أخبار وتقارير

تعقيباً على حديث الأستاذ عبده الجندي.. التآمر على الحزب الاشتراكي أنتج حرب 94م .. و أسباب ما نحن فيه اليوم

قرأت صفحتي المقابلة التي أجرتها الصحيفة مع الأخ الأستاذ عبده محمد الجندي نائب رئيس مجلس الشورى القيادي في حزب المؤتمر الشعبي العام وذلك في العدد الماضي..

في البداية أشكر الأخ يحيى السدمي والولد حافظ البريهي على أعداد اسئلة قوية ومركزة وطرحها بوضوح وشفافية انتجت افضل مقابلة صحفية مع سياسي كبير خلال عدة سنوات ماضية..
لكن المقابلة مع الجندي وعنوانها الرئيسي:"عرضوا عليَّ منصب رئيس الجمهورية ورفضت" وجملة من العناوين الفرعية عشرين عنوان في الصفحتين لم تثمر اجاباتها عن شفافية كافية تتناسب مع اسئلة الشفافية.. قلتم عليه:" القيادي في حزب المؤتمر الشعبي العام"- هذا صحيح نسبياً.. لكن في الواقع هو مؤتمري من اصل ناصري من منظور يميني أو وسطي.. ومن منظور يساري هو ناصري وينتمي الى المؤتمر منذ أوائل التسعينات الى اليوم وقد امتلك الاستاذ عبده الجندي خلال الفترة الماضية قدرة كبيرة على التعبير عما يريد قوله من مبررات تدافع عن حزب المؤتمر الشعبي العام ولا احد سواه..
أكرر الشكر للسدمي والبريهي على المقابلة.. كما أوجه كلمة للاستاذ عبده الجندي نصفها شكر ونصفها عتاب.. الشكر على صراحته في بعض سطور المقابلة ومنها التعبير عن ندمه على ما حصل للاشتراكي من حزبه.. والنصف الآخر عتبا لكونه قال نصف الحقيقة في مضمون بعض اجاباته حتى انه لطف عبارة "المرتزقة الواقفين في صف العدوان" بعبارة "طالبين الله بالسياسة فإلى الرد.
ردي هنا يتكون من شقين.. الشق الأول ايضاح ما لم يوضحه الاستاذ عبده الجندي من أوجه واساليب تآمرية على الاشتراكي وذلك بصفتي عضواً في الحزب الاشتراكي اليمني منذ تأسيسه قبل 42عاماً.. وقد عايشت ما تعرض له الحزب من أساليب تآمرية واغتيالات أو محاولات اغتيالات من الأسبوع الأخير لشهر مايو من عام 1990م إلى أواخر يونيو من عام 2014م وهي تنشر لأول مرة- .
الشق الثاني: ملاحظات عن أو حول حديث الجندي للصحيفة وتخص قضايا أخرى..- وذلك بصفتي قارئ.
وبسم الله أبدأ بالردود على السطور التي ذكرها الجندي عن أو حول الاشتراكي ضمن حديثه في المقابلة الصحفية:
أولاً: في السطر 28 من العمود الرابع "ص6" قال المحرر للجندي:لكن انتم في المؤتمر تآمرتم على الاشتراكي؟ وفي السطور 31،30،29 ما أجاب الجندي نصاً:"والله حدثت أخطاء في البداية لأن الاشتراكي كان يظن بأنه متطور وأكثر خبرة منا وعنده تجربة ولم يعلم أن لدينا من الأساليب ما لا يوجد عنده، ندمنا عليه فيما بعد".
الإجابة مختصرة بثلاثة  سطور فقط..وطبعاً الأساليب الذي عندهم قد عرفناها في حينها بدأت بالترغيب للعديد من كوادر الحزب لترك حزبهم والانضمام إلى المؤتمر.. مروراً بالترهيب ثم الاغتيالات.. فخلال الفترة من أواخر مايو من عام 1990م إلى أواخر يوليو من عام 1991م بلغ شهداء حزبنا الاشتراكي اليمني 153شهيداً.. وفي 26مارس من عام 1994م وصل عدد شهداء الحزب إلى 379 شهيداً.. وبعد كل حالة من الاغتيالات كانت تسجل ضد مجهول.
