أخبار وتقارير

التصنيع الحربي اليمني وقاعدة الدفاع العربي المشترك «1-2»

التصنيع الحربي اليمني وقاعدة الدفاع العربي المشترك «1-2»

السعودية تواجه صعوبة في توفير الحماية للأهداف الحيوية والعسكرية على أراضيها وأي تصعيد جديد سيزيد من معاناتها لقد اخترقت الطائرات الاسرائيلية الفضاء الجوي للسعودية والإمارات

والدول المحيطة باليمن وبالتالي فقد وضعت نفسها تحت طائلة الاستهداف واصبحت السعودية تتفاخر بمرور الطائرات الاسرائيلية في أجوائها وأصبح القادة الصهاينة يتباهون علناً أنهم يطيرون فوق الأجواء السعودية للوصول للامارات وأن هذه الانجاز يعتبر مجيدا في سبيل تنامي وتعاظم العلاقات الاسرائيلية العربية وصولاً إلى تطبيع شامل مع كل العرب الذين هم اليوم أدواتها في المنطقة العربية.
فأمريكا واسرائيل اقنعت النظام السعودي والاماراتي بانها اضعف من ان تواجه التهديدات من اليمن .. وانها بحاجة إلى اكتساب مزيد من القوة عن طريق اللجوء إلى الكيان الصهيوني بالدرجة الأولى من خلال التحالف مع هذا الكيان وبالتالي الحصول على الاسناد الامريكي والبريطاني الكامل.
الجمهورية اليمنية استطاعت أن توجد البدائل في حال تعرضت المنشآت المتعلقة بالاتصالات إلى ضرب واستهداف من قبل العدوان فهذه البدائل جاهزة لمواجهة التهديدات المختلفة.
كانت الحروب هي التي تفرض من هو الأقوياء وهي التي كانت تعبر عن التهديد والابادة واشتراط الأقوى هي شروط تصعيد الحرب أو إيقافها .. كانت السعودية والإمارات تعمل وفق هذه القاعدة العسكرية المعروفة.. وتجاهلت قضية الشعب اليمني وحقه في الحياة وتجاهلت أن الأضعف في المواجهات يتحول إلى قوة وكارثة على المتعجرف حينما قررت الجامعة العربية التعاون العسكري العربي المشترك لمواجهة خطر اسرائيل وبريطانيا وبعد اخضاع امكانية التعاون العسكري العربي المشترك وانه من الممكن أن تقف الأمة العربية صفاً واحداً لمواجهة الأخطار والتهديدات الاسرائيلية والبريطانية الامريكية.. وأن المدخل الوحيد إلى التعاون العسكري العربي المشترك في تلك الظروف الصعبة هو التطبيع والانتاج الحربي وتوفير متطلبات الدفاع العربي لمواجهة سوء الظروف فبادرت أمريكيا وبريطانيا والدول المصنعة بتوفير الأسلحة التي تحتاجها الدول العربية لتأمين نفسها لمواجهة الأخطار ووقفت أمام التصنيع العسكري العربي المشترك بقوة ومنعه من التحقق ولم تكن هناك تجارب عربية سابقة لبناء صنعاء عسكرية مشتركة أو منفردة لسيطرة دول الاستعمار والهيمنة على القرار العربي..
اليمن هي الدولة العربية الوحيدة التي كسرت شوكة دول الاستعمار والغرب لهذه القاعدة .. وتمكنت من تحقيق الحلم العربي بإيجاد صناعة عربية مستقلة ووصلت إلى مصاف الدول المصنعة ولو بأدنى درجاتها حتى وقف الغرب حائراً من هذا الحديث غير المتوقع والمسبوق في تاريخ الدول العربية, واستطاعت اليمن أن تفرض معادلة عسكرية في اليمن والمنطقة العربية وتغيرت معها الكثير من قواعد الاشتباك وموازين القوى في المنطقة والعالم..
لقد كان مجلس الدفاع العربي المشترك منذ خمسينات القرن الماضي وفي كل دوراته المنعقدة أكد موافقته على إنشاء مؤسسة عربية للصناعات العسكرية المتطورة والاسبقية لها وأوكل إلى الأمانة العامة إعداد الدراسات التفصيلية لقيام هذا الصناعات, وتم اعتماد مبلغاً للانفاق على تلك الدراسات في دورته المنعقدة العادية في 21مايو 1974م وكانت النواة الأولى.. مصر وسوريا وليبيا والتي قررت البدء في تشكيل قيادة عربية عامة للقوات المسلحة الاتحادية في يونيو 1972م لتتولى مهام الدفاع الاستراتيجي وفي ديسمبر 1972م وبعد اجتماع رؤساء أركان الجيوش العربية صدرت التوصيات بتخصيص 2% من الناتج القومي لكل بلد عربي لإنشاء صناعة عسكرية عربية مشتركة.. وسعت أمريكا بواسطة حلفائها في المنطقة وعلى رأسها السعودية لعرقلة هذا المشروع بعد أن جمع مبلغ مليار دولار كأصول ابتدائية للهيئة العربية للتصنيع وفعلاً سخرت السعودية كل امكانياتها لتحويل هذا المشروع العربي العملاق إلى قاعدة صناعية مصرية وأضيفت إلى المصانع شركات أخرى لهيئة التصنيع وشركات عالمية أمريكية وبريطانية وفرنسية وتحويل الاتجاه الرئيسي للمشروع الحربي من الصناعات العسكرية وانشاء هيئة عربية للتصنيع العسكري لتطوير القدرات العربية على انتاج الاسلحة بعيدة عن القوى العظمى وهيمنتها وسد حاجات الدول العربية والعتاد العسكري بأمل الامكانيات وظروف المعركة والتهديدات المحيطة بالدول العربية وخاصة دول المواجهة مع الكيان الصهيوني وهكذا تحول هذه المشروع العربي والحلم من الاستقلال عن دول الاستعمار والهيمنة والاستعمار إلى شراكة مع دول الاستعمار والهيمنة وبشراكة طالت الهيئة العربية للتصنيع والمجلس الأعلى والتي كانت بالطبع تضم شركات واعضاء من أمريكا وبريطانيا وفرنسا وبالتالي سقط أهم ركن من انشاء هذه الهيئة العربية للتصنيع وهو استقلال العرب بالتصنيع الحربي وانتاجها مما جعل هذه الهيئة مركزاً لتصنيع المحركات للكثير من الطائرات بعد منحها حق الانتاج والموافقة من الشركات العالمية الامريكية والبريطانية والفرنسية كوكيل معتمد وبالتالي فانها لن تستطيع الانتاج والتصنيع للاسلحة التي قد تغير المعادلة العسكرية والاكتفاء بما تسمع به الدول العظمى من التصنيع وتحقيق أرباح أفضل من الاسلحة وتحولت إلى قاعدة عملاقة لصناعات وغالبيتها ذات أهداف وطابع مدني وبهذا سيطرت اسرائيل على المشروع وارتفع رصيد الشركات الاجنبية المساهمة والمشتركة.. وفرضت أمريكا وبريطانيا من القضاء على المشروع العربي للصناعات العسكرية ولم تحاول دولة أخرى أن تعيد فكرة إنشاء مثل هذا المشروع العربي التقدمي الاقتصادي العملاق وكانت السعودية ودول الخليج هي صاحبة النسبة الأكبر في رأس المال عند تأسيس الأصول الإبتدائية للهيئة العربية للصناعات العسكرية وبالتالي فقد ظهرت النوايا العدائية منذ بدء نشؤ الفكرة حتى انتهت بالفشل.. بأي فكرة عربية قومية تكون السعودية ودول الخليج العربي طغى فيها فإن الفكرة ولدت ميتة لأن هذه الدول النفطية هي لسان حال الكيان الصهيوني وأمريكا وبريطانيا وفرنسا فحينما ظهرت اليمن على الساحة ومسرح العمليات بمشروع شبيه بذلك الذي بدأت فكرته في خمسينات القرن الماضي لبناء قوة عسكرية عربية مشتركة ولكنه اليوم بوجه آخر لا يحمل معه أي بصمة خارجية.. أمام الحلم العربي لتصنيع الاسلحة وانتاجها فقد انتصر بعد حرب 1973م على اعطاء مصر صلاحية لصناعة بعض المدافع والاسلحة الخفيفة, وخاصة بعد توقيع معاهدة الاستسلام والذل بين مصر واسرائيل في مارس 1979م والتي كانت مسمار النعش الأخير في قاموس التضامن العربي.

