أخبار وتقارير

توازن الرعب بين روسيا وأمريكا ومستقبل السلام في المنطقة

توازن الرعب بين روسيا وأمريكا ومستقبل السلام في المنطقة

 في ظل معادلة الردع بين روسيا وأمريكا والحراك الذي يشهده العالم عامة ومنطقة الشرق على وجه الخصوص،

تشير المعطيات أن عصراً جديداً بدأ بقيادة روسيا التي ظهرت مجدداً قوة عظمى تملك من الاقتصاد والقوة العسكرية والسياسية المرنة ما يمكنها من التربع لقيادة العالم وإلى جانبها قوى صاعدة أيضا كالصين التي تربطها بها علاقات تعاون في المجالات العسكرية والاقتصادية، وكذا إيران وتركيا التي دخلت معها ضمن تحالف جديد مناهض لسياسة الغطرسة الأمريكية، التي ظلت لعقود من الزمن تهيمن على القرار الدولي وتنفذ أجندتها تحت عدة مسميات كحقوق الإنسان وغيرها.. والتي لم تعد مجدية في الوقت الحاضر حيث يشهد العالم تحولا نحو بناء تحالفات جديدة أكثر قوة وتماسكاً.. هذه المتغيرات التي نتجت عن الحرب البادرة بين روسيا وأمريكا بسبب أوكرانيا كان لها تداعيات عدة وجوانب إيجابية في التشكل والصعود لمحور المقاومة الذي فرض حضوراً قوياً ضمن المعادلات الدولية بين دول المنطقة والعالم.. ومن جانب آخر يرى عدد من المحللين السياسيين أن التقارب والحوار العلني بين طهران والرياض وزيادة التمثيل الدبلوماسي لكل من الكويت والإمارات مع إيران سيسهم في تحقيق السلام في المنطقة إذا صدقت النوايا .. تفاصيل أكثر في سياق التقرير التالي :

الأحداث التي تشهدها أوكرانيا في ظل تنامي القدرات الدفاعية والاقتصاد القوي والتحالف الوثيق بين موسكو وايران وتركيا الى جانب الصين اصاب النظام الأمريكي بصدمة كبيرة وأفشل الأنظمة التي تراهن على عليه في تقديم الحماية لها  كالرياض وأبو ظبي اللتين بدأتا بالإدراك بتلاشي عصر الهيمنة الأمريكية بعد أن كشر الدب الروسي انيابه معلنا عن عصر جديد من توازن الرعب في العالم .
وسبق ان تحدث في هذا السياق  وزير خارجية أمريكا السابق كيسنجر أن التقارب الصيني الروسي هو بداية النهاية لأمريكا التي بدأت تترنح فعلا جراء المتغيرات التي تشهدها المنطقة والعالم بسبب الأزمة الأوكرانية .

واقع جديد
قمة طهران الثلاثية يرى عدد من المحللين السياسيين أنها جاءت ردا على قمة جدة التي شارك فيها بايدن خلال زيارته الشرق أوسطية التي وصفت بالفاشلة فيما كان لقمة طهران أثرها الايجابي فيما خرجت به من اتفاقيات هامة على صعيد تحقيق الأمن والاستقرار في المنطقة وظهور تقارب ايضا بين المجتمعين مع الرياض الذي بدأ واضحا من خلال الاتصالات مع بن سلمان لمناقشة أطر تحقيق سلام يحفظ للمنطقة أمنها واستقرارها ويعزز من الاقتصاد للدول المنضوية في اتحاد البريكس .

تحقيق السلام في اليمن
من بين الملفات التي تم مناقشتها في قمتي طهران وجدة أيضا هو الهدنة في اليمن وصولا الى تحقيق سلام شامل ينهي العدوان والحصار ويفتح المجال بشكل دائم أمام الرحلات الجوية والبرية والبحرية من والى واليمن وارتباطها بمحيطها الاقليمي والدولي .
ويرى مراقبون للمتغيرات الدولية وما أفرزته تداعياتها على الاصعدة السياسية والعسكرية والاقتصادية أن العدوان فشل بعد أكثر من سبع سنوات من تحقيق أي من أهدافه ولم يعد من حل لما يجري في اليمن سوى اللجوء للحل السياسي الذي وصلت الدول المتحالفة في عدوانها على اليمن الى قناعة تامة بفشل كافة الخيارات العسكرية التي سبق وأن جربتها في اليمن خاصة في ظل ظهور توازن الردع بين صنعاء والرياض الذي جعل حكومة صنعاء تفاوض من مصدر قوة على تحقيق السلام العادل وفرض شروطها في وقف العدوان ورفع الحصار وفتح المطارات والموانئ وصرف مرتبات موظفي الدولة.

