أخبار وتقارير

بعد مضي شهر على الهدنة الإنسانية الثالثة.. صنعاء تتمسك ببنود الهدنة ومرتزقة العدوان ينكثون

بعد مضي شهر على الهدنة الإنسانية الثالثة.. صنعاء تتمسك ببنود الهدنة ومرتزقة العدوان ينكثون

مطلع أغسطس الجاري أعلن المبعوث الاممي الخاص إلى اليمن " هانس غروندبرغ" عن موافقة الأطراف على تمديد الهدنة الإنسانية لشهرين إضافيين، وبنفس شروط الهدنتين الأولى والثانية.

وحينها أوضح " غروندبرغ" بأن مقترح الهدنة الموسّع سوف يتيح المجال أمام التوصل إلى اتفاق على آلية صرف شفافة وفعّالة لسداد رواتب موظفي الخدمة المدنية والمتقاعدين المدنيين بشكل منتظم، وفتح الطرق في تعز ومحافظات أخرى، وتسيير المزيد من وجهات السفر من مطار صنعاء وإليه، وتوفير الوقود وانتظام تدفقه عبر موانئ الحديدة.
بل أننا لمسنا حالة من  التفاؤل أبداها المبعوث الاممي، عندما أشار إلى أن الهدف الرئيسي من الهدنة الحالية هو "توفير انفراجة ملموسة للمدنيين" في البنود التي تتضمنها الهدنة، "وإيجاد بيئة مواتية لبلوغ تسوية سلمية للنّزاع من خلال عملية سياسية شاملة".. لكن ومع انقضاء شهر على الهدنة الثالثة، ياترى ما الذي تحقق من بنودها؟

فشل جولة المفاوضات الرابعة
رغم حرص اللجنة العسكرية الوطنية على الذهاب إلى العاصمة عمان للدفع بعدد من الملفات الانسانية التي تم الاتفاق على مناقشتها والبت فيها كشرط لاستمرار الهدنة الانسانية الاممية، إلا أن حالة عدم الالتزام التي ابداها ممثلو مرتزقة العدوان ورفضهم حضور جلسات المفاوضات، وكذلك عدم الزام المبعوث الأممي بالمشاركة في المحادثات، جعلت اللجنة العسكرية تعود إلى العاصمة صنعاء وتكشف تفاصيل افشال جولة المفاوضات الرابعة.   
وفي هذا الشأن قال اللواء يحيي الرزامي رئيس اللجنة العسكرية في مؤتمر صحفي، إن" من أولوياتنا إنجاز الملف الانساني المتمثل في صرف المرتبات ورفع القيود عن المطارات والموانئ ورفع الحصار عن اليمن كاملا قبل الخوض في أي نقاشات أو اتفاقات أخرى في الملف العسكري حتى يتم البت في معالجة الملف الإنساني".
وأضاف " أخبرنا الوسطاء بأن الهدنة بدون مرتبات لا فائدة منها ولا يمكن التغاضي عن المرتبات كونها حقاً شرعياً ومطلباً أساسياً".
وأوضح اللواء الرزامي، أنه تم إجراء عدد من اللقاءات الاستثنائية غير الرسمية مع الوسطاء الأمميين دون تحقيق أي نتائج إيجابية لتنصل بعض الأطراف الاخرى المنتمية للطرف الآخر عن تنفيذ التفاهمات المبرمة.
وأشار إلى وجود مواقف سلبية من بعض الوسطاء الأمميين إزاء تلكؤ الأطراف الأخرى وسعيهم الحثيث لتقديم مصالحهم على مصالح الشعب اليمني العظيم من خلال رفضهم لكل ما تم طرحه والذي يعود على أبناء الشعب اليمني.. واستنكر اللواء الرزامي" إنحياز الممثل الأممي للأطراف الاخرى بخصوص حالة التصعيد الممنهجة المتمثلة باستحداث مواقع جديدة والقيام بأعمال عدائية وتخريبية في محافظة تعز".. وتابع " مخاطبات متكررة ورسائل بعثناها إليهم ووجهناها إلى المبعوث الأممي ومستشاره العسكري بخصوص استحداثات عسكرية وأعمال عدائية في جبل هال بمنطقة الضباب بمحافظة تعز ".
ولفت رئيس اللجنة العسكرية إلى أنه " إذا الأمم المتحدة ومبعوثها إلى اليمن جادون وحريصون على اليمن وشعبه فعليهم إصدار بيان يوضح للرأي العام المحلي والدولي مَن الطرف المتنصل والمتهرب والساعي عن سبق الإصرار في إفشال هذه المفاوضات".

