الصفحة الإقتصادية

في لقائه بالهيئة الإدارية لجمعية بلاد الطعام التعاونية..المداني يشدد على ضرورة الاهتمام بموروث العمليات الزراعية التقليدية وتطويرها بما يتناسب مع التقنيات الحديثة

في لقائه بالهيئة الإدارية لجمعية بلاد الطعام التعاونية..المداني يشدد على ضرورة الاهتمام بموروث العمليات الزراعية التقليدية وتطويرها بما يتناسب مع التقنيات الحديثة

ريمة: يحيى الربيعي/

التقى المدير التنفيذي لمؤسسة بنيان التنموية المهندس محمد حسن المداني برئيس وأعضاء الهيئة الإدارية لجمعية بلاد الطعام التعاونية الزراعية لمنتجي الحبوب.

وفي اللقاء الذي عقد برعاية مدير عام المديرية، أحمد الحمامي، وأعضاء السلطة المحلية والاشرافية والمجلس المحلي والمكاتب التنفيذية بالمديرية وأعضاء الهيئة الإدارية وفرسان التنمية وعدد من المزارعين، حث المهندس المداني على أهمية العمل على خلق التوازن البيئي في التربة الزراعية كخطوة في مسار التخلص من المدخلات الكيماوية (مبيدات وأسمدة وبذور معالجة)، نظرا لخطورة ما تتسبب به من أضرار على النبات والإنسان والثروة الحيوانية.
ولفت إلى ضرورة البدء في رسم مسارات تقليل الاعتماد على المدخلات الخارجية تدريجيا حتى نكتفي ذاتيا، وليكن ذلك بالعمل على تدوين وتطوير ما تبقى من خبرات الآباء في التسميد البلدي والمعالجات الطبيعية للأمراض والآفات الزراعية، بدءا من انتظام أوقات حراثة الأرض، وقلب التربة من أجل تعقيمها والقضاء على الكثير من الآفات والحشرات الضارة بتعريضها لأشعة الشمس، مشيرا إلى أن تفعيل التناوب في زراعة المحاصيل يعد من أهم طرق خلق عملية التوازن البيئي بين الحشرات الضارة والمفيدة.
 وقال: "قبل 40-50 سنة كان كل ما نأكل طبيعي وصحي، وكانت الثروة الحيوانية في تكافؤ مع الإنتاج الزراعي، كلما زاد الإنتاج الزراعي تزيد الثروة الحيوانية، وكان النبات والإنسان والحيوان في سلامة من الآفات والأمراض، والنحل لا تموت ولا تصاب بالأمراض كما يحدث لها الآن إلا أن تواطؤ الحكومات المتعاقبة خلال تلك العقود من الزمن، هو ما ساعد على خلق بيئة الاتكالية، وساهم بشكل كبير في تدمير البنية التحتية للأصول الزراعية اليمنية وأهمها البذور".
لافتا إلى ضرورة عودة المزارع اليمني إلى ما كان عليه الآباء والأجداد من مهارة في انتخاب البذور السليمة والصحيحة من حصاد مزارعهم، منوها بأهمية البدء في الخطوات الأولية في مشروع تسمين الثروة الحيوانية بالأعلاف والغذاء البلدي من خلال تطوير الأساليب التقليدية بما يتناسب معها من التقنيات الحديثة.
وشدد المداني على وجوب تعقيم الذبل البلدي، وعدم استخدامه مباشرة من تحت الحيوان إلى الأرض، مشيرا إلى أن عملية التعقيم تتم بخطوات بسيطة، وتبدأ بعمل طبقة من ذبل وطبقة من تراب، ثم تخميرها لمدة تتراوح ما بين 5-6 أشهر، مع إضافة كمية من الماء بين فترة وأخرى.
مؤكدا أن عملية التخمير التي تتم داخل مدفن تحت الأرض، ومن ثم اخراج الذبل المخمر وتعريضه لأشعة الشمس لفترة معينة، هي الطريقة المثلى للإبقاء على المركبات السليمة والمفيدة للتربة، والقضاء على كل الميكروبات.
