كتابات | آراء

بوح اليراع: هل انتهى العمر السياسي الافتراضي لـ(السيسي)؟!

بوح اليراع: هل انتهى العمر السياسي الافتراضي لـ(السيسي)؟!

ممَّا لا يختلف حوله اثنان أنَّ الدعم السعوإماراتي للسيسي على الصعيدين المالي والسياسي قد ارتبط -بشكلٍ أساسي- بالتنكيل بـ«جماعة الإخوان» خشية أن تمثل -إذا ما أطلِق لمتشدديها العنان- خطرًا على دولة الكيان.

أما الهدف الثاني من ذلك الدعم اللاإنساني فتمثل في العمل على قطع الطريق على أضخم ثورات الربيع العربي من كسب الرهان، كي لا تُستَلهم التجربةُ من قِبل شعبي ذينك النظامين العميلين المتآمرين -مذ نشأا على أساس من العمالة- على أهم قضايا العروبة والإسلام بما فيها قضية فلسطين التي كانت -وما زالت منذ تسليم أولى القبلتين وثالث الحرمين من قِبل البريطانيين للصهاينة قبل عشرات السنين- قضية جميع العرب والمسلمين.
أما ثالث أهداف دعم أولئك الأجلاف لنظام الانقلاب على النُّظُم والأعراف فتمثل في الإسهام الجاد في توسيع رقعة الفساد لما من شأنه الوصول باقتصاد البلاد وبمستوى معيشة العباد في أرض خير الأجناد إلى أوضاع مزرية، كي يوجِدا -بتواطؤ السيسي- الصيغ التبريرية للاستحواذات الاحتكارية الحصرية على أهم المشاريع التنموية والأصول المصرية، حتى تصبح أرض الكنانة ذات التأريخ التحرري والسمعة العطرة -والتي كنا ما نزال على موعد مع ما قد يصدر عنها من هبَّةٍ منتظرة- محتلة لذينك النظامين العميلين بصورة مموَّهة وغير مباشرة.
وبهدف تذكير السيسي بأنَّ مستقبله الرئاسي مرهون بدعمهما المالي والسياسي عمد النظامان السعودي والإماراتي منذ وقت مبكر -وبالتحديد منذ عام ٢٠١٦- إلى التلويح بإمكانية تبنيهما فكرة منعه من خوض انتخابات عام ٢٠١٨ لولاية رئاسية ثانية، عامدَين -بالتوازي مع ذلك التلويح التهديدي المتعدد الجوانب- إلى تهديده بمنطقية تجريده من ولاء قادة المؤسسة العسكرية الذين لن يترددوا -تحت وطأة الإغراءات المالية السخية وإحراز المزيد من المكاسب- عن التخلي عنه والانحياز إلى من سيحظى برضا النظامين النفطيين والترويج له على انَّه البديل المناسب، وقد تجسد ذلك المسعى بكلِّ جلاء في احتواء التقرير التحليلي المعنون [مصادر: السيسي لن يترشح لفترة ثانية والحل بانتهاء حكمه] الذي أعدَّه الصحفي «طه العيسوي» لـ«عربي٢١» ونشر في ٢٠ أغسطس ٢٠١٦ على ما يلي: (كشفت مصادر سياسية مصرية مطلعة عن أن رئيس الانقلاب عبد الفتاح السيسي لن يترشح لفترة رئاسية ثانية، نتيجة لضغوط وصفتها بالكبيرة من جهات داخلية وإقليمية ودولية، سوف تُمارس عليه خلال الفترة المقبلة لمنعه من الترشح مجددا.
وأكدت المصادر أن هناك جهات سيادية وشخصيات نافذة بالدولة المصرية، باتت مقتنعة بضرورة عدم ترشح السيسي لفترة رئاسية ثانية، لافتة إلى أن دول إقليمية وغربية -بعضها قدم دعمًا كبيرًا لسلطة الانقلاب- يرون أيضًا أنه من غير المناسب ترشح السيسي لولاية رئاسية ثانية.
ورغم أن المصادر أوضحت أن هناك تباينًا في موقف المجلس العسكري من فكرة ترشح السيسي للمرة الثانية في انتخابات الرئاسة، إلا أنها أكدت أن أكثر من نصف أعضاء المجلس العسكري باتوا رافضين ترشحه مرة أخرى، وأنهم سيسعون خلال الشهور القادمة لإقناع باقي الأعضاء المؤيدين لترشحه بالعدول عن موقفهم.
وعلق مستشار ولي عهد أبو ظبي «عبدالخالق عبدالله»  على دعوة مجلة "إيكونومست" البريطانية عبد الفتاح السيسي إلى عدم الترشح للرئاسة عام ٢٠١٨، قائلا -في تغريدة له عبر "تويتر"-: "ربما حان الوقت لأن يسمع السيسي هذه النصيحة الحريصة من عواصم خليجية معنية بمستقبل الاستقرار في مصر").
بيد أن تلك التلويحات والتلميحات التي لم نلمس أيَّ تحقق لها في الوجود كانت تهدف فقط إلى وضع السيسي تحت المزيد من الضغوط كي لا يتراجع عن الإيفاء بما قطعه لذينك النظامين من تلك الوعود أضرَّ الإيفاء بها بحاضر ومستقبل  مصر -كما تبين لنا لاحقًا- إلى أبعد الحدود.
أما اليوم وبعد أن حقق نظاما السعودية والإمارات -بواسطة السيسي- ما حلما به وما لم يكونا يحلمان به من أهداف تصدرها هدف إضعاف واستنزاف مصر العروبة، فلم يعد بمستبعدٍ أن يستغلا سوداوية المشهد ومأزق الاقتصاد المصري المهدد بالانهيار المحقق للتخلي عن السيسي بشكل مطلق على اعتبار أنَّ عمره السياسي الافتراضي قد شارف على الانتهاء، ولعلهما -في هذه الأثناء- يفتشان في أوساط المؤسسة العسكرية عن البديل الذي ما يزال قابلًا للتسويق والتدويل، فقد ذهب بعض المراقبين -بحسب ما ورد في مقال بعنوان [هل تتخلى دول الخليج عن السيسي؟] للأكاديمي والباحث المصري «خليل العناني» نشره في موقع «ميدل إيست آي» البريطاني يوم الخميس الـ١٩ من يناير الماضي- (إلى أن الدول العربية -في إشارة منه إلى الإمارات والسعودية- تتخلى عن "السيسي" بسبب إخفاقه في إدارة البلاد بعد أن أصبح عبئًا ماليًا عليها، لذلك فهي لا تقدم له الدعم الكافي للخروج من الأزمة المالية، وقد باتت -بصورةٍ مجملة- تضغط على المؤسسة العسكرية لإيجاد بديلٍ له).

أخبار الجبهات

وسيبقى نبض قلبي يمنيا
لن ترى الدنيا على أرضي وصيا