أخبار وتقارير

اليمننة حجة الانفصاليين الخائبين

اليمننة حجة الانفصاليين الخائبين

عقب احتلال بريطانيا لعدن في 1839م وتغلغلها في السلطنات والمشيخات بتحويلها إلى محميات عملت على إبعاد تلك المناطق عن الشمال اليمني وإشعار سكانها بأنهم ليسوا يمنيين

إلى أن برز بمنتصف خمسينيات القرن العشرين تيار من الشباب في رابطة الجنوب العربي ينادي بالوحدة اليمنية معتبراً الجنوب العربي هو المملكة المتوكلية اليمنية وعدن والمحميات وأدى ذلك إلى خلاف مع قيادة الرابطة ممثلة برئيسها محمد علي الجفري وأمينها العام شيخان الحبشي وتطور الخلاف مؤدياً في 1960م إلى استقالة تلك العناصر الوحدوية من الرابطة وكان على رأسها قحطان الشعبي اللاجئ السياسي بمصر والذي صدر له بعد عامين في مايو 1962 أي قبل 26سبتمبر بأربعة أشهر كتاب شهير هو (الاستعمار البريطاني ومعركتنا العربية في جنوب اليمن "عدن والإمارات") ويلاحظ عبارة "عدن والإمارات" فذلك لتوضيح المقصود بجنوب اليمن فقد كانت تسمية جديدة إذ المتداول حينها كان "الجنوب العربي" وهي تسمية استعمارية لعدن والمحميات فلم يستخدمها قحطان لأنه يعتبر الجنوب العربي يشمل اليمن ككل.
وفي كتابه يعتبر اليمن موحداً فهي إقليم واحد مستقل في شماله ومحتل في جنوبه فكان يستخدم في الكتاب تسمية الشمال المستقل والجنوب المحتل. وفي 1963م أسس "الجبهة القومية لتحرير جنوب اليمن المحتل" التي أكدت على يمنية الجنوب وقد نص ميثاقها الوطني على الآتي "إعادة وحدة شعبنا العربي في إقليم اليمن شماله وجنوبه" ويلاحظ أن الحديث ليس عن توحيد اليمن وإنما "إعادة" توحيده والتف الشعب كله في الجنوب حول الجبهة القومية ولم يقل أحد أنها "يمننت" الجنوب.
في مباحثات الاستقلال بجنيف (21ـ 29 نوفمبر 1967) اعترض رئيس وفد الجبهة القومية (قحطان) على إستخدام رئيس وفد الحكومة البريطانية (شاكلتون) لتسمية الجنوب العربي وقال أن التسمية الحقيقية للمنطقة هي الجنوب اليمني فقال شاكلتون بأنه يقدر الدوافع الوطنية للسيد قحطان ولكنه يستخدم التسمية القانونية للمنطقة وهي الجنوب العربي التي عرفت بها وأنه من حق السيد قحطان أن يستخدم أثناء المباحثات ما يراه من تسمية لبلاده.
وفي ظهر 29 نوفمبر وقع رئيسا الوفدين وثائق الاستقلال وأكدت اتفاقية الاستقلال الوطني على يمنية الجنوب إذ نصت في بندها الثاني على الآتي "تنشأ في يوم الاستقلال دولة مستقلة ذات سيادة تعرف بجمهورية اليمن الجنوبية الشعبية" ووردت عبارة "جمهورية اليمن الجنوبية الشعبية" في 12 بنداً من أصل 17 بند، وهو ما يعني أن وفد الجبهة جعل الحكومة البريطانية تعترف ولأول مرة بيمنية عدن ومحمياتها. ولم ترد تسمية "الجنوب العربي" في الاتفاقية غير مرة واحد في البند الأول الذي قال "يحصل الجنوب العربي على الاستقلال في 30نوفمبر 1967" ففي هذا البند كان لابد من استخدام التسمية القانونية ليعرف العالم بأن الذي نال الاستقلال هو المنطقة المعروفة بالجنوب العربي.
في مساء يوم الاستقلال وفي الحفل الجماهيري الكبير بعدن بمناسبة الإنجاز الوطني العظيم أعلنت القيادة العامة للجبهة القومية اختيارها أمينها العام قحطان الشعبي رئيساً للجمهورية فقام وألقى بيان إعلان الاستقلال وقيام الجمهورية رسمياً مؤكداً على "الإيمان الصادق بوحدة اليمن الطبيعية شمالاً وجنوباً".