مبادرات
التعامل الدبلوماسي ووحدة القرار جعل من صنعاء أنموذجاً في كل ما يعلن عنها في السير قدما نحو إرساء مداميك السلام من خلال التعاطي المسؤول مع مختلف الملفات السياسية والعسكرية ومنها تنفيذ خطوات الهدنة المعلنة من قبل الأمم المتحدة فكان من اثبات حسن النوايا هو الاعلان من طرف واحد عن فتح ثلاث طرق في تعز فيما الطرف الآخر لا يصل الى اتخاذ قرار مواز لحكومة صنعاء بسبب تعدد التيارات والارتهان الواضح لمموليهم في كل من ابو ظبي والرياض .

هل تفضي الهدنة الى تحقيق سلام ؟
ظهرت تيارات متطرفة في ما يسمى بالمجلس الرئاسي تعمل بشكل واضح الى عرقلة الهدنة في سعي منها استمرار دعم تحالف العدوان لها علها تحقق عما عجزت عنه خلال سبع سنوات ونيف من العدوان والحصار وهو ما تطرق له صراحة ما يسمى بوزير الخارجية الأسبق خالد اليماني الذي قال: "هناك تيارات متطرفة تدور في فلك (الحكومة اليمنية)، ما زالت تحرض ضد الهدنة وضد السلام من منطلق قناعتها أن السلام سيمكن (الحوثيين) من حكم اليمن. وتمارس هذه التيارات التصعيد الإعلامي على أمل سقوط الهدنة، وعودة التحالف لدعم الخيار العسكري لتحقيق "النصر الكامل"، وهذا الطرف يحاول تجاهل رؤية السلام السعودية، وهو يعرف أن تجربة السنوات السبع الماضية أكدت فشل الخيار العسكري، لكنه يراهن على تكرار الفشل."

خروقات مستمرة
في حين تعلن الرياض رغبتها في تمديد الهدنة وصولا الى الحل السلمي في اليمن إلا أن الخروقات المستمرة والطلعات الجوية والتجسسية تنبئ بعدم جديتها للوصول السلام الشامل كما تدعي  وفي هذا السياق قال محمد عبدالسلام في مداخلة له على قناة المسيرة: "هناك التزام لا بأس به فيما يتعلق بالعمليات الواسعة لكن الطيران التجسسي لم يتوقف والطيران الحربي نفذ عدداً من الغارات أدت لسقوط شهداء، كما أن  القصف المدفعي المعادي خصوصاً في الحدود مستمر وعمليات القنص من قوى العدوان أدت لسقوط ضحايا.
واعتبر عبدالسلام أن قصف الطيران الحربي والاستطلاعي خرق كبير جداً للهدنة، لافتا إلى أن الخروقات اليومية بعشرات الآلاف.

فتح الموانئ والمطارات
الى ذلك تحدث عن فتح مطار صنعاء بالقول: "حتى الآن كان يفترض تنفيذ 32رحلة جوية لكن ما نفذ منهم 18 رحلة فقط ولن تتجاوز الـ20 رحلة خلال المتبقي من الهدنة”، لافتا إلى أن رحلة يتيمة واحدة سيرت من مطار القاهرة وهذا أيضاً خرق كبير للهدنة حسب قوله.
وكشف عبدالسلام أن التحالف  رفض إدخال الوقود الخاص بالطائرات إلى صنعاء ويرفض جدولة الرحلات وهو أمر غير مبرر.
وعن فتح ميناء الحديدة  أكد عبدالسلام أن السفن التي دخلت 24سفينة ثلاث منها في الحجز ويتم تأخير بعض السفن لـ21 يوماً، بينما كان الاتفاق على دخول 36سفينة إلى ميناء الحديدة.

