كتابات | آراء

ومضات متناثرة: سيكولوجية ثقافة الغلاة..!!

ومضات متناثرة: سيكولوجية ثقافة الغلاة..!!

في عصرنا الحاضر هناك أمم ودول تعد نفسها من أرقى الأمم والدول حضارياً وعلمياً وتكنولوجياً وصناعياً وما تزال متمسكةً بهويتها وتراثها وقيمها ولغتها رغم التطور الهائل في شتى مجالات العلوم والتقنية والمعرفة..

على سبيل المثال لا الحصر: ألمانيا تعتبر من أكبر الدول الصناعية المتقدمة في الغرب وأوروبا ومازالت متمسكةً بهويتها وتراثها ولغتها، وهناك اليابان والصين وكوريا الشمالية كلها قطعت شوطا كبيرا في مجال التكنولوجيا والصناعة العسكرية وغيرها، ولم تتخل عن هويتها وعقيدتها وتراثها..
لذا علينا أن نُدرك أن التطور العلمي والتكنولوجي والتمدن والرقي تتداخل فيه عوامل شتى لعل أبرزها الشعور بالمسؤولية والتفاني والإخلاص في العمل، وتقديم المصلحة العامة على الخاصة، بعيداً عن النزوات والأطماع الذاتية.. والمصالح المتبادلة.
من هناك ندرك أهمية هويتنا وتراثنا وتاريخنا، وأي تشكيك فيه يجر الأمة والشعوب إلى مزالق السقوط والضياع والانسلاخ وإضعاف أواصرها الاجتماعية، وتمزيق وحدتها الروحية والعضوية..
فالهدف في المقام الأول هدف استعماري، صليبي، هو إثارة النعرات المذهبية والطائفية والعرقية بين شعوب الأمة الواحدة، والشاهد على ذلك ما يحدث الآن في العراق ولبنان والسودان وليبيا وسوريا واليمن.. فهناك دعوات لإثارة النعرات الدينية النائمة، لخلط الأوراق وتشويه صورة الفكر الإسلامي إقليمياً وعالمياً وأممياً، وهذا ما يسعى إليه الاستعمار والقوى الامبريالية العالمية المؤيدة له..
إن الإنسان العربي اليوم يعيش غربة في الهوية والقيم والمعتقدات بسبب التيارات والنعرات المناهضة التي تغزو عقديته وتراثه وقيمه، وتحاول إدخاله في سراديب مظلمة تبعده عن فهم معاني القرآن الكريم، وسنة رسوله عليه وآله الصلاة والسلام.. فهم يدركون سلفاً خطورة تلك المعتقدات والموروث التاريخي والديني عليهم.. لذلك يحاولون بشتى الطرق والسبل نشر الأفكار والتيارات المناهضة، وتمزيق أواصر الأمة الذي يمثل عصب الحياة والشريان في دم هذه الأمة العربية والإسلامية.
من هنا ندرك خطورة تلك التيارات المناهضة التي تحاول تشويه تراث وثقافة وتاريخ الأمة العربية والإسلامية بنشر تلك الافتراءات والأقاويل والأباطيل التي تُسيء إلى الفكر الإسلامي، ورسالته الخالدة بأن الفكر الإسلامي غير مواكب لعصر التطور العلمي والتكنولوجي والتقني الحديث، وأن الدين لا يدخل في أمور الحياة السياسية او الاقتصادية او العلمية.. وهؤلاء هم دعاة التيار العلماني، وغيرهم من أصحاب النظريات المادية الذين لا يؤمنون بأي قيم روحية او ما ورائية..
• صفوة القول:
لذا علينا أن ندرك أن الشعوب اليوم تعيش أوضاعا غاية في المأساوية بسبب خلط الأوراق، وتفجير النعرات المذهبية، وتفخيخ مناهج التعليم لمسخ هوية الأمة والأجيال، وهذا ما يريده لنا أعداؤنا، ودعاة التيارات العلمانية والأفكار الهدامة.. فالهوية تظل رأس الحربة دوماً، وفي عراك سرمدي أزلي مع تلك التيارات المعادية، متجاوزة الفجوة الزمانية والمكانية حتى تفصل الرأس عن الجسد، وتصبح الأمة العربية كأعجاز نخلٍ خاوية..
لذا لابد من ربط الأمة والأجيال بتاريخها وتراثها وهويتها وعقيدتها نصا وروحا.. ولا ننسى أن تراثنا وتاريخنا حافل بالأمجاد العلمية والفكرية والثقافية، والإنجازات الحضارية المبدعة... وهذا التاريخ ليس مجالاً للزهو والافتخار بماضينا، وإنما نستلهم منه العبر والدروس والتجارب، ليكون دافعاً للأجيال الصاعدة والقادمة في كل العصور من أجل البناء والنهوض والرقي وطلب العلم والمعرفة، وربط الماضي بالحاضر والمستقبل، وأمة بلا هوية، بلا تراث بلا تاريخ.. أمة لا وجود لها على الخارطة.
ويبقى في نهاية المطاف أن قوى الاستعمار هدفها الاستيلاء على ثروات وخيرات الشعوب والأمم التي مازالت تحبو على أشلائها ودمائها.. وكل هذا بافتعال الحروب والأزمات، والصراعات السياسية والمذهبية والعرقية والطائفية بين أبناء الوطن الواحد، مع إيجاد حكومات دكتاتورية صارمة في تلك الدول حتى تشغل شعوبها بقضايا مفصلية وآنية، ثم تأتي مرحلة التغيير الاجتماعي والفكري والنثروبولجي تدريجيا لتغيير قيم ومفاهيم ومعتقدات الشعوب والأجيال، كل هذا باسم التقدم العلمي والرقي الاجتماعي، والحضاري والثقافي، ثم الوصول إلى بيت القصيد وهي مرحلة التغريب وطمس الهوية، والانسلاخ.. وهذا مربط الفرس..!!

أخبار الجبهات

وسيبقى نبض قلبي يمنيا
لن ترى الدنيا على أرضي وصيا