التضامن العربي من وجهة نظر يمنية:
بعد أكثر من ستة وثلاثين سنة من انهيار التضامن العربي وتوقيع اتفاقية الاستسلام بين مصر واسرائيل كل الأمة العربية وشعوبها اعتقدت أن مصر خرجت من الصف العربي وأن السعودية وحلفاءها الامارات وقطر قد تلقوا ضربة قوية من مصر بعد توقيع اتفاقية السلام مع الكيان الصهيوني في مارس 1979م بعد ان ضمنت اسرائيل وامريكا وبريطانيا وفرنسا الجانب المصري واصبحت اسرائيل في مأمن من مصر أوكلت المهمة للنظام السعودي والإمارات وقطر لتنفيذ الخطة الثانية من المشروع الصهيوني وهو الفرات في العراق فإسرائيل تمضي وفق معتقدها اليهودي والاستراتيجي المبنى على أن الدولة اليهودية من النيل إلى الفرات, واتجهت السعودية إلى استبدال العراق بدلاً عن مصر واوهمت العرب أن العراق سيكون منطلق القومية العربية وبدأت السعودية تنفيذ خطتها مع أمريكا وبريطانيا واسرائيل في اندلاع الحرب العراقية الإيرانية واستثمرت السعودية هذه الحرب لصالح إسرائيل حتى أوصلت العراق إلى الإنهيار والاحتلال الأمريكي وحققت إسرائيل مآربها في المنطقة وفشلت مع إيران وكشفت أوراق النظام السعودي تجاه إيران وحقيقة الحرب العراقية الإيرانية وكان على السعودية أن تلجأ إلى خطة بديلة لدخول إيران في الخطة الموسعة من اسرائيل وامريكا واصبحت ايران عائقاً لتنفيذ المشاريع الصهيونية في المنطقة والمشجعة للعمل العربي المشترك اتجاهين رئيسين اولهما تحويل الحظر والتهديد الذي كان موجها للبنية العدائية للكيان الصهيوني إلى إيران باعتبار ان دولة إيران الإسلامية هي اليوم الخطر الحقيقي على الأمة العربية والأمة الإسلامية وبأن مساعي طرح النظام الإيراني بات مقلقاً لامريكا وبريطانيا واسرائيل وعلى النظام السعودي ان يستخدم كل اوراقه لتعزيز هذا الاتجاه في المواجهة السياسية والاقتصادية والدينية أمام إيران وأن الخطر الحقيقي ليس من إسرائيل والكيان الصهيوني بل هو من إيران وثورتها الإسلامية التي هي اليوم خطراً حقيقياً على إسرائيل واحلامها.

أخبار الجبهات

وسيبقى نبض قلبي يمنيا
لن ترى الدنيا على أرضي وصيا