كتابات | آراء

قرار حظر ارتداء العباءة الفرنسي ذو بعد سياسي

قرار حظر ارتداء العباءة الفرنسي ذو بعد سياسي

منذ عقود مضت تستهدف السلطات الغربية -والفرنسية بالتحديد- حرية الأقلية المسلمة بكافة أشكال التقييد، على غرار التضييق على المسلمات بحظر الحجاب والنقاب، وكذا الإيعاز بالإساءات المتكررة إلى الرموز الإسلامية بصور مستفزة تجبر الشباب على القيام بردود أفعال مضادَّة تتخذ ذريعة لوصمهم بالإرهاب.

وإمعانًا من سلطات «باريس» في التضييق على أبناء الأقلية المسلمة بسن تشريعات على درجة عالية من التسييس، أعلن وزير التربية الفرنسي «غابريال أتال» -بالتزامن مع بدء العام الدراسي- عن حظر ارتداء العباءة في المدارس.
وقد حظي هذا القرار ذي المغزى التمييزي السياسي بتأييد «مجلس الدولة الفرنسي»، بل وبتأييد وتعصب الرئيس الفرنسي «إيمانويل ماكرون» الذي يتعمد الإساءة إلى الإسلام والمسلمين على مر السنين.
ردود فعل انتقادية
قرار حظر ارتداء العباءة الذي ارتجلته الحكومة الفرنسية ليس له بواعث مجتمعية حقيقية ولا يستند إلى مبررات منطقية، لذلك قوبل بردود فعل انتقادية داخليًّة وخارجيًّة أورد أهمها في السطور التالية:
أ- ردود الفعل الداخلية:
لأنَّ أهداف القرار سياسية، فقد تلقفته معظم الأوساط المجتمعية الفرنسية -بل والأوروبية- بردرد فعل سلبية، فبالإضافة إلى اعتباره من قبل «الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين» تدبيرًا تعسفيًا ويشكل خطرًا كبيرًا على تفاقم التمييز ضد المسلمين، أعرب طيف واسع من الفرنسيين -بحسب ما ورد في تقرير «الجزيرة نت» الإخباري في الـ3 من سبتمبر الجاري- (عن استنكارهم قرار حظر العباءة وعلى رأسهم المعارضة اليسارية داخل البرلمان وخارجه.
وانتقد السياسي اليساري الفرنسي البارز «جان لوك ميلانشون» القرار بشدة، ودعا المسؤولين إلى تجنب إثارة النزاعات ذات الطابع الديني.
وقال «مانويل بومبار» منسق حزب «فرنسا الأبية» -الذي يتزعمه «ميلانشون»- إنه سيقترح على المجموعة البرلمانية للحزب رفض هذا القرار -الذي وصفه بالخطير والقاسي- وطرحه للمراجعة أمام مجلس الدولة بغرض إثبات أنه قرار مخالف للدستور).
وبحسب ما ورد ضمن أخبار موقع «الخيام» في الـ9 من سبتمبر الحالي، فقد رأى الأستاذ الجامعي «كلير غيفيل» الذي استنكر رؤية الرئيس « ماكرون» فيما يتعلق بالتعليم، أنَّ "الإجراء ضد العباءة قد يسبب صراعًا أكثر مما سيحل إشكالًا"، وقال "من وجهة نظري فإن هذه القضية التي تعود إلى الواجهة وتطغى على كل ما عداها، هي مسألة أجندة سياسية أكثر منها قضية تربوية حقيقية".
وأوضح الأستاذ أنَّ الوزير بهذا الإجراء، لا يخاطب المعلمين، بل يخاطب الناخبين في اليمين الفرنسي).
وعلق الباحث الحقوقي في منظمة "CAGE" {مركزها بريطانيا} «ريان فريشي» -مطلع سبتمبر الجاري- لـ«الأناضول» قائلًا: (إنَّ قرار حظر فرنسا لارتداء العباءة في المدارس الحكومية قرار معادٍ للإسلام، لأنه يستهدف الطالبات المسلمات فقط).
ب- ردود الفعل الخارجية:
لأنَّ قرار حظر ارتداء العباءة في المدارس الفرنسية يفتقر إلى الحدِّ الأدنى من المسوغات القانونية ولا يراعي الخصوصية الشخصية التي تكفلها الأعراف الإنسانية، فقد قوبل خارجيًّا بردود فعل استنكارية نورد منها:
١- ردُّ اللجنة الأمريكية للحرية الدينية:
لقد بلغ قرار حظر العباءة من الإجحاف والتمييز العنصري ضد الأقلية المسلمة حدَّ استفزاز جمعيات غربية لا تربطها بتلك الأقلية أية صلة، فقد ورد في سياق التقرير الإخباريّ التحليلي المعنون [مظاهرة ضد حظر العباءة في فرنسا.. وانتقاد أمريكي حاد لقرار باريس] الذي نشره موقع «عربي21» في الـ9 من سبتمبر الحالي ما يلي: (انتقدت «اللجنة الأمريكية للحرية الدينية الدولية» -الجمعة- القرار الفرنسي، معتبرة أنه يهدف إلى "ترهيب" المسلمين في فرنسا.
واعتبرت اللجنة -وهي هيئة استشاريّة حكوميّة مفوّضة من الكونغرس الأمريكي- "تقييد الممارسة السلمية للمعتقدات الدينية، بغية تعزيز العلمانية، هو أمرًا مستهجنًا".
وقال «أبراهام كوبر» الذي يرأس اللجنة إن "باريس تتعدى على الحرية الدينية ضمن جهد في غير محله لتعزيز القيمة الفرنسية المتمثلة بالعلمانية"، مشددًا على أنَّ "الحكومة الفرنسية تواصل استخدام تفسير محدد للعلمانية من أجل استهداف المجموعات الدينية وترهيبها، خصوصًا المسلمين").
٢-  انتقادات حادة من الأمم المتحدة:
فبالرغم من تأكيد عشرات الأعوام أنَّ «منظمة الأمم المتحدة» والهيئات المتفرعة منها أدوات لشرعنة مارس ضدَّ أمة الإسلام من مظالم، فقد كانت عدوانية هذا القرار مثار ما وجهته للسلطات الفرنسية من انتقاد، وقد أشير إلى حدة ذلك الانتقاد بوضوح جلي في استهلال التغطية الإخبارية التي نشرها موقع «بلادنا24» في الـ30 من أغسطس الفائت بما يلي: (أفادت مسؤولة أممية أن المعايير الدولية لحقوق الإنسان تنصُّ على “ضرورة عدم فرض قيود على المظاهر المرتبطة بالدين أو المعتقد، بما فيها اختيار الملابس”، وجاء ذلك بعد قرار الحكومة الفرنسية، يوم الأحد، حظر ارتداء الفتيات للعباءة في المدارس الحكومية.
وأشارت المتحدثة باسم مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان «مارتا هورتادو» إلى أنَّ المعايير الدولية لحقوق الإنسان التي لا تسمح بفرض قيود على المظاهر المرتبطة بالدين أو المعتقد).

أخبار الجبهات

وسيبقى نبض قلبي يمنيا
لن ترى الدنيا على أرضي وصيا