كتابات | آراء

مولد المصطفى..ذكرى أفضل مخلوق

مولد المصطفى..ذكرى أفضل مخلوق

يقف التاريخ اليوم شامخاً إلى ماض حافل بالأمجاد تعظيماً وتوقيراً بمولد رسولنا الأعظم عليه الصلاة والسلام وعلى آل بيته الأطهار ستظل ذكرى مولده خالدة على مر الأزمان والقرون إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها.

إنه نور النبوة المحمدية الخالدة ما بقيت السموات والأرض به تزال الظلمة وتنقشع الغمة، وبه تهزم فلول الباطل والشرك وبه يسود الحق والهدى والعدل.
إن الاحتفاء بمولد المصطفى العدنان فيه إحياء للقلوب الغافلة، وتذكير للنفوس اللاهية، وترطيب الألسن بالذكر والصلاة والسلام عليه وعلى آله الأخيار الأطهار فمن طبيعة النفوس البشرية أنها دائمة الاضطراب تزعجها تقلبات الحياة ونوازلها بين الشدة والبلاء والابتلاء، ولكن يظل الإيمان الراسخ في القلوب هو الجالب لكل أنواع السعادة والاطمئنان واليقين بالقضاء والقدر مصداقاً لقوله عزوجل: (الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله ألا بذكر الله تطمئن القلوب) "الرعد "28.
من هنا ندرك عظمة مولده عليه الصلاة والسلام عندما اهتزت عروش الملوك والقياصرة والأباطرة وتلاشت أركان الوثنية من جذورها ونُكست أعلام الجاهلية الجهلاء، وسطعت أنوار النبوة بالرحمة الإلهية تعم أرجاء المعمورة من أقصاها إلى أقصاها، وصدق المولى العلي القدير القائل: (لقد منّ الله على المؤمنين إذ بعث فيهم رسولاً من أنفسهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة وإن كانوا من قبل لفي ضلال مبين) آل عمران 164.
هذا النور الرباني العظيم الذي فاض وعم أصقاع الأرض، وملأ الله به القلوب إيماناً ويقيناً وعدلاً ورحمة للناس أجمعين وصدق المولى عزوجل القائل:
(قد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رؤوف رحيم) التوبة 128.
أين نحن من منهجه القويم ومآثره الخالدة كان عليه وعلى آله الصلاة والسلام زاهداً متواضعاً يخشع في طاعته، ويبكي من خوفه، ويماشي أذى القوم ويواسي أفقرهم ويخدم أضعفهم، وينصر مظلومهم، ويقيم العدل فيهم ويدعوهم إلى طريق الحق والهدى بالحكمة والموعظة الحسنة لا بالترهيب والتهديد والوعيد، فما أحوجنا اليوم أن نقتدي بآثاره ومآثره ومبادئه العظيمة لتكون لنا نبراساً وهادياً إلى الطريق السوي.
من هنا ندرك عظمته عليه وعلى آله الصلاة والسلام حيث يبدأ التاريخ الإسلامي مُنذ بعثته إلى قيام الساعة، فيكفيه شهادة ربه، فهو القائل صلى الله عليه وآله وسلم: "أدبني ربي فأحسن تأديبي".
قال عنه الإمام علي بن أبي طالب- كرم الله وجه-: "كان رسول الله عليه الصلاة والسلام- دائم البشر، سهل الخُلق، لين الجانب، ليس بفظ، ولا غليظ، إذا تكلم أطرق جلساؤه، كأنما على رؤوسهم الطير هيبةً وإجلالاً وتوقيراً له".
لذا علينا أن ندرك أن عجلة الزمان قد دارت، ومعادلة الهدم والفساد قد كثرت، والناس في غفلة من أمرهم.. وما نزل بلاء إلا بذنب.
فلابد من الرجوع إلى الله بإصلاح القلوب أولاً والتمسك بمنهجه القويم، فلم ولن يصلح آخر هذه الأمة إلا بما صلح به أولها وأن نحاسب أنفسنا قبل أن يقبض العلم ويرفع القلم، واعتبروا يا أولى الألباب بما ترونه من الفتن والبلاء والابتلاء والزلازل وسفك الدماء، واحذروا كل الحذر عواقب المعاصي والآثام والذنوب فإن عواقبها خطيرة وكارثية ومهلكة.
 صفوة القول:
ليعلم القاصي والداني إن احتفاءنا بمولد رسولنا الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم- فيه إحياء وحياة للأمة، فيه دروس وعظات وعبر، فيه تذكير للنفوس الغافلة، والقلوب الساهية، فيه إجلال وتوقير وذكرى للنفوس من زيغ الهوى، وإتباع الباطل.. وصدق رسولنا الكريم- صلى الله عليه وآله وسلم- القائل: "لا يؤمن أحدكم حتى يكون هواه تبعاً لما جئت به"..
الفوز كل الفوز لمن تمسك بمنهجه القويم، وسيرته العطرة وتعاليمه السامية، والاستقامة على طريق الحق والثبات على فعل المأمور وترك المحظور.. وصدق المولى القدير القائل: (فاستقم كما أمرت ومن تاب معك ولا تطغوا إنه بما تعملون بصير) هود- 112.
لذا فالاستخلاف في الأرض مشروط بالإيمان النابع من القلب المخموم، والعمل الصالح الخاص لوجه الله كما جاء في قوله عزوجل: (وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم وليمكنن لهم دينهم الذي ارتضى لهم وليبدلنهم من بعد خوفهم أمناً) النور- 55.
فالبدار.. البدار بإصلاح النفوس، ونقاء القلوب، وصفاء السرائر، والتوجه الصادق واليقين الخالص إلى علام الغيوب، عسى أن يكشف عنا الكروب من يهده الله فلا مضل له..!!

أخبار الجبهات

وسيبقى نبض قلبي يمنيا
لن ترى الدنيا على أرضي وصيا