الصفحة الإقتصادية

انتزاع مرتبات الموظفين أولوية منذ ثماني سنوات .. ذكرى نقل وظائف البنك .. تداعيات كارثية تكشف فشل الحرب الاقتصادية

انتزاع مرتبات الموظفين أولوية منذ ثماني سنوات .. ذكرى نقل وظائف البنك .. تداعيات كارثية تكشف فشل الحرب الاقتصادية

رشيد الحداد #/ 


تحولت ذكرى نقل وظائف البنك المركزي اليمني من العاصمة صنعاء الى مدينة عدن في  18 أيلول 2016،

الى ذكرى سنوية يحيها السواد الأعظم من اليمنيين الذين فقدوا أعمالهم ورواتبهم جراء القرار الذي اثبت على مدى السنوات الفائتة انه غير مدروس وكارثي بامتياز ، فقد عزز الانقسام المالي والنقدي في اطار اليمن ، وتسبب بتفاقم الأوضاع الإنسانية جراء تفاوت سعر صرف العملة اليمنية بين صنعاء وعدن ، وأصاب معظم القطاعات الاقتصادية بالركود ، وكان سبباً لخروج القنوات الايرادية التي كانت تابعة للبنك المركزي في المحافظات الجنوبية والشرقية ومحافظتي مارب وتعز عن سيطرة السلطات المالية الموالية لدول العدوان ، الشهر الماضي اكدت نتائج ندوة نظمها مركز دراسات تابع لجامعة عدن ، ان قرار  نقل البنك من صنعاء إلى عدن كان أمريكيا بامتياز واتخذ  رغم اعتراض عدد كبير من رجال الاقتصاد في اليمن، وأشار إلى ان تداعياته الكارثية كانت محتملة السياسة النقدية لليمن في ظل فشل حكومة المرتزقة في فرض سيطرتها  على تلك الإيرادات على مدى ثماني سنوات على المصادر الايرادية للبنك  في المحافظات الجنوبية التي كانت تغذي الموازنة العامة للدولة بنسبة 70% قبل الحرب ، وأشار المشاركون في الندوة إلى أن بنك عدن المعترف به دولياً فشل في تفعيل وظائف البنك المركزي ولم يستطع إعادة الدورة النقدية للبنك وتعثرت كافة المحاولات لتفعيل أدوات السياسة النقدية رغم اعلان بنك عدن رفع معدلات الفائدة من 16% إلى اكثر من 20% ، إلا ان معدل الإقبال على شراء اذون الخزانة  أو السندات الحكومية التي اعلنها بنك عدن في فترات متعددة خلال السنوات الماضية عكست انعدام ثقة رأس المال الوطني  بالبنك في مدينة عدن ، وعزوف البنوك الإسلامية والتجارية عن الاسهام فيها نتيجة فشل البنك في وقف انهيار سعر صرف العملة وارتفاع معدل الإصدار النقدي الذي تجاوز وفق مصادر اقتصادية مطلعة في عدن ٧ تريليون ريال، منها ٨٥% خارج سيطرة عمليات البنك المركزي والبنوك الأخرى و١٥% فقط تحت السيطرة ، ووفق تقارير رسمية ؛ فإن النقد المتداول في السوق ارتفع أواخر العام الماضي إلى ٧.٥ تريليون ريال من العملة المطبوعة في نطاق ٣٥% من السوق في المحافظات الواقعة سيطرة الطرف الآخر بينما لا يتجاوز احتياج السوق اليمني الذي يقع ٦٥% منه تحت سيطرة صنعاء  ١.٤ تريليون ريال كسيولة .