وبنفس اليوم شكل الرئيس أول حكومة وطنية للجنوب وتجسيداً للإيمان بالوحدة اليمنية ضمت وزيرين من أبناء الشمال (محمود عشيش من رداع, وعبدالفتاح إسماعيل من تعز).
مؤخراً ظهرت حكاية "اليمننة" ففشل حركة انفصال الجنوب دفعت ببعض القيادات الانفصالية لتبرير فشلها الذريع بأن السبب هو يمننة الجنوب! ولا تفهم كيف تمنع اليمننة ـ إن صحت فرضاً ـ الإنفصال؟! هم يبحثون عن أي عذر والسلام.
ويزعمون بأنه لولا يمننة الجنوب عند الاستقلال في 67م ما كان هناك مدخل للوحدة اليمنية! وهو أمر مضحك فالجنوب لم يصبح يمنياً فجأة في 67م فيمنيتة طرحت كما أشرت آنفاً منذ خمسينيات ق20 ، وباعتراف البريطانيين كان 95% من الشعب بالجنوب يؤيد الجبهة القومية التي من أهدافها توحيد جنوب اليمن وشماله.
ولنفرض أن الجنوب تيمنن فجأة عند الاستقلال بقيام دولة "يمنية" فأنه لو كانت اليمننة هي سبب الوحدة لتوحدت دولتي اليمن في يوم الاستقلال أو بعد أسابيع وليس بعد 23 سنة وهنا نصل لنقطة هامة ترد على أولئك الأفاكين والجهلة وهي أن اليمن لم تتوحد لأن الدولتين يمنيتين وحسب ولكن أيضاً تمت الوحدة بإرادة سياسية لقيادتي الدولتين وعلى أسس قانونية واتفاقات وثقت في المنظمات الدولية أما لو يقوم التوحد على أساس الهوية فقط لتوحدت الدول العربية منذ عشرات السنين. ثم أن الشعب في الجنوب فرح بالوحدة وجاء الاستفتاء على دستور دولة الوحدة في 1991م ليؤكد ذلك.
ومنذ أيام اتفقت الرابطة والانتقالي على محاربة فكرة اليمننة! والموضوع مضحك فقيادتيهما أهدافهما شخصية لا سياسية فالانتقالي الذي يزعم أنه يريد فصل الجنوب واستعادة الدولة لم تمر سنتين على قيامه إلا ويمنن نفسه بتوقيعه على إتفاق الرياض في 5 نوفمبر 2019 وصار يشارك في حكومة الفار عبدربه مع أنها حكومة "يمنية" وإن كانت وهمية ومنذ أسبوع صرح رئيس الانتقالي بأنه "إذا سقطت مأرب بيد الحوثة سنفاوضهم" يقصد أن حكومة الفار ستنتهي والأفضل نطلع لنا بوزارتين في حكومة صنعاء. والرابطة مثلهم فكيف ستحاربين اليمننة وأنت قيادتك (عبدالرحمن الجفري ومحسن فريد العولقي) يمننتك في 1990م فأسمتك "رابطة ابناء اليمن"؟ شيء مضحك تيمننوا والآن يقولا لبعضهما يا الله يا جماعة خلونا نحارب اليمننة!
وأود التذكير بما كتبته بالمقال السابق وهو أن الجنوب يمني منذ الأزل وليس جهوياً فقط بل كان جزءاً من الدولة اليمنية قديما حتى وإن لم تحمل اسم اليمن.
وأختم بأن قحطان الشعبي لم ييمنن الجنوب ولكنه نفض الغبار عن يمنية الجنوب، ومن تجرأوا بمهاجمته بحجة أنه يمنن الجنوب فعليهم أن يعلموا بأن الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم قال في حديث رواه أبي داود بأن آخر العلامات العشر على اقتراب الساعة "نار تخرج من اليمن من قعر عدن تسوق الناس إلى المحشر" فهل ستجرؤون على مهاجمة نبينا بحجة أنه هو أيضاً يمنن الجنوب بيمننته عدن التي تزعمون أنها عاصمة الجنوب؟ أي عاصمة تلك وكلكم ساكنين بالإمارات والسعودية ولم تخدموا عدن أو الجنوب بشيء.

أخبار الجبهات

وسيبقى نبض قلبي يمنيا
لن ترى الدنيا على أرضي وصيا