن الغذائي في البلاد.
ويرتكز إنتاج القمح في محافظات الجوف 33.1 وإب 15.8% وحضرموت 12% ومأرب 10.9% وذمار 10.8% وشكلت الخمس المحافظات 6.82% من إجمالي إنتاج القمح في اليمن عام 2017م .وانتجت بقية المحافظات اليمنية17.4 %من إجمالي الإنتاج باستثناء الحديدة والمهرة وعدن التي لا تزرع القمح إنما تزرع أنواع أخرى من الحبوب.
الفرص الكامنة والجدوى الاقتصادية لإنتاج القمح:
وفقاً لدراسة غير منشورة حول الجدوى الفنية – الاستراتيجية - الاقتصادية الانتاج القمح نفذتها وزارة الزراعة عام 2016 ،تعتبر المنطقة الشرقية والمرتفعات الجبلية (الشمالية والوسطى) أهم المناطق الواعدة لزراعة القمح في البلاد. وتتمتع المنطقة الشرقية على وجه الخصوص و التي تشمل محافظات مأرب وحضرموت والجوف.. بمزايا فريدة عن سواها من المناطق اليمنية مثل وفرة المياه الجوفية وقابلية إدخال الميكنة في العمليات الزراعية، مما يؤهلها لزيادة إنتاج القمح بعوائد مجزية إلى114,000 طن أي بأكثر من ضعف مستواه الحالي 10.7% وذلك من دون تغير كبير في المساحة المزروعة 22.4%.. وبالتوازي، تتميز بعض مناطق المرتفعات الجبلية مثل محافظات اب، ذمار، البيضاء، المحويت بتوفر مصادر المياه الجوفية للري وأمطار غزيرة في مناطق مثل إب، وتنوع طبوغرافية الأراضي بين قيعان واسعة ومدرجات جبلية.. إضافة إلى قابلية إنتاج القمح في موسمي الشتاء والصيف، وتمتعها بإنتاجية عالية يمكن أن تبلغ 5 أطنان للهكتار.. كما ويوجد فرصة غير مستغلة لزيادة إنتاج القمح في المرتفعات الجبلية بحوالي 122.3 % عن مستواه الحالي، بالتزامن مع زيادة المساحة المزروعة بحوالي22.6.
لذا فإنه في حال تطبيق الحزمة المتكاملة لتقنيات الإنتاج الحديثة، يوجد فرصة كامنة غير مستغلة لزيادة انتاج القمح في المناطق الواعدة المناطق الشرقية والمرتفعات الجبلية بمعدل 118.2% عن مستواه الحالي، أو بكمية اضافية قدرت بحوالي 228,559 طن. وهذا إن تحقق سيسهم في زيادة نسبة الاكتفاء الذاتي من القمح في عموم البلاد إلى 12.4% مقارنة بالنسبة الحالية المقدرة 8.2.% وستنخفض فاتورة الواردات وعجز الميزان التجاري في حدود 57-69 مليون دولار سنوياً فضلاًعن توفير كثير من فرص العمل والدخل للأسر الزراعية.
وقدرت الدراسة المذكورة آنفا إجمالي عائدات إنتاج الهكتار من محصول القمح في القطاع المروي 2700 دولار عام 2016م بينما قدرت الكلفة الكلية 1750 دولاراً وبالتالي، بلغ العائد الصافي 950 دولاراً، وكانت نسبة التكاليف إلى العائدات 65 .%وهذه مؤشرات تقريبية تفيد بتوفر جدوى اقتصادية متوسطة في إنتاج القمح وتشجع على التوسع في زراعته محلياً، مع الأخذ في الاعتبار أن كلفة انتاج القمح محلياً أعلى من كلفة القمح المستورد وعائداته أقل من عائدات محاصيل نقدية محلية بديلة مثل القات.