شروط استئناف مفاوضات عمان
دفع رواتب الموظفين الحكوميين، ورفع القيود على السفن الواصلة إلى ميناء الحديدة وتوسيع الرحلات الجوية عبر مطار صنعاء الدولي، شروط طرحتها صنعاء من أجل تحقيق تقدم في مفاوضات الملف العسكري.
وقالت اللجنة العسكرية ، في بيان لها إنها "وقفت على مجمل الأساليب والممارسات المعيقة من قبل الطرف الآخر ومنها امتناعه عن الحضور في لقاءات الأردن، إلى جانب استمراره في خروقاته المتزايدة للهدنة الأممية المعلنة"، ونقل البيان عن رئيس اللجنة اللواء يحيى الرزامي، قوله إنه "لا يمكن التقدم بالجانب العسكري، إلا بعد صرف الرواتب وإدخال السفن وتوسيع الرحلات الجوية".

استمرار الحصار
ورغم سريان الهدنة التي من بنودها السماح بدخول سفن المشتقات النقطية عبر ميناء الحديدة، إلا أن العدوان مازال مستمراً في احتجاز سفن الوقود ويعرقل دخولها.
وقالت شركة النفط في بيان لها إن التحالف مستمر في القرصنة على جميع سفن الوقود دون استثناء واحتجازها منذ إعلان الهدنة المؤقتة، لفترات متفاوتة، فضلاً عن تأخيرها في جيبوتي في انتظار التفتيش والحصول على تصاريح الدخول إلى موانئ الحديدة.
وأضاف البيان أن عدد السفن الواصلة إلى موانئ الحديدة خلال فترة الهدنة (إبريل ـ سبتمبر) ٣٣ سفينة وقود من أصل ٥٤ سفينة منها أربع سفن، تم الإفراج عنها في 2 أغسطس الماضي نهاية فترة التمديد الأول للهدنة.
وحسب البيان فإنه لم يتم الإفراج عن أي سفينة وقود خلال فترة التمديد الثانية للهدنة.. وذكر أن غرامات تأخير شحنات الوقود وصلت إلى 11 مليون دولار خلال فترة الهدنة.
من جانبه أوضح الناطق الرسمي للشركة عصام المتوكل أن تحالف العدوان لم يسمح بدخول أي سفينة وقود من مخصصات الهدنة القائمة إلى ميناء الحديدة.
وقال المتوكل لـقناة المسيرة الفضائية ، أمس الأحد: “ما وصل مسبقاً من سفن الوقود إلى ميناء الحديدة هو من استحقاقات التمديد الأول للهدنة.. مشيراً إلى أن الاختناق التمويني اليوم يكشف زيف تصريحات المبعوث الأممي وما يزعمه من سلاسة تدفق الوقود إلى ميناء الحديدة.

