كتابات | آراء

الساحل الغربي ملتقى الأطماع الاستعمارية « الحلقة 53 »

الساحل الغربي ملتقى الأطماع الاستعمارية « الحلقة 53 »

البعثات التبشيرية أسلوب استعماري
توافدت البعثات التبشيرية والاستكشافية الى المنطقة من مختلف الأقطار الأوربية, ومن بينها البعثات الفرنسية التي وصلت الى هذا الساحل ,وخاصة ساحل الدناكل ,

والتي سبق وأشرت إليها في الفصل السابق . فعندما قام الأخوان الفرنسيان داباري في سنة 1838 م برحلتهما العلمية الى الحبشة التقيا في مصر بمبشر عازاري شاب ايطالي الجنسية يدعى جيزبي (يوسف)سابيتو ,فأبدى هذا الشاب رغبته في الانضمام إليهما في الرحلة المزمع القيام بها الى الحبشة وعندما وصل سابيتو إلى الحبشة  رحب به الرأس أوبي وسمح له بالنزول في مدينة عدوه فأقام فيها عدة سنوات عاد بعدها إلى مصر في سنة 1851م عاد سابيتو مرة أخرى إلى بلاد الحبشة ,وبرفقته مبشر عازاري آخر يدعى جيوفاني (يوحنا) ستيلا. ونزل هذان المبشران في المنطقة الجبلية الواقعة بين ساحل البحر الاحمر الغربي ووادي بركة والتي تتصل بهضبة الحماسين حيث تعيش قبائل الحباب المنسع شرقي وادي بركة , والتي تتصل بهضبة الحماسين حيث تعيش قبائل الحاب والمنسع شرقي وادي أنسيبا (احد فروع بركه) والماريا والبوغوص. وقد قاما بفتح إرسالية عازارية في كرن.
لقد كان لهذه البعثة التبشيرية اثرها الكبير وذلك لطول اقامتها في المنطقة, وللمكانة التي وجدتها بين السكان حيث كان هناك من بين هذه القبائل من يعتنق المسيحية بالإضافة الى انهم كانوا بحاجة الى من يعلمهم تعاليم المسيحية بصورة مثلى. كما ان جهل هذه القبائل بالنوايا الحقيقية لهذه البعثات التبشيرية مكنها من اقامة الارساليات في هذه المنطقة وبسهولة ,تمهيدا لتحقيق الغرض الأساسي منها ,وهو مصالح بلادهم في المنطقة . وفي هذه الاثناء عاد سابيتو الى ايطاليا تاركا زميله ستيلا للقيام بالمهام التبشيرية . ولكن ستيلا لم يقصر نشاطه على التبشير بل البس نفسه ثوب المصلح الاجتماعي فاخذ يتدخل في فض النزاعات المحلية بين افراد القبائل واصلاح ذات البين بين الازواج المطلقين وغيرها من المشاكل الإجتماعية وكان لهذا الدور الذي قام  به ستيلا أثر كبير في جعله مرموقا في المنطقة وله مكانته بين قبائلها وبهذا يكون ستيلا قد نجح في تركيز أول دعائم التبشير الإيطالي في المنطقة .
 ومن جهة أخرى كان هناك مبشر إيطالي آخر يدعى لورنوزو جوليلمو ماسايا, أقام في بلاد الجالا وذلك حوالي عام 1852 م وفي عام 1857 م ارسلت وزارة الخارجية الايطالية الى هذا المبشر تشيرعليه بأن ينشئ علاقات سياسية واقتصادية مع زعماء الجالا .وفي حوالي عام 1858م  حيث كانت الامبراطورية الحبشية تعيش حاله من الفوضى و التدهور بسبب الحروب بين الرؤوس الأحباش أرسل ملك بيت مانت المبشر (ليوني دي افنكير) الى الرأس نجوشي في محاولة اقناعه بالتنازل لسردينيا عن منطقة على خليج زولا (خليج انسيلي),او على ساحل أمفيلا لتأسيس مستعمرة لنفي المجرمين الايطاليين وتأديبهم .
ووافق نجوشي على ذلك راجياً أن تمده سردينيا بقوات إيطالية لمساعدته فى الحروب الدائرة بينه وبين الامبراطور تيودور .  
وفي فبراير عام 1859م عقدت معاهدة تجارية بين سردينيا والرأس نجوشي وافق فيها الأخير على التنازل لبيد منت عن منطقة بساحل البحر الأحمر الغربي,
إلا أن هذه المعاهدة لم تحدد المنطقة المتنا زل عنها، ولكن وقوع النجاشي في الامر, وموته بعد ذلك وضع حدً للمهزلة التي دامت عشر سنوات.
 وكان ذلك أول فشل لأول  محاولة ايطالية, وايضاً تفنيدا لأدعاء البعض بأن ايجاد مستعمرة ايطالية في البحر الأحمر كان بجهود فردية بالإضافة إلى ذلك وبعد اكتمال الوحدة الايطالية تبنى بعض كبار الشخصيات الإيطالية مشروعا لأحتلال شريط من الأرض على ساحل البحر الأحمر الأفريقي، وقدم بالفعل اقتراح بهذا المشروع الى مجلس النواب بـ (تورين) للموافقة عليه, ولكن مشكلات البلاد الداخلية حالت دون التفكير الجدي فيه.

أخبار الجبهات

وسيبقى نبض قلبي يمنيا
لن ترى الدنيا على أرضي وصيا