كتابات | آراء

غـزة.. عتنوان للعزة وانتصار للإرادة

غـزة.. عتنوان للعزة وانتصار للإرادة

المتابع للأحداث في غزة وفلسطين عامة منذ بدء طوفان الأقصى في السابع من أكتوبر المجيد، سيلاحظ قبل أي شيء آخر ما يرتكبه العدو الصهيوني من جرائم وحشية ومجازر إبادة جماعية بحق أهالي قطاع غزة،

وتعمده تدمير القطاع وقتل الأطفال والنساء والمدنيين العزل بقصف منازلهم وهدمها على رؤوسهم وكذا تعمده الآثم استهداف المشافي والمدارس والجامعات والمساجد والكنائس وأماكن النزوح وغير ذلك من المنشآت والأعيان المدنية في انتهاك صارخ لكل القوانين والمواثيق والأعراف والاتفاقيات الدولية التي تحرم وتجرم استهداف المدنيين والمنشآت والأعيان المدنية بأي حال من الأحوال، لكن العدو الصهيوني كم يستثن شيئا على الإطلاق، حيث استهدف البشر والحجر والشجر في قطاع غزة بشكل عام..
عدوان صهيوني همجي وقصف هستيري وتهجير قسري، جرائم وحشية ومجازر دموية وإبادة جماعية تعرض لها أهالي قطاع غزة أمام مرأى ومسمع العالم أجمع دون أن يحرك ساكناً، بما في ذلك الدول التي ظلت وعلى مدى سنين عديدة وأعوام مديدة تتغنى بحقوق الإنسان والدفاع عن الحريات ومناصرة الشعوب المضطهدة ودعم الحركات التحررية في العالم وسنت القوانين الدولية التي تعنى احكامها وتنص موادها على واجب وضرورة تجنب استهداف المدنيين والأعيان المدنية واحترام الثقافات والمعتقدات والمقدسات الخاصة بكل الأديان.
هذا من جانب والجانب الآخر يستمر مسلسل التهجير والقتل والتدمير والإبادة الجماعية ذاتها أمام مرأى ومسمع العالم أجمع وهيئاته الأممية ومنظماته الحقوقية والإنسانية بما في ذلك ٥٧ دولة عربية وإسلامية تعتبر القضية الفلسطينية هي قضيتها الأولى والمركزية، إلا أنها أثبتت عجزها وجبنها وارتهانها للعدو الغاصب، وبرهنت بصمتها وتخاذلها وعدم تحركها لردع العدو الإسرائيلي وايقاف عدوانه الهمجي، بأنها كأنظمة وكقيادات خانعة خاضعة ذليلة، لا تستطيع اتخاذ قرار قوي وصارم لإيقاف العدوان الصهيوني على غزة، بل لم تستطع أن تفرض كسر الحصار وفتح معبر رفح لإدخال المساعدات الإنسانية، الماء والغذاء والدواء لأهالي غزة.. أي ذل وهوان وخنوع واضح وفاضح وصلت إليه الأمة.. رأينا ذلك في نتائج القمة العربية والإسلامية في الرياض، وكنا نعتقد أمام مشاهد الإجرام الوحشي للعدو الصهيوني، أن قرار القمة سيكون تحريك الجيوش العربية والإسلامية لنصرة غزة ومقاومتها الباسلة.. لكن للأسف الشديد لم نر منهم إلا المناشدة والادانات والبيانات الهزيلة المعدة مسبقاً من قبل العدو الصهيوني والأمريكان، حيث أنه لم تعقد تلك القمة إلا بموافقة أمريكا وإسرائيل وبعد أن حددتا وصاغتا بيانها ومخرجاتها سلفاً، فكانت مخرجات مخزية تترجم الاتفاقات السرية وتبرهن تعاون القيادات العربية والإسلامية المطبعة مع العدو الصهيوني وتخليها عن القضية المركزية للأمة، بل ووقوفها إلى جانب كيان الاحتلال والعدو الصهيوني وموافقتها على استئصال فصائل المقاومة الإسلامية.
