كتابات | آراء

تاريخ اليمن الحديث.. بول دريش جامعة أكسفورد (44)

تاريخ اليمن الحديث.. بول دريش جامعة أكسفورد (44)

في الجنوب، حيث كان حكم الأسرة مخالفاً لأيديولوجية الحداثة التي تم تبنيها وفي نفس الوقت يعتبر إهانة للمساواة بين الناس في تفضيل أقارب المسؤولين على مواطنين آخرين قد يكونون أكفأ منهم،

  تأسس الحزب الاشتراكي اليمني YSP) )في أكتوبر 1978 ومنحه دستور معدل السيطرة على الدولة والشعب، كان الحزب الاشتراكي اليمني مسلحاً بنظرية الاشتراكية العلمية والتي تعتبر الحزب هو قائد ومرشد المجتمع والدولة في نضال الناس ومنظماتهم الجماهيرية نحو النصر المطلق لإستراتيجية الثورة اليمنية  كان نضال العرب والشعوب الأخرى والنضال الثوري في شطري البلاد مترابطين جدلياً في وحدتها .
تنص الديباجة على هدف اليمن الموحد في ظل الحزب الاشتراكي اليمني  كان جزءًا من الزخم عمليًا بلا شك إن اليمن الموحد سيكون مجديًا اقتصاديًا بطريقة لا يكون فيها الجنوب بمفرده وكانت جميع السياسات الأخرى المتعلقة بالخليج والقرن الأفريقي والقوى العالمية الكبرى مفهومة فقط من منظور الثورة اليمنية غير مكتملة الأهداف والمستمرة لتحقيقها كذلك كان عبد الفتاح بطل الحزب المركزي هو نفسه شماليًا حيث أصبحت الجبهة الديمقراطية الوطنية عاملاً محوريا في السياسة الجنوبية في عدن وفي نفس الوقت كان لعبد الفتاح حلفاء في الشمال وعلى نطاق واسع في شمال صنعاء وجنوبها،  في وقت مبكر من أكتوبر عام1978 م ظهرت مجموعة كبيرة من رجال القبائل الشمالية في عدن لدعم الثورة رد الشمال بتجديد الدعم لجماعات المنفى وبالتالي نتيجة لهذه السياسات التصعيدية بين الشمال والجنوب وتحديدا في يناير 1979 م اندلعت الحرب بين الطرفين و أخذ الجنوبيون عددًا من البلدات خارج الحدود، كان رئيس الولايات المتحدة كارتر يتعرض للهجوم في ذلك الوقت باعتباره متساهلاً ولين على الشيوعية ولهذا كانت هذه الحرب هي الفرصة لإثبات الوجود بالنسبة للنظام العالمي الأمريكي وفجأة أصبح اليمن في الصحافة العالمية  نقلت طائرات ضخمة من وإلى صنعاء وجلبت الدبابات للقضاء على  التهديد الشيوعي كما تم شحن أسلحة باهظة مثل الصواريخ المضادة للدبابات الموجهة بالأسلاك إلى شمال اليمن وكانت هناك حاجة إلى حوالي 18 شهرًا لتعلم كيفية استخدامها، قد يتساءل المرء عن المنطق  ولكن معظم هذه الأسلحة في الواقع وصلت إلى أيدي السعودية في نهاية المطاف و كانت حاملة الطائرات الأمريكية متمركزة قبالة جنوب الجزيرة العربية.
قيل لفترة أن الشمال موجود في المعسكر الأمريكي لكن بعد بضعة أشهر أبرمت حكومة صنعاء صفقة مع الكتلة الشرقية لمئات الدبابات وأربعين طائرة مقاتلة تاركة المحللين السياسيين في دهشة من هذه السياسات المتقلبة وتم السيطرة على النزاع في الواقع قبل نهاية مارس 1979 م بتدخل الدول العربية وكان كل من العراق وسوريا وتم استبعاد مصر من الشؤون العربية الأوسع لأن مصر وقعت مؤخرًا اتفاقية سلام مع إسرائيل  وكان السعوديون  الذين شعروا بالقلق الشديد من التوغلات الجنوبية على استعداد للانضمام إلى مبادرة عراقية بشكل أساسي لتقييد الحزب الاشتراكي اليمني ولعبت الكويت كما فعلت في كثير من الأحيان دور الوسيط النزيه أما الصوت المخالف الوحيد لبعض الوقت فقد كان صوت ليبيا وكان الانقسام بين  المعسكرين الدوليين  أقل أهمية حيث لم تظهر روسيا أي رغبة في إفساد علاقاتها مع الشمال ولم يكن الشمال أبدًا يبدو حليفًا غربيًا  بشكل كامل وحقيقي ولم يكن يعرف هل الشمال هو حليف شرقي أم غربي مما أثار غضب بعض الشماليين حيث كانوا يتهمون الرئيس بأنه عميل سعودي وكان عام 1979 م هو المرة الأولى منذ الحرب الأهلية التي أصبح فيها اليمن ضمن منظومة سياق عربي أوسع نطاقاً بارزاً حيث منحت الدولة على عكس الأفراد والأحزاب السرية مساحة للمناورة السياسية. ولا يعرف هل وعد رئيسا الدولتين  أو الشطرين أو الجزأين حسب الصيغة الرسمية آنذاك بحل سريع وعملي من أجل الوحدة  كما وعد أسلافهما في عام 1972 م بالعمل من أجل وحدة اليمن..
 قلة من الناس أعتقدوا أن هذا الاحتمال وشيك ولم يكن المواطنون متفائلين بإمكانية حدوث هذه الوحدة في يوم من الأيام،  لكن السياسة على مستوى الدولة ليست الحياة كلها وفي نهاية سبعينيات القرن الماضي بدأ تلفزيون صنعاء البث الرسمي وكان يبث برنامج  صور من بلادي  لمحسن الجبري  والذي زار أجزاء مختلفة من اليمن في الشمال والجنوب وأجرى مقابلات مع شخصيات محلية أظهرت العادات والتقاليد والأماكن التاريخية وكانت تبث اللقطات برفقة موسيقى من صوت عود يمني تجول عبر الجبال والحقول ومناظر البلدات واظهر هذا البرنامج بصورة واضحة على مستويات كثيرة جدًا للمواطنين على كلا الجانبين أن اليمن دولة واحدة بحكومتين، بلغت الطفرة النفطية ذروتها حتى الآن فيما يتعلق باليمن قبل عام1980 م لكن آثار انخفاض أسعار النفط في السنوات اللاحقة كانت متفاوتة نما جهاز الدولة في الشمال بشكل أسرع بمساعدة من النفط والغاز المنتجين محليًا منذ عام 1984 بينما وصل الجنوب إلى طريق مسدود سياسيًا كان السياق بعيدًا عن السيطرة اليمنية بقدر ما كان هطول الأمطار هو من يحدد موارد الدولة في عقود سابقة قبل اكتشاف النفط  فقد أثرت أسعار السلع العالمية الآن على مناطق بأكملها في وقت واحد وفي نهاية العقد انكسر هيكل السياسة العالمية بشكل كبير كما حدث بعد الحرب العالمية الثانية وبدأت الأزمات بالظهور.

أخبار الجبهات

وسيبقى نبض قلبي يمنيا
لن ترى الدنيا على أرضي وصيا