أخبار وتقارير

جزيرة كمران .. أول مقبرة للغزاة

جزيرة كمران .. أول مقبرة للغزاة

علي الشراعي
جزيرة كمران ( قمران) هي ثالث الجزر اليمنية من حيث الأهمية الاستراتيجية .تقع على بعد 200 ميل شمال جزيرة ميون ومضيق باب المندب و 15 ميلا جنوبي اللحية

وبضعة أميال شمال الحديدة وميلا واحدا عن ميناء الصليف احتلتها بريطانيا مع بداية الحرب العالمية الأولى حيث أشارت الوثائق البريطانية أن احتلالها قد تم بعد بروز أهميتها الاستراتيجية والعسكرية بداية الحرب .

مقبرة المحشر
إن زيارة جزيرة كمران أو الحديث عنها هو استلهام لتاريخ المقاومة لمواجهة عدوان اليوم عبر استحضار الدور النضالي والكفاحي المشرف لأبناء الجزيرة في مقاومة أول غازي أجنبي على اليمن في التاريخ الحديث والمتمثل بالغزو البرتغالي في مطلع القرن السادس عشر الميلادي فخلال زيارتنا العيدية للمرابطين في جزيرة كمران التقينا بأحد أبناء الجزيرة والذي تحدث بكل فخر واعتزاز عن مقاومة أبناء جزيرة كمران للغازي البرتغالي حيث توجد مقبرة في الجزيرة سميت ( بمقبرة المحشر) حيث حشر مئات القتلى من الغزاة البرتغاليين فيها .. ويذكر المؤرخ ابن الديبع (أن البرتغاليين قد نزلوا إلى الجزيرة في أوائل شهر صفر 919هجرية الموافق سنة 1513م  ونهبوا ما فيها وقتلوا من وجدوا بها من رجال الدولة الطاهرية ومنهم الشريف محمد بن عبدالعزيز بن سفيان وعبدالله بت أحمد العصين وغيرهما ثم حاولوا دخول الجزيرة فلما نزلوا إليها وجدوا عساكر السلطان ترقبهم بها فانهزموا ورجعوا إلى البحر خائبين ) .. فبعد تعرض الحملة البرتغالية للهزيمة في عدن اراد القائد البرتغالي الأمير دالبوكيرك أن يعوض تلك للخسارة بمحاولة السيطرة على منطقة ساحلية أو جزيرة استراتيجية تكون بمثابة قاعدة عسكرية للأسطول والقوات البرتغالية في البحر الأحمر فاتجهوا إلى باب المندب ومنه الى البحر الاحمر متجهين إلى الشمال واستولوا على جزيرة كمران في ابريل 1513م وكما هي عادتهم في إخافة وإرهاب السكان دمروا مبانيها وقتلوا من وجدوا عليها من السكان اليمنيين واستقروا بالجزيرة حتى شهر يوليو من نفس العام .

أطماع الغزاة
كانت جزيرة كمران ومازالت هدفا استراتيجيا تستولي عليها الحملات والقوات البحرية الغازية (البرتغالية والمملوكية والمصرية والعثمانية والبريطانية ) منذ بداية القرن السادس عشر حتى القرن العشرين وقد واتخذها العثمانيون في فترة حكمهم اليمن محجرا صحيا للحجاج مع جزر يمنية أخرى منها جزر فرسان .
ومع بداية الحرب العالمية الاولى ولأهميتها الاستراتيجية احتلتها بريطانيا عام 1915م وقد جعلت منها معاهدة لوزان 1923م محجرا صحيا ودوليا واستخدمتها بريطانيا بعد ذلك مهبطا جويا لطائراتها رغم الشكاوى والاحتجاجات اليمنية التي بلغت ذروتها بلقاء جدة الثلاثي الذي جمع الرئيس ناصر والإمام أحمد والملك سعود في 21 إبريل 1956م للتباحث حول الاوضاع المتردية في عدن والمحميات وللعمل ضد استيلاء بريطانيا على جزيرة كمران وقيامها بأعمال التنقيب عن البترول فيها ومع كل ذلك وما تلاه فلم تتوقف بريطانيا عن استخدام الجزيرة إلا بعد انسحابها من عدن 1967م .

