كتابات | آراء

أمريكا .. البلطجة الاستخباراتية .. وغياب دورها المستقبلي

أمريكا .. البلطجة الاستخباراتية .. وغياب دورها المستقبلي

المنطقة العربية وتحديداً منطقة الجزيرة والخليج في انتظار متغيرات ربما قد تهيأت لها المنطقة وتنتظر استقبالها لأكثر من سبب وأكثر من منحى فأمريكا ظلت لسنوات طوال بل لعقود تعتبر هذه المنطقة الفناء الخلفي لها

ووجدت منظومات حكم عربية وخليجية خاضعة وقابلة لدور أمريكي لا يخلو من غطرسة ومن هيمنة ومن فرض حسابات لا تخدم المنطقة بل أن الكثير منها تتقاطع وتتعارض مع مصلحة شعوب هذه المنطقة ولكن مراكز الحكم والتبعية المفرطة التي تميز حكام المنطقة تحرص على رضاء الامريكان وعلى ارضاء اجهزة مخابراته التي تتحكم في مفاصل عديدة من هذه البلدان والأنظمة..
ولكن مؤخراً بعد تطورات عديدة وبعد بروز قوى دولية جديدة وبعد أن بدأت تلوح في الانفق انكماش واضح في دورها وفي نفوذها.. وهذا ما تجلى واضحاً رغم البلطجة العسكرية والاستخباراتية ولم تجد هذه الامبراطورية الفارغة من دور غير ممارسة البلطجة الدولية وعلى فرض تواجدها وتأثيرها على الأنظمة والبلدان والشعوب الاوروبية التي ظلت وما تزال ثمن عليها بمشروع مارشل الذي انقذ أوروبا بعد الحرب العالمية الثانية.. مع أنها لم تدفع في هذه الحرب غير اليسير عن الخسائر ولكنها استمرت دورها إلى أبعد الحدود..
نعود إلى المنطقة العربية والخليج فإن أمريكا لم توفر لمنظومات الأنظمة المرتهنة بها اي أمن وظلت عاجزة عجزاً فاضحاً دون أن تقدم إجابات مقنعة وظل الخليج يعاني من فراغ واضح من فقدان الأمن وتركت بلدانه نهبا لكافة التحديات.. وقد اكتشف الخليجيون ان وجود أمريكا وقدراتها في المنطقة في إطار قواعد عسكرية لم تعد تقدم شيئاً وهي أشبه بمقعد عاجز لا يقدر على اتيان أي عمل بناء أو جهد له أثره وتأثيره..
ومن هذا المنطلق جاء التحرك الصيني واستطالت المخالب الروسية لتظهر في أفريقيا.. فيما تحركت الصين إلى أفريقيا وإلى المنطقة العربية وتحديداً ما اسمي القمة العربية الصينية والقمة السعودية الصينية والقمة الخليجية الصينية.. هذه القمم الثلاث كانت أعمق رسالة وجهت إلى أمريكا التي تحركت الدولة العميقة ضد روسيا وضد الصين بعد أن كشفت إدارة بايدن عن اهتزاز وضعف واضح والتي تميزت باضطرابات عديدة في سياساتها وفي أساليب إدارة العمل مع شركائها وحلفائها وتحديداً في المنطقة العربية والخليج الذي شعر أن أمريكا قد تعرت تماماً وقد اتضح للعيان ان امريكا اعجز من ان تقدم حلولاً أو تسهم في دعم أمن الخليج بل أنها تحولت إلى جابية من نوع خاص من خلال فرض صفقات أسلحة كثير منها وهمياً..
وعملت أمريكا وأدواتها المالية على استقطاب الأموال والرسائل العربية عنوة وبفرض موقف إلى ما اسموه الصناديق السيادية التي لم تسمح لهم بالتصرف الكامل مع مخزوناتها التي تصل إلى ارقام فلكية وقياسية..
بل أن الأمريكان عندما يبيعون اسلحة غير تقليدية فانهم يماطلون وينزعون منها قدراتها الفعلية.. وخير شاهد طائرات الإف 35 التي تعرقلت لأكثر من مرة وإلى اليوم لم تتمكن أبو ظبي من الحصول على هذه الصفقة رغم أنها قد نزعت منها أجهزة وموجهات خطيرة.. وتحولت هذه الصفقة إلى ما يشبه "اللعبة" وظلت واشنطن طوال الأعوام الماضية تمارس بلطجتها على القيادات العربية الخليجية.. وسرعان ما تحرص قضاءها لتصفية حسابات معينة مع تلك الأنظمة تحت دعاوى ومسميات عديدة فرضها لوبي عنف هؤلاء الحكام وابرز القضايا التي تشهرها واشنطن.. ودولتها العميقة هي حقوق الإنسان والشفافية وغيرها من هذه القضايا التي تحولت إلى كرباج يسلخ بها ظهور الحكام التابعين لواشنطن والتي تدين بالولاء والطاعة والانصياع .. واليوم برزت معطيات جديدة والمتمثلة في الاندفاع الصيني وفي التحرك الحذر الروسي وفي تنازع الزعامات الاوروبية والبحث عن دور لها في المنطقة في إطار البحث عن أمن الطاقة التي جعلت العديد من الموقف في وضع سيولة مفرطة..
كل هذا جعل الدول الخليجية في وضع لا يحسد عليه, فلا هم استطاعوا ان يتحرروا من هيمنة الامريكان واوروبا ولا هم قادرين على استمرار في دفع أثمان باهظة لهذه المواقف المرتهنة ولا هي قادرة على مجاراة الرغبات الصينية والروسية في إقامة شركات جديدة..
والأيام القادمة حبلى بمتغيرات عديدة في انتظار هذه البلدان والدول.. وأولى هذه المتغيرات استحقاقات مشروع الطريق والحزام, وكذا ما تنوي روسيا ان تضعه تحت مسمى البريكس..
وقد جن جنون الدولة العميقة واجهزة المخابرات الامريكية المتعددة من هذه التحركات التي يفهم منها انها تقوض النفوذ الامريكي الذي اصبح هشاً ومنكمشاً وآيلاً للسقوط..

أخبار الجبهات

وسيبقى نبض قلبي يمنيا
لن ترى الدنيا على أرضي وصيا