كتابات | آراء

نافذة: اليمنيون لا يحتاجون شهادة من الغير

نافذة: اليمنيون لا يحتاجون شهادة من الغير

بحسب ما تناقلته وسائل إعلام غربية فقد أعترف الجنرال الأمريكي ينيث فرانكلين ماكنزي  يوم الثلاثاء الماضي أمام مجلس النواب الأمريكي بأن الجيش اليمني واللجان الشعبية يحققون انتصارات عظيمة على الأرض

وأن القوات الجوصاروخية اليمنية قد انتصرت على السعودية من الجو مؤكدا أن سلاح الجو الأمريكي فقد رونقه وأن الطائرات اليمنية دون طيار تهاجم المنشآت النفطية السعودية ويفشل الأمريكيون في اعتراضها تماما ولا يمكن اكتشافها بواسطة الرادارات المتحالفة  وهو ما يتطلب عدة سنوات لمعرفة كيف تجاوزت الطائرات اليمنية دون طيار أنظمة الباتريوت المتمركزة على الأرض السعودية وسخر الجنرال الأمريكي من الانتشار الإجباري لصواريخ الباتريوت اليونانية في السعودية والتي لن تكون أفضل من الأمريكية, وقد أعقب هذا التصريح للجنرال الأمريكي ما دعى إليه ولي العهد السعودي محمد بن سلمان للجلوس حول طاولة المفاوضات لإنهاء العدوان على اليمن معترفا ضمنيا بهزيمته وهزيمة تحالفه العسكري الذي مضى عليه أكثر من ستة أعوام ولم يحقق أيا من أهدافه المعلنة التي شن الحرب على اليمن من أجلها وفي نفس الوقت أشاد بمكون أنصارالله الذي قال عنه أنه مكون لديه نزعة عروبية كما دعى إلى بناء علاقات جوار مع إيران.
صحيح أن اليمنيين لا يحتاجون شهادة من أحد وقد أثبتوا جدارتهم في الدفاع عن وطنهم وسيادته وحريته واستقلاله وأصبحوا رقما صعبا في هذا العالم المترامي الأطراف لكن هذا لا يعني أن نغفل شهادة الأعداء ولا نأخذها في الاعتبار وبقليل من الصبر والتأني يمكن لأبناء الشعب اليمني أن يحققوا الشيء الكثير من تطلعاتهم الوطنية والانتصار على العدوان وصولا إلى بناء يمن جديد تسوده العدالة والحرية والمساواة, لكن مشكلتنا أننا نستعجل دائماً قطف الثمار قبل نضوجها ونهدر الوقت في الجري وراء السراب ربما لأننا نسير بلا تخطيط وبلا برمجة وأكبر مشكلة نواجهها عندما نناقش قضايانا خاصة المعقدة منها أننا نقف أمام النتائج ونتجاهل الأسباب, فأصبحنا مشتتين فكراً ومحبطين عملاً لا سيما فيما يتعلق بالجانب الإداري وبناء الدولة الوطنية الحديثة حيث أصبح النظام والقانون وكأنه عدو اليمنيين الأول.
 بينما العالم يتقدم من حولنا ونحن نعود إلى الخلف خطوات ثم بعد ذلك   نلوم غيرنا ونتهمه بالوقوف أمام مسيرتنا بهدف عرقلتها مع أنا من منحناه الضوء الأخضر ليتدخل في شؤوننا ويفرض ما يريده هو علينا وليس ما نريده نحن  مستغلاً ضعفنا واختلافاتنا مع بعضنا بل ولهاثنا وراء المادة التي جعلنا منها كل شيء في حياتنا وأصبحت ثقافة عشعشت في الرؤوس لا نرى كل شيء إلا من خلالها بسبب أنا لم نرث من الأنظمة السابقة مؤسسات دولة يمكن البناء عليها ولا الجيل الجديد مستعد لإعادة مؤسستها.