وقال "بالحفاظ على الأصول الوراثية الموجودة سواء أصول نباتية من بذور أو أصول جينات الحيوانات ستختفي كل الآفات والأمراض، ولن نكون بحاجة إلى أن نعالج باستخدام المبيدات والأسمدة الكيمياوية".
متابعا "لابد أن ننطلق متوكلين على الله، وما كانت النوايا خالصة لله، فلن نفشل. والأشياء البسيطة يمكن معالجتها بخطوات بسيطة".
وتساءل "لماذا، مثلا، لا نحشد للجمعية قيمة لاب توب وطابعة، وبعد فترة نحشد مرة ثانية لأثاث مكاتب وكراسي، ومرة ثالثة دواليب"؟
موجها "يا أخوتي: إذا كل مخزن من أبناء المديرية وضع من قيمة قاته مائة ريال يوميا في صندوق دعم العمل التكافلي والتعاوني بالمديرية، ومع افتراض أن عدد المخزنين في المديرية عشرين ألف مخزن فقط، بالتأكيد سيكون إجمالي ما سيتم حشده من أموال كفيل بتفعيل الجمعية ودعم مبادرات صحية وتعليمية وإنشاء بنك بذور".
وبيَّن أن حشد ما مقداره ستين مليون ريال شهريا، بالتأكيد، سيمكننا من تأثيث الجمعية، وشراء حصاد المزارعين الذين ما زالوا يحتفظون بأصول البذور المحلية من كل شيء، والعمل على تنقيتها وغربلتها وتوزيعها على المزارعين الذين يشترون بذورهم من السوق، وصولا إلى غاية استكثار البذور المحلية وتحقيق الاكتفاء في غضون موسم أو موسمين بالكثير. كما يمكن شراء آلات زراعية من حراثات وحصادات في عهدة الجمعية لخدمة المزارعين، وبناء سوق مركزي للمديرية وتجهيزه بأحداث وسائل التخزين والتغليف والشحن".
وتابع "وجود هذا الصندوق في أيدي إدارة جمعية ناجحة سيخدم الجميع ويحرك أفكارهم في مختف الجوانب، لان المزارع ومربي الماشية والنحال والمجتمع عندما يلمسون خدمة الجمعية، ستشعرون اهمية الجمعية في كونها تخدم مصالحهم، ويحققون من خلالها نجاحات في زيادة الإنتاج وتحسين الجودة والتسويق المربح".
منوها بأن هذه هي الروحية الجهادية.. الروحية الطوعية.. روحية الإحسان.. روحية خدمة الناس، التي يحب على كل من أن يستشعر أهمية وجودها في ذاته، وأن يعمل على تفعيلها قولا وفعلا في أرض الواقع.
وتطرق في اللقاء إلى موضوع اللوائح والأنظمة الإدارية والمحاسبية والنظام المحاسبي التي من خلالها تقدر تورد وتصرف الأموال بشكل مسؤول ومنظم، لابد من نظام يمكن المدير التنفيذي ومدير المشاريع وبقية الهيئة الإدارية من أداء أعمالهم بمسؤولية.
موجها "لابد من تكاتف أعضاء الهيئة الادارية، أما إذا رئيس جمعية عمل لحاله، والمدير التنفيذي اتخذ له مسارا لوحده، فلن ينجح شيء، لأن أي عمل لن يظهر له أثر في الواقع في حال ما إذا كانت الإدارة مشتتة غير متناسقة ومتناغمة ومتكاملة وفاعلة بجميع اختصاصاتها".
مستدلا "قول سبحانه وتعالى "ولتكن منكم أمة"، توجيه صريح بأن العمل الناجح هو ذلك العمل الذي تقوم به أمة تعمل بشكل أفقي تكاملي متناسق منظم وموزع الأدوار وفق لوائح وأنظمة إدارية ومحاسبية دقيقة. ويطرح الله في ذلك العمل البركة ويجعل له أثر واضح. كما أن في العمل التعاوني ضمانة أكيدة في الحصول على التوفيق والتأييد الإلهي".
