كتابات | آراء

فيتو« جو بايدن » يسقط قناع « واشنطن »

فيتو« جو بايدن » يسقط قناع « واشنطن »

مذ تشكَّل مجلس الأمن بتأريخ 14 أكتوبر عام 1945 من 10 أعضاء منتخبين، و5 أعضاء دائمين، وعهدت إليه الأمم المتحدة بمهمة حفظ السلام والأمن الدوليين، وهو مرتهن بقراراته لنفوذ أعضائه الدائمين الذين أعطي كل واحد -ولو بشكلٍ منفرد- حقَّ تعطيل إصدار أيِّ قرار.

بيد أنَّ الحالة بدأت تسوء بتسارع متزايد بعد تفكك «الاتحاد السوفييتي» وتفرد «أمريكا» في رسم السياسة الدولية بما يتناسب وتكريس سيطرة القطب الواحد، فصارت «واشنطن» -مستفيدةً من الإرث الاستعماري لحليفتها «لندن»- تستغل هيمنتها على المنابر الأممية -بالإضافة إلى تأبيد شرعية أدواتها المتمثلة في الأنظمة الرجعية الظلامية راعية المشاريع الاستعمارية ضد الحركات والقوى والأنظمة التحررية- في شرعنة جرائم الكيان الصهيوني في حقِّ أبناء الشعب الفلسطيني، والحيلولة دون نيل الشعب العربي الفلسطيني الحدَّ الأدنى من حقوقه المشروعة.

جرم نقض قرار «وقف إطلاق النار»
من أحدث المواقف المخزية التي اتخذتها الولايات المتحدة الأمريكية انخراط إدارة «جو بايدن» -قبل أكثر من شهرين- إلى جانب دولة الكيان العنصري في حربها الانتقاميَّة على «قطاع غزة» واضعةً المخزون العسكري الاستراتيجي الأمريكي تحت تصرف «نتنياهو» الذي يوظفه في ردِّه الجائر على عملية «طوفان الأقصى» القساميَّة.
وممَّا يلطخ وجه «أمريكا» بالعار -فضلًا عن مباركة إدارة «بايدن» ما يتعرض له أطفال «قطاع غزة» من إبادة وما تتعرض لهُ بنية «القطاع» من دمار- وقوف «الولايات المتحدة» -للمرة الثانية- حائلًا دون إصدار مجلس الأمن ما تقتضيه الأوضاع الإنسانية في «القطاع» من قرار ينصُّ -على سبيل الاضطرار- على «وقف إطلاق النار».
فبالرغم من أنَّ مشروع القرار الذي يدعو إلى "وقف فوري لإطلاق النار لأسباب إنسانية"، وإلى "الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع الرهائن" و"ضمان وصول المساعدات الإنسانية" قد قدم من قبل ثلاثة أعضاء، عضوان منهما -«روسيا والصين»- من الأعضاء الدائمين، وبالرغم من أنَّ التصويت عليه جاء بعد لجوءٍ نادرٍ من الأمين العام للأمم المتحدة «أنطونيو غوتيريش» -على سبيل الاستثناء- إلى المادة 99 من ميثاق الأمم المتحدة؛ التي تسمح للأمناء العامين بالدعوة إلى اجتماع مجلس الأمن -بصورة استثنائيّة- بشأن أيَّة قضية قد يؤدي تفاقمها إلى تهديد السلام والأمن الدوليين، وبالرغم من أنَّ القرار حظي بأغلبية 13 صوتًا، فقد حال «الفيتو الأمريكي» دون صدوره بكل ما يترتب على اتخاذ ذلك الـ«فيتو» الجائر من استمرار ارتكاب المجازر.

ردود فعل حقوقية ودولية انفعالية
لأنَّ اتخاذ واشنطن حقَّ «النقض الفيتو» دون استصدار قرار أممي يهدف إلى إيقاف المجازر التي ترتكبها «الدولة الصهيونية» في حقِّ أطفال غزة يتنافى مع الحدِّ الأدنى من المبادئ والقيم الإنسانية، فقد جاءت ردود الفعل على هذا الموقف المؤيد لتواصل مسلسل قتل الأطفال متسمةً بقدرٍ من الانفعال، نورد منها -على سبيل المثال-:
١- تنديد منظمة «هيومن رايتس ووتش»:
قال «لويس شاربونو» مدير مكتب الأمم المتحدة في المنظمة -في بيان عقب استخدام حق النقض-: (من خلال الاستمرار في تزويد إسرائيل بالأسلحة والغطاء الدبلوماسي أثناء ارتكابها الفظائع، بما في ذلك العقاب الجماعي للسكان المدنيين الفلسطينيين في غزة، فإنَّ الولايات المتحدة تخاطر بالتواطؤ في جرائم الحرب).
٢- صدور اتهام من «منظمة أوكسفام»:
انتقد «آبي ماكسمان» الرئيس والمدير التنفيذي لـ«منظمة أوكسفام الخيرية» الفيتو قائلا: (إنَّ حق النقض يضع مسمارًا آخر في نعش مصداقية الولايات المتحدة في مسائل حقوق الإنسان).
٣- انتقاد «منظمة العفو الدولية»:
قالت الأمينة العامة لمنظمة العفو الدولية «أنييس كالامار» -في بيان للمنظمة-: (لقد استخدمت الولايات المتحدة حق النقض {الفيتو} بوقاحة واستخدمته كسلاح لتقويض «مجلس الأمن»، وتقويض مصداقيته وقدرته على الوفاء بتفويضه للحفاظ على السلام والأمن الدوليين).
٤- إدانة «منظمة أطباء بلا حدود»:
 قالت «منظمة أطباء بلا حدود» -في بيان لها-: (باستخدامها حق النقض ضد هذا القرار، تقف الولايات المتحدة وحدها في الإدلاء بصوتها ضد الإنسانية، وأضافت: لقد صدمنا فشل مجلس الأمن الدولي في تبني قرار يطالب بوقف إطلاق النار في غزة).
٥- اندهاش مندوب جمهورية الصين:
علق مندوب جمهورية الصين «تشانغ جون» باندهاش على الفيتو قائلا: (التغاضي عن استمرار القتال يتناقض مع ادعاء أمريكا الاهتمام بحياة الناس وسلامتهم في غزة).
٦- استنكار ممثل جمهورية روسيا:
فاجأ «دميتري بوليانسكي» نائب مندوب روسيا الجميع بقوله باللغة العربية: (التصويت ضد قرار وقف إطلاق النار كان "حكمٌ بالإعدام" على الفلسطينيين).
وقد أسقط احتداد وتشابه هذه المواقف عن وجه «واشنطن» ما تجمل بهِ قبحها من قناعٍ زائف.

أخبار الجبهات

وسيبقى نبض قلبي يمنيا
لن ترى الدنيا على أرضي وصيا