وفي إطار الحراك الإقليمي و الدولي الهادف لإنهاء أزمة المرتبات واحداث اختراق جديد في مسار السلام ، زعم محافظ فرع بنك عدن المركزي، أحمد غالب ، في مقابلة اخيرة ، بان إيرادات تلك المحافظات ، لا تكفي لصرف رواتب ٤٠% من إجمالي موظفي ومليشيات  عدن الذين كان عددهم لا يتجاوز نصف مليون موظف أواخر العام ٢٠١٦ ، وتجاوز ١.٣ مليون موظف وفق المعلومات منهم نحو ١٠٠ الف يصرفون بكبار موظفي حكومة المرتزقة ويتقاضون مرتباتهم بالدولار ،  رغم ان الإيرادات المعلنة في آخر تقرير مصرفي صادر عن فرع بنك عدن مطلع العام الجاري اكد أن إيرادات حكومة المرتزقة ، بلغت العام الماضي اكثر من ٢ تريليون ريال، وهو ما يؤكد قيام  تلك الحكومة العميلة بإغراق مؤسسات الدولة بعشرات الآلاف من الموظفين  ، ولذلك فان الحديث عن توحيد البنك وإعادة قنواته الايرادية بعد ثماني سنوات لم يعد ممكنا ويحتاج دولة مركزية قوية قادرة على انتزاع عشرات القنوات الايرادية التابعة للبنك من المليشيات المسلحة التابعة للسعودية والإمارات التي تقاسمت معظم إيرادات الدولة وحولتها إلى غنائم حرب ، ومصادر تمويل مالي لها  بشكل يومي  .
قرار نقل البنك كان أمريكياً بامتياز وهدفت واشنطن  من ورائه إلى تعطيل كل مؤسسات الحكومة في صنعاء ، وإيصال البلاد التي تستورد نحو ٩٥% من احتياجاتها إلى العجز الكلي عن استيراد ادنى احتياجاتها خاصة ، إلا أن كل الأهداف التي كان العدوان يتوقع أن تتحقق على أرض الواقع، فشلت بامتياز في المحافظات الحرة ، وتجاوزت صنعاء الكثير من  تداعيات العبث بصرف مرتبات الموظفين،  بقرار منع التداول بالعملة المطبوعة الصادرة مطلع العام ٢٠٢٠ ، وتمكنت من حماية القيمة الشرائية للعملة القانونية مقابل فشل المرتزقة في وقف انهيار سعر صرف العملة التي ارتفعت بمعدل يتجاوز ٤00% ، ذلك الفشل جاء في ظل تعدد موارد حكومة المرتزقة وتشتت قرارها ، وهو ما ارجعة محافظ بنك عدن ، أحمد غالب ، إلى وحدة قرار صنعاء وتعدد مصادر القرار في الحكومة  الموالية لدول العدوان ، وفقاً لأكثر من تقرير اقتصادي ، فإن قرار نقل البنك في عدن، أدى إلى توقف صرف رواتب ١.٢ مليون نسمة ، وبلغت بأثر رجعي مديونية المرتبات حتى الآن أكثر من تريليوني ريال ، كما أدى إلى ارتفاع الدين العام الخارجي من ٦.٧ مليار دولار إلى نحو ١٠ مليار دولار ، ودون أي تحسن اقتصادي أو معيشي وبلغت الودائع التي حصلت عليها حكومة المرتزقة اكثر من أربعة مليارات دولار ، يضاف إلى أن اجمالي مبيعات النفط والغاز بلغت نحو ١٤ مليار دولار .
وفي ذات الإطار ، ارتفع معدل الدين العام الداخلي من ٤.٥ تريليون ريال يمني إلى نحو ١٠ تريليون ريال ، وتصاعدت معدلات العجز التجاري للبلاد إلى مستويات غير مسبوقة،  كنتيجة لفشل وفساد حكومة عدن التي سبق ان اتهمها فريق الخبراء الدوليين بالعبث والفساد  بالوديعة السعودية السابقة المقدرة بملياري دولار التي قدمتها الرياض لعملائها مطلع العام ٢٠١٨ ، ورغم الإعلان عن وديعة بمليار دولار من قبل دول العدوان أواخر العام المنصرم ، إلا أن تلك