أخبار وتقارير

في ظل دور أمريكي واضح ومعرقل لإنهاء العدوان والحصار.. الرياض تجدد رفضها لكل مساعي السلام

في ظل دور أمريكي واضح ومعرقل لإنهاء العدوان والحصار.. الرياض تجدد رفضها لكل مساعي السلام

26 سبتمبر: |  تقرير خاص |
 أظهرت طبيعة الأحداث التي شهدتها الأشهر الماضية، أن تحقيق السلام وإنهاء العدوان على اليمن، يحتاج إلى خطوات وقرارات جريئة ومصداقية وجدية في التنفيذ،

خصوصاً للجانب الإنساني الملامس لمعاناة اليمنيين المستمرة منذ ثمان سنوات، وما خلفه العدوان والحصار من تداعيات على مختلف الجوانب الاقتصادية والصحية والتعليمية.
صنعاء ومن خلال قبولها بالوساطة العمانية واستقبالها للوفدين العماني والسعودي في شهر رمضان الماضي، أكدت أنها ترحب بأي تقارب يفضي إلى إيقاف العدوان وإنهاء الحصار، وتحقيق السلام العادل والمنصف الذي يبدأ بإنهاء معاناة الشعب اليمني الصابر والصامد وفتح المطارات والموانئ ومعالجة العديد من الملفات العاجلة كملف الأسرى وملف المرتبات والملف الاقتصادي، ومن ثم إعادة اعمار ما دمرته صواريخ وقنابل ومدفعية تحالف العدوان من البنى التحتية والمقدرات الاقتصادية والمباني الخدمية، وصولاً إلى الإنهاء الكامل لكافة العمليات العسكرية ورحيل القوات الأجنبية من المحافظات والمناطق والجزر اليمنية التي تحتلها وتتواجد فيها حالياً.

رفض صرف المرتبات
مؤخراً.. كشفت السعودية موقفها ورفضها لمبادرة أممية جديدة للسلام في اليمن طرحها المبعوث الأممي إلى اليمن، هانس جرودنبرغ.. وتقضي المبادرة، وفق مصادر مطلعة، باتخاذ تدابير إنسانية بما يحسن الظروف المعيشية في إشارة إلى صرف المرتبات مقابل وقف إطلاق النار وإطلاق عملية سياسية.
وأشارت ذات المصادر، إلى رفض تحالف العدوان وحكومة المرتزقة مقترحات دولية وإقليمية تقضي بمفاوضات بين “صنعاء” وأطراف أخرى بعيداً عن “شرعية الفنادق".. كما ترفض السعودية صرف المرتبات من عائدات النفط والغاز وتشترط إشراكها بإدارة ميناء الحديدة ومطار صنعاء الخاضعان لسيطرة المجلس السياسي الأعلى وحكومة الإنقاذ الوطني بصنعاء.
وجاء إعلان السعودية موقفها من المبادرة الأممية الجديدة عقب أيام قليلة على زيارة وزير الخارجية الأمريكي للرياض والتي استغرقت 3 أيام واحتلت اليمن جزءاً واسعاً من النقاشات، وهذا ما يؤكد عرقلة الولايات المتحدة الأمريكية مجدداً لأي تقارب، حيث وسبق وان أجهضت اتفاقاً كان وشيكاً بين صنعاء والرياض بوساطة عمانية بالوقوف وراء تعقيد الحل السياسي في اليمن.

