كتابات | آراء

ومضات متناثرة: وقفات تأملية مع النور المبين

ومضات متناثرة: وقفات تأملية مع النور المبين

جاء في التاريخ أن النبي سليمان- عليه السلام- خرج يوماً في موكبه الحاشد تحفه جميع الكائنات والخلائق من جن وإنس ووحوش وطير،

وريح تحمل بساطه ترتقي به صعوداً وهبوطاًحتى بلغ منزلةً عظيمةً لم يبلغها احد من البشر.. فالتواضع اعظم وافضل النعم التي وهبها الله لعباده المتقين فكلما زاد البعد تواضعاً وخشوعاً وعبوديةً لله ازداد قرباً ورفعة عند الله..
فلنقد بهدي رسولنا صلى الله عليه وآله وسلم قولاً وعملاً وتقريراً.. فما زاد الله عبداً بعفو، الا عزاً وما تواضع احد لله الا رفعه الله..فيكفي أن نأخذ الدروس والعبر من رسول الله، كان شديد التواضع مع علو قدره ورفعة منزلته وسمو مكانته، وعراقة أُرومته،هناك قوم من عباد الله اصطفاهم الله لخدمة الناس فأحسن جزاءهم، وعلا قدرهم، وأكرم مثواهم، وامتلأت صدورهم حباً ومودةً للناس فزادهم الله من فضله، والله يرزق من يشاء بغير حساب.. لذا أي عمل بدون تقوى عمل ناقص وقاصر لأن التقوى صلاح القلوب، إذا صلح القلب صلحت كل الاعمال أياً كانت ظاهرةً أم باطنة،
فأحذروا الفتن والشائعات والقيل والقال، وسوء الظن فإنها مضيعة للوقت،فالعمر قصير وقطار الحياة مهما طال قصير فلا داعيللتسويف، وضياع العمر في القيل والقال، والانشغال بسفاسف الأمور، ولنكن قدوةً لسلفنا الصالح في الاعمال الصالحة حتى نكون خير أمةً أخرجت للناس، ولن يصلح شأن هذه الامة الا بما صلح به أولها ولم ولن نصل الى منزلة السموالأخلاقي والإيماني إلا إذا تمسكنا بهذاالقرآن وتأدبنا بآدابه، وانتهجنا نهجه، وسلكنا مسلكهمن أداب التواضع التي حثنا عليها رسولنا الكريم- صلى الله عليه وآله وسلم- التواضع سمة المؤمنين الأتقياء، حتى لا يبغى أحد على أحد، ولا يفخر أحد على أحدلا بحسب ولا بنسب ولا أصل ولا فصل.. فكلنا لآدم وآدم من تراب..
فاعلموا أن مازاد عبداً بعفو إلا عزاً وما تواضع أحد لله الا رفعه الله وليكن لنا في رسول الله أسوة حسنة لا داعي للعصبوية والتفاخر، فكلنا خلقنا من تراب واحد وفيه يكون المرقدوالمصير.. فالناس يتفاوتون في مشاربهم وأخلاقهم وهم على أصناف ثلاثة: صنف قليل الخير كثير الشر، وصنف يفعلون الخير، ولكنهم ينتظرون الجزاء وصنف من الناس يسمون بأخلاقهم وأعمالهم الصالحة متجاوزين العدل الى الفضل لا يظلمون احداً من البشر، وهؤلاء صفوة الصفوة وهم قليل.. ولا يبخسون الناس أشياءهم ولا يقابلون الأذى بأذى مثله بل يترفعون عن صغائر الأمور، وهم قلة.. مصداقاً لقوله عز وجل (وقليل من عبادي الشكور).
هناك فئة من البشر جبلوا على الجفوة والقسوة والغلظة والإسراع الى الشر ولكن أصحاب القلوب العامرة بالإيمان يربون بأنفسهم على الطهر والسمو والعفو والصفح وهذه من شيم المصلحين العظماء..الإنسان القوي حقاً هو الذي ينظر إلى هفوات الآخرين فيتغاضى عنها ويترفع عن سفاسفها وكل إناء بما فيه ينضح.. (ولئن صبرتم لهو خير للصابرين)..
إحرصوا على احتمال الأذى وكفوا الاعتداء وقابلوا السيئة بالحسنة تكونوا من خيار عباد الله الصالحين.. واعلموا أن المكاره والمشقات والصعاب توصل المؤمن الصادق إلى الخير العاجل والتمكين والعلو بين خيري الدين والدنيا مصداقاً لقوله عز وجل "إنه من يتق ويصبر فإن الله لا يضيع أجر المحسنين" يوسف (90).
لذا علينا أن ندرك أن حسن الخلق شرف عظيم ومفخرة جليلة تفوق شرف النسب والحسب وفخر الآباء والأجداد، يقول المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم: "كرم المرء دينه، ومروءته عقله، وحسبه خلقه".. فبسط الوجه وحسن الخلق من صفات المؤمن الصادق وصدق رسولنا الكريم القائل: "أنا زعيم في الجنة لمن حُسن خُلقه".

أخبار الجبهات

وسيبقى نبض قلبي يمنيا
لن ترى الدنيا على أرضي وصيا