محليات

في حوار مع "26 سبتمبر نت" العالم مرقطن يوجه نداء لليمنيين: حافظوا على تراثكم هو جزء أساسي من هوية العرب

في حوار مع "26 سبتمبر نت" العالم مرقطن يوجه نداء لليمنيين: حافظوا على تراثكم هو جزء أساسي من هوية العرب

 حضارة اليمن وتاريخها وثقافتها دائماً ما تكون محط أنظار العديد من الباحثين عرباً أو أجانب ولمع منهم أسماء عديدة أسهمت في إبراز جوانب حضارية مهمة،

في هذا الحوار سنتعرف على عالم الآثار والحضارات القديمة الدكتور الفلسطيني محمد مرقطن أحد المهتمين بتاريخ وآثار حضارة اليمن وأنجز العديد من الأبحاث والكتب التي تسلط الضوء على جوانب مختلفة من هذا التاريخ المشرف، إلى جانب مشاركته في التنقيبات العلمية في مواقع أثرية عدة من أراضي البلد السعيد، وإلى نص الحوار:

حوار: عبدالله عبدالسلام
في البداية من يكون الدكتور محمد مرقطن؟
يشرفني إجراء هذا اللقاء مع الصحيفة اليمنية الموقرة "26 سبتمبر" والمعروفة بدورها الرائد في توثيق وإبراز الحضارة اليمنية القديمة..
بداية الدكتور محمد مرقطن فلسطيني درست الآثار بالجامعة الأردنية في الأردن، وعملت فيها كأمين لمتحف الجامعة لفتره قصيرة، بعد انتهائي من دراسة البكالوريوس انتقلت لتحضير الماجستير والدكتوراة في مدينة ماربورغ بألمانيا، وتخصصت بدراساتي العليا بالدرجة الأولى بمجال اللغات السامية القديمة بالذات النقوش، إضافة إلى دراستي للغة الأكادية والسومرية ولغات بلاد الشام القديمة ..
وبالنسبة لمجال التدريس والعمل بعد استكمال دراساتي العليا عملت بجامعة ماربورغ وتنقلت في العديد من الجامعات المختلفة منها جامعة فيينا وأكاديمية العلوم في فيينا وجامعة هايدلبيرغ والمعهد الألماني للأبحاث الشرقية في بيروت، وأخيراً جامعة مونستر الألمانية..
متى كان اهتمامك باليمن قبل أن تصبح عالماً في الآثار والحضارات القديمة؟ وماذا تغير بعد أن أصبحت عالماً؟
بشكل جدي وفعلي بدأ اهتمامي بالحضارة اليمنية عند دراستي في مدينة ماربورغ بألمانيا كما ذكرت، وهي من الجامعات العريقة كان فيها أستاذي والتر مولر وهو من اهم المتخصصين في العالم في الدراسات اليمنية القديمة واللغات السامية القديمة، لكن مجاله البحثي والميداني هو اليمن، وكان أول من قام ببعثة إلى اليمن بداية السبعينات وقام بجمع بعض النقوش ونشرها..
وفي جامعة ماربورغ درست فيها النقوش اليمنية القديمة إضافة إلى لغات قديمة أخرى وكان الدكتور مولر أستاذ الدكتور المرحوم يوسف محمد عبد الله في الجامعة التي درس فيها وهي توبنجن قبل أن ينتقل إلى ماربورغ، وهو أيضاً من أشرف على رسالة الدكتورة عميدة شعلان والدكتور إبراهيم الصلوي والدكتور عبد الله الشيبة، وبالتالي يعد هذا الاستاذ وهذا المعهد هو الأساس في الدراسات اليمنية القديمة ومن هنا جاء اهتمامي بالدراسات اليمنية..
علاقتي باليمن هي علاقة علم وانتماء، وتراكم المعرفة والاكتشافات الأثرية هي التي مكنتي كثيراً من تاريخ اليمن حيث شاركت في حفريات مأرب مع المعهد الألماني للآثار بموسم واحد ولاحقا المؤسسة الأمريكية لدراسة الانسان في تسعة مواسم، ورافق تلك العملية جهد كبير حيث استمر الموسم الواحد على الأقل شهرين من الصباح حتى الساعة 12:00 ظهراً، ثم نستأنف العمل في المساء من الثالثة والنصف عصراً او حتى 6:30، وجدولنا كان منشغلاً ونستغل الوقت لأقصى حد خصوصاً في حفريات أوام بمأرب.