إلى مارس 1994م اكتفي وما فيش داعي للخوض في الأحداث اللاحقة مثل الأزمة العميقة في شهر ابريل 1994م بين الاشتراكي من جانب والمؤتمر والإصلاح من جانب آخر ونتج عنها حرب صيف 1994م وما بعدها من أقصى وتهميش لمنتسبي الاشتراكي بل ولأبناء المحافظات الجنوبية وحتى فترة تشكيل اللقاء المشترك كون ذلك بحاجة إلى تفاصيل يطول شرحها..
أما ندم المؤتمر على الاشتراكي فقد جاء بعد فوات الأوان.. وذلك الندم لم يمنع محاولتين فاشلة لاغتيال أمين عام الحزب ياسين سعيد نعمان خلال عامي 2013م و2014م.
ثانياً: في السطر 32من العمود الرابع ص6من الصحيفة: قال المحرر للاستاذ عبده الجندي: بل هناك من يقول أنكم تآمرتم على الاشتراكي انتم والإصلاح؟
أجاب الأخ الجندي نصاً في السطر الأول:"لم نتآمر عليه ولكن كان بيننا صدام عبر الصندوق، عبر الانتخابات" وفي بقية السطور الثمانية من اجابته قال بما معناه: إن الاشتراكي كان يعتقد بأن كفته سترجح وأكتشف ان المؤتمر ليس سهلاً..
وتعليقي على ما قال الأخ عبده الجندي: لم يكن صداماً عبر الصندوق بل صدام مصالح.. كولسة انتخابية تآمر فيها الإصلاح والمؤتمر ضد الاشتراكي.. كيف حصل ذلك وأسرار أخرى ننشرها هنا لأول مرة على هامش هذا التعقيب:
* قبل شهر تقريباً من الانتخابات عام 1993م تم لقاء سري بين 12مسؤولاً من المؤتمر و10مسؤولين من الحزب الاشتراكي وكان محضر الاجتماع نقطة وهي التعاون المشترك بين الحزبين في الانتخابات القادمة.. واجمع الحاضرون أنهما اقرب لبعضهما من أي حزب آخر لكونهما شركاء تحقيق الوحدة اليمنية.. وتم إقرار التالي:
* أن أصوات ناخبي المؤتمر تصب لمرشحي الاشتراكي في الدوائر التي لا يوجد للمؤتمر مرشحين فيها.
* تمنح أصوات الاشتراكي لمرشحي المؤتمر الشعبي العام وخاصة في الدوائر الانتخابية التي لا توجد فيها مرشحين للحزب الاشتراكي.
* هذا الاتفاق الثنائي بين الحزبين يعتبر من أوجه التعاون والتنسيق بين الحزبين ويعمم من قبل المعنيين في الحزبين.. على الناخبين شفهياً ويمنع نشره في أي وسيلة إعلامية.
- عتبر المحضر الخاص بهذا الاتفاق من الوثائق السرية –انتهى-حرر بتاريخ-لم يسجل- لكن قبل الانتخابات بكم يوم عقد المؤتمر لقاء سرياً مماثلاً مع الاصلاح لنفس الغرض لم يكشف الا بعد الانتخابات بأسبوعين.
- في 27 ابريل من عام 1993م جرت أول انتخابات نيابية في الجمهورية اليمنية بنظام مكولس "اثنان ضد واحد".. على سبيل المثال وليس الحصر المحامية نادية الخليفي مرشحة الاشتراكي نافست مرشح المؤتمر الحائز على اصوات حزبه وحزب الاصلاح معاً وخسرت بفارق صوتين.. كما خسر عشرات الكوادر من الاشتراكي يحملون شهادات أمام مشايخ أو مقاوتة لم يدخلوا مدرسة ولم يمروا بجانب مدرسة بسبب تلك الكولسة الممقوتة ونتائج الانتخابات كنت على النحول التالي:
- المؤتمر الشعبي 120عضواً في مجلس النواب اكثر مما كان متوقعاً لكونه استفاد من اصوات الاشتراكي والاصلاح.
- الاصلاح 63عضواً اكثر من المتوقع كونه استفاد من اصوات المؤتمر.
- الاشتراكي 56عضواً اقل من المتوقع بسبب كولسة المؤتمر والاصلاح ضده.
ثالثاً: وحول سؤال: اين الاشتراكي اليوم هل هو مصنف مع العدوان؟
اجاب الاخ الجندي: هو كقيادة مع العدوان وكقواعد كثيرة منهم ليسوا مع العدوان.