تداعيات العدوان
مما لاشك فيه أن تداعيات العدوان وما ارتكبه من مجازر وجرائم يندى لها جبين الإنسانية، تداعيات كبيرة طالت كافة جوانب الحياة، وبحسب الإحصاءات الرسمية  الصادرة عن وزارة حقوق الإنسان فقد بلغ عدد الشهداء والجرحى الذين استهدفهم العدوان تجاوز 49 ألف شهيد وجريح بينهم نساء وأطفال، فيما توفي قرابة 1.5مليون مدني بطريقة غير مباشرة جراء الأسلحة المحرمة وتفشي الأمراض والحصار الذي يمارسه تحالف العدوان السعودي الأميركي على اليمنيين.. في حين قدر عدد النازحين من مناطقهم وقراهم بسبب الاستهداف المباشر للمدنيين والأمنيين بحوالى 4 ملايين نازح، كما تراجعت الخدمات الطبية والصحية إلى أكثر من 50 % عما كانت عليه قبل العدوان، بسبب الاستهداف المباشر لبعض المرافق الصحية وعدم قدرة البعض الآخر على الاستمرار في تقديم الرعاية العلاجية والصحية، ونقص الأدوية والمحاليل الطبية، وحرمان المرضى من السفر لتلقي العلاج في الخارج بسبب الحصار وإغلاق مطار صنعاء، ومعاناة أصحاب الأمراض المزمنة وزيادة المصابين بأمراض القلب والضغط والفشل الكلوي والسرطان، ناهيكم عن الإعداد المتزايدة التي تعاني من سوء التغذية، حيث تشير تقارير المنظمات الاممية إلى أن أكثر من 80% من سكان اليمن يعانون من سوء التغذية، بالإضافة إلى زيادة معاناة المواطنين وعدم حصولهم على مياه الشرب النظيفة وخدمات النظافة بشكل مستمر، الأمر الذي أدى إلى تفشي الأمراض والأوبئة.. وكذلك حرمان نحو مليون و500 موظف مدني وعسكري من رواتبهم بعد نقل عمليات البنك المركزي من صنعاء إلى عدن، مع زيادة نسبة البطالة مع توقف النشاط الاقتصادي وتأثر القطاع الخاص وتوقف الجانب الاستثماري، وبالتالي ارتفاع معدلات الفقر وزيادة حاجة السكان لمتطلبات الحياة الاساسية والمعيشية.

إذعان التحالف
جميعنا يعرف أن قادة تحالف العدوان وعلى رأسهم آل سعود، ما كان لهم أن يذعنوا ويأتوا إلى صنعاء، إلا بعد أن فشلوا بكافة الوسائل العسكرية والاقتصادية في إركاع الشعب اليمني، فأدركوا أن عدوانهم على اليمن من الأخطاء الجسيمة التي أوقعتهم في شراك أفعالهم وأظهرتهم أتباعاً وأدوات رخيصة تنفذ مخططات الصهاينة وأنظمة الاستعمار والاستكبار الأمريكي والبريطاني.. أما في الجانب العسكري فقد تمكن الجيش اليمني من إلحاق الهزائم والخسائر الكبيرة بتحالف العدوان رغم ما يمتلكه من ترسانة وأسلحة حديثة وجحافل عسكرية معززة بمرتزقة من دول عدة، ودعم لوجستي أمريكي وصهيوني وأوروبي، ومع كل ذلك أصبحت الرياض وابوظبي وأهداف أخرى حيوية وعسكرية ضمن بنك الاستهداف المشروع للجيش اليمني، وضمن مهامه الطبيعية في الدفاع عن سيادة واستقلال اليمن وللرد على تطاول المعتدين الذين كانوا يظنون كما صور لهم مرتزقتهم أن حربهم في اليمن مجرد نزهة، أو حرب عابرة يمكن لهم كسب النصر فيها خلال أيام او شهور معدودة.

إدارة المعركة
انبرت حكمة وحنكة القيادة الثورية والسياسية في صنعاء، في إدارة المعركة العسكرية، من خلال تعاطيها مع تصعيد العدوان وحربه العسكرية والاقتصادية والإعلامية، والانتقال لتطوير قدرات المؤسسة العسكرية وامتلاكها لأسلحة الردع الصاروخية والطيران المسير وصولاَ إلى التصنيع العسكري وامتلاك الأسلحة النوعية البحرية والجوية والبرية.. في المسار السياسي أظهرت القيادة في صنعاء حرصها الكبير على  التعاطي مع دعوات ومبادرات السلام، فأطلق قائد الثورة السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي ورئيس المجلس السياسي الأعلى المشير مهدي المشاط، المبادرات والدعوات المتكررة لوقف العدوان والحصار، وكذلك المبادرات الأحادية لفتح الطرق في العديد من المحافظات، والتعاطي الايجابي والمبادر في عمليات تبادل الأسرى وكشف مصير المخفيين، كما كانت صنعاء حاضرة بدعواتها لتحييد الاقتصاد وفتح الموانئ البحرية والجوية والمنافذ البرية أمام تدفق السلع والبضائع والمشتقات النفطية، بالإضافة إلى تبني ملف المرتبات وتحديد مصادر صرفها من عائدات الثروات النفطية والغازية التي يتم نهبها من قبل العدوان ومرتزقته، وغيرها من الخطوات التي تبنتها صنعاء وبادرت بتنفيذها وتغليب المصلحة الوطنية، للتخفيف من معاناة اليمنيين الإنسانية والمعيشية التي تتفاقم يوماً بعد يوم بسبب استمرار العدوان والحصار.

