ملف الأسبوع

التدريب وأثره في رفع كفاءة القوات المسلحة (2)

التدريب وأثره في رفع كفاءة القوات المسلحة (2)

بقلم العميد الركن/ عابد الثور/
إن التدريب وخطة الدعم والإسناد اللوجستي له يحتاج إلى مجهود كبير من الدولة والقيادة خاصة في ظروف الحرب والعدوان.

ومع فقدان أبسط مقومات التدريب في بداية العدوان وصعوبة تدريب القوات وتأهيلها في ظروف يستحيل معها أي جيش أن يقوم بخطة التدريب في الوقت الذي  عمد  العدوان إلى تدمير كل مراكز التدريب والتأهيل واستهداف كل البنية التعليمية العسكرية.. ولكن وضعنا في اليمن كانت ظروفنا تختلف عن أي جيش آخر في المنطقة.

التدريب في ظروف الحرب والعدوان:-
هناك قوات أخذت مواقعها الميدانية في كل الاتجاهات في ربوع الوطن وكل منها تحمل مسؤولية بكل كفاءة واقتدار رغم الخسائر الكبيرة المادية والبشرية التي تعرضت لها القوات المسلحة من الجيش واللجان الشعبية والقبائل إلا أن الإصرار على التقدم وعدم الاستسلام كانا على رأس أهداف كل الأبطال والمقاتلين.
كانت هناك قوات ورجال تحملوا مسألة توجهات قائد الثورة لتحقيق الغايات المنشودة وهي الاكتفاء بكل ما تحتاجه القوات المسلحة من الداخل لأنه لم يعد هناك فرصة أو قدرة للاستيراد وجلب الأسلحة والذخائر من الخارج  وتجار السلاح في العالم لأن اليمن وضعت تحت البند السابع وفرض عليها الحصار الجائر القاتل ليس على السلاح فقط وإنما حتى على الأكل والشرب والغذاء والوقود والعلاج فكانت تلك القوات هي بمثابة التحول من حال يائسة للقوات إلى حالة نشطة متماسكة للقوات فأخذ التدريب في ظروف الحرب يعيد ترتيب أوراقه واتجاهات من خلال إيجاد البدائل الممكنة لمواقع التدريب والتأهيل نظراً لحاجة القوات للتدريب وإلى جهات تدريبية متنوعة لتحقيق أهدافها.
 • كان ينبغي أن تكون القوات معدة منذ سنوات طويلة لمثل هذه الظروف ولكن الحرب والعدوان كشف الكثير من الحقائق والإخلالات والخيانة والتآمر على القوات المسلحة والبلد بأكمله.
 • كان الجانب المعنوي والثقافي والنفسي حاضراً في كل عمليات الإسناد اللوجستي للتدريب أو أثناء القتال فهو عامل مهم في نجاح  أو إفشال التدريب.
 • لقد كانت مسارح العمليات الحربية لها تأثير كبير على التخطيط للدعم والإسناد اللوجستي للتدريب فمسرح العمليات وأرض المعركة وعمق أراضي العدو الجغرافية والمواقع الإستراتيجية هي التي تتحكم في نوع التدريب ووقته ومكانه طبقا لنوع ومساحة مسرح العمليات وكذلك الأسلحة التي سوف تستخدم في هذه المساحة الجغرافية لتؤثر على العدو بشكل مباشر وزمن التهديد على هذا المسرح.
 • التدريب العسكري يتطور بناءً  على التهديدات والتي تعتبر متغيرة بتغير المواقف والسياسات  لدول العدوان أو الدول الجوار أو من شكل خطراً وتهديداً لليمن وأمنه القومي وكذلك الأسلحة والمعدات تتغير وتتطور بشكل دائم وخاصة موقف الأعداء وأنظمتهم.
 • التدريب في الجيش اليمني يواكب دائماً أساليب وفنون القتال وطرقه فدائماً تخضع للتدريب المستمر للتجديد والتقدم السريع  لرفع قدرة وكفاءة القوات المسلحة اليمنية أثناء المعركة والدفاع وحماية البلد ومقدرات التدريب الجيد الهادف للقوات المسلحة اليمنية للحصول على النصر في الميدان والحرب والمعركة ضد العدوان أياً كان حجم إعدادهم وذلك بأقل وقت وخسارة وجهد وبالتالي كمنطلق ثابت وقاعدة ونظرية عسكرية بأن التدريب والتأهيل والإعداد الجيد دائماً يكون بدافع الحرب والقتال أو الجاهزية القتالية والاستعداد للقتال وإعداد وتجهيز القوات المسلحة مادياً ومعنوياً بكل كفاءة عالية وقدرة قتالية ومن خلال ذلك تظهر أهمية الدعم والإسناد للتدريب كونه يعتبر في كثير من المدارس العسكرية أنه شريان القوات المسلحة الرئيسي ووريدها لتفوق التدريب ونجاحه وفق قواعد العلوم العسكرية وأصولها وثوابتها أكانت في المدرسة الغربية أو الشرقية.
 • ولعل تجربة الجيش اليمني منذ 26 مارس 2015م لمواجهة دول تحالف العدوان كانت من أهم الأسباب والدوافع  التي دعت القيادة العسكرية أن تجعل التدريب والتأهيل عاملاً مهماً وأساسياً لمواجهة أية قوة عسكرية معادية.