ولا شك أن الجميع أصبحوا يدركون ذلك جيداً، فهذا الأمر بات اليوم واضحاً وجلياً للعامة والخاصة، ولا يخفى على أحد أن الأنظمة العميلة والمسارعة في المودة والتطبيع مع كيان الاحتلال الصهيوني الغاصب، إنما هي أدوات بيد قوى الشر والاستكبار العالمي، وهي في الأساس كأنظمة وقيادات صنيعة العدو الصهيوامريكي في المنطقة العربية والإسلامية وبالذات المنطقة العربية وفي مقدمة هذه الأنظمة النظام السعودي والإماراتي ثم الذي يليه ثم الذي يليه من الذين يعتقدون ان بقاءهم في السلطة لن يستمر إلا باستمرار وجود الكيان الصهيوني الغاصب للأراضي العربية، ووأد كل ما من شأنه استئصال أو إضعاف هذا الكيان الاحتلالي.. فهذا ما تم الاتفاق عليه بين الأنظمة العميلة وبين الدول الاستعمارية لإعطاء الصهاينة الحق في احتلال أراضي عربية خالصة، وهو اتفاق لإعطاء من لا يملك لمن لا يستحق.. وجميعنا نعرف كيف تم ذلك ومن هي الأدوات والأنظمة التي ساعدت الاستعمار على انفاذ وإنجاز وإتمام ذلك الاتفاق وفي مقدمة تلك الأنظمة كما اسلفنا نظام آل سعود، والذي نجده اليوم يبارك العدوان الصهيوني الهمجي على غزة.. فبينما غزة تذبح وأطفالها وأهلها يمزقون أشلاء، نجد النظام السعودي يحرص على إقامة مهرجانات للترفيه والغناء والرقص والمجون، وأخرى للكلاب، ويحرص خلال مهرجانات الغناء على استقدام المغنيات الاسرائيليات للرقص والغناء في بلاد الحرمين واللاتي يخترن ويقدمن الأغاني التي فيها إساءة وتهكم على الذات الإلهية، من دون ان يكون هناك أي تحرج أو امتعاض من قبل نظام آل سعود ودون أن يكون هناك ذرة من حياء لا من الله ولا من شعوبهم لأن تلك الأنظمة قد عملت جاهدة وباستخدام أموال طائلة على مسخ هوية شعوبهم وتفسخ الأخلاق والقيم والشيم لديهم.. ذلك دأب آل سعود وآل زايد الذين يسيرون فيه وفقاً لما رسمه لهم الصهاينة والأمريكان..
ولذا جاءت هكذا مواقفهم اليوم تجاه العدوان الهمجي على قطاع غزة، بتأييد العدو ومباركة عدوانه ودعمه بالمال والسلاح، وبمحاولة صرف الأنظار عما يرتكبه كيان الاحتلال الصهيوني من مجازر إبادة جماعية بحق الأطفال والنساء والمدنيين في قطاع غزة.
وأمام ذلك المشهد المخزي من أنظمة التطبيع، تأتي المواقف المشرفة والشجاعة والمؤثرة والفاعلة لمحور المقاومة وعلى رأسها موقف يمن الإيمان والحكمة والمدد والنصرة وأولي القوة والبأس الشديد، وقيادته الثورية الشجاعة والحكيمة ممثلة بالقائد العلم المجاهد السيد عبدالملك بدرالدين الحوثي -يحفظه الله- القائد الحيدري العربي الذي سارع وقبل الجميع بإعلان موقف اليمن المناصر لغزة ومقاومتها ولشعب فلسطين المجاهد، وأكد على أن اليمن سيشارك بقوة وبكل الخيارات العسكرية المتاحة في معركة طوفان الأقصى إذا ما تدخلت أمريكا في المعركة، أعلن ذلك بكل وضوح وشجاعة خلال كلمته التي صدح بها يوم ٢٥ربيع الأول الموافق ١٠ أكتوبر الماضي، في ثالث يوم لعملية طوفان الأقصى، فكان سيد القول والفعل، حيث أتبع القول بالفعل الميداني، وبدأ جيشنا اليمني بترجمة أقوال السيد القائد إلى أفعال عبر