وكان فريق المؤسسة الأمريكية دولياً وفيها مشاركة معتبرة للفريق اليمني ومنهم من أكمل الدكتوراة لاحقا ومنهم د. حسين العيدروس ود. سامي الشهاب وكان د. عبدة عثمان (جامعة صنعاء) منذ البداية نائب المدير العام الميداني للبعثة.
مشاركتي في الاكتشافات الأثرية أتاح لي الفرصة بنشر العشرات من الدراسات الأكاديمية عن اليمن معظمها باللغة الإنجليزية، ولازال لديّ بعض الكتب الهامة عن الدراسات الأثرية والتاريخية في طور الأعداد، وتزامناً مع ذلك قدمت عشرات من المحاضرات في الكثير من الجامعات  العالمية، كما شاركت في العديد من المؤتمرات العالمية والتي كانت جل اهتمامها عن الدراسات الأثرية والتاريخية اليمنية وحضوري كان بمثابة تمثيل لليمن.
 وكتبت حول مجال النقوش الزبورية اليمنية كمشروع خاص بمساعدة زملاء في المتحف الوطني بصنعاء، ونشرت ما توصلت إليه من نتائج بناء على النقوش في كتاب باللغة الألمانية "كتبوا على العسيب نقوش يمنية قديمة بالزبور اليماني" مكوّن من (100) نقش او نص من المتحف الوطني ويقع الكتاب في 500 صفحة، وأود أن أشكر الأستاذ عبد العزيز الجنداري كان في ذلك الوقت مدير المتحف، والأستاذ إبراهيم الهادي، ومجموعة من الزملاء الذين شاركوا معنا في إطار هذا المشروع منهم الأستاذ فهمي مكرد وهو المرمم، والمصور إبراهيم الحديد.
مشكلة تهريب آثار اليمن قضية مهمة جداً .. كيف يمكن أن نحد من هذه المشكلة وفق خطة تتلاءم مع الظروف الحالية للبلد؟
مشكلة تهريب الآثار هذه مشكلة عامة وكل بلاد العالم بما فيها البلدان العربية تعاني منها ومن الصعب إيقافها، لأن من يديرها شركات وشبكات عالمية معقدة..
في اليمن هناك صعوبة بسبب ما تعانيه من ظروف صعبة في كافة النواحي، لكن هذا لا يعني محاولة ضبط ومنع تهريب القطع الأثرية اليمنية، ومن المعروف أن جهات مسؤولة في اليمن وعبر السنين الطويلة لها علاقة بمسألة تهريب الآثار إضافة للوضع الاقتصادي وهذا ما لامسته أثناء وجودي هناك، يمكن الحد من هذه المشكلة لكن لا يمكن إيقافها.
يرى بعض علماء التاريخ والآثار في اليمن أن احتفاظ المتاحف العالمية بآثار ومخطوطات اليمن قد يكون أفضل لأن البلد يعاني من ظروف خاصة، هل تتفق معهم؟
 انا لا اتفق حول هذا الأمر، ما تم تهريبه هو كثير حتى من نهاية القرن التاسع عشر إلى اليوم والذين يقومون بإخراج القطع هم اليمنيون أنفسهم، ويخرجونها باتجاه دول الخليج أو بإتجاه بيروت أحد مراكز التهريب..
هذه القطع الموجودة في المتاحف العالمية صحيح قد تكون أشبه بسفير لحضارة اليمن في الخارج، لكن بالشكل العام لا يجوز ذلك، إلا في حالات ضيقة مثل إمكانية إعارة بعض المتاحف بقطع أثرية ضمن اتفاق بين طرفين، كما حدث منذ سنوات غابرة لترميم أحد التماثيل في متحف اللوفر في فرنسا، أو تماثيل أخرى، ومدة الإعارة تكون بحسب الاتفاق عام أو اكثر وبعده يرجع إلى اليمن، أعد هذه هي الطريقة المثلى لعلاقة آثار اليمن بالمتاحف العالمية..
