كتابات | آراء

رداً على تخرصات المتقولين

رداً على تخرصات المتقولين

رغم مرور ما يقارب عشرة أعوام على قيام ثورة 21 سبتمبر الشعبية ووضُوح الرؤية حولها وما حملته من أهداف وطنية إلا أن البعض ما يزالون ينظرون إليها على أنها انقلاب على نظام كان قائم لاسيما هذه الأيام التي عرى فيها الشعب اليمني بموقفه المساند للشعب الفلسطيني في غزة الأنظمة العربية والإسلامية

خاصة تلك المتعاطفة مع كيان العدو الصهيوني والداعمة له والسبب الرئيس لهذه المغالطة يتمثل في أن عملية التغيير التي تمت عام 2014م من حيث ارتباطها بالشعب قد غيرت معادلة الانقلابات في الوطن العربي ورسمت للشعوب العربية طريق المستقبل بل وأثبتت أن الشعوب الحرة قادرة على أن تقوم بالتغيير ويكون لها في النهاية الكلمة الفصل والسبب الآخر هو أن هناك من لم يقووا على الاعتراف بهذه الحقيقة كونها تعتبر هزيمة بالنسبة لهم ولتوجهاتهم السياسية والفكرية وفي الحالتين فإن الفريقين هم ممن لا يزالون في قلوبهم مرض وتحمل أنفسهم حقداً دفيناً على كل من يختلفون معهم فكراً وسياسة فينظرون إلى هذا التغيير المهم الذي أعاد لليمن اعتباره وحرر قراره السياسي من الوصاية الخارجية بل وجعله دولة عظيمة في المنطقة يصارع ويواجه دولا كبرى على أنه انقلاب وإلغاء للآخر متجاهلين حقيقة الهدف الذي قامت من أجله ثورة 21 سبتمبر الشعبية التي جاءت أساساً مصححة لمسار ثورتي(26 سبتمبر و 14 أكتوبر) والعمل على تحقيق أهدافهما الوطنية التي تم الإعلان عنها قبل أكثر من ستة عقود ولم تكتب لها الترجمة الفعلية على أرض الواقع ، ومتجاهلين أيضاً حقيقة ما أتت به عملية التغيير هذه في نفس يوم حدوثها من اتفاق للسلم والشراكة الوطنية الذي أبقى على عبدربه منصورهادي المنتهية شرعيته والمفروض عليه حالياً الإقامة الجبرية في الرياض رئيساً للجمهورية وتضمن تشكيل حكومة شراكة تمثلت فيها كل الأطراف السياسية بمختلف تناقضاتها السياسية ماعدا مكون أنصار الله صاحب المصلحة الأولى في الثورة الشعبية حيث لم يشارك في الحكومة تجنباً لاتهامه بأنه استولى على السلطة بالقوة كما يحلو للبعض أن يقول ، ومن هنا يتضح أن عملية التغيير في اليمن لم تقم ترفاً بهدف خلط الأوراق السياسية ولم تقم من أجل الاستحواذ على السلطة وإلغاء الآخر كما فعل الإخوان المسلمون فيما عُرف بثورات الربيع العربي عام 2011م والتي تحولت إلى خريف مبكر نتيجة الالتفاف عليها.
ثورة 21 سبتمبر الشعبية 2014م أملتها الظروف الموضوعية كضرورة حتمية من أجل انقاذ شعب بأكمله من سيطرة الخارج على قراره السياسي والاقتصادي وحتى الاجتماعي وفرض الوصاية عليه وكأنه لم يشب بعد عن الطوق وتصحيحاً - كما أشرنا آنفا - لمسار ثورتي : (26 سبتمبر و 14 أكتوبر) التي تم إجهاض مبادئهما وأهدافهما بعد أيام قليلة من قيامهما لتتحول الساحة اليمنية بعد ذلك إلى ساحة صراع لتصفية حسابات إقليمية ودولية دفع اليمنيون ثمنها غالياً ولا يزالون يدفعونه حتى اليوم ، ومن المفارقات أن نتحدث اليوم عن عملية التغيير التي تمت قبل ما يقارب عشرة أعوام وعدن الحبيبة وكل المحافظات الجنوبية تئن تحت وطأة الاحتلال وفي ظل ظروف صعبة ومعقدة يعيشها الشعب اليمني العظيم نتيجة عدوان آل