وقال: "لا يجب أن نفكر بـ "الحجر الكبيرة"، وإنما علينا أن نبدأ بالصعود إلى القمة درجة درجة، ومن خلال تثبيت بناء مؤسسي سليم للجمعية وتنظيم العمل الميداني والإداري والمحاسبي والتدريب والتأهيل المستمر للكوادر، وتوفير التناغم ما بين الكوادر داخل الجمعية ومع كل الحلقات في سلاسل القيمة، بحيث كل واحد يقوم بمهام ومسؤوليات مخصصة، كما يجب تفعيل الرقابة والتفتيش وتقويم المسارات".
مؤكدا أن الجمعية التعاونية ليست مبنى نحضره بشكل يومي. العمل التعاوني مسؤوليات ميدانية يتم تحديدها في اجتماع دوري للهيئة الإدارية للجمعية يعقد، مثلا، كل أسبوع، كل اسبوعين، كل شهر، وتحدد ما هي المحاور التي يجب تناقش في هذا الاجتماع، وما يجب أن تحقق من مخرجات عملية.
مشيرا "لابد أن يكون هناك فارس تنموي في كل عزلة وفي كل قرية، والكل يكوّن شبكة مرتبطة وعمل طوعي، بحيث يعمل الفارس طوال الأسبوع من أجل أسرته، ويتبرع بيوم أو يومين للتطوع في تحفيز المجتمع والتحشيد لمبادرة بناء سد أو حفر بئر أو النكف لاستصلاح أرض بور أو يراقب سير أعمال تنفيذ مشروع ما، أو يبحث عن أساليب ووسائل لإنشاء أو تطوير مشاريع لاستغلال الفرص المتاحة".
مبيَّنا "بفضل الله، إذا كان هناك تحسن أفضل في هذا الشهر والثاني، ما تمر سنة سنتين، إذا بالأعمال تسير على أرقى مستوى، وفي مختلف المجالات، في الزراعة.. في الصناعات الغذائية.. في التعليم.. في الصحة.. في الجانب الاستثماري، وباتت لها بصمات واضحة على أرض الواقع".
موجها بأن الجمعية هي المسؤول عن استقطاب كل التمويلات.. لدينا فاتورة استيراد قيمتها 5 مليارات دولار سنويا. وفي فاتورة استيراد البقوليات، تخيلوا أن قيمة فاتورة صنف واحد من الفاصوليا تفوق 35 مليون دولار سنويا.
وقال: "نفترض أن بلاد الطعام قررت هذا العام أن تتخصص في زراعة وإنتاج هذا الصنف من الفاصوليا. أكيد في البداية، ستكون هناك صعوبات. لكن الناس سيعملون في الإنتاج وتحسين الجودة، وأن واجهتهم مشاكل في التسويق. وهنا يأتي دور الجمعية والتاجر المحلي بالمديرية في رفض شراء المحصول الخارجي، وتفضيل المحلي. وبالإصرار ستحل المشكلة وستفرض معالجات وسيقتنع الجميع بالتغيير".
واستشهد "هذه التجربة، هي ما حصل بالفعل مع محصول الثوم، حين زرعه الناس في قاع البون صنعاء، وفي مناطق بلاد الروس وخولان وبني مطر بصنعاء، وحصلت لهم في البداية ضربة قاسية في موضوع التسويق، لكن مع الإصرار حصلت التسوية، وفي العام الماضي زرعت كميات أكبر وتحقق الاكتفاء بالذاتي من محصول الثوم الذي كنا نستورده بـ 11 مليون دولار؛ أي أن ما يقارب 6 مليارات ريال يمني عكست لصالح المزارع اليمني في تلك المناطق سنويا".
خلال اللقاء، ناقش الحاضرون ما طرح باستفاضة وموضوعية ارتقت به إلى مناص توصيات تم التوافق عليها من قبل الجميع وباركتها السلطة المحلية، وشدد الحاضرون على ضرورة الارتقاء بالعمل التعاوني ودوره في تحقيق النهضة التنموية المنشودة في المديرية.

أخبار الجبهات

وسيبقى نبض قلبي يمنيا
لن ترى الدنيا على أرضي وصيا