في المستقبل ومع تحسن الظروف - إن شاء الله - كيف تستطيع اليمن أن تستعيد أغلب آثارها ومخطوطاتها من المتاحف العالمية؟
عند الحديث عن استرجاع القطع والتماثيل اليمنية من المتاحف العالمية أقول أنها يجب المحافظة على ما هو موجود وأرى أن هذه الإستراتيجية الملائمة للظرف الحالي لليمن عن طريق المحافظة على المواقع الأثرية وأبرزها معبد أوام الذي تم تخريبه ونهبه ويقع في محافظة مأرب، نحن كعلماء لا نعرف مستوى التخريب تماماً، وأثناء وجودي للعمل في أوام تمكنت من توثيق المعلومات الأثرية بالمليمتر ولكن بعد مغادرتنا تم سرقة أحد أهم النقوش وبيعت في فرنسا، سلطت الضوء على ذلك وأجريت مقابلات تثبت التخريب.
هذا النقش الذي تم سرقته وبيعه في باريس
نقول لليمنيين حافظوا على آثار ومعالم حضارة اليمن، مثلاً معبد أوام في مأرب يعتبر قلب الحضارة اليمنية بل يعد شريان الحضارة العربية ككل، فلا نسرح كثيرا ونحلم باسترجاع ما تم نهبه وبيعه، علينا أن نحافظ على ما زال موجوداً وتحت الأنقاض..
النقوش القديمة للجزيرة العربية ماهي خصوصيتها التي تتميز بها عن غيرها من نقوش الحضارات القديمة؟
الجزيرة العربية تعد متحفاً مفتوحاً للآثار أينما تذهب وتولي وجهك في مختلف تضاريسها سهول صحاري جبال تجد نقوشاً ورسومات صخرية توثق حياة الشعوب الغابرة، لكن ما يمتاز به اليمن عن مناطق شمال ووسط الجزيرة إضافة إلى ذلك وجود النقوش المسندية التي عثر عليها داخل المدن والمعابد والتي تعد بالآلاف، وهذه النقوش طويلة لأنها ترتبط بدول وممالك..
الربيعي ونظريته.. دائماً يكون هذا الموضوع "السردية الخرافية العربية" محور اهتمامك.. لماذا تشغل نفسك بالمعلومات التي يروج لها؟
تكمن خطورة الربيعي ليس فقط في تأثيره على العوام فحسب بل حتى بعض السياسيين في اليمن، والمشكلة انه يحول التاريخ الموثق لليمن في أكثر من 15,000 نقش في بعضها ألف كلمة، إلى تاريخ خرافي درب إبراهيم وإلى آخره من الأمور التي تسيء لتاريخ اليمن لأنها غير علمية وتشكل خطراً على الأهمية التاريخية لليمن.
لماذا يستهدف الربيعي اليمن.. وبرأيك ما مدى خطورة نظرية الربيعي وأمثاله على تاريخ وحضارة اليمن؟
اليمن ليس بحاجة إلى خرافات كما قلت لأن تاريخها موثق بالشواهد الأثرية على الأقل من 1000 قبل الميلاد الى قبيل الإسلام، هناك نقوش ودلالات عملية كثيرة ولا مجال لخرافات الربيعي والمسيحية من القرن التاسع قبل الميلاد كما يقول صاحبنا، وكل محاولاتهم في إطار تشويه تاريخ اليمن وحضارته.
انت متخصص باللغات السامية القديمة هل وصل العلماء لأصل اللغة اليمنية القديمة وكتابتها "المسند"؟
في الجزيرة العربية يقسم العلماء لغاتها إلى فرعين أساسيين العربية الشمالية والعربية الجنوبية التي هي لغة النقوش اليمنية القديمة، واللغات الجنوبية الحديثة مثل السقطرية والمهرية ...الخ، وتلك فروع من اللغات السامية..