أوراق العدوان
قبلت صنعاء بالهدنة الإنسانية الاممية، ببنودها المنقوصة التي لم تتضمن الإنهاء الكامل للحصار ووقف العدوان، واقتصرت على بعض الرحلات الإنسانية عبر مطار صنعاء والسماح بدخول عدد محدود من سفن المشتقات النفطية عبر ميناء الحديدة، على أمل البت في ملف المرتبات وفتح الطرقات، وملف تبادل الأسرى ضمن فترة الهدنة الأولى والثانية.. ورغم ذلك لجأ تحالف العدوان ومرتزقته إلى المماطلة والتهرب من الوفاء ببنود الهدنة الاممية، بل وتأجيج الأوضاع في الجبهات من خلال الاعتداءات والخروقات العسكرية المتكررة خاصة في جبهات الساحل وجبهات الحدود وجبهات مارب وتعز والضالع.. وحينها تجلى الهدف الحقيقي لدول العدوان من قبول الهدنة الاممية، والمتمثل في ضمان عدم استهداف الجيش اليمني للعمق السعودي والإماراتي، في حين تزداد معاناة شعبنا اليمني نتيجة استمرار الحصار، وتحميل القيادة والحكومة في صنعاء من خلال المناكفات الإعلامية والتصريحات المحرضة مسؤولية تلك المعاناة، بالإضافة إلى استخدام ولخبطة الأوراق خصوصاً في المحافظات المحتلة الجنوبية والشرقية لتأجيج الصراع وتغذية الاقتتال بين اليمنيين، ومن ذلك تغذية دعوات الانفصال وتقسيم اليمن وخلق نزعات التفرقة والتجزئة، والتي أراد لها الله أن تبوء إلى الآن بالفشل.

خيارات صنعاء والرياض
في الوقت الذي تدرك فيه الرياض أن خروجها من مستنقع الحرب في اليمن مرهون بقبولها لكافة التفاهمات وتنفيذها للالتزامات المهيئة للسلام الدائم مع اليمن ضماناً لأمنها وأمن المنطقة، إلا أنها ما لاتزال في الوقت نفسه واهمة بأنها قادرة على كسب المزيد من الوقت لتحقيق مكاسب سياسية مستبعدة تماماً قدرتها على العودة للمواجهة العسكرية المباشرة مع الجيش اليمني، لذلك فهي تحاول جاهدة إبقاء الأوضاع في اليمن بين حالة اللاسلم واللاحرب، لتؤكد من جديد أنها مجرد منفذ للسياسة والأجندة الأمريكية والصهيونية في المنطقة، وكما اعتمدت في عدوانها على اليمن بقرار من واشنطن فهي اليوم لا تمتلك قرار السلام وغير قادرة على تحقيقه دون املاءات أمريكية.. وأمام تراجع الرياض وتنصلها أمام تفاهمات إحلال السلام في اليمن، تكسب صنعاء نقطة سياسية مهمة وأحقية ومشروعية في استخدام كافة الوسائل المتاحة بما فيها الأسلحة العسكرية، لإنهاء معاناة اليمنيين وإنهاء العدوان والحصار، وتحقيق تطلعات وآمال الشعب اليمني في العزة والكرامة والاستقلال، وخروج المحتل من الأراضي والجزر اليمنية.

أخبار الجبهات

وسيبقى نبض قلبي يمنيا
لن ترى الدنيا على أرضي وصيا