كتابات | آراء

يوم القدس العالمي يوم من أيام الله

يوم القدس العالمي يوم من أيام الله

لم يكن الإمام الخميني -رضوان الله عليه- فلسطينيًا أو عربيًا حتى تدفعه قوميته وعروبته ووطنيته وفلسطينيته لدعوة أبناء الأمة الإسلامية والعربية لتوحيد الجهود، والعمل من أجل القضية الفلسطينية، واعتبارها القضية المركزية للأمة،

ودعوة المسلمين كافة لتحديد آخر جمعة من شهر رمضان المبارك من كل عام «يوم القدس العالمي» ..
لم يكن -رضوان الله عليه- كذلك، بل كان حنيفًا مسلمًا وما كان من المشركين، وإنسانًا عظيمًا، وحرًّا كريمًا، وعالمًا من علماء الأمة، بل علمًا من أعلام الهدى من آل بيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.
فقد استشعر -رضوان الله عليه- مسؤوليته الدينية والإنسانية والأخلاقية، واستنهضه دينه الإسلامي القيم؛ ليقوم بمسؤوليته تجاه المستضعفين في الأرض لمواجهة المستكبرين والجبابرة وطواغيت الأرض، والظالمين الذين أكثروا في الأرض الفساد، واحتلوا واغتصبوا أرضًا ليست لهم، ونهبوا خيراتها، وقتلوا أبناءها، وشردوهم وأخرجوهم من ديارهم بغير حق، وظلموهم أيما ظلم، وأجرموا في حقهم كل الإجرام تحت حماية الغرب الكافر والشيطان الأكثر أمريكا ومعها بريطانيا، وبموافقة أنظمة عربية رجعية خانعة وعميلة ارتأت أن بقاءها من بقاء الكيان الغاصب، وزوالها في زوال هذا الكيان اللعين المغضوب عليه من الله رب العالمين.
فلما رأى الإمام الخميني -رضوان الله عليه- ان اليهود المجرمين -أعداء الله ورسله، وأعداء القرآن، وأعداء الإسلام والمسلمين، وأعداء الناس أجمعين، الذين غضب الله عليهم وحذرنا منهم ومن موالاتهم؛ لأنهم العدو الذي ليس كمثله عدو إلا إبليس الشيطان الرجيم، وآيات القرآن الكريم زاخرة بأخبارهم وعدائهم وجرائمهم وظلمهم وقتلهم للنبيين، أولئك الذين إن تولوا سعوا في الأرض وأفسدوا فيها، وكما هو معلوم ومشاهد في الواقع، وكما نراه اليوم وعلى مدى أكثر من سبعين عامًا، ناهيكم عن احتلالهم واغتصابهم لأرض فلسطين السليبة، ومقدسات المسلمين في القدس والمسجد الأقصى مسرى الرسول المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم.
أضف إلى ذلك إجرامهم الرهيب بحق أبناء الوطن الحقيقيين، وحروب الإبادة الجماعية والتجويع والتشريد والإذلال والاستعباد والقتل والأسر والحصار المجرم والظالم، وادعائهم بأحقيتهم في فلسطين ظلمًا وزورًا وبهتانًا منقطع النظير، إضافة إلى جرائم هذا العدو المتغطرس في حق أبناء الأمة بأسرها من خلال نشر الفتن والمصائب وإشعال الحروب والصراعات بين الإخوة من أبناء الأمة الذين يجمعهم الإسلام، وتجمعهم كلمة لا إله إلا الله محمد رسول الله، فصارت الأمة في فرقة وشتات، وستظل كذلك ما دام هذا العدو المجرم يحتل الأرض، وينتهك العرض، فهو الغدة السرطانية في جسد الأمة.
من أجل ذلك كله، وحتى يتحد أبناء الأمة، وتتوحد كلمتهم في إعلان الجهاد في سبيل الله لاستئصال هذه الغدة السرطانية الخبيثة من جسد الأمة وتحرير أرض فلسطين المغتصبة من رجسه، من أجل ذلك كله قام الإمام الخميني -قدّس الله سره- بدعوة أبناء الأمة لتوجيه بوصلة عدائها نحو العدو الحقيقي للأمة المتمثل بالكيان اليهودي الغاصب لأرض فلسطين، هذا العدو الذي يجب على كل أبناء الأمة الاصطفاف كالبنيان المرصوص في مواجهته قبل أن ينتشر ويستشري في كامل جسد الأمة، فيجري على الصامتين والمتخاذلين ما يجري على أبناء فلسطين في الضفة وغزة والقدس أرض المسرى؛ لأن هذا العدو المجرم لن يتوقف عند هذا الحد، بسبب أطماعه الواسعة، ولن يتوقف حتى يحقق حلمه المزعوم في بناء مملكته التي تمتد من النيل إلى الفرات، ويسعى للسيطرة والهيمنة على أرض الحرمين الشريفين..
