كتابات | آراء

بوح اليراع: (كيان المهمة) وخيار التردي من القمة

بوح اليراع: (كيان المهمة) وخيار التردي من القمة

الكيان الصهيوني الذي كان وما يزال -بدمويته ووحشيته البالغة حدَّ الخيال- أسوأ نماذج الاحتلال سيظل -بالرغم من تطبيع علاقاته مع بعض أنظمة النفط والمال- كيانًا دخيلًا على منطقتنا العربية ارتبط استحداثه ارتباطًا جذريًّا بمصالح القوى الإمبريالية الغربية.

وقد بات من المسلمات أنَّ قيام دولة الكيان الصهيوني كانت أحد مقررات «مؤتمر كامبل بنرمان» الذي انعقدت جلسته الافتتاحية -في لندن بدعوة سرية من حزب المحافظين البريطانيين- عام ١٩٠٥ وقيل في ١٥ إبريل ١٩٠٧، واستمرت جلساته حتى ١٤ مايو ١٩٠٧ والذي عقد بهدف إيجاد آلية تحافظ على تفوق ومكاسب الدول الاستعمارية التي كانت تتمثل -حينها- في كل من: {بريطانيا، وفرنسا، وهولندا، وبلجيكا، وإسبانيا، وإيطاليا} إلى أطول أمد ممكن، وإبقاء المناطق العربية الواقعة ضمن نطاق الحكم العثماني -لاسيما بعد ان أظهرت جماهيرها يقظة سياسية ووعيًا قوميًّا ضد التدخل الأجنبي والهجرات اليهودية ذات الأهداف التوراتية والتلمودية- في حالة من الضعف والتشظي، وقد تطلب تحقيق ذلك الهدف -بحسب ما اتضح من إجماع المؤتمرين- قصم ظهر تلك المنطقة التي تتوافر لها -على الرغم من توزع جغرافيتها بين قارتي آسيا وإفريقيا- كافة مقومات الوحدة الناجحة من مشتركات التأريخ والدين والآسيوي عن الجزء العربي الإفريقي على أن يتسم ذلك الكيان بمطلق الولاء لأوروبا وبمناصبة محيطه العربي شدة العداء، وبما يجعل المنطقة العربية المتشظية تحت السيطرة المباشرة وغير المباشرة لهيمنة القوى الاستعمارية الغربية.
وقد بادرت الحركة الصهيونية بالانبراء للتكفل بتلك المهمة الشيطانية واللاإنسانية، فحظيت بالموافقة على زرعها -وفق خارطة زمنية- شوكة خبيثة في الأراضي الفلسطينية، حتى أعلن عن قيام دولة الكيان -رسميًّا- في ١٤ مايو من عام ١٩٤٨ بمساندة بريطانية، لتضطلع -بصورة دائمة- بمهمة عزل النصف الغربي من الجسد العربي في القارة الإفريقية عن نصفه الشرقي في العراق وعموم بلاد الشام وشبه الجزيرة العربية حتى يظل مجالًا متاحًا لتغوُّل الإمبريالية الغربية، وقد نجح هذا الكيان -منذ أن زُرع إلى أن بلغ منتصف العقد الثامن- في إبقاء الوطن العربي -من المحيط إلى الخليج- في ضعفٍ مزمن لصالح الغرب الصهيوصليبي المتنمر والمهيمن.
ولأنَّ كافة النبوءات السياسية والدينية -وفي مقدمتها النبوءات التلمودية والقرآنية- تذهب -بتوافق يصل إلى حالة من التطابق- إلى أنَّ بقاء دولة الكيان مشارفٌ على الانتهاء، إذ لن تكون استثناءً على سابقاتها من الممالك اليهودية التي كانت جميعها -باعتراف جلِّ قادة الدولة الصهيونية بدءًا بالمؤسس «ديفيد بن جوريون»  وانتهاءً بعنوان التطرف والغلو «بنيامين نتنياهو» - ممالك ثمانينية، فها هي الدولة الصهيونية التي أقيمت بهدف تأدية مهمة لاإنسانية تسير -بإفراطها في الوحشية والعدوانية اللتين يحمل لواءهما ويتولى كبرهما متطرفو سادس حكومات «نتنياهو» الذين يعكسون عنصرية الأحزاب الصهيودينية- إلى نهايتها المحتومة، وقد بدأت أولى مؤشرات الزوال أو الانتهاء بما نشهده هذه الأثناء من تفجر الأزمة الداخلية بين مختلف القوى السياسية الصهيونية الناجمة عن مضي حكومة بنيامين نتنياهو والكنيست قدمًا للحدِّ من صلاحيات سلطات القضاء، وهي أزمة لها ابتداء وليس لها -وفق المعطيات الظاهرة لنا- سقفٌ أو انتهاء.
وفي حال إسقاطنا أزمة سلطة القضاء بالإضافة إلى ما تنفذه -صباح مساء- قطعان المستوطنين بقيادة متطرفي الوزراء غير المرضي عن سلوكهم الإرهابي حتى من راعية الإرهاب الأولى «أمريكا» من حملات اعتداء على «المسجد الأقصى» على النبوءات التي ترى أنَّ «دولة الكيان» باتت قاب قوسين أو أدنى من لحظة الانتهاء، فسنجد أنَّ دولة الكيان الصهيوني التي لا تتعدّى كونها «كيان مهمة» أمست -جرَّا ما ينتابها من جنون العظمة- آخذةً -إن لم أقل ملتزمة - بخيار التردي من القمة.
وإزاء هذا المعطيات التي تؤكد حتمية زوال دولة الكيان دون ربط ذلك الزوال -إلى حدِّ الآن- بأوان، يجدُر بأمتنا العربية أن تأخذ بأسباب القوة بما فيها تكنولوجيا الحروب المعاصرة، حتى يكون لها أوفر الحظ في تحقيق الزوال الصهيوني المفترض.

أخبار الجبهات

وسيبقى نبض قلبي يمنيا
لن ترى الدنيا على أرضي وصيا