أهمية التدريب في بناء القوات المسلحة اليمنية:
شكل التدريب أهمية كبيرة في بناء الجيش اليمني ورفع  مستوى المقاتلين مادياً ومعنوياً، خاصة وأن العالم أعلن تنصله عن مبادئه وكانت الأمم المتحدة على رأس  من تخلى عن مسؤوليتها وسمحت لدول تحالف العدوان العربي وإسناد أمريكي بريطاني فرنسي إسرائيلي بمساندة السعودية وحلفائها في الاعتداء على اليمن واستخدام كل وسائل ووسائط الأسلحة الحديثة في تدمير مقدرات البلد وقتل الأبرياء من المواطنين العزل واستهداف النساء والأطفال والبنية التحتية الشاملة للدولة.
ولعل من دوافع  وأسباب رفع مستوى التدريب للوصول إلى جيش محترف قادر على عرض المعادلات العسكرية في الميدان وتغير موازين القوة في المنطقة وإجبار العدوان على الاعتراف بأخطائهم وجرائمهم تجاه الشعب اليمني وكان ذلك لن يتم لولا ما حققته الجمهورية اليمنية وقيادتها العسكرية وسياستها العسكرية والإستراتيجية من تحقيق أعلى درجات التدريب والأهداف حتى في الجوانب التي كان يعتقد دائماً أنها كانت حكراً على الدول العظمى ولا تستطيع الدول النامية وخاصة العربية الوصول إليها ومنها التفوق في القوة الصاروخية بكل أنواها والطيران المسير والقوات البحرية.
 • فكان التدريب أحد أهم عوامل ذلك النجاح في تحقيق القدرات العسكرية الحديثة والمتفوقة في كل المجالات حتى يأت التدريب يشمل التأهيل القصير المتوسط والطويل في مجال الصناعات أو الهندسة العسكرية والتدريب الأكاديمي، في جوانب القيادة والسيطرة على مستوى السرية ووصولاً إلى قيادة الألوية والمحاور والمناطق العسكرية وقيادة الجيش.
 •  لعل التجربة التي خاضتها القوات المسلحة اليمنية خلال ثمان سنوات كانت بمثابة مدرسة عسكرية مستقلة أحدثت في هيكل القوات المسلحة جوانب تدريبية نتجت عن خوض المعارك والحروب والمواجهات التي كانت القوات المسلحة وجميع صنوفها ومكوناتها وإسنادها طرف فيها، فكانت الحرب والاشتباكات والمواجهات مراحل من مراحل التدريب لقواتنا مع فارق أن التدريب نابعاً من الميدان وبمعارك حقيقية ولم يكن شعار التدريب ( قطرة عرق في التدريب توفر قطرة دم في الميدان).
بل كانت قطرات الدم في الميدان هي محور التدريب وأهدافه فلم يكن هناك أحياناً  مجال للراحة وأخذ فرصة للتدريب الآمن كمرحلة ما قبل المعارك بل كانت المعارك أثناء تخطيطها بكل أنواعها تمثل أحد أركان التدريب للقادة والمقاتلين مع وجود درجة عالية للخطورة وقد تكون فيها فقد الحياة، وهي شبيه بتلك العمليات الجراحية في المستشفيات حينما يقول الأطباء أن العملية ضرورية ولابد أن تجرى ولكن درجة الخطورة عالية جداً واحتمال الموت فيها موجود.. وكذلك كانت العمليات العسكرية لقواتنا المسلحة في كثير منها.
ولذلك حينما نقول :أن التدريب كان عاملاً مهماً في مسرح العمليات لرفع كفاءةً وقدرة القوات المسلحة على خوض العمليات الحربية بكل اقتدار وتفوق ولذلك يرى كثير من الخبراء العسكريين أن الميدان هو أكبر مدرسة للتدريب خاصة في ظروف الحرب والمعركة.