فتح الطرقات
من ضمن بنود تمديد الهدنة اتفاق الإطراف على فتح الطرق المؤدية إلى مدينة تعز ومارب وبقية المحافظات، لتسهيل تنقل المواطنين ونقل السلع والمواد إلى تلك المحافظات بما يخفف من الأعباء والمعاناة الإنسانية التي يعاني منها المواطنين.. لكن هذا البند ظل معلقاً منذ اتفاق الهدنة الأول في مطلع ابريل من هذا العام.
وبعد المفاوضات التي استضافتها العاصمة عمان وشاركت فيها اللجنة العسكرية الوطنية، وأمام تعنت المرتزقة ورفضهم لمقترحات الطرق البديلة التي طرحت من قبل صنعاء..  أعلن المجلس السياسي الأعلى في شهر يوليو الماضي، مبادرة من جانب واحد لفتح طريق الخمسين–الستين في تعز.
وقال المجلس السياسي "الخطوة جاءت بعد مشاورة اللجنة العسكرية التي تبذل جهوداً كبيرة لفتح الطرقات في تعز ومحافظات أخرى"، محمّلاً "الميليشيات في تعز مسؤولية عرقلة فتح الطريق وأي اعتداء على المسافرين الآمنين فيها".
وقابلت مليشيات العدوان تلك المبادرة بالاستهداف المباشر للجنة المشرفة على فتح الطرق ومعهم الفرق الفنية والطواقم الإعلامية، بالتالي توقفت عملية فتح الطرقات إلى أجل غير مسمى، وحمل الجميع مرتزقة العدوان كل التبعات الإنسانية ايزاء تعنتها ومتاجرتها بمعاناة المواطنين.

مرتبات موظفي الدولة
من القضايا الرئيسية التي طرحت قبل تمديد الهدنة قضية صرف مرتبات موظفي الدولة التي انقطعت منذ أن قام مرتزقة العدوان بنقل عمليات البنك المركزي من العاصمة صنعاء إلى عدن، فحرم نحو مليون ونصف المليون موظف من رواتبهم، الأمر الذي اثر بشكل كبير على حياتهم المعيشية، وعدم قدرتهم على توفير متطلبات الحياة الضرورية.
وفي هذا الجانب فقد أشار المجلس السياسي الأعلى بأن عائدات اليمن من النفط وحدها تكفي لصرف المرتبات لجميع موظفي الدولة، محملاً العدوان ومرتزقته مسؤولية العبث بهذه الثروة والتفريط فيها، وكذا مسؤولية عدم صرف مرتبات موظّفي الدولة.. مؤكداً أن ثروات اليمن، المتمثلة في الغاز وغيره، ينبغي أن تسهم في البنية التحتية، وفي تقديم الخدمات للمواطنين في الوقت الحالي.

توافق لتوحيد السياسات النقدية
بعد إطلاق حكومة صنعاء تحذيراَ للموالين للتحالف، من استمرار التنصل من صرف رواتب الموظفين من عائدات النفط والغاز المنتج من المناطق التي يستولون عليها، وتوعدها باستهداف الناقلات المحملة بها، وتأكيدها أن التمديد للهدنة سيكون الأخير في حال عدم التزام عدن بدفع الرواتب.
تناقلت وكالات الإنباء خبر توافق حكومة صنعاء ومرتزقة العدوان في المفاوضات التي تستضيفها العاصمة الأردنية عمّان برعاية الأمم المتحدة على دفع رواتب الموظفين.. وقالت المصادر إن ممثلي الطرفين توصلوا إلى اتفاق على توحيد السياسة النقدية وصرف رواتب الموظفين.

تهرب المرتزقة
وهذا وتواصل حكومة مرتزقة العدوان التهرب من صرف مرتبات الموظفين، من عائدات النفط والغاز، خلال جولة المفاوضات التي أجريت مؤخراً بهذا الخصوص في العاصمة الأردنية عّمان.
وكانت مصادر مطلعة ذكرت أن المرتزق العليمي يختلق الأعذار في كل مرة، فيما يخص إنجاز ملف مرتبات الموظفين، ويبدي عدم جديته في رفع معاناتهم.. بل ويحاول تجزئة الملف من خلال حديثه عن صرف الرواتب للمدنيين فقط، ثم يعود عن ذلك ويتحدث عن أن إيرادات ميناء الحديدة كافية لصرف المرتبات، ما يعني رفض التهرب من  تنفيذ اتفاق استوكهولم، وما طُرح في مفاوضات عمّان الأخيرة برعاية الأمم المتحدة.

