كتابات | آراء

دون وقف إطلاق النار نذر الانهيار

دون وقف إطلاق النار نذر الانهيار

للمرة الأولى منذ خمسين عامًا تعلن دولة الكيان ممثلة برئيس وزرائها الليكودي المتطرف «بنيامين نتنياهو» حالة الحرب الشاملة وذلك بعد اسيتقاظها على تردد أصداء عملية «طوفان الأقصى» التي ما تزال تتردد أصداؤها إلى هذه الأثناء.

ولأنَّ «طوفان الأقصى» عكست فشل حكومة الكيان ومن يقف خلفها من الحكومات الغربية على كافَّة الأصعدة لا سيما جانب الاستخبارات، فقد حملها ضعفها أمام هذه العملية العسكرية النوعية على الاستعانة بأهم حلفائها من الأنظمة الصهيوصليبية التي لم تتأخر عن دعمها بالكثير من الأسلحة والذخائر، بل إنَّ الإدارة الأمريكية وضعت مخزونها الاستراتيجي التسليحي في الإقليم تحت تصرف «بنيامين نتنياهو» الذي ظنَّ أنَّ بإمكانه حسم معركته مع «قطاع غزة» والقضاء التام على «كتائب القسام» -بفعل ما حظي به من دعمٍ غربي لامحدود- خلال بضعة أيام، بيد أنَّ صمود المقاومة إلى هذا الحدِّ الذي لم يكن يخطر على بال «نتنياهو» في أسوأ كوابيسه أو أفظع أحلامه زاد من تفاقم أزماته وأزمات كيانه المتفاقمة، فقد تسبب طول أمد الحرب الوحشية الظالمة وإخفاقها في تحقيق الحدِّ الأدنى من أهدافها التي تعكس ذهاب «نتنياهو» إلى تحقيق انتقامه برغبة عارمة  بالأمرين الكارثيين التالين:

1- قصم ظهر اقتصاد البلاد:
فبالرغم من أنَّ حرب «نتنياهو» تلتهم -صباح مساء- أرواح مئات الشيوخ والأطفال والنساء من سكان «قطاع غزة الأبرياء» إلَّا أنها قد جلبت على «دولة الكيان» -وهي على وشك طي شهرها الثالث- الكثير من الكوارث التي تتصدرها كارثة تآكل الاقتصاد -ليل نهار- حتى بات -في ضوء كثافة القصف وكثرة الخسائر في المعدات التي تدمر يوميًّا بالعشرات، بالإضافة إلى الكلفة الباهظة التي تتكبدها منظومات الدفاع الجوي- على حافَّة الانهيار، وذلك ما أشير إليه بوضوح جلي -في سياق الخبر الصحفي التفصيلي المعنون [يديعوت أحرونوت: اقتصاد إسرائيل يختنق بسبب الحرب على غزة] الذي نشره موقع «الجزيرة نت» في الـ26 من ديسمبر الفائت- بما يلي: (كشف الكاتب الإسرائيلي «يوسي يشوع» في مقالٍ تحليلي نشر في صحيفة «يديعوت أحرونوت» أنَّ ثمة حقيقة صارخة تتبدى داخل أروقة وزارة الدفاع، مفادها أنَّ الحرب المستمرة كبّدت تل أبيب نفقات باهظة بلغت 18 مليار دولار، وهو مبلغ يتجاوز الميزانية السنوية المخصصة للدفاع بأكملها، من دون الارتكاز على المعونة الأميركية التي تبلغ هي الأخرى 18 مليار دولار.
ومن ناحية ثانية قالت وزارة المالية الإسرائيلية إنَّ إسرائيل سجلت عجزًا في ميزانيتها بقيمة 17 مليار شيكل {حوالي 4.5 مليار دولار} في نوفمبر الماضي فقط. يأتي هذا بعد توقعات محافظ بنك إسرائيل بأنَّ تصل الخسائر الاقتصادية إلى 10% من الناتج المحلي الإجمالي لإسرائيل، وهي نسبة تعادل نحو 52 مليار دولار.
ومن المتوقع أن يشهد الناتج المحلي الإسرائيلي تراجعًا إلى 2% خلال عام 2023 من 6.5% بسبب الآثار السلبية للحرب التي تسببت جزئيًّا في هذا الانخفاض، فيما يتوقع أن يتوقف النمو تمامًا في 2024).

2- تشقق النسيج  المجتمعي:
على الرغم ممَّا كان قد نتج عن سياسة «نتنياهو» وتحالفه الشديد التطرف وعن تبني حكومته مشروع التعديل القضائي المجحف من انقسام في أوساط المجتمع الصهيوني وصف بالحاد، فأنه بقي نارًا تحت رماد إلى ما قبل إعلان الحرب على غزة الآخذة -بعد مضي ثلاثة شهور على اشتعالها- في الاشتداد والتي يقدِّم «نتنياهو» باستمرارها -بحسب معارضيه ومعهم الأكثرية الجماهيرية- مصلحته الشخصية والسياسية على مصلحة البلاد، والملاحظ أنَّ طول أمدها دون تحقيق أيٍّ من أهدافها المستحيلة التحقق يفضي بالنسيج المجتمعي الصهيوني إلى المزيد من التشقق، وهذا ما يمكن أن يُفهم من احتواء التقرير التحليلي المعنون [نتنياهو .. حرب على غزة وجنون وخوف داخل المجتمع الإسرائيلي] الذي نشره موقع «اليوم السابع» في الـ29 من ديسمبر الماضي على ما يأتي: (إنَّ استمرار «بنيامين نتنياهو» في خوض حربه الانتقامية على سكان «قطاع غزة» بهذا العنف وهذه الكثافة يضاعف مخاوف أهالي الأسرى من احتمالية ملاقاتهم حتفهم بهذه القذيفة أو الأخرى، في الوقت الذي ما يزال سكان المستوطنات بشكل عام يخشون على الدوام ارتفاع وتيرة ردود المقاومة الفلسطينية وفي مقدمتها «كتائب القسام»، وبالتالي فإنَّ رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو وهو يقود حرب إبادة ضد غزة، يقود -في الوقت ذاته- المجتمع الإسرائيلي إلى الجنون ويضاعف حدَّة الانقسام في أوساطه المجتمعية التي لم تكن قد توافرت لها -بعد- عوامل التجانس والانسجام).

أخبار الجبهات

وسيبقى نبض قلبي يمنيا
لن ترى الدنيا على أرضي وصيا