سعود وحلفائهم عليه وهو ما يجعلنا نستذكر ما لثورة 21 من سبتمبر من فضل وقيمة عظيمة جعلت الشعب اليمني يستيقظ من سباته العميق الذي استمر أكثر من خمسة عقود وقراره السياسي رهن الخارج، ولذلك فإن الزلزال الذي أحدثته هذه الثورة من خلال رفعها شعار التحرر من الوصاية الخارجية قد أجبر تلك الدول التي اعتادت على التدخل في الشأن اليمني وعلى رأسها السعودية وأمريكا لتقوم بشن عدوان ظالم على اليمن وشعبه العظيم بعد أن وجدت بأن مصالحها التي كانت تعتقد بأنها لن تتحقق في اليمن إلا من خلال السيطرة على قراره السياسي وفرض عملاء ومرتزقة محليين على رأس الحكم لينفذوا لها أجندتها المرسومة بالطريقة التي تريدها الدول المتدخلة وليس من خلال إقامة علاقات ندية مع شعب يعتبر بالدرجة الأولى العُمق الاستراتيجي لدول الجزيرة والخليج ، ولأن هذه الميزة التي كانت تتمتع بها الدول المتدخلة في الشأن اليمني امتدت لعقود دون أن تواجه أي تذمر يذكر بالرغم من أن السفيرين السعودي والأمريكي كانا يتصرفان وكأنهما صاحبا القرار في اليمن بدليل أن السفير الأمريكي قال في تصريح له أثناء مغادرته العاصمة صنعاء قبل شن العدوان على اليمن في 26 مارس عام 2015م بأنه لم يعد لنا شيء نفعله.
وعندما لم يحقق تحالف العدوان الأهداف التي رسمتها له أمريكا أم الإرهاب خلال تسعة أعوام مضت على عدوانهم الظالم وغير المبرر على اليمن اضطرت أمريكا إلى أن تخوض المعركة مع الشعب اليمني ممثلا في قيادته الثورية وقواته المسلحة بنفسها بمشاركة بريطانيا مستغلة وقوف اليمن إلى جانب الشعب الفلسطيني في قطاع غزة الذي حاصر إسرائيل في البحرين العربي والأحمر والمحيط الهندي ومنع مرور سفن العدو الصهيوني من التوجه إلى موانئ فلسطين المحتلة، ولم تكن أمريكا وبريطانيا تتوقعان بأن معركتهما مع القوات المسلحة اليمنية ستقضي على هيبتهما وتكشف عوراتهما للشعوب الحرة المقاومة للظلم والاستبداد وأن غاراتهما على عدد من المناطق اليمنية التي وصلت إلى ما يقارب خمسمائة غارة كانت فاشلة ولم تحد من قدرات اليمن العسكرية كما تدعيان في بيانات تضليلية وهو ما جعل أمريكا تلجأ إلى أطراف أخرى للتوسط لدى صنعاء للكف عن محاصرة إسرائيل والسماح لسفنها بالعبور والوصول إلى موانئها في فلسطين المحتلة بسلام فكان الرد حاسماً بأن اليمن لا يمكن أن يتراجع عن موقفه المساند للأشقاء في فلسطين ما لم يتوقف العدوان على قطاع غزة ورفع الحصار عن سكان القطاع وفتح المعابر لإيصال الغذاء والدواء إليهم .
وكم هو مؤسف أن نجد قيادات سياسية وحزبية يمنية ارتمت في أحضان العدوان وباركته وهي قيادات معروفة وكانت مشاركة في الحكم ومطلعة على ما كان يجري من امتهان للقرار السياسي اليمني تجاهر بانتقادها لموقف اليمن المساند للشعب الفلسطيني في قطاع غزة وتقف إلى جانب أمريكا وبريطانيا في عدوانهما على اليمن بل وتحرضهما على احتلال الحديدة ، وإذا لم تغير هذه القيادات من نهجها السياسي المتمثل في شخصنتها منطلقة من الحقد الدفين الذي يلازمها ضد من تختلف معه فإن الفشل سيظل حليفها الدائم ولن تخرج أبداً من النفق المظلم الذي اختارت لنفسها السير فيه.

أخبار الجبهات

وسيبقى نبض قلبي يمنيا
لن ترى الدنيا على أرضي وصيا