كتابات | آراء

نافذة: الفساد أخطر من العدو الخارجي

نافذة: الفساد أخطر من العدو الخارجي

لا يوجد الفساد في أية دولة إلا وفقدت سيادتها بالكامل وأتيحت الفرصة للعدو الخارجي لنخرها من الداخل مستغلا نقاط الضعف في الفاسدين وعبرهم يستطيع ان يحقق كل أهدافه فيبقى الوطن كله رهنا للمتدخلين ..

وقد مررنا في اليمن بهذه التجربة الصعبة خلال العقود الماضية وما العدوان الذي يشنه تحالف دولي على اليمن وشعبه العظيم للعام السادس على التوالي إلا ردة فعل لأن اليمنيين أستفاقوا من غفلتهم وأرادوا أن يكسروا القيود التي فرضت عليهم وكبلتهم لدرجة أن قرارهم السيادي أصبح بأيدي الدول المتدخلة وصارت هي التي تصنعه بما يتفق مع خدمة مصالحها .
وحتى لا تتكرر هذه التجربة المرة التي مررنا بها في اليمن فقد أستشعرت القيادة السياسية في المجلس السياسي الأعلى بقيادة الأخ مهدي المشاط مسؤوليتها وسارعت الى دق ناقوس الخطر من أجل القضاء عليه ممثلا في الفساد والفاسدين حتى لا يستفحل وتصعب مكافحته محذرة كل المسؤولين في مختلف المصالح والدوائر الحكومية من السير في الإتجاه الخطأ بعيداً عن خدمة المواطن وتسخير الوظيفة العامة للمصلحة الشخصية .. وما توقيف بعض المسؤولين ومنعهم من السفر المشتبه بممارستهم للفساد ونهب المال العام إلا برهانا على صدق النية لإتخاذ خطوات عملية تترجم على أرض الواقع لمحاسبة الفاسدين وتقديمهم للمحاكمة وفضحهم أمام الشعب خاصة أولئك المندسين في أوساط المسيرة القرآنية والمزايدين باسمها وهم في الواقع أشد عداوة لها من العدو الخارجي نفسه .
ومع إننا نثق في الأخ مهدي المشاط رئيس المجلس السياسي الأعلى وفي صدق توجهه لكن هذا لا يمنع من ان نحذر من استغلال المتمصلحون لهذا التوجه لمكافحة الفساد فيجعلون منه إبرة مخدرة للشعب وهم يمارسون الفساد تحت يافطتها كما كان يحدث في العهود السابقة حيث كان رأس النظام يطل من على شاشات التلفزة يزبد ويرعد ويهدد ويتوعد ولكن الفاسدون يزدادون نشاطا وكأن ما كان يقوله هوعبارة عن شفرة تبعد عنهم الشبهات وتصرف الأنظار عن تصرفاتهم .. وأخطر هؤلاء هم من يديرون الأجهزة الرقابية والمحاسبية ولذلك لا يفيد حسن الكلام إلا بحسن العمل .
ان المطلوب أولا هو تطهير أجهزة الرقابة والمحاسبة ومكافحة الفساد من المنحرفين عن الخط المرسوم لهذه الأجهزة والإبتعاد عن الهدف التي أنشئت من أجله وكذلك إصلاح القضاء بكل مكوناته .. وحتى لا نذهب بعيدا فإنني سأقف أمام واقعة للإستفادة منها : كان المرحوم أحمد محمد محمد الارياني من أكفأ من تم تعيينهم على رأس الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة وكانت تربطني به علاقة معرفة قوية بحكم عملي كصحفي ولأنه كان يثق بي فقد كان يسر إلي ببعض التوجيهات العليا التي كان يتلقاها وتشكل عقبة في طريق عمله لمحاسبة الفاسدين ولذلك فقد حاول أن يفصل تبعية جهاز الرقابة والمحاسبة لرئاسة الجمهورية ويربط تبعيته بمجلس النواب بحيث يكون أكثر حرية في عملية الرقابة والمحاسبة ولكنه لم يفلح لأن رئاسة الجمهورية أصرت على تبعية الجهاز لها واستقبال ملفات الفاسدين بسرية تامة لا يطلع عليها إلا القليل جدا ولا يحق لهم أن يبدو الرأي فيها .. وحين سألته : لماذا كل هذا الحرص على تمسك الرئاسة بتبعية الجهاز لها وهو أنشئ أساسا لمراقبة الموظفين الفاسدين ومحاسبتهم .. فقال هذا الهدف في الظاهر لكن مايحدث هو العكس تماما .. مندوبوا الجهاز ينشطون في الدوائر والمصالح الحكومية ويقدمون لنا ملفات متكاملة عن الفاسدين ونحن بدورنا نرفعها بشكل سري الى الرئاسة وهناك يحتفظون بها بعد أن يرسلوا منها نسخ للفاسدين يتم تهديدهم بها فيخضعونهم  للقيام بما تريده الرئاسة وهذا هو أشد أنواع العقاب الذي يتم إنزاله بهم  فأنتشر الفساد إلى أن أصبح هو القاعدة ولم ينقص إلا أن يتم شرعنته كما كان يقول الدكتور حسن مكي رئيس الوزراء الأسبق رحمه الله .. وحتى يتم قطع الطريق على الأستاذ احمد الإرياني رئيس الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة واراحتهم من مطالبته بتبعية الجهاز لمجلس النواب فقد أصيب بمرض مفاجئ أسعف على أثره الى المانيا وتوفاه الله هناك .. وحسب روايات بعض العارفين ببواطن الأمور فقد تم تسميمه .
من هنا يتضح مدى أهمية ممارسة الفساد ممن جعلوه شريعتهم ومنهجهم وانهم مستعدون لأن يرتكبوا أخطر الجرائم للتخلص ممن يعارضهم لا سيما أولئك المدعومين من الخارج بهدف خلخلة الجبهة الداخلية وإحداث شرخ بين الشعب وقيادته الثورية والسياسية .. وعليه يجب الإسراع في اتخاذ اجراءا ت صارمة ضد كل من تسول له نفسه الإعتقاد بأنه بنفوذه أصبح دولة داخل الدولة .. كما نحذر من أولئك الذين حولوا المصالح والمؤسسات الحكومية الى عائلية وكونوا داخلها عصابات تدافع عنهم وحتى لوتم نقلهم أو تمت إقالتهم فإنهم قد أوجدوا من يعبث بالمال العام نيابة عنهم .. أملي كبير ان تطلع الجهات المختصة على مقالي هذا فهو عبارة عن رسالة تتضمن حقائق عايشتها .. وكان الله في عون الأخ مهدي المشاط ومعاونوه المخلصون  لأن محاربة الفساد ملف شائك وهو أشد خطرا على الشعب اليمني من عدوه الخارجي ..!

أخبار الجبهات

وسيبقى نبض قلبي يمنيا
لن ترى الدنيا على أرضي وصيا