عائدات النفط والغاز
يشار إلى أن المرتبات والأجور في موازنة الدولة كانت تصرف، خلال فترات الحكومات المتعاقبة طوال أكثر من عقدين، من عائدات النفط والغاز.
وفي ذات السياق أكد وزير النفط والمعادن أحمد عبدالله دارس، أن حجم النفط الخام المنهوب خلال الفترة منذ العام 2018 م إلى نهاية شهر يوليو 2022م بلغ نحو 130 مليوناً و41 ألفاً و500 برميل، فيما تبلغ قيمة عائداته تسعة مليارات و490 مليونا و639 ألف دولار، حيث تم توريد هذا المبلغ إلى العديد من بنوك تحالف العدوان.. مشيرا إلى أن تلك المبالغ كافية لصرف مرتبات موظفي الدولة في مختلف المحافظات اليمنية لمدة خمس سنوات.

استمرار المعاناة
ومع استمرار خروقات العدوان المتكررة، وعدم التزام المرتزقة ببنود الهدنة، وعدم فتح وجهات جديدة للرحلات الجوية عبر مطار صنعاء، وتهربهم من صرف مرتبات موظفي الدولة.. أكد عضو المجلس السياسي الأعلى في اليمن محمد علي الحوثي أنّ خروقات العدوان لن تثنينا عن الاستعداد للمعركة الكبيرة والانتصار.. مضيفاً أنّ خروقات العدوان هي وقود لتبقى الجبهات حيّة ومستمرة.
وشدّد على أنّه  إذا لم تكن هناك عزيمة صحيحة في إنهاء العدوان وفك الحصار عن اليمن فإن المعركة ستستمر.. وتابع، "لا نأبه بأي تهديد والأسلحة التي خاضوا بها العدوان على بلدنا نعرفها ونعرف كيفية التعامل معها".. وقال عضو السياسي الأعلى محمد الحوثي:" لدينا أسلحة الردع التي يمكنها تحديد ميزان الردع وتحقيق الانتصار القريب".. مبيناً أننا قبلنا بالهدنة لأننا لا نريد استمرار الحرب لكن إذا استمروا في حصار بلدنا والعدوان عليه لن نبقى مكتوفي الأيدي.
من جهة أخرى  كشفت وزارة الصحة العامة والسكان اليمنية، في تقرير صدر عنها مؤخراً، جانبا من أضرار الحصار والعدوان الأمريكي السعودي على القطاع الصحي في هذا البلد.
وبشأن تداعيات الحصار الذي يفرضه التحالف السعودي على الوضع الصحي في اليمن، فقد أكد التقرير على أن الحصار تسبب برفع معدلات سوء التغذية الحاد إلى أكثر من 632 آلف طفل دون سن الخامسة، و 1.5 مليون امرأه حامل ومرضعة.
وأوضح، أنه توفي خلال 8 سنوات من الحصار المستمر على اليمن،40 ألفا و320 امرأة حامل، و 103ألآف و680 طفلاً.
وتسبب الحصار والقصف المكثف باستخدام أسلحة محرمة دوليا، وفق هذا التقرير، بارتفاع نسب التشوهات الخلقية والإسقاط للأجنة بمعدل 350 ألف حالة إسقاط و12 ألف حالة تشوه.
وكشفت وزارة الصحة اليمنية أيضاً، بأنه نتيجة للحصار ارتفعت المواليد الخدج إلى 8% مقارنة بالوضع قبيل العدوان وبمعدل 22 ألفا و599 حالة سنويا، كما تسبب الحصار في زيادة أعداد المصابين بالأورام بنسبة 50 % عن المعدل بداية العدوان في 2015م، وبلغت حالات الإصابة 46 ألفا و204 حالات مسجلة خلال العام 2021م.
وأكدت، على أن تحالف العدوان يمنع إدخال معدات طبية حيوية، فيما عزفت شركات دولية عن توريد الأدوية إلى اليمن نتيجة للحصار.
وشددت في نهاية هذا التقرير، بأن الفتح المحدود لمطار صنعاء وميناء الحديدة في ظل الهدنة، لا يفي بأدنى احتياجات القطاع الصحي وحاجة المرضى داخل اليمن؛ وأكدت ان رفع الحصار ووقف العدوان نهائيا هو الخطوة الأولى والصحيحة لمعالجة الأزمة الإنسانية في البلاد.

أخبار الجبهات

وسيبقى نبض قلبي يمنيا
لن ترى الدنيا على أرضي وصيا