الوديعة والتي قدمت عبر صندوق النقد العربي لم يسمح لحكومة المرتزقة السحب الاختياري منها وتم ربط السحب بشروط تعجيزية لا تستطيع حكومة شكلية تعود وترحل بحماية اجنبية ولا تملك اي سيطرة حقيقية تنفيذ اي منها ، خاصة وأن من شروط تلك الوديعة أن يتم إجراء إصلاحات اقتصادية معقدة في محافظات محتلة تتقاسم المليشيات المسلحة التابعة لدول تحالف العدوان والاحتلال السيطرة عليها..
اليوم واليمنيين يعايشون ذكرى استهداف البنك المركزي، يتذكرون تحذيرات محافظ البنك السابق، محمد بن همام، الذي حذر من كارثية اقحام البنك المركزي اليمني في الصراع، واستقراء مستقبل قرار نقل وظائف البنك وتداعياته الكارثية على الاقتصاد الوطني وعلى الوضع الإنساني، وعلى سعر صرف العملة وعلى التزامات البنك تجاه الموظفين، فعلى مدى الثماني سنوات لم تشهد إدارة فرع عدن أي استقرار ، فتم تعيين أربعة محافظين لفرع بنك كان ايراداته أكثر من 75%، وفشلوا جميعاً في وقف انهيار القيمة الشرائية للعملة وكذلك فشلوا في إعادة الدورة النقدية للبنك وفشلوا في إعادة ثقة فرع البنك وافقدوا رؤوس الأموال ثقتهم بالعملة ، فما تم طباعته من عملات كان كارثياً بامتياز ، ولم يستخدم من تلك العملة أي مبالغ كصرف رواتب الموظفين الذين حرموا من مرتباتهم على مدى السنوات الماضية ، ولم يوقفوا انهيار الأوضاع الإنسانية في تلك المحافظات او يحسنوا الخدمات العامة ، فما حدث كان تدميراً ممنهجاً وحرباً اقتصادية طالت أضرارها الملايين من اليمنيين ، وطالت الحركة الاقتصادية والتجارية ككل .
اليوم والشعب اليمني يحيى ذكرى استهداف حيادية البنك المركزي ينظر بإعجاب شديد لقرارات البنك في صنعاء التي جنبت العملة القانونية المزيد من الانهيار وكشفت الفرق بين الدولة القادرة على تنفيذ السياسة النقدية المالية واللا دولة وحكم العصابات والمليشيات في المحافظات الجنوبية، فصنعاء لم تطبع عملة ولم تقترض أي أموال من الخارج وتمكنت من الحفاظ على القيمة الشرائية للعملة وتمكنت من ضبط السوق المصرفي ، رغم انها واجهت حرباً اقتصادية مكثفة ، ومع ذلك تم افشال كافة المؤامرات الاقتصادية التي حاول العدوان تنفيذها بمختلف الطرق وشتى الوسائل ، وهذا انجاز يضاف الى الإنجازات التي حققتها صنعاء خلال السنوات الثمان الماضية ، وقبل ذلك كانت صنعاء تصرف مرتبات كل موظفي الدولة دون استثناء بصورة شهرية ، حتى تم نقل وظائف البنك واستخدام تلك الوظائف كوسائل لحرب اقتصادية غير أخلاقية لم تراعي مصالح العامة ، فعلى مدى السنوات الماضية قدمت صنعاء عدد من المبادرات الاقتصادية الخاصة بتحييد البنك وصرف المرتبات وحتى الآن لا يزال انتزاع مرتبات موظفي الدولة من اوليات الوفد الوطني المفاوض كما كانت على مدى الجوالات التي جرت برعاية الأمم المتحدة .

أخبار الجبهات

وسيبقى نبض قلبي يمنيا
لن ترى الدنيا على أرضي وصيا