جـرة قلم 12

جاهد نفسك قدر استطاعتك، واغسل قلبك قبل جسدك، ولسانك قبل يديك وأفسد كل محاولاتهم لإفساد صيامك واحذر أن تكون من أولئك الذين لا ينالهم من صيامهم سوى العطش والجوع.

الصيام فريضة توسع الصدر وتقوي الإرادة وتزيل أسباب الهم وتعلو بصاحبها إلى أعلى المنازل فيكبر المرء في عين نفسه ويصغر حينها كل شيء في عينه، ما أفسدته شهور العام في أرواحنا المثقلة، تصلحه أيام رمضان بإذن الله.
افتح قلبك المغلق بمفاتيح التسامح واطرق الأبواب المغلقة بينك وبينهم وضع باقات زهورك على عتباتهم، وأحرص على أن تبقى المساحات بينك وبينهم بلون الثلج النقي، رمضان شهر له مزيته وخاصيته، فإياك أن تجعله كغيره من شهور السنة.
البعض يمضي نهار شهر رمضان المبارك وهو نائم، ولا يشعر بلذة الصيام، وفي هذا خطأ كبير، فشهر رمضان فرصة لإحياء الروح الإيمانية، وزيادة الشعور بالآخرين، وهو أيضا شهر التعاون، فلا يجوز أبدًا أن يجلس الصائم ينتظر من يطهو له الطعام ويجلب له حاجياته حتى يفطر، بل يجب أن يكون فيه التعاون في كل شيء لتخفيف تعب الصيام والحصول على الأجر والثواب.
صافح قلبك ابتسم، لذاتك صالح نفسك وأطلق جميع أحزانك وعلم همومك الطيران بعيداً عنك، الصيام هو تطهير أجسامنا من السموم الضارة، أعد ترتيب نفسك لملم بقاياك المبعثرة اقترب من أحلامك البعيدة واكتشف مواطن الخير داخلك واهزم نفسك الأمارة بالسوء.
الصبر نصف الإيمان، والصوم نصف الصبر، إن الله جعل الصوم مضماراً لعباده ليستبقوا إلى طاعته، ستبقى ليالي رمضان هي الأجمل والألطف والأطهر على الإطلاق، فهي ليالٍ محمّلة بالاستغفار والدّعاء، إذ يجد الإنسان نفسه قريبا من ربه.
تلك اللحظات التي نقضيها مع الأهل في ليالي رمضان بالتعبد والاستغفار والصلاة هي أجمل لحظات الحياة على الإطلاق، وأكثرها خلودا دنيا وآخرة، تربية النفس على الصبر والانضباط، وتحمل المكاره والمعاصي واجتنابها، والاستمرار في الأعمال الصالحة.