الصفحة الإقتصادية

Previous Next

مفهوم العمل التشاركي وسبل تحقيق التنمية المستدامة

يحيى الربيعي
برز مفهوم العمل التشاركي الحكومي- المجتمعي كأحد المؤشرات الهامة لتحقيق التنمية المستدامة في ظل ظروف كالتي تعيشها اليمن حاضرا في ظل العدوان والحصار،

حيث اعتمد المفهوم على تقسيم حمل مسؤولية تحقيق التنمية المحلية على مختلف الأصعدة الاجتماعية والاقتصادية والبيئية بين ثلاث مكونات أساسية هي: الحكومة من جهة، والمجتمعات المحلية والجمعيات التعاونية وفرسانٍها من جهة، ومكون ثالث هو القطاع الخاص، تقوم فيه الدولة ممثلة بـ(الوزارات والهيئات والمؤسسات العامة والصناديق والسلطات المحلية) بتهيئة المناخ الملائم أمام المشاركة المجتمعية الواسعة وتذليل كافة الصعوبات التي قد تعرقل مسارها، بالإضافة إلى تقديم النصائح والاستشارات الفنية والقانونية للأطراف، والمساهمة بالمتاح والممكن من الإمكانيات، والإشراف والرقابة على مجمل الأنشطة والمشاريع وتقييم مدى التزامها بشروط ومعايير الإنتاج وقوانين التسويق ...إلخ.
فيما تعمل الجمعيات التعاونية وفرسان التنمية على تحشيد وتحفيز المجتمعات المحلية لإطلاق المبادرات في مختلف الأنشطة الاجتماعية والاقتصادية والبيئية وتنظيم مساراتها ومساندتها بالدعم اللوجستي من ناحية التخطيط والاستشارات البرامجية وتنظيم برامج التدريب والتأهيل لرفع القدرات المهنية والتقنية ومهارات التخطيط والإدارة، ورعاية المبدعين والمبتكرين ...إلخ.
فيما يعول على القطاع الخاص المساهمة في تحريك عجلة التنمية من خلال دعم المبادرات المجتمعية، ورفد الجمعيات التعاونية بما يساعدها على تنمية المشاريع الصغيرة والأصغر من القروض البيضاء أو توفير مستلزمات المهن والحرف والمدخلات الزراعية والصناعية بأسعار مخفضة وأقساط ميسرة، واستيعاب منتجات تلك المشاريع بأسعار مجزية وتشجيعية في مسار تكون من مؤشراته رفع مستوى دخـل أفراد وأسر المجتمعات المحلية، بمعنى أوضح عكس فاتورة الاستيراد إلى الداخل.
وتهتم الشراكة في مفهومها الواسع (العمل التشاركي) بتنمية ثلاثة أبعاد هي البعد الاجتماعي والبعد الاقتصادي والبعد البيئي، تركز في البعد الاجتماعي على تنمية قدرات المورد البشري، وفي البعد الاقتصادي على إنشاء وتنمية اقتصاد مجتمعي مقاوم، وفي البعد البيئي في المحافظة على نصيب الأجيال القادمة في المخزون البيئي بمختلف مكوناته النباتية والحيوانية والسمكية والمعادن.
المفهوم والهدف
لقد حظيَت الشراكة بين القطاعات الحكومية والمجتمعية والقطاع الخاص باهتمام كبير في مختلف دول العالم خاصة بعد أن اتضح بأن عملية التنمية الاقتصادية والاجتماعية وكذلك الاعتناء بالبيئة تعتمد على جمع وحشد كافة إمكانيات المجتمع، من هنا سعت الدول إلى استحداث تشريعات ونظم تتبنَى المسارات التشاركية، وعلى وجه الخصوص منها تلك التي تسهم فيها كافة القطاعات الرسمية والمجتمعية والقطاع الخاص بالتخطيط والتنظيم والتوجيه وإدارة وتشغيل المشروعات وتنظيم ملحقات الأعمال المختلفة، والعمل على تطويرها وتنميتها.
وبناء على ذلك، يهدف مفهوم العمل التشاركي الحكومي- المجتمعي والقطاع الخاص في الجانب الزراعي الذي وجه إليه قائد الثورة السيد عبدالملك بدرالدين الحوثي، يحفظه الله، ويتبناه المجلس السياسي الأعلى ممثلا بـ(اللجنة الزراعية والسمكية العليا بالتعاون مع وزارة الإدارة المحلية ووزارة الزراعة والري ووزارة الشؤون الاجتماعية والعمل والاتحاد التعاوني الزراعي والسلطات المحلية في المحافظات والمديريات الحرة ومؤسسة بنيان التنموية وشركاء التنمية في مختلف القطاعات ذات الصلة) إلى تحقيق النهوض بالجانب الزراعي والحيواني والثروة السمكية إلى طريق تحقيق الاكتفاء الذاتي وتعزيز الأمن الغذائي.
يستند العمل التشاركي في تفعيل وإدارة مشاريعه إلى مبادئ التنمية القائمة على هدى الله والمشاركة المجتمعية الواسعة، انطلاقا من اعتبار أن الكل بمثابة شريك رئيسي وفاعِل في التنمية، ووجوب أن يعمل الكل بروح الفريق الواحد من أجل تحقيق مخرجات تنموية ملموسة على الواقع تترجم بأنشطة ومشاريع مثمرة ومنتجة تحقق مؤشراتها بناء وتنمية اقتصاد مجتمعي تصب مخرجاته في خفض فاتورة الاستيراد وتحقيق الاكتفاء الذاتي وتعزيز الأمن الغذائي وفق سلاسل قيمة تحقق- بالضرورة- استقرار سعري واستدامة خط إنتاج وجودة منتج.