 • أهمية التدريب وأثره في معركة التحرر من العدوان:
تكمن أهمية التدريب في عدة محاور رئيسية أهمها أن اليمن كبيرة مساحتها تتجاوز 550 ألف كيلو متر مربع وتحتل أهم منطقة جغرافية على مستوى العالم وتتحكم وتسيطر على أهم منفذ بحري وهو باب المندب وان هذا الشعب ينعم بالكثير من الثروات وعلى رأسها النفط ومتعدد الثقافات والتقاليد القبلية ويمتلك مخزوناً تاريخياً وثقافياً فريداً من نوعه وأن هذه الامتيازات والمحاور جعلت منه مطمعاً دائماً للقوى الاستعمارية وان هذا الموقع الاستراتيجي الهام لليمن يتطلب وجود قوات مسلحة ذات كفاءة وقدرة وإمكانية لحماية البلد وسيادته واستقلاله وثرواته وأهميته الجغرافية ومن هذا المنطلق كان التدريب احد أهم عوامل بناء الجيش والقوات المسلحة فكلما كان التدريب على أصول القواعد العسكرية وفق العلوم العسكرية ومدارسها في العالم سوف يتحقق ما تهدف اليه السياسة العسكرية في بناء الجيش.
فبواسطة التدريب والإعداد الجيد وبمستوى عال للقوات ستؤدي كل صنوف القوات المسلحة وأنواعها واجبها على أكمل وجه وكل قيادة أكانت عليا أو وسطى أو دنيا تعرف واجبها ومهامها حتى على مستوى الجماعة والفرد وكيفية تأدية ذلك الواجب ومتى وأين سيكون ذلك فحينها يكون التدريب قد أدى مهامه وحققها.
إن فارق التدريب ومستواه في الأعوام الأولى للعدوان يختلف تماماً عن مرحلة النصف من العدوان ويختلف كلياً عن السنوات الأخيرة من المعركة فالعالم شهد ويشهد مستوىً متقدماً ومتطوراً من أداء القوات المسلحة اليمنية من حيث الإعداد المعنوي للقوات وأثره الإيجابي في الإعداد المادي للقوات المسلحة والذي وصل إلى مستويات جعلت منها قوة اعتبارية في المنطقة حملت معها سياسة الدولة وحقوق شعب بأكمله سلبت منه منذ عقود دون أن يسعى لنيلها أو المطالبة بها سواءً أكانت على مستوى الحكومات والأنظمة أو على مستوى قيادات العالم وهيئاتها الدولية ومجلس الأمن.
فالقوات المسلحة اليوم وبعد ثمان سنوات من الحرب والعدوان شكلت رقماً صعباً ليس من السهل على دول العدوان تجاوزه.
فالقوات المسلحة وصلت إلى درجة عالية في القدرة والإمكانية بل ووصلت إلى مستوى استطاعت تقدير وتقييم قدرات دول تحالف دول العدوان حتى قال قادتها: إن المعركة القادمة ستكون داخل وعمق أراضي العدوان ولن تسمح للقوات المسلحة بأن تصبح جزءاً من أراضيها مسرحاً للعمليات بل سيكون العمق الاستراتيجي والجغرافي لدول العدوان مسرحاً للعمليات وهذا يعطي مؤشراً إلى مستوى تفوق القوات المسلحة وتفوق أسلحتها وعتادها ومستوى التدريب الذي حققته خلال فترات العدوان والحرب وان كل ساعة مضت على القوات المسلحة كانت ذات أهمية قصوى وكانت الخطط العسكرية تمضي وفق خطى ثابتة وقوية في كل مجالات نشاط القوات المسلحة حتى باتت اليوم تحذر دول العدوان وبكل لغات العالم التي يفهمها العدو أن اللعب مع اليمن وجيشه هو لعب بالنار وسوف تحرق كل من يفكر العبث مع القوات المسلحة اليمنية وأن القوات المسلحة اليوم ليست كالأمس فهي اليوم قوة عسكرية ضاربة تمتلك الإرادة والقوة والبنية التحتية للمواجهة مع أية قوة أخرى ترى في نفسها القدرة على ارتكاب الحماقة على اليمن وشعب اليمن ومقدراته فثمان سنوات كانت كافية للدرس وما تلقاه العدو كان اكبر عبرة لغيره فلا حياة لكل من يعادي اليمن وشعبه.

أخبار الجبهات

وسيبقى نبض قلبي يمنيا
لن ترى الدنيا على أرضي وصيا