لكن الخارطة اللغوية في الجزيرة العربية  في الألف الثاني ما قبل الميلاد وما قبل ذلك قد تكون بوجهة نظري "العربية الأولى" "بروتو ارابيك" ومنها نشأ الفرعين نهاية الألف الثاني قبل الميلاد، والقسم الجنوبي يتفرع منه لغة النقوش السبئية القتبانية الحضرمية المعينية، والشمالي الصفائي والثمودي وغيرها.
بالنسبة لأصل خط المسند هناك وجهة نظر اعتبرها غير علمية عند الكثير من اليمنيين ويعتقدون أن الخط تطور محلي وتاريخه يقود للألف الرابع قبل الميلاد، في البداية دعونا نقول قبل التعرف على أشكال الحروف، أبجديات الشرق القديم كان هناك ما يسمى الكنعاني القديم الممتد من سيناء الى اللاذقية في سوريا، كونه أقدم هذه النقوش في القرن التاسع عشر قبل الميلاد، ومنها تفرعت كافة الأبجديات الأرامي والفينيقي والمسند، هذا من وجهة نظري واحترم بقية الآراء.
بالنسبة لما يعتقده البعض أن تاريخ المسند يعود للألف الرابع قبل الميلاد هذا غير صحيح، لأنه في الألف الرابع لم يكن هناك اصلاً كتابة في كل العالم وأقدم كتابة موجودة هي الطبقة الرابعة في مدينة اوروك بالعراق 3300 قبل الميلاد، بعدها بقليل الهيروغليفية في مصر وهي كتابة تصويرية..
ويعد خط المسند القديم أجمل الخطوط السامية القديمة ووصلت إلى قمة جماليتها حيث انتشرت في بقية أطراف الجزيرة العربية.
هناك غموض حول بداية تاريخ اللغة العربية، فيما يرجح البعض أنها تطور عن اللغة اليمنية القديمة، ما تحليلك العلمي من ضوء الأبحاث العلمية الأخيرة؟
هناك اتجاه شعبوي في اليمن يدخل اللغة العربية ضمن فروع اللغة اليمنية هذا صعب الحسم فيه وبوجهة نظري العربية الموجودة حالياً هي العربية الشمالية وهناك سمات متقاربة جداً بينها وهذا حصل بسبب امتزاج الثقافات في الجزيرة العربية مع القرون الميلادية الأولى ويمكن رؤية انعكاس هذا التمازج الثقافي في رحلة الشتاء والصيف وقبلها كان هناك إرهاصات توحيد الجزيرة من قبل ملوك مملكة حمير في القرنين الخامس والسادس الميلاديين، وفيما بعد نزل القرآن الكريم بلسان عربي مبين وفي انعكاس للغات الجزيرة العربية منها العربية الجنوبية كآخر مرحلة من مراحلها.
وبالنسبة للخط العربي الحالي هو خط تطور من الخط النبطي وليس من خط المسند، وهذا لا يفقد المسند قيمته وعظمته كأهم خط سامي قديم..
هل عثر حتى الآن على نقوش يمنية قديمة تبين الأدب الديني لليمنيين القدماء تضعنا في صورة عن نظرتهم لعالم الآلهة وغيرها من المواضيع المتصلة بالتفكير التأملي للإنسان؟
نعم هناك مجموعة من النقوش الأدبية أهمها قصيدة ترنيمة الشمس التي نشرها الدكتور يوسف محمد عبد الله وغيرها من القصائد التي اكتشفت في معبد اوام وأثناء زيارة المرحوم الإرياني اعطيته صورة لنقش إنشودة من معبد أوام حين اكتشفناها ونشرها في مجلة الثوابت .
ونحتفظ ببعض من النصوص الأدبية بعضها على العسيب لكنها صعبة الفهم، والمرحوم الدكتور السلامي نشر نقش من خولان احتوى مقتطفات أدبية.