فتح الطرق
وبشأن الطرق قال عبدالسلام إن صنعاء رفضت من اليوم الأول تسمية أي طريق لأن هذا له علاقة بالوضع العسكري، وفتح الطرق له علاقة بوقف إطلاق النار.. وقال :
– فتح الطرق يجب أن يتم بناء على نقاش بين الأطراف ونحن شكلنا لجنة عسكرية ولجنة للطرقات بينما الطرف الآخر شكل لجنة لتعز فقط
– هناك محاولة لاستغلال قضية فتح الطرقات وتقديمها كصورة دعائية
– قدمنا مبادرات لفتح 3 طرق في تعز مقابل تعنت الطرف الآخر
– قلنا لهم فلنذهب لوقف إطلاق نار شامل ودائم في تعز لكنهم رفضوا
– عندما طالبنا بفتح طرق سواء في حرض أو مأرب قالوا هذه مشكلة عسكرية تحتاج وقف إطلاق نار
– الطرف الآخر لم يقم بتنفيذ شيء وقدمنا الطرق الممكن فتحها والطرف الآخر لم يقدم حتى طريقاً واحداً

تحييد الملف الإنساني
وكشف عبدالسلام أن صنعاء طالبت منذ البداية بتحييد الملف الإنساني ووقف الحرب منوها إلى أن التحالف رفض وساطة عمانية لهدنة تسمح بنقاش سياسي.
وقال عبدالسلام: ليس لدينا مشكلة مع السلام والهدنة، وهناك قضايا إقليمية لها تأثير على مواقف الطرف الآخر ونحن لا نخضع مصالح شعبنا للمواقف الدولي.. وأكد عبدالسلام أن صنعاء لا تمانع من صرف المرتبات، بل هي التي طالبت منذ البداية، والطرف الآخر يرفض جملة وتفصيلا.
وقال عبدالسلام: نحن نقول أمام الرأي العام أن تصرف مرتبات الموظفين من عائدات ميناء الحديدة، والإيرادات الأخرى، مؤكدا أن عائدات ميناء الحديدة لا تصل إلى 10 مليارات، وفي المقابل هناك إيرادات من مبيعات النفط التي يقوم الطرف الآخر ببيعها، تصل في الشهر الواحد إلى 240 مليون دولار.
وأضاف عبدالسلام أن صنعاء خاطبت الطرف الآخر أن : أي إيراد من ميناء الحديدة، أضيفوا إليه من إيراداتكم ما يكفي لصرف مرتبات اليمنيين.. وشدد عبدالسلام على صرف مرتبات الموظفين، ليس فقط المرتبات في الوقت الحالي، ولكن حتى المرتبات المتأخرة، ومرتبات المتقاعدين الحالية والمتأخرة.

اجتماع علني
الى ذلك يرى محللون سياسيون أن التقارب بين طهران والرياض في الحوار المزمع اجراؤه بين وزيري خارجية البلدين في العراق سيفضي الى تفاهمات يكون لها نتائج ايجابية على تحقيق الأمن والاستقرار في المنطقة ,  حيث  أعلن العراق مطلع الاسبوع أنه يستعد لاستضافة اجتماع "علني" لوزيري خارجية إيران والسعودية، بطلب من ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، حيث تقوم بغداد بالوساطة لمساعدة المتنافسين الإقليميين على إصلاح العلاقات بينهما.
وقال وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين، في تصريحات لتليفزيون رووداو الكردي، إن ولي العهد السعودي، طلب استضافة لقاء بين وزير الخارجية السعودي ونظيره الإيراني في بغداد.
وأضاف أن الاجتماعات المستقبلية ستكون بتمثيل رفيع بمشاركة وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان بن عبد الله آل سعود، ونظيره الإيراني حسين أمير عبداللهيان، إلا أنه لم يحدد موعد اللقاء.
وكانت اللقاءات السابقة بين البلدين تتم  بشكل فردي وبمستوى تمثيل دبلوماسي وسياسي منخفض وبمشاركة مسؤولي الأمن والاستخبارات.

خيارات مفتوحة
في حين يستمر الحديث في الأروقة السياسية عن امكانية التوصل لهدنة تفضي الى سلام دائم في اليمن والمنطقة إلا أن الممارسات على الواقع العملي تشير على عكس ما يتحدث به الساسة فقد شهدت الهدنة الانسانية والعسكرية اكثر من 205 خروقات خلال اليومين الماضيين تخللها تحليق للطيران الاستطلاعي المسلح والتجسسي على أجواء محافظات مأرب، تعز، حجة، الجوف، صعدة، الضالع، الحديدة، وجبهات الحدود.

اضافة الى قصف بالطيران والمدفعية وزحوفات لمرتزقة العدوان .
هذه الخروقات اصبحت تهدد بنسف الهدنة ويبقى خيار الرد وارداً وبشكل أوسع إن لم يوقف العدوان خروقات واستهدافه المتواصل للمدنيين في محافظات عدة من اليمن.

أخبار الجبهات

وسيبقى نبض قلبي يمنيا
لن ترى الدنيا على أرضي وصيا