كتابات | آراء

القبائل والحكومة والتاريخ في اليمن .. بول دريش جامعة أكسفورد «3»

القبائل والحكومة والتاريخ في اليمن .. بول دريش جامعة أكسفورد «3»

مُنذ نهاية القرن التاسع الميلادي وحتى عام 1962م بقيت القبائل الشمالية في مكانها ولم تتغير مناطقها الجغرافية وارتبطت بخلافة الأئمة الزيديين المنحدرين من نسل النبي،

تطورت الزيدية في وقت مبكر من التاريخ الإسلامي وليس لها الكثير من القواسم المشتركة مع التطورات اللاحقة للأفكار في بلدان أخرى مثل العراق ولبنان وإيران وكان العلماء الزيديون عادةً مخالفين للتصرفات غير المنضبطة وقد روجوا بدلاً من ذلك لأسلوب ديني رصين إلى حد ما لا يزال أسلوب معظم رجال القبائل إلى اليوم وكان الإمام مثالياً عالماً ومحارباً يمكنه أن يأمر بما هو صواب ويُحرم ما هو مستهجن، تباينت حظوظ الإمامة السياسية بشكل كبير لكن ارتباط الزيدية بالقبائل كان طويل الأمد وكانت الجبال الجنوبية وتهامة في الغالب شافعية لفترة طويلة تقريبًا حيث كانت تحكمها سلسلة من الدول القوية إلى حدِ ما أو أقل وأحيانًا يهيمن عليها الشماليون، يتمتع الشافعيون بقدر أكبر من التسامح مع بعض الممارسات التي تربط بين المؤسسة الدينية والمؤسسة الحاكمة..
 كانت الإمامة هي الفارق الرئيسي بين المدرستين بصرف النظر عن هذا فإن الاختلافات العقائدية بين الزيديين والشافعيين ليست ملحوظة للغاية، لكن الشماليون بتشجيع الأئمة أو بدونه غالبًا ما سيطروا على اليمن السفلي أو حتى احتلوه وسيطرت الإمامة في فترات عديدة على طرفي البلاد ويظهر الجنوبيون اليوم عدم ثقة ملحوظة في رجال القبائل الشمالية، احتل الأتراك اليمن مرتين مرة في أواخر القرن السادس عشر ومرة أخرى من عام 1871م إلى عام 1918م الحلقتان متشابهتان بشكل مدهش إن تاريخ الإمامة الزيدية في الشمال بحد ذاته شديد التكرار كما سنرى كما تتكرر بعض عداوات الزيديين على سبيل المثال كان الإسماعيليون في الجبال الغربية من أوائل أعداء الإمامة تعرضوا للهجوم في عدة نقاط وكانوا أعداء الإمام بعد الانسحاب التركي عام 1918م لا يزال هناك اسماعيليون في المناطق المحيطة بمناخة الآن والأكثر غرابة من ذلك أن الاسماعيليين تلقوا دعمًا متقطعاً على مدى فترة طويلة تقريباً من أتباع طائفتهم من يام وهم قبيلة تسكن نجران على بعد أميال إلى الشمال الشرقي من اليمن والتي هي الآن تتبع المملكة العربية السعودية..
عندما تقلصت مساحة الرعي في الشمال والشرق بسبب ندرة هطول الأمطار ولم يكن مداها متناسبًا مع عدد السكان الذين كانوا يتكاثرون عاماً بعد عام كانت هناك هجرة مؤقتة من المناطق القاحلة إلى السهول الخصبة في الغرب والجنوب في الواقع لم تكن جميع الهجرات مؤقتة إحدى الخصائص المدهشة لتاريخ اليمن هي الطريقة التي تفقد بها القبائل الشمالية عدد سكانها باستمرار وعندما يتحرك الشماليون بشكل دائم إلى الغرب أو الجنوب عادة يتوقفون عن كونهم رجال قبائل ويصبحون بدلاً من ذلك ملاك أراضي أو فلاحين مثل الناس من حولهم أما الهجرات المؤقتة التي غالباً ما تكون في شكل غارات على مناطق خصبة فيها مراعي ومصادر مياه تكون مناسبة للرعي بعض رجال القبائل قد يكونون من البدو الرحل المتنقلين من منطقة إلى أخرى وهم بالنقيض تماما للفلاحين المستقرين والمسالمين بعض القبائل من البدو تعتبر العمل في الزراعة والحقول أو في الأعمال اليدوية في نظرهم ليست عملًا مشرفًا كما أن عادات مثل الثأر والقتل يتوافق مع فهم البدو لما يعنيه الشرف، في الواقع تُعتبر الزراعة في أغلب المناطق عملا محترماً تمامًا والرجل الذي لم يقم بالزراعة في معظم المناطق لن يُحسب على أنه رجل قبيلة ولكن هذا الجانب من العالم القبلي محجوب في التاريخ السياسي وتأتي صور العنف والاضطراب دائماً في المقدمة والصورة النمطية هي أن اليمن العليا تعارض اليمن السفلى كرجال قبائل للفلاحين وهذا يعني أنها حرب سلمية وفي النهاية غير متحضرة لأولئك الذين قد يشكلون جزءاً من دولة منظمة مثل هذه المعارضات يمكن إرجاعه أيضاً إلى ابن خلدون الذي يعتبر الصراع الرئيسي هو الصراع بين الحضارة والمدنية وبين البداوة كقطبين مختلفين في المنطقة.

أخبار الجبهات

وسيبقى نبض قلبي يمنيا
لن ترى الدنيا على أرضي وصيا