شهدت أغلب حضارات الشرق القديم عمليات تنقيب على الأثار، واهتم الغرب بها منذ القرن التاسع عشر، كيف ترى عملية التنقيب وكتابة التاريخ في الجزيرة العربية خصوصاً اليمن؟
التنقيب في العراق ومصر وبلاد الشام كان أكثر من اليمن، وذلك لاهتمامات التوراتية لأن اليمن كان بعيدا عن التوراتيين والقصص الخاصة بهم، إلا ما جاء في قصة بلقيس ملكة سبأ، لكن منذ بداية الثمانينات هناك مجموعة من البعثات الأثرية التي عملت في اليمن منها الروسية خاصه في الجنوب، والألمانية ممثلة بالمعهد الألماني منتصف السبعينات تقريباً في مأرب، وكذلك بعثة المؤسسة الامريكية في الثمانيات في وادي الجوبة ولاحقاً معبد أوام، وبعثة كندية كانت في زبيد وما حولها، وكذا الإيطالية في خولان وبراقش، والفرنسية في تمنع بشبوة والبعثة الألمانية في ظفار وهناك الكثير من الأنشطة لكنها توقفت بداية الأحداث الأخيرة في اليمن وتحولت كلها إلى إثيوبيا وعُمان، وبالتالي فقدت اليمن وهجها في البحث الأثري التاريخي.
يؤكد الكثير من الباحثين أن اليمن لا زالت منطقة بكر للآثار، ما دوركم كعلماء متخصصين في هذا المجال؟
نعم اليمن ما زال منطقة بكر والاكتشافات قليلة مقارنة بالمادة الأثرية الضخمة بمواقعها الكثيرة وأتمنى أن يستعيد اليمن عافيته وتستأنف عمليات التنقيبات التي بالتأكيد ستغير تاريخ اليمن بل نقول وتاريخ المنطقة بكاملها..
ظهر جيل من علماء الآثار والتاريخ في اليمن وكان لهم دور لا بأس به أمثال العالمان يوسف محمد عبدالله وعبده عثمان غالب رحمهما الله، كيف تقيم دورهما مع بقية علماء اليمن؟
وتيرة العمل الأثري في الجامعات اليمنية بسيطة وذلك عائدةً لظروف البلد القاهرة، وانا هنا لا ألوم الزملاء الأكاديميين في جامعة صنعاء أو ذمار أو عدن أو الحديدة كلهم استمروا في تأدية أعمالهم ونود شكرهم وتقديرهم على جهودهم الكبيرة، واخص منهم الدكتورة عميدة شعلان وإشرافها على الرسائل بالطرق العلمية والمنهجية في قسم الآثار بجامعة صنعاء وغيرها من أساتذة الجامعات اليمنية، التي ما زال دكاترتها يقومون بمهامهم في الحفاظ على الآثار اليمنية واستمرارية التدريس في الجامعات وتخريج الكوادر المؤهلة في مجال التاريخ والآثار..
هناك بعض الباحثين من يتهم بعض البعثات الأوروبية بعدم نشر نتائج ما توصلت إليه من دراسات لمواقع ونقوش يمنية، ماهي الأسباب التي تدفعها لإخفاء الحقيقة عن أهلها؟
هناك نتائج بعض الحفريات الأوروبية التي لم تنشر حتى الآن لأن بعض الدراسات تحتاج لسنوات طويلة من الدراسة والتحقيق والتحليل، مثلاً الكتاب المتكامل عن شبوة نشر قبل فترة قصيرة ونتائجه من الحفريات التي أجريت ثمانينات القرن الماضي، فمسألة نشر ما توصلت إليها البعثات ليس سهلاً وغالباً ما تنشر البعثات العلمية دراسات أولية..
وهذا ينطبق على المسوحات الأثرية التي قامت بها الهيئة العامة للآثار والمتاحف اليمنية فمعظم تقاريرها غير منشورة من ثمانيات القرن الماضي.
تقوم بعض البعثات العلمية الزائرة لليمن بنشر دراساتها باللغات الأجنبية، ولذلك لا تصل للباحثين اليمنيين فضلاً عن العامة.. النظر في هذه المشكلة من يتحملها؟ وأنتم كعلماء ما دوركم؟
الدراسات المنشورة باللغات الأجنبية تحتاج لمتابعة وإشراف، وما يحز بالنفس أن تجد بعض رسائل الماجستير في بعض الجامعات لا يذكر تلك الدراسات العلمية الدقيقة فكيف لا يعرفوها وهم باحثون يجب ان يعرفوا كل ما ينشر بخصوص مجال تخصصهم، لذلك نقول مشكلة الترجمة تعد مشكلة عامة ولا تخص البعثات العلمية.
