كتابات | آراء

القبائل والحكومة والتاريخ في اليمن .. بول دريش جامعة أكسفورد « 4 »

القبائل والحكومة والتاريخ في اليمن .. بول دريش جامعة أكسفورد « 4 »

كان هناك صراع في اليمن بين طرفين نقيضين وهما الحضارة بكل مفاهيمها والبداوة بمفهومها العام .

البدو الرعاة نادرون في اليمن ولكن من وجهة النظر الحضارية القائمة على المدن أو من وجهة نظر المتعلمين  فإن رجال القبائل المستقرين في الشمال ويندمجون معهم هم جميعاً من البدو وبالتالي فإنهم يفتقرون إلى الحضارة ما يميز الحالة اليمنية، إن مثل هذه المعارضة تتماشى بسهولة مع تلك بين الأجزاء الشمالية والجنوبية من البلاد.
لا يوجد خط على الأرض بالطبع يقسم المناطق الحضرية عن المناطق البدوية أو القبلية فالمناطق الواقعة جنوب صنعاء مباشرة باتجاه ذمار والتي يقال إنها تحولت بشكل مثير للاهتمام من كونها شافعية إلى زيدية في القرن السابع عشر تم استيعابها بسهولة في اليمن الشمالي و يمكن أيضاً رسم الخط الفاصل بين اليمن العلوي والسفلي على مسافة 125 كيلومتر جنوب صنعاء عند ممر سمارة أو 40 كيلومتر فقط جنوب صنعاء عند ممر يسلح وفي المقابل في السنوات القليلة الماضية أعطى الخطاب السياسي مكانة بارزة لعبارة المناطق المركزية  وهي النقاط المرجعية هنا في اليمن الشمالي (صنعاء) واليمن الجنوبي (عدن)   ولكن مرة أخرى هذا موقع مفاهيمي غير مثبت حسب على الطبوغرافيا أو علم التضاريس وهي لا تزيح الرأي القديم بأي حال من الأحوال وبصورة أكثر عمومية يعتبر هذا الرأي أن كلمة يمن ببساطة  تعني الجنوب أينما كان المرء وفي أي منطقة وهو مصطلح مرادف للجنوب أو بشكل أكثر شيوعاً العدني نقيضها المعتاد هو القبلي ويقصد بها اتجاه القبلة في مكة .
 إن العديد من القيم التي يدعي رجال القبائل التمسك بها تتجلى بشكل أفضل في قصص العجائب والأفعال البطولية والتي حدثت في حد ذاتها عادة في تاريخ سابق أو في مكان آخر غير مكان وجود الشخص غالباً في مكان ما حيث يسمع المرء القصة، الجوف وهي منطقة الوادي الواسع القاحل المؤدي إلى مأرب يليه عن كثب جبل بارات في أقصى شمال اليمن هناك  كما يقترح آخرون غالباً أن المرء سيجد العادات الأصيلة ورجال القبائل الحقيقيين سواءً بالمعنى الأكثر شراسة وقوة أو الأقل قابلية للإدارة أو الأكثر تناقضاً وبمعنى أكثر الكرم والشرف والشجاعة.
 الشرق  نحو الصحراء الفارغة هو موطن أولئك الأبعد عن قيم المدن والحكومة وفي وادي أبعد شرقًا وراء التلال الرملية أو النتوءات الصخرية هناك البدو الذين كما هو متوقع يتحدثون اللغة العربية بشكل أفضل على النقيض من ذلك فإن الغرب هو المكان الذي يذهب إليه الرجال أو العائلات عندما يتوقفون عن أن يكونوا رجال قبائل أو بدو حيث يتجهون نحو الحضارة في أرض الرخاء النسبي  ولكن أيضاً من التسلسل الهرمي والنظام الذي يفرضه الآخرون إلى الغرب لا تزال تهامة مكاناً حاراً ورطباً يخضع إلى حد كبير لسيطرة الحكومة ويسكنه أشخاص ذوو مظهر أفريقي يميل رجال القبائل إلى التحدث عنهم على أنهم عبيد أو على الأقل أبناء العبيد ، يتم استيعاب الغرب بسهولة في الجنوب عنه في الشمال حيث ان التأثير الحضري في الجنوب جعل القبائل هامشية في الشؤون المنظمة للدولة والحضارة حيث تُحسب القبائل ليس فقط هامشية ولكن متخلفة أيضاً أو في أفضل الأحوال قديمة  تظل صنعاء بالنسبة لمعظم الناس مركز اليمن كما في الخريطة المادية وتظل قبائل الشمال والشرق متناقضة مع الجنوبيين إلى حد كبير بالطريقة التي رسمناها فالقبائل لا تحتل فقط ما يعتبره الآخرون أرضاً هامشية  ولكن على الرغم من قوتهم التي لا شك فيها  فإنها تظل هامشية بشكل غريب في خطاب الحكومة.

أخبار الجبهات

وسيبقى نبض قلبي يمنيا
لن ترى الدنيا على أرضي وصيا