كتابات | آراء

على هامش اليوم العالمي للغة العربية

على هامش اليوم العالمي للغة العربية

كثير من الباحثين أثاروا جدلية وحوار فلسفي حول اللغة: هل هي فطرية أم مكتسبة..؟! هذا لا يعنينا هنا بقدر أن اللغة هي أهم ما وصل إليه الإنسان من وسائل التفاهم والتخاطب والحوار..

فالوظيفة الأساسية للغة هي وسيلة اتصال بالآخرين، وعن طريق هذا الاتصال تتحقق الأهداف وتُشبع الحاجات وعن طريقها نُعبر عن أفراحنا وأتراحنا.. وهي أداة التفكير والتعبير عما يجيش في النفس من عواطف وانفعالات وخلجات وخواطر.. فاللغة تُعطي الأولوية لتنمية وارتقاء ملكة التفكير والمنطق في حين أن وسائل الإعلام المختلفة تُعنى بتنمية ملكة الخيال والحواس.. وبما أن اللغة العربية مرتبطة ارتباطاً وثيقاً بالقرآن الكريم.. فبقاؤها مرتبط ببقاء القرآن إلى يوم البعث..
وقد أكد عدد من العلماء انه سيحصل في آخر الزمان تغير شامل في الكون وهذا ما نشاهده اليوم في كثير من دول العالم من تغيرات مناخية واحتباس حراري وستكون هناك بلاد خصبة وبلاد جافة وبلاد صحراوية ستتحول إلى مروج خضراء وانهار جارية.. فهل يا ترى هي بلاد العرب التي قيل إنها كانت أيام عاد وثمود.. العلم عند الله.. هناك نظرية النهوض والسقوط للحضارات وهذه سنة الله في هذا الكون الشاسع الواسع.. وصدق المولى عز وجل القائل) وكل شيء خلقناه بقدر) فاللغة العربية خلودها بخلود القرآن الكريم..
لذا  لابد من مواكبة اللغة العربية لروح العصر الحديث في شتى المجالات علمياً، وتكنولوجياً وتقنياً وهذه مسؤولية علمائنا الأجلاء في المجامع اللغوية والجامعات العربية والإسلامية بأن يقوموا بدورهم المناط بهم فالأمة تمرض بسبب فساد واستبداد وجبروت حكامها.. وكذلك اللغة تمرض بسبب إهمال علمائها لها.. والدخول في نزاعات وصراعات فكرية وعرقية وعصبوية وماورائية قد تسيئ إلى الأمة وتراثها ولغتها وحضارتها وتقاليدها وعاداتها وأعرافها..
لذا  لابد أن تكون في حالة حضور فاعل وشهود حضاري مؤثر على كافة التداول الحضاري وفي وسائل الاتصال الحديثة والبرامج المتطورة.. أما الذين تأثروا بالحضارات الغربية وثقافتها وينسلخون من أبناء جلدتهم وينعتون اللغة العربية بأنها لغة المعابد والمساجد وزهاد الزوايا والخلوات هم ذاك النفر النشاز الذي حكى عنهم القرآن الكريم في قوله عز وجل:(ويوم تقوم الساعة يقسم المجرمون ما لبثوا غير ساعةٍ كذلك كانوا يؤفكون وقال الذين أوتوا العلم والإيمان لقد لبثتم في كتاب الله إلى يوم البعث) الروم- 55-56.. فاللغة العربية والقرآن الكريم باقيان إلى يوم البعث شاء من شاء .. وأبى من أبى.. وصدق المولى عز وجل القائل: (إنا أنزلناه قرآناً عربياً لعلكم تعقلون)
العالم اليوم يشهد قفزات علمية هائلة وتكنولوجيا كبيرة في شتى المجالات وخاصةً في البلدان الصناعية الكبرى، وهذا الأمر له ابلغ الأثر في مستقبل اللغة العربية وازدهارها وارتقائها.. فاستمرار كمية المعلومات والمصطلحات الحديثة والمفردات العلمية كل ذلك سيؤدي إلى نهوض ثقافي وحضاري واجتماعي وحيوي في المستقبل.. وهذا الانفتاح على ثقافات الآخرين سيقود إلى الحوار والمكاشفة والمحاججة مع الآخر الذي نادى به القرآن الكريم في قوله عز وجل (قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين).
وإلا كيف نحاور الآخرين دون أن نسمع منهم..؟!
إذن لابد أن اسمع واعرف ما عندهم بالتفصيل الممل دون تزييف أو تصحيف.. وهذا هو الإنصاف.. وعين العدل.. وهذا لم ولن يكون إلا في ظل شجرة أصول الإسلام القرآنية الوارفة الظلال الخضراء الأوراق.. الراسخة الجذور..
حينها يعلو الإسلام..- ولا يُعلى عليه- فالمسؤولية كبيرة على المجامع اللغوية، والجامعات العربية.. فهناك إمكانات اجتماعية متنوعة، واحتياجات سياسية واقتصادية وثقافية متعددة وخطط وبرامج على مستوى العالم العربي، وهذا يتطلب تكاتف الجهود وتوحيد الرؤوس والاصطفاف خلف رؤى توافقية وهدف موحد.. وإرادة سياسية موحدة.. إذا أردنا النهوض بأمتنا ولغتنا وثقافتنا وتراثنا وحضارتنا.. دون ذلك سنكون أذناباً للآخرين..
المؤسف المشين أن معظم مجتمعاتنا العربية ما زالت تعيش عقدة اللغات الأجنبية  والفكر المستورد.. والصناعة المستوردة.
إذن لابد من تبصير المواطن العربي بأهمية تراثه وحضارته ولغته وبأوضاعه السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والتحديات التي تواجه الأمة الإسلامية في ظل هذه المتغيرات والتوترات الإقليمية والدولية..
لا شك أن الجامعات العربية والمجامع اللغوية ومراكز البحوث والدراسات العربية لها الدور الفاعل والمؤثر خاصة في هذه المرحلة الحساسة التي تمر بها أمتنا العربية والإسلامية..
• كلمات مضيئة:
علينا أن ندرك أن اللغة العربية هي الوعاء القرآني والإيماني الذي يحفظ تراثنا ومآثرنا الخالدة من كل دخيل أو غاز.. وما أحوجنا اليوم أن نزود أبناءنا وشبابنا من هذا التراث العربي الإسلامي الحافل بالمآثر النادرة.. وأن نوقظ العواطف والهمم وتنبيه القلوب بأهمية اللغة العربية خاصة في هذه المرحلة الحرجة، والهجمة الشرسة من أعدائها في الداخل والخارج..
ولم ولن ننهض بلغتنا العربية إلا بالاهتمام بتطوير مناهجنا التعليمية وتحديث موضوعاتها وفروعها، والارتقاء والنهوض بجامعاتنا وكلياتنا المتخصصة في مجال اللغة العربية وفروعها المختلفة.
هناك تساؤلات مطروحة عن الأخطار التي تحدق باللغة العربية في ظل المفارقات والثقافات والحضارات الحافلة بالتفاوت والتباين: هل تستطيع وسائل الإعلام والاتصال في ظل الزخم الإعلامي والتواصل عبر شبكات الاتصال الموزعة بطريقة غير متكافئة وعادلة بين الدول والشعوب أن تلعب دوراً فاعلاً ومؤثراً بالارتقاء باللغة العربية..؟! علماً أن هناك كماً هائلاً من اللهجات العامية المتباينة بين الدول العربية وغيرها.. هذا مربط الفرس!!

أخبار الجبهات

وسيبقى نبض قلبي يمنيا
لن ترى الدنيا على أرضي وصيا