نرجو منكم أن تضع أمام القارئ اليمني صورة مختصرة عن جديد الآثار اليمنية، وآخر ما توصلتم إليه كعلماء في هذه الموضوع؟
جديد الآثار اليمنية تغير عما كان سائداً في ثمانينات وتسعينات القرن الماضي حيث كنا نعاني من إشكالية "الكرونولوجيا" علم تحديد الأحداث الزمنية..
ويخلط البعض بين نشأة الممالك اليمنية والحضارة، الأخيرة موجودة من عصور ما قبل التاريخ وعرفنا خلال فترات التنقيب منذ نهاية القرن الماضي، تفاصيل العصر الحجري الحديث حتى العصر النحاسي والبرونزي..
 أما عن التاريخ السياسي للممالك اليمنية فهي موثقة بشكل دقيق من الألف الأول قبل الميلاد وما قبل ذلك كان هناك مجتمع متطور ونشوء مدن كبيرة ومعلوماتنا عن العصر البرونزي جيدة.
هل تم العثور على نقوش توضح لنا بدايات الممالك اليمنية القديمة والظروف التاريخية التي عاصرتها؟
مسألة تحديد بداية الممالك غير واضح لدى العلماء وانا اعتقد أن الممالك نشأت مع بداية الألف الأول قبل الميلاد أو النصف الثاني من الألف الثاني قبل الميلاد، ومدينة مأرب العاصمة السبئية والتي كتبت عنها وبناء على التقييمات العلمية فأنها نشأت نهاية النصف الثاني من الألف الثاني قبل الميلاد، وكذلك الامر بالنسبة الى معبد أوام، لا نستطيع حسم المسألة إلا بعد إجراء الحفريات واستكمالها ونتائجها الجديدة قد تغير معلومات عن اليمن والجزيرة العربية بشكل عام..
تسيء المصادر الإسلامية العربية للأسف فهم خصوصية التاريخ اليمني فقد ثبت عند كثير من المؤرخين ذلك ومنها ما أوردته في منشور لك في بيان أصل كلمة تاريخ التي جاءت من أصل سبئي، كيف يمكن تفسير ذلك من وجهة نظر علمية نقدية؟
لا يمكن كتابة تاريخ العرب بشكل عام والجزيرة العربية بشكل خاص دون الاعتماد على الاكتشافات الأثرية، لأن النقوش التي كشفت خلال السنوات الأخيرة غيرت الصورة تماماً عن تاريخ الجزيرة العربية، وأصبحنا نعرف أكثر عن بعض المواضيع التي كانت غامضة سابقاً، مثلاً علاقات اليمن الخارجية مع إثيوبيا ومصر أو مع بلاد ما بين النهرين (العراق) وغيرها من المواضيع التي كتبت انا عنها وهناك مسائل خاصة بالنقوش والثقافة اليمنية القديمة..
ما الهدف الذي تريد الحصول عليه من خلال نشاطك العلمي المتمثل بعنوان دراسات في الذاكرة الفلسطينية؟
 الذاكرة الفلسطينية عبارة عن منهجيه علمية تعتمد على الإنطلاق من اسم مكان معين في وضعه الحالي والغوص في التاريخ لمعرفه تاريخ المكان وذاكرته أي الفضاء الثقافي، وغالبا تقسم الى قسمين الذاكرة التواصلية آخر 100 عام والتي تربط المكان بالذاكرة الثقافية او الذاكرة فلنسميها الجمعية الثقافية، وهي الاثار والكتابات والنقوش التي تكمل بعضها كما هناك نماذج كثيرة ..
هل هناك موضوع ترى انه من الضروري مناقشته ولم نتطرق إليه؟
أخيراً أوجه نداء إلى اهلنا في اليمن بكافة ألوانهم وأطيافهم السياسية والوطنية حافظوا على تراث بلدكم، هذا جزء اساسي من هوية العرب وهو تراث وهوية اليمن، والمحافظة عليه يعني الحفاظ على القلب النابض لليمن..

أخبار الجبهات

وسيبقى نبض قلبي يمنيا
لن ترى الدنيا على أرضي وصيا