كتابات | آراء

في الجنوب.. الاحتلال يعاقب الجميع

في الجنوب.. الاحتلال يعاقب الجميع

من عدن ولحج وأبين وحتى المكلا امتد نطاق الاحتجاجات الغاضبة ضد الاحتلال في المحافظات اليمنية الجنوبية، رفضاً لسياسات التجويع المتعمدة التي يتعرض لها الملايين من اليمنيين في تلك المحافظات

التي فقدت أمنها وإستقرارها منذ ثماني سنوات، فالغضب الشعبي الذي تعيشه تلك المحافظات منذ أكثر من أسبوع كردة فعل على الانهيار الاقتصادي الكبير الذي انعكس بشكل كارثي على حياة الناس في هذه المحافظات، يتصاعد من يوم لآخر في ظل انعدام أي استجابة من أي طرف من الأطراف الناهبة لثروات اليمنيين أكان دول الاحتلال أو أدواتها المشكلة بحكومة العمالة والارتزاق ومجلسها الذي يتابع مجريات الأحداث من فنادق فارهه في العاصمة السعودية "الرياض" دون اكتراث لمعاناة الناس المتفاقمة جراء التقلبات السعرية التي تعيشها اسواق المواد الغذائية أو انعدام الخدمات الناتجة عن تنصل العدوان وادواته عن وعود سابقة قطعها الشارع الجنوبي عام ٢٠١٥م، فعدن لم تتحول إلى دبي أخرى في شبه الجزيرة، بل تحولت إلى مدينة منهكة يسودها الرعب نهاراً نتيجة انتشار العصابات المسلحة التابعة للاحتلال والظلام ليلاً في أشد ايام الصيف، فالجميع تخلى عن عدن وترك سكانها يواجهون المصير الذي لم يكونوا يتوقعوه قبل سنوات، فمات العشرات من كبار السن ومن المصابين بأمراض مزمنة خلال الفترة الماضية نتيجة الانطفاءات الكهربائية المتصاعدة خلال فصل الصيف اللاهب، ويواجه الملايين من سكان المدينة الجوع في ظل الانهيار الكبير المتواصل لأسعار صرف العملة المطبوعة الذي أدى إلى ارتفاعات قياسية لأسعار الغذاء، وفي وضع كهذا لم يكن أمام سكان المحافظات الجنوبية سوى الخروج للشارع رافضين واقع الاحتلال وسياسياته الانتهازية، رافعين شعارات تنشد الحرية والإستقلال والتي بدونها لن يتوقف انهيار سعر العملة ولن يستقر حال الجنوب أمنيا واقتصاديا ومعيشياً، فاقصر الطرق لإنهاء هذا العقاب الجماعي إنهاء بقاء المحتلين والغزاة الذين نهبوا ثروات اليمن النفطية بكميات ضخمة ومنحوا أنفسهم حقهم حق التصرف بنحو ١٤ مليار دولار ريال طيلة السنوات الماضية، وتعمدوا جرف الثروة السمكية من سواحل اليمن الغربية والشرقية ولم يتوقف الأمر عند استنزاف ثروة متجددة تعد المصدر الثالث بعد النفط في الاقتصاد اليمني بل مارسوا ابشع الجرائم ضد هذا الوطن وثرواته فحولوا البحر العربي والسواحل الجنوبية إلى مكب للنفايات السامة والقاتلة وهو ما تسبب بنفوق كميات ضخمة من الأسماك والأحياء البحرية، وكون المحتل لا يريد سوى الدمار لهذا الوطن وصل بهم الأمر إلى تفجير مواطن الأسماك وتحويل معظم السواحل اليمنية إلى مناطق عسكرية ليحرموا الآلاف من الصيادين من ممارسة أعمالهم التقليدية في الاصطياد، وعلى ذات النهج تعرضت الثروة المعدنية في حضرموت وعدد من المحافظات الجنوبية للنهب من قبل دول الاحتلال التي تتصارع النفوذ منذ سنوات على ثروات حضرموت وشبوة النفطية.