ومهما كانت النتائج متواضعة إلا أن القمح يبقى سلعة استراتيجية ترتبط بأمن الوطن واستقلال القرار الوطني، مما يستوجب التعاطي مع الفجوة الغذائية في القمح من منظور استراتيجي واسع على المدى القصير والمتوسط والبعيد يركز ليس فقط على التوسع الرأسي في زيادة الإنتاجية ولكن أيضا
التوسع الأفقي في المساحة المزروعة، والتأثير على الأنماط الاستهالكية، وتعزيز وضع الميزان التجاري الزراعي من خلال زيادة انتاج وتصدير المحاصيل ذات الميزة النسبية، مع تقليص إنتاج واستهالك القات الذي يستهلك حوالي 30 %من المياه المستخدمة.. واعادة توجيه برامج في الزراعة وتتمدد زراعته كل عام على حساب المحاصيل الأخرى رغم مخاطره الصحية و الإقتصادية والبيئية مساعدات المنظمات الإنسانية الدولية بما يراعي دعم وتحفيز المزارع اليمني ويضمن تنشيط دوره الإنتاجي وتعزيز مناعته ضد الأمات، للمحاصيل الضرورية.
ومن أهم ذات الأولوية في ترشيداستهلاك القمح على المدى العاجل و المتوسط والطويل الأجل
العمل على رفع الوعي بأهمية تغيير انماط الاستهلاك الغذائي عبر عمل خلطات بنسب محددة من دقيق القمح مع الحبوب الأخرى المنتجة محلياً (مثل الدخن والذرة الرفيعة) التي يمكن التوسع في زراعتها خاصة أنها أكثر مقاومة للجفاف من أجل تقليص الدقيق والقمح المستورد.
ومن ثم تخصيص جزء من الطاقة الإنتاجية في مصانع المطاحن لصالح إنتاج الدقيق المركب من الذرة الرفيعة والدخن والقمح بما يسهل تسويق الحبوب المنتجة محلياً (ذات بروتين عالي الجودة، وجيدة المذاق) ويحسن منافستها للقمح المستورد. وهذا يستلزم إنشاء فروع للمؤسسة الاقتصادية أو إنشاء جمعيات تسويق زراعي كوسيط بين منتجي الحبوب مع مصانع المطاحن. كذلك تحفيز أصحاب الأفران على خلط دقيق القمح مع بقية أنواع الحبوب المنتجة محلياً.
بالإضافة لتوسيع الوعي المجتمعي بتنظيم الأسرة للحد من النمو السكاني وبالتالي الطلب الاستهلاكي على القمح.. وذلك من خلال المساهمة الفعالة لمؤسسات الإعلام، وزارة الزراعة، وزارة الصناعة والتجارة، الاتحاد التعاوني الزراعي، اصحاب الأفران، فروع المؤسسة الاقتصادية، مستوردي الحبوب.
ومن أجل العمل على زيادة انتاج القمح وغيره من الحبوب يتطلب الأمر التالي:
مثل التوسع الرأسي في زراعة الحبوب من خلال إدخال الحزمة المتكاملة لتقنيات الإنتاج الحديثة التي تشمل الأصناف عالية الإنتاجية والمقاومة للجفاف، ومكافحة الآفات الزراعية، واستخدام الأسمدة والمبيدات، ووسائل الري الحديثة، والتسميد، والميكنة والبحث العلمي والإرشاد الزراعي.
وكذلك التوسع الأفقي في زراعة القمح والحبوب من خلال تخصيص مساحات زراعية جديدة مالئمة ضمن نطاقات معينة(Zoning )مع تزويدها بأفضل الخدمات خاصة الأسمدة والمبيدات والميكنة الزراعية والمياه.
إلى جانب إيلاء اهتمام خاص بمراكز البحوث الزراعية لتعزيز دورها في التنمية الزراعية بما في ذلك ادخال التكنولوجيا الحديثة في الإنتاج والتسويق الزراعي، وتطوير تقنيات الري الموفرة للمياه وأصناف المحاصيل المحسنة عالية الغلة والمقاومة الأمراض والجفاف، وتوزيعها بسعر التكلفة.
مع العمل على توسيع نشاط الإرشاد الزراعي من خلال نشر الوحدات الإرشادية الزراعية في مواقع االنتاج لمعالجة الأمراض الزراعية ونقل نتائج الأبحاث إلى المزارعين في كل المديريات الريفية الزراعية.
