كتابات | آراء

بوح اليراع: ذكرى ثورة 14أكتوبر في ظل احتضان عدن محتلًّا آخر

بوح اليراع: ذكرى ثورة 14أكتوبر في ظل احتضان عدن محتلًّا آخر

لقد كان لثورة الـ14 من أكتوبر في الشطر الجنوبي من وطننا الحبيب التي قُدحت شرارتها الأولى من ذرا شوامخ ردفان الشماء عام 1963 الكثير من الأصداء العربية والإسلامية لانطلاقها في تحقيق أهدافها الإنسانية السامية من منطلقاتٍ قومية وأممية.


عدن اليمنية والقضية الفلسطينية
وقد كانت مدينة عدن الباسلة معقل ثورة أكتوبر وعاصمة جنوب اليمن -فعلًا- عند حسن الظن، بما اضطلعت به -بعد تخلصها الناجع من القوات الاحتلالية البريطانية- من التفاني في نصرة قضية الأمتين العربية والإسلامية القضية الفلسطينية، فصارت جديرة بما لم يزل الفلسطينيون يكنونه لها من الشكر والعرفان إلى الآن.
وحسبنا دليلًا عميق الأثر على المساندة التي حظيت بها قضية فلسطين من حاضنة وعاصمة ثورة 14 أكتوبر إدلاء «شريف علي حسين مشعل» المعروف تنظيميًّا بـ«عباس زكي» عضو اللجنة المركزية لحركة فتح الفلسطينية -في سياق حواره مع قناة «الميادين» الذي بثَّ يوم 28 مايو الماضي- بما يلي: (كان  السلاح يصلنا إلى بيروت مِـنْ ألمانيا وبلغاريا والمعسكر الاشتراكي  عبر اليمن الجنوبي الذي تحمَّل هذا العبء الثقيل في تلك المراحل، حيث كان لنا في عدن مخزن سلاح ضخم، وكنا نحمِّل منه السلاح صوب بيروت، فذات يوم من أيام سفارتي في عدن قال لي الرئيس أبو عمار: «الإسرائيليون يقصفوننا بضراوة في حي الفكهاني، وقد سمعت أن مع اليمنيين بعدن سلاح متطور مضاد طيران عيار 100ملم يستخدم بالكمبيوتر ومداه أكثر من 30كم، أُريدك أن تأتي لنا بواحد منه  لصدّ الغارات الإسرائيلية هنا بالفكهاني، فذهبتُ إلى الرئيس علي ناصر محمد، فقال لي  يصرف على الفور، فتوجهت إلى مطار عدن ووجدتُ معهم بطارية واحدة من هذا السلاح لحماية المطار يديرها خبراء سوفييت، فأتاني السفير الروسي بعدن على -إثر هذا الموضوع- وقال لي: أنت طالب سلاح؟، قلتُ له: نعم، قال: أنت تريد تقطع علاقتنا مع اليمن الجنوبي؟ قلت له: لا أبدًا، فقال لي: هذا سلاح استراتيجي لا يمكن نقله إلى أي مكان آخر، قلت له: رح تفاهم مع الرئيس علي ناصر، فأنا لن أرفض سلاح يأتيني من أحد، فذهبَ السفير الروسي إلى الرئيس ناصر، فكان رد الرئيس: إذا كان التعاقد بيننا وبينكم سيخرج فلسطين من المعادلة فسنعيد النظر في هذا التعاقد، لأن فلسطين هي الشطر الثالث لليمن ولن نعزَّ عنهم شيئًا».
وفي الأخير أخذنا السلاح إلى بيروت، وأتى الشهيد خليل الوزير ”أبو جهاد” ومعه  مهرة من المقاتلين ليتدربوا عليه، حتى اتقنوا العمل على ذلك السلاح الذي استخدموه بوجه الطيران الإسرائيلي مرة واحدة، ولم يعد يأتي الطيران  لقصف الفكهاني مرة أخرى).

منكر احتضان عدن محتلًّا آخر
ممَّا سبق سرده ندرك أن مدينة عدن الباسلة كانت واحدة من عواصم التحرر، إلَّا أنها باتت منذ سبع سنين وحوالى سبعة أشهر موئلًا لأقذر محتل في تأريخ العرب المعاصر والذي يتمثل في الوجود الاحتلالي الإماراتي السعودي الذي عاثت عناصره في محافظات جنوب البلاد الفساد ونشر الذعر والخوف بين العباد ومارست من صنوف القمع والاستبداد أكثر ممَّا مارسه الاحتلال البريطاني المباد، حتى إنها عمدت إلى تشكيل واستقدام فرق اغتيالات للتخلص من السياسيين المناوئين، فقد ذكر خبر موقع «نون بوست» بتأريخ 24 أكتوبر 2018 أنَّ (التقرير الاستقصائي الذي أعده موقع «بازفيد نيوز» الأمريكي المهتم بالتحقيقات وصحافة التقصي، لمراسله «أرام روستون» كشف تفاصيل تعاقد الإمارات مع شركة أمريكية يملكها شخصٌ إسرائيلي من أجل قيام مقاتلين سابقين في قوات نخبة العمليات الخاصة الأمريكية ممن لديهم خبرة سنوات من التدريب التخصصي من الجيش الأمريكي، ويعملون الآن لحساب شركة أمريكية خاصة استأجرتها الإمارات العربية المتحدة بتنفيذ اغتيالات تحصد أرواح شخصيات يمنية لا تتناسب مع مزاج أبو ظبي ومخططها لتفتيت اليمن، وقد طال ذلك المخطط -في ما لا يزيد عن 3 سنين- عشرات اليمنيين أغلبهم -بالإضافة إلى الناشطين الحقوقيين والصحفيين- أئمة مساجد ورجال دين معتدلين).
وإذا كان الإماراتيون قد قبلوا بالظهور بهذا الدور الذي يندى من مجرد الاشتباه به الجبين -في ضوء تناوب أو تقاسم الأدوار بينهم وبين حلفائهم السعوديين- فإن كلا الحليفين مجرد أداة عمالية طيعة يقتصر دورها على القيام بالمهام المنوطة إليها من أوليائهم الصهاينة والأمريكيين والبريطانيين ومن يدور في فلكهم من الماسونيين.
فإلى متى سيستمر جنوب وطننا الغالي على قلوبنا –في ظل تغييب إرادته السياسية الحرة تغييبًا كليّا- مكرهًا على الاحتفاء بأولياء اليهود والنصارى الذين صاروا يسخرون نعم الله عليهم بمبارزته بالمعاصي جهارًا نهارا غير مزدجرين بقوله تبارك وتعالى مخاطبًا من كانَ أشدَّ منهم قوةً وأعظمَ آثارًا وأوفر أموالا: (فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكَ تَتَمَارَى).

أخبار الجبهات

وسيبقى نبض قلبي يمنيا
لن ترى الدنيا على أرضي وصيا