ملف الأسبوع

نافذة على القانون: الآثار الكارثية لسوء استخدام السلاح

نافذة على القانون: الآثار الكارثية لسوء استخدام السلاح

محمد عبداللطيف العياني /


من الخطأ أن نعتقد أننا حريصيون ومسيطرون على السلاح مهما كانت دراية الفرد وتعوده على استخدامه  .

فهناك الكثير من العسكريين يتعاملون مع السلاح باستهتار وكأن السلاح لعبة او قطعة من الخشب ونتيجة لذلك تقع الكثير من الجرائم سواءً القتل او الإصابة وهذا يوجب على الافراد والجنود أن يكونوا على قدر المسؤولية الملقاة على عاتقهم ويحترموا السلاح الذي بين أيديهم  ويقدرون خطورته ومشاكله وتوابعها من ندم ومسائلة قانونية ليست بسهلة تحكم عليهم  بسبب اخطاء استخدام السلاح  
وعلى ذلك فإن القوانين اعتبرت السلاح الناري أداة قاتلة بطبيعتها لا يمكن المزاح بها ولذلك  لا يقبل الدفع على أن القتل كان على  سبيل المزاح كون الإستهتار بأرواح الناس من خلال استخدام السلاح أو الإستهتار  والمزاح به لا يعتد به  ويعتبر الفعل الناجم عن اطلاق النار من قتل أو جرح أو عاهة مستديمة فإن الأصل أن القتل يكون التعامل معه على أنه قتل عمد ولا يقبل الدفع أنه على سبيل المزاح أو الخطأ.
حيث أن الشرع والقانون يعتبر القتل أو الجرح نتيجة ذلك الإستهتار جريمة عمدية موجبة للقصاص حتى وإن كان مرتكبها لا يقصد القتل لأن القصد والنية هي أمور نفسية خفية يتعذر عليه إثباتها والقضاء يتعامل مع السلوك الظاهر وهو غير معني بالتنقيب عن خفايا النفس، هذا ما يتعلق بالعقوبة الدنيوية أما العقوبة الأخروية في القتل العمد قد بينها القرآن الكريم في قوله تعالى : (﴿وَمَن يَقتُل مُؤمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزاؤُهُ جَهَنَّمُ خالِدًا فيها وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذابًا عَظيمًا﴾ [النساء: ٩٣] ) والآية (﴿وَلا تَقتُلُوا النَّفسَ الَّتي حَرَّمَ اللَّهُ إِلّا بِالحَقِّ وَمَن قُتِلَ مَظلومًا فَقَد جَعَلنا لِوَلِيِّهِ سُلطانًا فَلا يُسرِف فِي القَتلِ إِنَّهُ كانَ مَنصورًا﴾ [الإسراء: ٣٣] ).
فكيف بمن يعتبر نفسه مجاهداً ومرابطاً في سبيل الله ويسعى لإحدى الحسنيين أن يجازف بمستقبله الدنيوي والأخروي ويقحم نفسه في جريمة قتل نفس مؤمنة فيعرض نفسه لغضب الله والخلود في جهنم والعياذ بلله ولعنة الله والعذاب العظيم الذي توعد الله به  من يقدمون على مثل هذه الجريمة.
وبالتأمل في النتائج المترتبة على هذه الجريمة من نتائج خطيرة وآثار بالغة  الخطورة والمعلوم أن الله سبحانه وتعالى يؤاخذ على الجريمة وآثارها كما قال تعالى ( ونكتب ما قدموا وآثارهم) ومن تلك النتائج والآثار على سبيل المثال :
1- إزهاق روح المجني عليه بدون وجه حق.
2- أن ذلك الشخص التي أزهقت روحه ظلما هو رجل مؤمن.
3- أنه مجاهد في سبيل الله خرج وترك أهله وماله في سبيل نصرة دين الله والمستضعفين لا يتوقع أن تزهق روحه إلا شهيداً في مواجهة أعداء الله ولم يكن يتوقع أنه يمكن أن يقتل بكل عدوانية أو ظلم أو استهتار من أحد رفاق دربه من المؤمنين وهذا يعد غدراً وخيانةً لثقة الأخ بأخيه إذا كان يعتبره سنداً وحامياً لظهره وأنه يحرص عليه كل الحرص.
