كتابات | آراء

فلنناضل من أجل تأسيس تكتل عربي مستقل

فلنناضل من أجل تأسيس تكتل عربي مستقل

منذ تأسيس جامعة الدول العربية -في منتصف العقد الخامس من القرن الماضي- تبنى القوميون العرب -بالإضافة إلى مناداتهم بمساعدة الأقطار العربية التي كانت ما تزال بين براثن المستعمر على التحرر- شعار العمل على تحقيق الوحدة العربية الشاملة بمواصفات اندماجية كاملة.

وبعد استهلاك ذلك الشعار الذي لم يلق الحدَّ الأدنى من التجاوب من أصحاب القرار، اضطرت النخب إلى خفض سقف المطلب، فتبنت فكرة «الدفاع العربي المشترك والتكامل الاقتصادي العربي» التي يعنى المساندة المتبادلة حال اعتداء العِدَى وتكثيف التبادلات السلعية بين كافة الأقطار العربية بأسعار تشجيعية، لكن شيئًا من ذلك التكامل لم يحصل، بعكس ما لاحظناه -بالأمس- من هرولة أقطار عربية للارتماء في أحضان «بريكس»، بكل ما يترتب على تلك الهرولة من تبديد ثروات ومقدرات عربية لصالح أنظمة وشعوب أجنبية.
وقد كان أحرى بأي نظام عربي يهرول للانضمام إلى «بريكس» أن يبادر إلى تأسيس تكتل اقتصادي عربي مستقل في منأى عن تكتل «بريكس» الذي لن يكون للعرب -مهما أسهموا في تمويله- أيّ ثقل، وذلك ما أشار إليه بصورة مفصلة الدكتور «محمد المعموري» -في سياق مقاله المعنون [متى يتحول حلم العرب من «جوهانسبورغ» إلى بغداد أو ربما الرياض أو القاهرة أو … إلى آخره] الذي نشر في «رأي اليوم» يوم الأربعاء الموافق 30 أغسطس الفائت- بقوله: (ما ينبغي أن نعرفه أنَّ مجموعة بريكس تتخذ مسارًا غايته هدم أركان النظام العالمي القائم على نظام القطب الواحد وبناء نظام عالمي جديد يخدم توجهات الصين وروسيا اللتين تسعيان لتقويض النظام القديم بطرح فكرة تهديم أسسه والاستغناء عن الدولار كعملة دولية واستبداله بعملة الصين أو ربما عملة روسيا، وبطبيعة الحال فانَّ هذا الهدم والبناء لن يقدم أو يؤخر من الأمر شيئًا، لأننا العرب سنبقى ضمن مجموعة تدعم كيانها، ولكنها بكل تأكيد لا تقدم للأعضاء الملحقين شيئًا، وإن قدمت فلن تقدم للعرب -بصفة خاصة- شيئًا بقدر ما ستضيفه المجموعة العربية في حال انتمائها إلى تلك المجموعة من إضافات اقتصادية كبيرة، وهنا يجب أن نسأل أنفسنا ما الذي يخدمنا إذا تعاملنا بالدولار أو غيره من العملات العالمية، أكيد لن يقدم لنا أو يؤخر علينا شيئًا، وربما نصحو يومًا فنجد أنَّ تلك العملة أو غيرها سترتقي سلمَ الصعود الاقتصادي على أكتافنا، فنصبح نحن كالجمل الذي يحمل ذهبًا ليأكل شوكًا.
لذلك علينا أن نقدم مصالحنا العربية على المصالح التي بنيت عليها أسس اختيار مجموعة «بريكس» لبعض أقطارنا العربية.
ثم لماذا كل هذا الفرح والأمل كلما دعينا للانضمام إلى مجموعة أو حلف، ولا أرى من يهرول نحونا فرحًا لانضمامه إلى حلف عربي نحلم {لو أنشئ} أن يكون أول أولوياته هو خدمة العرب والارتقاء بهم اقتصاديًّا وسياسيًّا؟ أما تشتتنا شرقًا وغربًا فلن يجدينا نفعًا.
والحل أن نسعى لبناء اتحاد اقتصادي عربي، يؤسس في القاهرة ويعقد مؤتمره في الرياض، وتكتمل توصياته في بغداد، ويعلن عنه في كل العواصم العربية).
وإذا أخذنا في الحسبان رفض منظمة «بريكس» طلب انضمام الجزائر، فسنجد أنَّ دوافع «بريكس» لقبول أقطار عربية أخرى تتمثل في ما يمتلكه بعضها من ثروات وفي ما يتميز به بعضها الآخر من موقع، وفي المحصلة النهائية لن يعود الانضمام على تلك الأقطار بأدنى فائدة، باستثناء لفت انتباهها إلى إمكانية إنشاء تكتل عربي مماثل تكون فيه هي المؤسسة والرائدة، وذلك ما ذهب إليه الكاتب الفلسطيني «فتحي أحمد» -في سياق مقاله التحليلي المعنون [طرف المعادلة الخفي لمجموعة بريكس] الذي نشره في «القدس العربي» يوم أمس السبت- من خلال ما يلي: (وحول أهمية عضوية «بريكس» للدول العربية سياسيًّا واقتصاديًّا، ربما يكون حافزًا لإيجاد فرصة للدول العربية لخلق منصة دولية جديدة للترويج لأجندتها السياسية والاقتصادية.
وبالمقابل علينا أن نتوق لتكون لنا منصة نتحرك فيها وهامش من الحرية كي نصنع قرارنا بأنفسنا، بعيدًا عن تدخل الغرب أو الشرق. فلماذا لم نبادر -بعد- حتى تكون لنا مجموعة على غرار «بريكس»، ونكون أصحاب ملكية فكرية خاصة بنا شأننا شأن غيرنا؟!).

أخبار الجبهات

وسيبقى نبض قلبي يمنيا
لن ترى الدنيا على أرضي وصيا