وهذا ما أوجب الاهتمام بعمل بحوث ودراسات الجدوى وسلاسل القيمة اللازمة كي يتسنى من خلالها تحديد احتياجات مسارات التنمية والعمل على تلبيتها، ورسم خطط وبرامج سد احتياجات النهوض التي على ضوئها يتم تحقيق الهدف المنشود.
كما أصبح من الضرورة أن تكون العلاقة بين القطاعات الثلاثة، علاقة شراكة تكاملية تبادلية ذات طابع تنموي تميز بقدرته على التغلب على كافة المتغيرات، بحيث يسد كل منها أية فجوة قد تحدث نتيجة لظروف خارجة عن الإرادة أو طارئة قد تجعل أحد الأطراف يعجز عن أداء دوره أو جزئية منه تجاه أيٍ من الالتزامات، كما يجب أن تنطوي هذه العلاقة على مرونة تمتاز بالحكمة والبصيرة في إدارة مجمل التصرفات التنظيمية والتشريعية والمؤسسية والإدارية والإجرائية والتنفيذية والرقابية والاتصالية والتمويلية والائتمانية والاستثمارية.
المنطلق المنهجي
ولكي تمثل استراتيجية العمل التشاركي الحكومي- المجتمعي والقطاع الخاص، المنطلق الاستراتيجي لتفعيل وإدارة أنشطة مجمل المشاريع التنموية التي تُعنى باستغلال قدرات وامكانات البلاد على كافة الأصعدة الزراعية والصناعية والثروة السمكية والحيوانية والمعادن والتسويق في العمل على تحسين مستوى العيش في الوقت الحاضر، وبما لا يخلُّ بحقوق الأجيال القادمة في حياة أفضل، وفي أبعادها الرئيسية الثلاثة الاقتصادي والاجتماعي والبيئي.
كان لابد- وجوبا- في أن يتخذ العمل التشاركي من مبادئ التنمية المستدامة القائمة على هدى الله والمشاركة المجتمعية الواسعة مرتكزا أساسيا في مجمل خطوات مسار تنفيذ أولويات التزاماته في بناء اقتصاد مجتمعي مقاوم متكامل يتحصن برعاية وتوجيه مباشر من قيادة حكيمة ممثلة في قائد الثورة السيد العلم عبدالملك بدرالدين الحوثي، يحفظه الله، الذي حث الجميع على المضي نحو تحقيق العدالة الشاملة والقائمة على الدقة المتناهية في تطبيق معايير الكفاءة والإنجاز والتقييم العلمي، والتي تصنع من المشاركة المجتمعية الواسعة قطارا يسهل في ركابه العبور إلى مستقبل مشرق تتكامل فيه أدوار عناصر العمل التشاركي الثلاثة بما يحقق رغبات وطموحات الجميع في الوصول إلى تحقيق الاكتفاء الذاتي وتعزيز فرص العيش الكريم.
ضمانات النجاح
ومن أجل شراكة قوية بين القطاعات الثلاثة، يسعى الجانب الحكومي في العمل التشاركي ممثلا بـ(اللجنة الزراعية والسمكية العليا بالتعاون مع وزارة الإدارة المحلية ووزارة الزراعة والري ووزارة الشؤون الاجتماعية والعمل والاتحاد التعاوني الزراعي والسلطات المحلية في المحافظات والمديريات الحرة ومؤسسة بنيان التنموية وشركاء التنمية في مختلف القطاعات ذات الصلة) جاهدا في أن يمثل المظلة الحاضنة والرعاية بالإشراف والإسناد لنجاح هذه الشراكة من خلال:
- بذل المزيد من الجهد في تحسين ظروف وبيئة الإنتاج من خلال الاهتمام بالتوعية بمبادئ التنمية القائمة على هدى الله والمشاركة المجتمعية الواسعة، والتدريب المهني والتقني وتوفير مناخات وشروط زيادة الإنتاج وتحسين الجودة من تشريعات واستشارات وتخطيط وامكانات متاحة.
- إدارة وتنظيم التنسيق والتكامل في الأدوار بين شركاء التنمية بما يكفل توطين مبدأ مراعاة استقلالية وخصوصية كل شريك في إدارة نشاطه حتى يتسنى مواجهة تحديات المنافسة الإيجابية وتوجيه مساراتها نحو تحسين الجودة، وتوفير شروط ومعايير منافسة قوية للمنتج المحلي أمام المنتج الخارجي.
- تهيئة أجواء مناسبة لإسهام القطاعات الثلاثة في التخفيف من ظواهر الفقر والبطالة، ودفع الجميع نحو تمويل المشروعات التنموية الصغيرة والأصغر المدرة للدخل، لضمان تحقيق النهوض بالمستوى المعيشي للأفراد والأسر من خلال تشجيع إنشاء الصناديق الخاصة لتمويل المشروعات الزراعية والسمكية والحيوانية والصناعية والتسويقية المشتركة بين الحكومة والقطاع الخاص والجمعيات التعاونية.
- تحفيز القطاع الخاص بتذليل العقبات أمام المستثمرين وتوفير بيئة استثمارية مشجعة تمتاز بوضوح وشفافية التشريعات القانونية وتحسين البنية التحتية وتقديم المعلومات والنصائح والدراسات والدعم الفني من خلال مراكز بحوث متخصصة.

أخبار الجبهات

وسيبقى نبض قلبي يمنيا
لن ترى الدنيا على أرضي وصيا