وان كانت الإفاقة الشعبية المتأخرة التي عكستها الاحتجاجات الأخيرة متأخرة، الا أنها تؤكد أن هناك مرحلة تاريخية من الكفاح الشعبي تتشكل اليوم في المحافظات الجنوبية، كما تشكلت اواخر الخمسينيات من القرن الماضي وتحولت شوارع عدن إلى ساحات شعبية مفتوحة لرفض المحتل البريطاني ولم يتوقف ذلك الغضب الشعبي رغم قمع الاحتلال وأدواته، إلا بالتحرر من الاستعمار البريطاني بعد ١٢٩ عام، وأجبرت إرادة الشعب اليمني في جنوب البلاد بريطانيا على الرحيل منكسرة، رغم أن عدن والجنوب لم تتعرض للتدمير من قبل بريطانيا، فبريطانيا استغلت موقع عدن وحولت قضية جنوح السفينة الهندية داريا داري ذريعة لاحتلال المدينة الساحلية واستغلال الميناء في الملاحة الدولية، ودول الاحتلال السعودي الأمريكي دمرت موانئ عدن وأطفأت شعلة مصافي عدن وعملت على إنهاء المظاهر المدنية في المدينة، ومع ذلك نتوقع أن تكون خاتمة الاحتلال الجديد في المحافظات الجنوبية أسو من نهايات الاحتلال البريطاني، لأن ما ارتكبه بحق اليمنيين في تلك المحافظات من جرائم ترقى إلى جرائم إبادة جماعية متكاملة الأركان، فالمواطن اليوم يتساءل عن إيرادات النفط والغاز وعن إيرادات الضرائب والجمارك وعن الاحتياطات المالية الأجنبية للبنك المنهوبة وعن الودائع المالية الأجنبية التي منحت لحكومة المرتزقة وعن مصير المساعدات الدولية وغيرها، فلم تجد أي إجابة، سوى أن الجنوب تحت الاحتلال واصبح اليوم يدار بشكل واضح من قبل السفير الأمريكي ستيفن فاجن الذي يتواجد منذ ايام في قصر المعاشيق ليس بصفته سفيراً لدولة امريكا بل حاكماً مدنيا كالسفير الأمريكي السابق في العراق، بريمر الذي حكم بغداد في أعقاب الغزو الأمريكي للعراق في عام ٢٠٠٣م، هذه الشواهد التي لا تقبل الجدل تؤكد للرأي العام اليمني أن كل ما يدور في المحافظات الجنوبية عمل ممنهج يدار من قبل المحتل وأدواته، ولذلك الخيار الوحيد أمام أحرار الجنوب أن يقفوا إلى جانب القيادة الثورية والسياسية لاستكمال معركة التحرر والاستقلال واستعادة السيادة الوطنية وطرد الغزاة والمحتلين.
فلا رهان على الغزاة والمحتلين ولا رهان على ادوات العدوان في المحافظات الجنوبية، ووفقاً لكل المعطيات فلن يتوقف الانهيار المتسارع في سعر صرف العملة، ولن تتحسن الأوضاع المعيشية والإنسانية في تلك المحافظات، سيما وأن العدوان يعاقب الجميع من أجل أضعاف الجميع بهدف تنفيذ اجندات استثمارية منها الاستمرار في ملشنة المجتمع الجنوبي وتحويل شباب الجنود إلى عناصر تابعة للاحتلال تنفذ ما تؤمر به من أجل الحصول على الفتات من المال، فالرهان على الله اولاً وعلى القيادة الثورية والسياسية في صنعاء وعلى أحرار اليمن في الجنوب في الالتفاف والتوحد لطرد المحتل الذي يأخذ ولا يعطي يدمر ولا يبنى، يذل ولا يحترم إنسانية الإنسان وكرامته وحقه في العيش بسلام، فأبناء المحافظات اليمنية الجنوبية دفعوا ثمناّ باهضاً للاحتلال خلال السنوات الماضية، وشهدوا على وحشية الاحتلال وممارساته الإجرامية وحان وقت الخلاص..

أخبار الجبهات

وسيبقى نبض قلبي يمنيا
لن ترى الدنيا على أرضي وصيا