ملف الأسبوع

نافذة على القانون : الجميع سواء أمام القانون ولا حصانة لأحد

نافذة على القانون : الجميع سواء أمام القانون ولا حصانة لأحد

اللواء قاضي / عبداللطيف العياني/  


لا يمكن لأية دولة أن تتقدم وتنهض إلا إذا أحس جميع المواطنين أنهم سواء أمام القانون ، وأن لا أحد مهما علا منصبه فوق المساءلة والمحاسبة .

ولكننا نرى في الممارسة العملية أن هناك من يخرجون على القانون اعتماداً على الصوت العالي أو بحكم الموقع والوظيفة .
والأنكى من ذلك أن بعض المكلفين بتطبيق القانون يترددون أو يتلكؤون في فرض القانون على المخالفين، و يبررون ذلك بدواعي التريث والتمهل وماهي إلا أعذار واهية لتغطية العجز والأنكى والخوف والمحاباة  والنتيجة المباشرة لهذا الخلل في تطبيق القانون هو انتشار الفوضى والظلم وعدم الاستقرار وتشجيع الآخرين على مخالفة القوانين وعدم احترام سلطة يخرجون على القانون اعتماداً على الصوت العالي الدولة .
إن السلطة التنفيذية مكلفة بتطبيق القانون ، فكل التشريعات  تختتم بمادة تنص على أن رئيس الوزراء والوزراء مكلفون بتنفيذ أحكام هذا القانون ، ومعنى هذا أن أحداً لا يملك الحق في تعطيل نفاذ القوانين وسريانها على الجميع ، ولا يوجد إلا خيار واحد أمام غير القادرين على تنفيذ القانون وهو إخلاء مواقعهم للقادرين على ذلك .
لقد اقتربت البلاد من منعطف خطير أيام الحكومة السابقة  بمخالفة القانون في أمور كثيرة وقضايا  صارخة من الإستقواء على الدولة بمباركة رسمية . والمشكلة في هذه المخالفات ونظيراتها أنها تبدأ من السماح بالسكوت على مخالفة واحدة أو من "غض الطرف " عن نموذج واحد من انتهاك القانون فالساكت عن مخالفة القانون في حالة واحدة لا يستطيع أن يفرض احترامه أو القانون على أحد ، وهو لا يملك إلا خيار تقديم التنازلات واحدا تلو الآخر.
لقد حدثت تجاوزات ومخالفات عديدة في الفترات الماضية وتم التعامل معها بأسلوب التريث والمماطلة وترحيل المشاكل ، ولكن هذا لم يؤد إلا إلى تفاقم الأمور وتفريخها وزيادة عددها ، فهذا النهج المتراخي يشجع حتى الملتزمين بالقوانين على تجريب حظهم في المخالفة فهم يقولون إن القوانين لم تخلق لهم فقط بل خلقت للجميع فإما أن ينضوى كل المواطنين تحتها أو فليفعل كل شخص ما يحلو له وما يخدم مصالحه  ولنا أن نسأل بعد ذلك ماذا تبقى من الدولة ومؤسساتها ؟ أن  نفاخر الدنيا بما حققه من إنجازات بفضل حكمة قيادته السيد العلم  عبدالملك بدرالدين الحوثي  قائد الثورة  وجهود أبنائه ، وأهم هذه الإنجازات هو أن بلدنا استطاعت الثبات في وجه العدوان لكل هذه السنوات بل واستطاعت أن تثخن بالعدو وتنكل به في كل الميادين وفي كل المجالات سواء كانت عسكرية أو اقتصادية أو اجتماعية والمتابع للساحة يدرك الفرق الشاسع بالمقارنة بين حكومة صنعاء وإدارتها للملفات وبين حكومة المرتزقة والفنادق وإلى أي حد وصلت الأمور في المحافظات المحتلة فالجرائم منتشرة وأعمال النهب والسرقة والقتل وبالجانب الاقتصادي والمالي إلى أي حد تدهورت العملة وارتفعت الأسعار لديهم رغم وفرة الإيرادات النفطية وغيرها وعلى العكس بالمناطق المحرر ورغم الحصار إلا أن الأمور مسيطر عليها والأسعار في حدود المستوى المقبول والأمن مستتب  وهذا يعود  لكون المؤسسات راسخة لا تخضع الأمور فيها للأمزجة والحسابات الخاصة ، والأصل في الأمور أن الجميع سواء أمام القانون، ولكن المشكلة تكمن أحيانا في المكلفين بتطبيق القوانين فهم يطبقونها على  ( س ) تارة دون ( ص) و تارة أخرى لا يطبقونها على أحد .
وقد حاول بعض المسؤولين في مواقف كثيرة الاختباء حتى وراء انتمائهم لأنصار الله  وأوهموا الناس أن لديهم "تعليمات من فوق " لتبرير عجزهم وضعفهم ومحاباتهم حتى واجههم السيد العلم  بالحقيقة وأعلن  للجميع أن لا وجود لهذه التعليمات وأن المسيء والمختلس والذي يستغل وظيفته اخلسوا ظهره مهما كان قربه حتى من السيد القائد نفسه ومهما كانت مكانته ونادى بالمساواة في تطبيق القانون ، فهو يدرك أن العدل هو أساس الملك وأن الخروج على القانون ،مهما كانت الأسباب ،هو بداية الخراب والتفكك لأية دولة، وقد أعلن  في أكثر من مناسبة أن القانون يسري على الجميع وأن لا حصانة لأحد .
ـ إن تطبيق القانون بأمانة ونزاهة وعدالة على جميع  المواطنين يحفظ هيبة الدولة ويؤدي للحفاظ على أمن وسيادة الدولة والأشخاص . وقد بلغ من اهتمام بعض الدول بهذا الأمر أنها سنت قوانين تجرم من عدم تطبيق القوانين من قبل الجهات المكلفة بذلك ، وأزعم أننا لا نحتاج إلى هذا التشريع في بلدنا إذ أن الجهات المسؤولة مكلفة قانونا بتنفيذ القوانين ، ومعنى ذلك أن تخليها عن هذا التكليف أمر يستوجب المساءلة والمؤاخذ والعقاب .
إن بعض الحوادث والتجاوزات التي وقعت وتقع بين الحين والآخر  انتهكت فيها القوانين. تؤثر سلبا ولابد من القضاء عليها .
و تشكل في مجملها خطرًا مقلقًا على استقرار وأمن المجتمع ، ولكن الأخطر منها هو سكوت الجهات الرسمية على هذه المخالفات واكتفائها بدور المتفرج .. هذا هو مكمن على الدولة والمجتمع ، وهو ما يجب تلافيه على الفور وعدم السماح بتكراره تحت أي مبرر مهما كان.

* مدير دائرة القضاء العسكري

أخبار الجبهات

وسيبقى نبض قلبي يمنيا
لن ترى الدنيا على أرضي وصيا