كتابات | آراء

بوح اليراع: صفقة مرفإ (حيفا) وثنائية الانتشاء والثناء

بوح اليراع: صفقة مرفإ (حيفا) وثنائية الانتشاء والثناء

منطقيًّا الكيان الصهيوني كيان احتلاليٌّ غاصب ديدنه الدائم -مذ وطئت أقدامه النجسة ثرى فلسطين الطهور- استخدام القوة المفرطة للبطش بالشعب العربي الفلسطيني بأشد الأساليب وحشية ومنافاة للضمير الإنساني.

 فقد عمد -على مدى عشرات السنين- إلى قتل وتشريد من استطاع من النساء والأطفال والمسنين الفلسطينيين، وما يزال -بالإضافة إلى اتساع المجال أمام آليات التهجير والقتل والاعتقال- يعمل جاهدًا على حرمان الواقعين تحت وطأةِ صلفه وتجبره وطغيانه من أبسط أسباب الحياة.
وممَّا تتفطر منه القلوب وتندى له الجباه أنَّ هذا الكيان المحتل يتصرف في أرض فلسطين على هواه على اعتبار أنه مالك البلاد الحصري ولم يعد لها من مالكٍ سواه، فها هو -بعد أن أعطى لنفسه الحق المطلق في ترسيم الحدود مع لبنان واستحوذ بتعنت مفرط على معظم حصة فلسطين ولبنان من الثروة النفطية والغازية في مياه البحر المتوسط- يوقع مطلع العام الجاري على الإجراء النهائي لإتمام صفقة بيع ميناء «حيفا» للملياردير الهندي «غوتام أداني» المتحالف مع رئيس وزراء الهند الهندوسي المتطرف «ناريندرا مودي» الذي دشن فترة حكمه بقرار إلغاء الحكم الذاتي الذي كان يتمتع به المسلمون والمسيحيون الكشميريون منذ سنين.
وممَّا تجدر الإشارة إليه هنا أنَّ مراسيم توقيع إتمام تلك الصفقة التي حملت طرفيها على تبادل عبارات الإطراء والثناء قد كشفت عمَّا انتاب سلطات الكيان الصهيوني من حالات الانتشاء الذي ما يزال يعبر عنه -إلى هذه الأثناء- بإزهاق الكثير من الأرواح وإراقة الكثير من دماء الأبرياء، وقد تمثل فداحة هذه الجرائم الوحشية الشنعاء التقرير الإخباري التفصيلي المعنون [هل يدفع الفلسطينيون ثمن صفقة شراء الهند لميناء حيفا؟] الذي نشرته «وكالة سما الإخبارية» يوم الإثنين الموافق ١٣ مارس الماضي من خلال ما يلي: (عندما سلم نتنياهو «غوتام أداني» مفتاح ميناء «حيفا» في ٣١ يناير/كانون الثاني وهو في حالة من الانتشاء، كان هذا الشهر بالفعل أكثر الشهور دموية بالنسبة للفلسطينيين منذ عام ٢٠١٥م.
 فقد قتلت القوات الاحتلالية الإسرائيلية ما لا يقل عن ٣٥ فلسطينيًّا في يناير/كانون الثاني وحده.
فضلًا عن أنَّ توقيع إتمام تلك الصفقة قد جاء في أعقاب العام الأكثر دموية للفلسطينيين منذ نهاية الانتفاضة الثانية في عام ٢٠٠٥، فقد قُتل في عام ٢٠٢٢م -وهو عام الترتيب لإبرام الصفقة مع «غوتام»- حوالي ٢٢٠ مدنيًّا فلسطينيًّا، من بينهم ٤٨ طفلًا.
 وفي حفل التوقيع، ركز «غوتام أداني» -إلى أبعد حدّ- على شيء واحد فقط هو الثناء على دولة إسرائيل التي تقدم قواتها على قتل الفلسطينيين دون أيِّ تردد.
وقد قال من ضمن ما قاله: "لطالما حفزتني إسرائيل؛ لقد أعادت كتابة القواعد الخاصة بما يمكن أن يحققه عدد سكان أقل من عشرة ملايين نسمة. لقد أعدت كتابة القواعد من خلال إثبات ما يمكن لدولة ذات موارد طبيعية ضئيلة للغاية أن تحققه".
 وفيما يشبه المدح الضمني للسياسة الصهيونية العدوانية ضد الفلسطينيين والعرب معًا، قال أداني: إن "إسرائيل" تقدم نموذجًا لقدرتها على التغلب على كل الصعاب مع القوة المطلقة للعلم والتكنولوجيا.
وأضاف قائلًا: "إن وتيرة الابتكار عبر قطاعات متعددة في إسرائيل تدهشني، وإن دافعها للابتكارات يجعلني أتساءل كيف يمكننا التعلم منها؟!").
ولعل إبرام هذه الصفقة التي رست -وفق ترتيب مسبق- على «غوتام» المرتبط برئيس وزراء بلاده بنوعٍ من التحالف قد جاء نتيجة طبيعية لما يجمع بين رئيس وزراء دولة الكيان الصهيوني «بنيامين نتنياهو» ورئيس وزراء الهند «ناريندرا مودي» من عنصرية وتطرف ومن وحشية التعامل مع الآخر المختلف، فمثلما يسيء الأول التعامل مع الفلسطينيين، يقتدي به الأخير في سوء التعامل مع مسلمي ومسيحيي «كشمير»، وقد ورد في سياق التقرير التفصيلي ما يلي: (ففي عهد «ناريندرا مودي» شهدت الهند ارتفاعًا حادًّا في الهجمات ضد المسلمين والمسيحيين والداليت.
وقد قال «ساي إنجليرت» المحاضر في دراسات المنطقة في جامعة ليدن: ”إنَّ إلغاء وضع الحكم شبه الذاتي لكشمير يكرر مشروع إسرائيل في الضفة الغربية المحتلة.
وقانون تعديل المواطنة الهندي، الذي أضفى الطابع المؤسسي على المسلمين باعتبارهم غرباء، توجد له أوجه تشابه مع قانون حق العودة الإسرائيلي، الذي يستولي على أراضي وأملاك الفلسطينيين المطرودين“).

أخبار الجبهات

وسيبقى نبض قلبي يمنيا
لن ترى الدنيا على أرضي وصيا