فكانت دعوة الإمام الخميني -رضوان الله عليه- الشريفة والمتمثلة بتحديد آخر يوم جمعة من شهر رمضان في كل عام هو اليوم العالمي للقدس، هذه الدعوة التي لاقت استجابةً كريمة من أبناء الأمة الأحرار الذين التقت إرادتهم، وتوافقت رؤاهم الصحيحة.
وقد كانت رؤية السيد القائد المجاهد الشهيد الحسين بن بدر الدين الحوثي -سلام الله عليه- متوافقة مع رؤية ودعوة الإمام الخميني رضوان الله عليه.
وقد مثّل يوم القدس العالمي نواةً حقيقية لانطلاق مشروع الجهاد والمقاومة في المنطقة بهدف المواجهة والجهاد في سبيل الله ضد هذا العدو الغاصب والكيان المحتل الزائل بإذن الله سبحانه وتعالى.
فكانت تلك الدعوة سُنّة حسنة دفعت إيران الإسلامية أثمانًا باهضة حيال موقفها العظيم تجاه القضية الفلسطينية، ومثلها اليمن وحركات المقاومة في المنطقة التي يتكالب عليها حلف أولياء الطاغوت من الغرب الكافر إلى المنافقين إلى اليهود والنصارى ، إلا أن هذا الحلف المسعور لم ولن يؤثر في مواقف الشرفاء والأحرار من أبناء الأمة من إيران إلى اليمن إلى العراق إلى سوريا إلى لبنان ، ولن يفت من عضدهم، فقد أصبح اليوم للمؤمنين محورٌ للجهاد والمقاومة. وها نحن نراه اليوم محورًا متماسكًا قويًا عزيزًا منصورًا بمشيئة الله ومؤيدًا بتأييده، وأصبحت ضرباته الحيدرية مؤلمة وموجعة لمحور الشر ومحور الشيطان الرجيم ومحور الطاغوت.
واليوم وبعد أن رأى أبناء الأمة بأعينهم ما يجري على إخوانهم المسلمين في فلسطين في الضفة وفي غزة، فعليهم الخروج الكبير في كل ميدان وفي كل شارع وفي كل بلد من بلدان الأمة؛ لإحياء هذا اليوم العظيم.
إنه يوم من أيام الله الذي فيه تتحدد مواقف المسلمين، وخاصة في أيام العشر الأواخر من هذا الشهر الكريم لمن كان يرجو الله واليوم الآخر، فإن كلَّ فرد من أبناء الأمة يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله، ويدين لله بدين الإسلام مسؤولٌ مسؤولية كاملة أمام الله وسيقف بين يديه يوم لا ملجأ ولا مفر من الله إلا إليه.
وليعلم كل صامت ومتخاذل أنه هو الخاسر الوحيد في الدنيا والآخرة إذا لم يستجب لداعي الله وداعي أوليائه، وينتصر لمظلومية الشعب الفلسطيني، وللمسلمين والمستضعفين في أرض فلسطين، حتى ولو بالموقف البسيط المتمثل في إحياء هذا اليوم العظيم؛ لأجل فلسطين، ولأجل الإسلام والمسلمين.
وليعلم أن محور الجهاد والمقاومة والمجاهدين في أرض فلسطين منصورون بإذن الله، سواء نهض وقام بمسؤوليته أمام الله وتجاه دينه وأبناء أمته وإخوانه المستضعفين في الأرض، وليستنقذ نفسه قبل فوات الأوان، ولينطلق إلى ميادين العزة والكرامة؛ لإحياء هذا اليوم، وليستعد للجهاد في سبيل الله إن كان يؤمن بالله ورسوله ويؤمن بالقرآن الكريم.
وما النصر إلا من عند الله العزيز الحكيم، والحمد لله رب العالمين.

أخبار الجبهات

وسيبقى نبض قلبي يمنيا
لن ترى الدنيا على أرضي وصيا