أهمية استراتيجية
من الاسباب التي دفعت بريطانيا لاحتلال جزيرة كمران عام 1915م لتتحكم في عملية فتح موانئ حليفها الادريسي لتلقيه المساعدات البريطانية كالأسلحة والذخائر والمؤن وغيرها من المساعدات وإلى فرض حصار بحري على الموانئ كميناء الحديدة واللحية وضربهما في حالة أن استدعى ذلك كذلك أن الصراع الدولي والاطماع الاستعمارية خلال الحرب العالمية الأولى على السيطرة واحتلال موانئ وجزر البحر الأحمر دفعت بريطانيا لاحتلال جزيرة كمران لأهميتها الاستراتيجية ولكي تحبط مشروعات ايطاليا في البحر الأحمر وجزره والتي تحولت إلى منافس لبريطانيا منذ عام 1904م مما دفع بريطانيا أيضا إلى التحالف مع فرنسا ضد ايطاليا .
فمع بداية الحرب العالمية الأولى ( 1914 - 1918م ) كان المقيم البريطاني في عدن قد أبرق إلى كل من حكومة الهند ورئيس هيئة الاركان العامة للجيش الهندي قائلا : من الناحية السياسية فان النتيجة الحسنة فقط هي التي سوف تترتب عليها الاستيلاء على جزيرة كمران باعتبارها قاعدة للسيطرة على ميناء الحديدة . وفي 9 يونيو 1915م أنزلت السفينة (أمبرس أوف رشيا ) مجموعة مسلحة تحت قيادة الميجور فيلوز من لواء المشاة 109 إلى كمران .

تنوع بيئي
تبلغ مساحة جزيرة كمران 108كم2 وعدد سكانها اكثر من ثلاثة آلاف نسمة بحسب تعداد السكان   عام 2004م وتاريخيا يوجد بها بعض الآثار التي تعود للحقبة العثمانية.. ويذكر ابراهيم المقحفي في كتابه "معجم البلدان والقبائل اليمنية" وهي جزيرة مشهورة في البحر الاحمر قبالة ميناء الصليف تبعد عنه خمسة أميال وتتكون جزيرة كمران من مدينة صغيرة لها ميناء صالح لاستقبال السفن المتوسطة وفي الجهة الشمالية الغربية تقع قريتا صيد السمك المعروفتان باسم مكرم واليمن وتتمتع الجزيرة بوجود غابات طبيعية تنتشر فيها اشجار المانجروف والإخراج البحرية التي يصل ارتفاعها الى اربعة امتار تُغطى ما مساحته 64كم2 . وتزخر الجزيرة بعشرات الأنواع من الطيور الملونة كما كانت تعج إلى عهد قريب بأنواع هامة من الحيوانات البرية كالغزلان والحمير الوحشية .

مشاريع استثمارية
تعتبر جزيرة كمران ذا أهمية استراتيجية واقتصادية في نفس الوقت بما يميز موقعها الجغرافي بالقرب من خط الملاحة الدولي للقيام بمشاريع صناعية فيها كإنشاء مصنع لتعليب الاسماك ومصفاة لتكرير النفط ومشاريع لطاقة المتجددة ومشاريع سياحية حيث أن الجزيرة لديها من المقومات التي تجعلها جاذبة للسكان للعيش فيها إن توفرت فيها الخدمات واعيد النظر في تقسيمها الإداري واعتبارها مديرية بحد ذاتها فعملية جذب السكان للجزر اليمنية يعتبر بمثابة خط دفاع أولي فعلى مر التاريخ نقطة ضعف الأمن لليمن هو البحر فكل الغزاة اتوا منه .
فكل المشاريع التي اقيمت في الصليف ورأس عيسى وحتى التي هي بالقرب من ميناء الحديدة مشاريع اقطاعية تتبع تجار وشيوخ قبائل وليست مشاريع دولة ولا تعود بالفائدة على الاقتصاد الوطني وكأن الدولة واقتصادها أصبحت رهينة لدى هؤلاء ونقيضه للماضي وهذا ما يدعو للأسى وإلى جدية التفكير في إقامة مشاريع اقتصادية بما يخدم الشعب ويجعل من تلك المناطق جاذبة للسكان وخط دفاع اول عن سيادة الوطن والدفاع عنه .

أخبار الجبهات

وسيبقى نبض قلبي يمنيا
لن ترى الدنيا على أرضي وصيا