لكن الواقع انه لا يوجد من قيادات وقواعد الحزب مع العدوان غير القليل..والنادر لا حكم له.
ختاماً في هذا التعقيب حول الحزب الاشتراكي اجزم القول ان التآمرات التي واجهها الحزب قد ولدت احتقانات والاحتقانات ولدت ازمات والازمات ولدت حرب عام 1994م وتلك الحرب الملعونة تعتبر من الاسباب الرئيسية لما نحن فيه اليوم.
ملاحظات حول قضايا اخرى
ان المقابلة الصحفية الضافية بالأسئلة التي طرحتها الصحيفة للاخ الاستاذ عبده محمد الجندي نائب رئيس مجلس الشورى الاسبوع الماضي تطرقت إلى قضايا هامة.. ولذلك أود طرح بعض الملاحظات والتساؤلات على النحو التالي:
* الملاحظة الأولى: بيض الله وجهك يا عم عبده قد تحدثت عن نصف الحقيقة فيما يخص ملفات النهابة وطبعاً كان قصد الزملاء يحيى السدمي وحافظ البريهي ان تُسجل كتوثيق في هذه الأيام السوداء وتفتح إجباريا في الأيام البيضاء القادمة.. وللعلم الفساد الداخلي ونهب أموال الشعب أخطر من العدوان الخارجي ويزداد خطورته في ظل أزماتنا التي ما زالت عميقة في ظل حرب ما زالت مستمرة ودول العدوان ما زالت تترصد مواقف الجميع.
* الملاحظة الثانية: الواقفون مع العدوان يسمون هكذا أما تسميتهم "طالبين الله بالسياسة فيه قدراً كبيراً من الخطأ.
* الملاحظة الثالثة: الأحزاب والمكونات السياسية اليمنية، اثبتت انها تتصارع على كراسي السلطة وصناديق الثروة..
* الملاحظة الرابعة: الشهيد عيسى محمد سيف هو اصدق ناصري  وقد انتهل من نبع أفكاره الطاهرة ومن قيمه الأخلاقية جيل الناصريين خلال سبعينات القرن الماضي.. ومن بعده فان العناصر الناصرية البارزة: أحمد ناجي طويل وعبده مثنى احمد طويل وعبدالقدوس المضواحي وعبدالملك المخلافي قبل ما يقف في صف العدوان.. وحالياً في صنعاء عبده الجندي أفضل الموجودين.
* أخيراً أود القول إن الانتقادات الخفيفة الموجهة إلى الأخ الأستاذ عبده محمد الجندي لا تقلل قط من مكانته المميزة كسياسي مقتدر.. فالسياسة ليست جديدة عليه بل هي حاضرة في وعيه منذ سبعينات القرن الماضي.. ولعلنا نتذكر مؤتمراته الصحفية قبل سنوات كناطق رسمي لحزب المؤتمر وحلفائه.. كانت تلك المؤتمرات تدل على العبقرية الفذة لدى الأستاذ عبده الجندي وتثير فيضاً من الاستحسان والإعجاب في نفوس المشاهدين والمستمعين لقدراته الخطابية ولباقته اللافتة أعجبت الجميع حتى الذين يختلفون معه.
كما أنه يجيد فنون الضربات الحامية والباردة فمثلاً: كان "يندف" علي محسن بجماع عبارات حامية وينتقل الى الضربة الباردة ويقول: "ياااااا لواء علي محسن عند الله وعندك انته رجل تقي تروح تصلي الفجر في الساعة خمس في الجامع".. ويواصل الحديث ثم يتوقف ثواني وقبل أن ينتقل إلى موضوع آخر يقول: علي محسن هو صاحبي.. ويبدأ الحديث عن موضوع آخر بنبرات جديدة وأسلوب مرن وخفيف الظل.. وهكذا..
إن الأستاذ عبده الجندي سياسي مخضرم مستوعب جيداً بأن السياسة فن الممكن.. لكننا نرجو منه من الآن وصاعداً وهو نائب رئيس مجلس الشورى أن يتكلم عن حزب المؤتمر الشعبي العام بواقعية.. قصدي لا يهول من حسناته  ولا يهون من سلبياته..
والله من وراء القصد

أخبار الجبهات

وسيبقى نبض قلبي يمنيا
لن ترى الدنيا على أرضي وصيا