قد يكون هذا الكلام قاسيا لأن فيه جلدا للذات, لكن هذه هي الحقيقة التي لا نستطيع أن نتجاهلها ونقفز فوقها بدليل أن ما يعيشه المواطن من إشكالات ومتاعب لا حصر لها سواء كان داخل بلده أم خارجه والتي ازدادت تفاقما في ظل العدوان والحصار الظالم مما يؤكد بما لا يدع مجالا للشك أنا الذين ظلمنا أنفسنا وسمحنا للآخرين بمشاركتنا هذا الظلم الذي نكتوي بناره اليوم.
 من يصدّق انه بعد أكثر من ثمانية وخمسون عاما على قيام ثورتي (سبتمبر وأكتوبر) التي اعتقدنا أنا قد دخلنا بعد قيامهما عصرا جديدا وان فترة الجمود التي عشناها قبل قيام الثورة قد انتهت وسيعود وضعنا إلى ما يشبه الحال الذي كان عليه فتعود المحافظات الجنوبية إلى عهد الاحتلال ونحن الذين كنا نتفاخر بهزيمة الإمبراطورية التي لم تكن تغيب عنها الشمس.. وحينما نقيم وضعنا اليوم رغم أنا نعيش في القرن الواحد والعشرين بما كنا عليه قبل أكثر من خمسة عقود فلن نجد شيئا كبيرا نعتز به ونفتخر ونقول أنا من صنعناه بأنفسنا فتجربتنا خلال الفترة الطويلة الماضية التي عشناها في العهد الجمهوري سنجد فيها من السلبيات أكثر من الإيجابيات وفترات الحروب والخصام فيما بيننا سواء على مستوى كل شطر يمني سابقا أم بعد إعادة تحقيق الوحدة أكثر من فترات الوئام والسلام..
ونتيجة للصراعات السياسية والعسكرية والقبلية بل والمذهبية والحزبية التي عاصرناها ورثنا أحقاداً وضغائن ما تزال تلقي بظلالها الثقيلة على حياة اليمنيين جميعا فجعلت الأخ يكره أخاه ويحاربه وتسببت في تقسيم أبناء البيت الواحد والعائلة الواحدة, لأن هناك من لهم مصلحة في أن يظل أبناء الشعب اليمني ضعفاء وعالة على غيرهم رغم ما تكتنزه أرضهم المباركة من خيرات وثروات حباها الله بها والتي بدلاً من أن نفكر في استخراجها واستثمارها وزرع أرضنا الطيبة لنستغني بعائداتها عن مد أيدينا للآخرين للحصول على العون والمساعدة منهم انشغلنا بمحاربة بعضنا البعض بل ووصل الأمر بنا إلى أن يتحول الكثيرون منا إلى أدوات هدم وتخريب تحركهم أيادي من لا يحبون الخير لليمن وشعبها كما يحدث اليوم في ظل العدوان الجائر على اليمن والذي مضى عليه ما يقارب سبعة أعوام فيعملون على نخر الوطن من الداخل مقابل ثمن بخس من المال المدنس يدفع لهم على شكل هبات وموازنات معتمدة  وبسلوكهم هذا المعيب اضعفوا اليمن وشعبها وكادوا يدمرون وطنا بأكمله لولا أن ثورة 21 سبتمبر الشعبية عام 2014م قد أعادت له شيء من اعتباره ووقفت سدا منيعا وقويا لمقارعة الغزو والعدوان.
ومن المفارقات العجيبة أن من بين هؤلاء المرتبطين بالعدوان من لبس عباءة الدين ونصب نفسه وصيا عليه, ومنهم من تدثر بعباءة الوطنية وجعل من نفسه المدافع الأوحد والحامي الأمين لليمن وشعبها, وهناك من ابتدع وسائل وأساليب شتى بحجة الدفاع عن القوى الرجعية والحفاظ على مكانتها كشريك في الحكم والهيمنة بقوة السلاح وهو الأمر الذي جعل الصراع يحتدم بشدة بين قوى التخلف المرتبطة بالعدوان والقوى المتنورة التي تطالب بأن يكون لليمنيين دولتهم الوطنية الحديثة بحيث يعيش في ظلها المواطنون متساوون في الحقوق والواجبات ويكون الشعب هو سيد قراره ومرجعية الحكم.

أخبار الجبهات

وسيبقى نبض قلبي يمنيا
لن ترى الدنيا على أرضي وصيا