كتابات | آراء

القبائل والحكومة والتاريخ في اليمن .. بول دريش جامعة أكسفورد « 22 »

القبائل والحكومة والتاريخ في اليمن .. بول دريش جامعة أكسفورد « 22 »

وحدها الغزوات التركية في القرن السادس عشر هي التي كسرت هذا النمط المشوش للحياة السياسية في اليمن  ثم أدى الرد الزيدي إلى سيطرة الأئمة والقبائل على اليمن السفلي،

بحلول ذلك الوقت كان زعماء القبائل على الرغم من أنهم نادراً ما يحكمون  بأسمائهم يسيطرون على مساحات واسعة من الأراضي مثل الأئمة وغيرهم من المطالبين  بالدولة الحديثة ولقد كانوا أقرب ما يكونوا سلاطين في مناطقهم، لقد أصبح من الواضح أن المشايخ يبحثون عن من يخلفهم في الزعامة القبلية في حين شكّل فيه الزيديون المتعلمون من خلال إنجازاتهم المتعلمة استمرارية تقاليدهم الخاصة وحجبت في هذه العملية استقلال القبائل التي عاشوا بينهما، إن فقدان هذا الأدب  القبلي  يُعيد إنتاج ما يراه المرء على نطاق واسع في التاريخ الإسلامي المُبكر ويجعل من القبائل  نصف العالم  المتبقي من التعليم الإسلامي.
 بدأ التاريخ الزيدي لليمن بحياة الإمام الأول و هناك العديد من خلفائه المشهورين والمؤرخين الذين كانوا يدونون الأحداث مع سير ذاتية للربط بين زمن النبي وزمن الأئمة وبالتالي إنتاج وقائع موجزة في السير الذاتية الأطول تقترب من الحاضر في حالة المادة المعاصرة ويمكن للمرء على أية حال أن يقتحم التسلسل الزمني السنوي  ومن الشائع الجمع بين ملاحظات السيرة الذاتية والمادة التاريخية بنسبة أو بأخرى وفي أحد أطراف هذا المقياس توجد الترجمات التاريخية الموثقة وأشهرها في اليمن العليا وهي تسرد تاريخاً منذ ميلاد الرسول حتى عام 1045هـ الموافق (1635م) وكما يوحي العنوان فهو يهتم باليمن بشكل شبه حصري ومع ذلك فإن تأريخ وتسمية سجلات محددة يترك جانباً حقيقة لها نفس الأهمية تقريباً على عكس السجل التاريخي الذي اعتدنا عليه.
يُظهر الأدب الزيدي تغيراً طفيفاً في الأسلوب أو اللغة على مدار قرون وبصرف النظر عن الأسماء والتواريخ داخل كل منها سيكون من الصعب تمييز الاختلافات التي تظهرها اللغة وبمرور الوقت غالباً ما تكون صغيرة بالمقارنة مع تلك الموجودة في بقية الترجمات القديمة والحديثة والتي تعتمد على مستوى تعليم المؤلف ويمكن للمرء أن يوضح نفس النقاط بأمثلة مستمدة بالتساوي من العصور الوسطى أو من القرن الحالي، في الواقع نُشرت بعض أفضل كتب التأريخ التقليدية في أواخر الخمسينيات من القرن العشرين وعادة ما يتم عرض الأحداث الطبيعية والاجتماعية بالتوازي دون مزيد من التعليقات على سبيل المثال نجد في احد كتب التاريخ في اليمن الخبر التالي: سنة 1262 حوالي 1845م وفي شهر ربيع الأول سقط نجم كبير من الغرب إلى الشرق فأغرق الأرض بنور أقوى من القمر أشعته حمراء و بيضاء واصطدمت بالأرض باتجاه الشرق في الوقت الذي تستغرقه قراءة سورة الإخلاص تقريباً وأثناء مروره كان هناك ضجيج قوي مثل الرعد بعد ذلك في تلك الأشهر نفسها هطلت أمطار غزيرة، وفي شهر رجب من نفس العام انطلق أحد أشراف مكة واسمه السيد إسماعيل نحو اليمن السفلي يدعو دائماً إلى نصرة الجهاد وطرد الإفرنج من عدن فأجابه جموع من الناس ثم وصل إلى قرب عدن على مسافة فرسخ واستطاع مع جماعته حصار عدن لفترة من الزمن حتى مات مسموماً وتفرق المجاهدون في سبيل الله الذين كانوا معه وعلى النقيض من ذلك كانت سنة سعيدة كانت الأمطار غزيرة وبالتالي البركة أيضاً وكانت المحاصيل جيدة في فترة حكم الإمام المتوكل وربط الناس هذا الخير بوجود الإمام وفي بعض الأحيان يتم طرح علاقة سببية صريحة كما هو الحال عندما تسبب المرض والجراد في خسائر فادحة لأن الناس ابتعدوا عن الشريعة وذكر الله كما كانوا سابقا في عهد الإمام المتوكل أو تم تأمين الطرق وكثر المطر لأن الناس عادوا لذكر الله والالتزام بالشريعة وفي بعض الأحيان تكون العلاقة واحدة ومن المفارقات الحزينة كما حدث في عام1831م عندما كانت الأمطار غزيرة ولكن المصائب كانت كثيرة أيضا كما لو أن الخير قد اختلط بالفوضى  ولكن دائمًا ما يتم تسجيل  الأحداث النادرة  سنوياً عاماً بعد عام من الطواعين والبرد الشديد والجفاف والمجاعات التي تهم جميع مسلمي اليمن ومجرد تسلسل من هذا النوع غالباً ما يكون مُبالغا فيه فهو غير حقيقي وكأنه لا يحتاج إلى تفسير وقد تساءل بعض المؤرخين المهتمين بالشأن اليمني بشكل عام عن كيفية عمل شكل السجلات، في بعض الأحيان يضع الأمر اليمني في الاعتبار الإدخالات السابقة من العصور الوسطى وافتقارها إلى أن  يبدو  الشكل السردي والختام مستمد من رفض "تصنيف الأحداث فيما يتعلق بأهميتها بالنسبة للثقافة أو المجموعة التي تكتب تاريخها الخاص .

أخبار الجبهات

وسيبقى نبض قلبي يمنيا
لن ترى الدنيا على أرضي وصيا