كتابات | آراء

المعرفة مسؤولية

المعرفة مسؤولية

في الوقت الذي يتعرض فيه بلدك لعدوان واحتلال أجنبي يقتل أبناء شعبك وينهب خيراته ويدمر مقومات الحياة فيه، ويقضي على ملامح هويتك، ويطمس معالم تاريخك وثقافتك وفكرك وحضارتك.

 إذا كان لديك أمام كل هذا أي أولويات غير مواجهة هذا العدو والتصدي له على كل الأصعدة وبكل الوسائل والأساليب فاعلم أنك قد انسلخت من إنسانيتك وأصبحت متبلد العقل، وعديم الإحساس، منزوع الكرامة وأن هذا العدو قد عمد إلى نفسك وفكرك واحتلهما واستباحهما بثقافته وأفكاره قبل الإقدام على احتلال أرضك واستباحة كل محظور لديك.

صادمٌ ومؤلمٌ وغير مألوف أن ترى من الكتّاب والشعراء والأدباء في وطن جريح ومكلوم ينزف دماً ويصرخ ألماً على مدار الساعة، ترى هؤلاء يتسابقون ويتنافسون في كتابة القصص والروايات الغرامية وقصائد الحب والغزل وحكايات ألف ليلة وليلة.

لا يقتصر تأثير المثقف على نفسه ومحيطه الشخصي بل إن أثره حتما سيصل إلى كل محيطه الاجتماعي وإلى كل أصدقائه ومحبيه ومن يحتك بهم في العمل وفي نطاق مسؤوليته الإدارية وتلامذته ومتابعيه، ومن يرون فيه الأستاذ والمثقف وينظرون لما يصدر منه باعتباره نتاج خبرة ومعرفة ويرون فيه الأسوة والقدوة..

لكل كاتب أو شاعر أو أديب جمهوره ومتابعوه وهو مسؤول أمام الله والناس وأمام التاريخ والأجيال عما يقدمه لهم من ثقافة، وما يغرسه في عقولهم من أفكار، وما يرسخه لديهم من قناعات، وما يوجههم إليه من أولويات أو يدعوهم إليه من أعمال وأخلاقيات..

فإذا لم تكن كتاباته بلسماً للأرواح العليلة فإنها قد تكون سماً رعافاً ناقعاً يقتل ما بقي في القلوب من نقاط بيضاء ويطفيء فيها بصيص النور الذي ما يزال ينير لها الدروب.

وهناك الكثير من المثقفين والشعراء والأدباء فعلاً نرفع لهم القبعات إجلالا واحتراما، تقديرا للدور الذي يقومون به في خدمة أمتهم وقضاياها الكبرى، وما يسهمون به من جهد كبير في توعية الأمة وشحذ الهمة وتقوية العزيمة وجمع الشتات وتوحيد الكلمة وصلاح ذات البين للانطلاق بشكل جماعي لمواجهة التحديات والخطوب والصبر والصمود في هذا المضمار والميدان الأقدس.

وأمام هذا وذاك تبقى مسؤوليتك الشخصية وواجبك الفردي في إطار الجماعة والصف الواحد أن تجعل من نفسك أسوة وقدوة بما تمارسه من سلوك وما تتصف به من أخلاقيات تنطلق من القاعدة القرآنية ( عَلَيْكُم أَنفُسَكُم ) لتصلح ما استطعت إصلاحه في هذا الواقع المليء بالمفسدين، وهذا هو السبيل الوحيد إلى بناء جيل واعٍ بما يصلح حاضره ومستقبله ويحقق له الفوز والسعادة في الدارين.

قال تعالى:  (وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ). صدق الله العظيم [سورة التوبة 105]

 *مدير مكتب المتحدث الرسمي للقوات المسلحة

أخبار الجبهات

وسيبقى نبض قلبي يمنيا
لن ترى الدنيا على أرضي وصيا