و يقترح التقرير استخدام التلفون المحمول لرفع كفاءة تقديم خدمات الإرشاد الزراعي من خلال تعيين نقاط تواصل بين المزارعين في كافة المناطق الزراعية (على مستوى العزلة) مع مكاتب الإرشاد في المحافظات بغرض نشر الرسائل التوعوية حول أفضل الممارسات وتعليم المزارعين مهارات جديدة وطرح المشاكل الزراعية من خلال برامج التواصل الاجتماعي بالرسائل النصية والفيديوهات.. وكذلك، استخدام مثل هذه الأدوات للربط بين اصحاب الآلات الزراعية والمزارعين المحتاجين لاستخدامها لرفع الإنتاجية في القطاع الزراعي.
إلى جانب تشجيع قيام جمعيات زراعية لتوفير مدخلات الإنتاج و الألات اللازمة في عملية الزراعة والحصاد وتقديم الإرشاد والتدريب.
مع تحسين استدامة دعم المانحين من خلال تخصيص جزء من مساعدات المانحين الغذائية العينية لدعم مزارعي القمح والحبوب الأخرى بما في ذلك دعم الوصول إلى منظومات الطاقة الشمسية لري المحاصيل.
بجانب حظر التوسع في زراعة القات على حساب المساحات الصالحة لزراعة القمح وغيره من المحاصيل الزراعية.
بالإضافة لتبني البنك المركزي لسياسة ائتمانية محفزة لزراعة الحبوب و الأنشطة المرتبطة بها من خلال التالي:
تخفيض نسبة الاحتياطيات القانونية على القروض المصرفية لزراعة الحبوب مقارنة بنسبة الاحتياطي القانوني على الودائع الأخرى.
و فتح نافذة خصم خاصة بسعر مخفض للبنوك التي توظف قدر مناسب من الائتمان في زراعة الحبوب.
إلى جانب تشجيع البنوك على تقديم قروض بالتقسيط لشراء شبكات الري الحديثة ومنظومات الطاقة الشمسية بضمان المحصول و الأض.
و تقديم حزمة حوافز لجذب استثمارات القطاع الخاص في الزراعة وبالذات انتاج الحبوب وتقديم التسهيلات اللازمة ليقوم باستصالح اراض زراعية جديدة و ذلك من خلال الجهات المعنية في كل من وزارة الزراعة والجهات التابعة لها، كلية الزراعة، الاتحاد التعاوني الزراعي، البنك المركزي اليمني والبنوك، المنظمات الإنسانية الدولية.
ولأجل تخيف عبء واردات القمح على المستهلك فلا بد من بالتعاون مع الجهات المعنية في وزارة الصناعة والتجارة، البنك المركزي، مستوردي القمح، المانحين، مؤسسة التمويل الدولية.
ومن الضروري بمكان بحسب التقرير اختيار الأوقات المناسبة لعقد صفقات استيراد القمح للاستفادة من انخفاض الأسعار الموسمية في البورصات العالمية.
مع ضرورة استدامة وصول مستوردي السلع الأساسية بما فيها القمح للنقد الأجنبي من البنك المركزي، وإجراء المزيد من التبسيط في اجراءات فتح الاعتمادات المستندية والدفع للموردين الدوليين.
وكذلك توسيع خيارات تمويل واردات القمح من خلال تفعيل مقترح مؤسسة التمويل الدولية التابعة للبنك الدولي( IFC )بشأن تقديم تسهيل تمويل تجاري للواردات الغذائية بمبلغ 500 مليون دولار.
إلى جانب إعادة تأهيل مينائي الحديدة والصليف وتوسعة قدرات ميناء عدن لتسهيل دخول الشحنات التجارية و الإنسانية.
وتبذل حكومة الإنقاذ الوطني جهوداً كبيرة نحو تحقيق الاكتفاء الذاتي من الحبوب حيث يوضح تقريركتاب الإحصاء الزراعي الصادر في العام 2020م أن هناك ارتفاعاً ملحوظ اًفي انتاج اليمن من الحبوب في سنة إعداد التقرير حيث وصلت المساحة المزروعة بالحبوب 554687 هكتاراً بإجمالي إنتاج بلغ 789527طناً في مقابل 357068 كمساحة مزروعة و 519756 في العام 2016.. ويؤكد التقرير أن هناك تحسناً ملحوظاً في نسبة زراعة مختلف الحبوب من الذرة الرفيعة و الدخن والقمح والذرة الشامية وأخيراً الشعير.

أخبار الجبهات

وسيبقى نبض قلبي يمنيا
لن ترى الدنيا على أرضي وصيا