4- الألم والفجيعة التي تصيب أولاده أو والديه وأهله عندما يصلهم خبر مقتله على يد أحد رفاقه في حين أنهم ما تحملوا معاناة وألم فراقه إلا احتساباً للأجر بإعتباره خرج مجاهدا في سبيل الله وما كان ليؤلمهم نبأ استشهاده في سبيل الله ، كما يؤلمهم نبأ مقتله على يد أحد رفاقه.
5- إنه يترتب على مقتله حزن الوالدين ويتم الأولاد وحزن وترمل الزوجة وحزن كافة أقاربه وذويه والقاتل مسؤول أمام الله عن كل ذلك.
6- إنما يصيب أولاده أو والديه أو من يعولهم من الفقر والحاجة والغم حتى عند تذكرهم له في الأعياد والمناسبات وعند كل انتصار أو مناسبة أو فعالية من الفعاليات كل تلك الأحزان والآلام التي تصيبهم يكون القاتل مسؤول أمام الله عنها.
7- ما يتعرض له أولاده أو أسرته من الإهمال والضياع أو التشرد أو الإنحراف يكون القاتل متسبب في كل ذلك ومسؤولاً أمام الله عما جنته يداه.
8- إن القاتل بقتله لمجاهد في سبيل الله قد أضر بالأمة وأضعف قوة المؤمنين وخدم الأعداء ووطئ موطئاً يغيض المؤمنين ويفرح له أعداء الله ، علاوةً على ما ينتج عن جريمته من العداوة والبغضاء والفرقة والتنافر بدل التآلف بين المؤمنين.
9- قد أحدث خللاً في صف المجاهدين وأضاف عبئا من المشاكل والهموم على كاهل القيادة إضافةً إلى الأعباء المالية المترتبة على جريمته.
10- إن أخذه كقاتل إلى السجن ولبثه فيه إلى أن يتم الإقتصاص منه أو العفو عنه يعد تفريطا منه في الأمانة التي كانت تستوجب أن يبذل كل جهده في إعداد نفسه ليكون عنصراً فاعلاً في صف المؤمنين لمواجهة أعداء الله ، وقد جعل موقعه فالجبهة فارغاً وكذلك موقع زميله الذي قتله وأضاع كذلك المدة التي لبث فيها في السجن والتي كان من شأنها أن تكون رصيداً له عند الله لو أنه قضاها رباطاً في سبيل الله.
11- إن ما  يتكبده أولياء دم القتيل من متاعب وأغرام ومخاسير أثناء متابعة القضية يكون مسؤولاً أمام الله عنها.
12- كل ما تعانيه أسرته هو من آلام نفسيه وأعباء مالية والشعور بالإزدراء في أعين الناس بإعتبارهم أسرة قاتل لأحد المجاهدين يعتبر مسؤولاً عما أصاب أهله وأسرته إذا كان مسؤولاً عن رعايتهم وتربيتهم والإهتمام بشؤونهم بدل أن يصبح عبئا ثقيلا عليهم ومصدر للحزن والقلق ....إلخ.
ما ذكر هو بعضٌ من الآثار الخطيرة و النتائج الكارثية لجريمته التي أقدم عليها مستحلاً لحرم الله أو مستهتراً بها وبوعيد الله وعقابه وطاعته للشيطان أو لهواء النفس والتي يكون من أسبابها التقصير والغفلة والإعراض عن هدى الله وعن ذكر الله حتى  خسر دنياه وآخرته ، وذلك هو الخسران المبين.
أليست مثل هذه الآثار الكارثية تستدعي من كل فرد في أي موقع من مواقع المسؤولية من أصغر رتبة إلى أعلى رتبة أن يتأمل ما يؤدي إليها وأن يحرص على أن يتجنب كل خلاف أو نزاع أو شقاق مع أخيهِ ورفيقهِ وزميلهِ ورفيق دربه وأن يحرص كذلك على عدم إساءة استخدام السلاح أو إهماله أو جعله في وضع يشكل خطورة على أيٍ منهم .
