كتابات | آراء

البحر الأحمر ملتقى الأطماع الاستعمارية: (93)

البحر الأحمر ملتقى الأطماع الاستعمارية: (93)

اساليب الاستعمار في كل العصور واحده تخفي الأهداف بشعارات براقة وتغلف أطماعها لتخدع الشعوب المغلوبة على أمرها بتلك الشعارات ويساعد على تلك الغايات شراء الذمم وكسب العملاء

من أبناء البلد الذي يراد الإجهاز عليه وهذه الطرق الملتوية والوسائل الخادعة هي الوصفة السحرية التي تتمكن الدول الاستعمارية بواسطتها الوصول لأهدافها الحقيقية .
  3-  أعتبر الأ سبان والبرتغال أن طرق مواصلتهم الجديدة من الأسرار الحربية واحتكروها لضخامة الأرباح التي يجنونها من وراء هذه الطرق فأثارة الثروة والسرية غيرة وحقد جماعات المغامرين وكبار التجار والملاك في غرب أوربا وخاصة في هولندا وإنجلترا في البداية ثم فرنسا- مما دفعهم إلى أعمال القرصنة بصورة وحشية ضد بعضهم البعض , وترتب على هذا أن فقدت البرتغال ألكثير من أجزاء إمبراطورتيها البحرية الواسعة حتى ملقا(1647م ) شرقاً وبعض جزر الساحل الافريقي الشرقي غرباً نتيجة الصدام بينهما وبين القادمين الجدد خلال القرن السابع عشر الميلادي وقد سبق أن ذكرنا أن البرتغال كانت لاتسمح بالإبحار في تلك المياه إلا بترخيص من قيادتها في المنطقة لذلك كانت من أولى قرارات مجلس إدارة شركة الهند الشرقية الهولندي على سبيل المثال بعد تشكيلها مباشرة في عام 1602م هي أن تقوم سفنها بالأعمال العسكرية إلى جانب النشاط التجاري ضد كل من يعترض طريقهم وكانت تلك القرارات نتيجة أن بعض سفن المغامرين الهولنديين التي كانت قد عرفت طريقها عبر رأس الرجاء الصالح في عام 1599م قد لمست بعض المضايقات وإزاء هذا كانت السفن الهولندية تغرق كل سفينة برتغالية أو هنديه تحمل علماً برتغالياً بعد أن تستولي على ماتحمله وليس غريباً وليس غريباً  كذلك أن تقوم سفن هولندا بمهاجمة " جوا" نفسها أكثر من مرة لكن دون طائل نظراً لضخامة التحصينات التي أقامها البرتغاليون بها .. أما احتكار البرتغال للملاحة في الخليج العربي فقد أنهار بعد أن فقدوا جزيرة هرمز بوابة الخليج وفي عام 1622م على يد شركة الهند البريطانية بالتعاون مع شاه فارس ولاشك أن حدة التنافس بين الدول البحرية الكبيرة ضدبعضهم البعض في القرن 17م من أجل السيطرة على تجارة الشرق وعلى مصادرها هي التي وضعت بذور وأسس المعاملات والمصادمات التي شاهدها التاريخ فيما بعد بما في ذلك نشوب الحربين العالميتين فضلاً عن الحروب التي قامت بين هؤلاء جميعاً وبين السكان الأصليين في تلك المناطق .
•  رغم أن السلطنة العثمانية كانت قد بلغت قمة قوتها وأتساعها في القرن 16م إلا أن تعدد جبهاتها في البلقان غرباً ومع الصفويين شرقاً وضد البرتغاليين جنوباً فضلاً عن معاركها البحرية في البحر المتوسط قد أضعفت من قدراتها على أن تعيد للبحر الأحمر كيانه كاملاً فأكتفت بحماية "البحيرة " وفقدت جانب " الممر" وقد حرصة السلطنة العثمانية على إنشاء " اسكه " (جمؤك ) في أول جزيرة كبيرة بالقرب من الساحل اليمني عند مدخل البحر الأحمر الجنوبي وهي جزيرة " جبل زقر" كما كانوا يطلقون عليها – وكما فعل الرسوليون من قبل ذلك مثل " أسكلات (جمارك ) المخا والحديدة وكمران وعدن وكشن(قشن)  وجيزان وظل البحر الأحمر مجرد " بحيرة " محمية فقط لأكثر من قرن مما أثر على أوضاع السلطنة من ناحية وعلى أوضاع حوض البحر الأحمر من ناحية ثانية كما سنرى حقيقة إن السلطنة قد بذلت جهداً بحرياً ضخماً لمطاردة البرتغاليين في المحيط الهندي مثل حملة سليمان باشا الخادم إلى الهند 1538م  وحملة بيري ريس قبودان الأسطول في السويس – إلى الخليج لتحطيم قاعدة البرتغاليين في هرمز (1552م) وحملة سيدي علي (1554م لنفس الغرض إلا أن هذه الحملات قد باءت بالفشل وقد أقتصر نشاط العثمانيين عندئذ على إرسال حملات بحرية صغيرة على طول ساحل الجزيرة العربية الجنوبي وعلى ساحل القرن الإفريقي لتخفيف نشاط البرتغاليين أمام هذه السواحل وخاصة بعد أن سقطت قلعتهم في مسقط على يد " بيري ريس "  أثنا توجهه إلى هرمز والقضاء على التحالف الذي بدأ حينذاك بين البرتغاليين ونجاشي الحبشة ولاشك أن وجود العثمانيين القوي براً وبحراً وشرقاً وغرباً عند مدخل البحر الأحمر الجنوبي كان من العوامل الهامة التي أدت إلى فتورالعلاقة بين البرتغال والحبشة ومما يجدر ذكره هو تراجع البرتغاليين عن إرسال حملة بحرية أخرى إلى داخل البحر الأحمر بعد حملتهم الفاشلة إلى السويس في عام 1541م فقد شعروا أن الحملة قد أثارت غضب العثمانيين فأرسل ملك البرتغال في عام 1544م  وفداً للصلح والتفاوض مع السلطان سليمان القانوني على أن تحمل السفن البرتغالية كمية معينة من التوابل إلى القسطنطينية مقابل السماح للسفن البرتغالية بالتجوال داخل البحر الأحمر أي بين موانيه غيرإن السلطان سليمان رفض هذا العرض وفشلة المفاوضات وربما كان سبب هذا الفشل هو اعتزاز السلطان بقوة السلطنة في عهده.

أخبار الجبهات

وسيبقى نبض قلبي يمنيا
لن ترى الدنيا على أرضي وصيا