وهذا يحتم على الأفراد وعلى كل فرد وعلى كل مشرف أو قائد مجموعة أو فصيلة أو سرية أو كتيبة أو ما فوق ذلك أن يعطي تعليماته ونصائحه وإرشاداته لرفاقه أو لمن هم تحت إشرافه ومسؤوليته، وأن يعطي من يملك حق إصدار التعليمات تعليماته بما يكفل عدم حدوث أي جريمة من هذا القبيل سواءً ما قد تؤدي إلى قتلٍ أو جرح أو إعاقة أو ألم أو ما هو أدنى من ذلك بما في ذلك الألم النفسي وجرح المشاعر أو ما يثير الإختلاف أو الشقاق أو التنازع وعدم التهاون لمجرد حدوث أي فعل أو إهمال يشكل خطورة أو شروعاً في إرتكاب جريمة بحق زملائه سواءً في موقع عمله أو في النقاط أو في أي قطاع أو أي تشكيل ومن أي وحدة كان.
وقد رتب قانون العقوبات العسكري على كثير من الأفعال التي يتجاهلها الكثير ويظن أنها لا تشكل جريمة أو غير معاقب عليها فقد رتب عليها عقوبات بالغة الشدة وبأشكال وصور متعددة منها العقوبات البدنية (الحبس) وعقوبات وجزاءات إدارية بما فيها الفصل والطرد من الخدمة وتنزيل الرتبة أو الحرمان من الترقية أو العلاوات وغيرها من العقوبات وذلك كله في مالم يصل إلى القصاص بالنفس أو بما دون النفس وعلى سبيل المثال نظم قانون العقوبات العسكري عقوبات تكميلية إلي جانب العقوبات الاصلية بل واعتبرها أصلية ومنها الطرد من الخدمة وتنزيل الرتبة والعمل الإلزامي كما هو مبين في المادة السادسة من القانون بالفصل الأول من الباب الثاني.
كما أضاف كذلك عقوبات تكميلية أخرى في المواد( 7ـ8ـ9) منها الحرمان من التحلي بالنياشين والأوسمة والحرمان من الأقدمية والحرمان من الرتبة العسكرية وغيرها ومثل هذه العقوبات امتاز بها قانون العقوبات العسكري نظراً لما للمؤسسة العسكرية ومنتسبيها من أهمية بالغة كون الأخطاء التي تصدر من منتسبيها قد يكون عواقبها كبيرة الأثر.
وهنا نسرد بعض الامور المهمة التي يجب على أفراد المؤسسة العسكرية استيعابها بإعتبارها وسائل أمان للحد من حدوث الأخطاء او الجرائم جراء إستخدام السلاح الناري ومن ذلك ما يلي:-
1-  الحرص على عدم تبادل البندقية وهي مجهزة للرماية.
2- الحرص على عدم تعبئة السلاح بالذخيرة وتركه بالسيارة أو الخيمة او الموقع اثناء الرحلات وبين الزملاء.
3ـ يجب وضع فوهة البندقية للأسفل اثناء قيادة السيارة.
4ـ يجب التأكد من عدم وجود أي شخص أمام الهدف أو المكان المراد رمايته.
5ـ يجب تصويب السلاح دائما إلى الأعلى وعدم تصويبه الى الأرض إلا أثناء قيادة السيارة.
6ـ عدم المزاح مع الشخص الذي علي وشك الرماية.
7ـ الإنتباه لعدم ضرب البندقية على الأرض وهي معبأة بالذخيرة.
8ـ التأكد من عدد احتساب الطلقات التي تم الرمي بها  من خلال احتساب الظرف الفارغ.
9ـ لا تترك السلاح في متناول الآخرين أو الأطفال اثناء مزاورة الأهل.
10ـ لا تدخل اصبعك الي قنطرة الزناد إلا عند الجاهزية التامة للرماية.
11ـ لا تصوب السلاح على أي شخص بقصد المزاح وتذكر أن ذلك منهي عنه وقد تكون العواقب وخيمة.
12ـ لا تذخر السلاح (تلقمه بطلقه ببيت النار) إلا اثناء توجيه السلاح للهدف.
13ـ يجب عليك التأكد من عدم وجود أشخاص أو حيوانات باتجاه هدف الرماية.
14ـ اثناء تسلمك السلاح من أي شخص عليك التأكد من عدم وجود طلقات في جوفه.
١٥- في كل الأحوال عليك استحضار المسؤولية والتعامل بمهنية عالية وادراك أن الطلقة التي تخرج بقصد المزاح او الإستهتار قد تزهق روح بريئة وتفسد حاضرك ومستقبلك.
في الختام نسأل الله ان يجنبنا ذلك وان يرحم شهدائنا ويشفي جرحانا ويحفظ لنا وطننا.

أخبار الجبهات

وسيبقى نبض قلبي يمنيا
لن ترى الدنيا على أرضي وصيا