القوة الصاروخية والطيران المسير، حيث تم إطلاق دفعات كبيرة ومتتالية من الصواريخ المجنحة والباليستية والطائرات المسيرة تجاه كيان العدو الصهيوني في الأراضي الفلسطينية المحتلة، واستهدفت أهدافاً حساسةً في كيان الاحتلال الغاصب، محققة أصابات مباشرة ومؤكدة، فكانت هذه الضربات المسددة إلى نحر كيان العدو الإسرائيلي، قاصمة لظهره وموجعة لكيانه الاحتلالي ولها أثرها وتأثيرها القوي على مسار المعركة.. وتواصلت ضربات أولي القوة والبأس الشديد نحو كيان الاحتلال الصهيوني وبشكل تصاعدي، وتفعيلاً لمزيد من الخيارات العسكرية نصرة لغزة ومقاومتها الباسلة وردع العدو الصهيوني والرد على جرائمه الوحشية ومجازره الدموية المروعة في قطاع غزة، أصدرت قيادتنا الثورية الحكيمة والشجاعة توجيهاتها باستهداف السفن الصهيونية في البحر الأحمر وباب المندب، والتنكيل بها، وعلى الفور عمل أبطال القوات البحرية على تنفيذ توجيهات القيادة الثورية، حيث تم تنفيذ عملية نوعية وتسديد ضربة قوية ومزلزلة لكيان العدو الإسرائيلي، بالسيطرة على السفينة الصهيونية في البحر الأحمر واقتيادها مع طاقمها إلى السواحل اليمنية، فكان لهذه العملية أثرها الكبير في كسر شوكة العدو وخضوعه لمطالب فصائل المقاومة في غزة والقبول بصفقة تبادل الأسرى بحيث تتم في ظل وقف إطلاق النار وان كان عبر هدن مؤقته، وهو ما تم خلال الثلاث الأيام الماضية التي شهد وقف إطلاق النار وإطلاق دفعات من الأسرى لدى الجانبين المقاومة الفلسطينية وكيان الاحتلال، وستستمر يومنا هذا الأحد، وهذا انتصار عظيم ومؤزر لفصائل المقاومة في غزة، حيث وهي منذ اليوم الأول تؤكد للعدو أنه لم ولن يحصل على أسراه إلا من خلال صفقات تبادل.
نعود هنا فنقول بأن المشاركة اليمنية الفاعلة في معركة طوفان الأقصى، فرصة هامة لنصرة غزة وفلسطين ومواجهة الصهاينة الغاصبين، إذاً فهي فرصة هامة ولا يجب تضيعها أو التأخر عن المشاركة فيها، لأنها معركة الأمة معركة الكرامة والنصرة.. وتجاه دورنا الفاعل في معركة الطوفان يتصاعد القلق الأمريكي الذي سعى بكل جهد كي لا يتوسع الصراع، وتدخل أطراف جديدة وجبهات مساندة للمقاومة الفلسطينية في المعركة وعلى خط المواجهة مع العدو الصهيوني، وبدخول اليمن يخشى الأمريكي من أن يكون السيد عبدالملك بدرالدين الحوثي نموذج وقدوة لقادة آخرين في العالم العربي والإسلامي، وهذا يشكل خطرا بحد ذاته على العدو ويتمثل هذا الخطر في أن الأمة الإسلامية سيظل لديها أمل في وجود قادة شرفاء أحرار غيورين على أمتهم.
الموقف اليمني المشرف اربك العدو وزلزل كيانه والحق به خسائر فادحة من خلال الضربات التي تلقاها من قوتنا الصاروخية وطيراننا المسير وكذا من خلال سيطرة جيشنا على السفينة الصهيونية جلاكسي وإغلاق البحر الأحمر في وجه السفن الصهيونية كافة سواء العسكرية أو التجارية.
ان دور اليمن سيظل محوريا واساسيا لنصرة أهلنا في غزة والضفة والقدس وأراضي ٤٨ وكل فلسطين من البحر إلى النهر وستبقى قضية فلسطين هي قضيتنا الأولى في اليمن ومحور المقاومة، ولن يتوانى يمن المدد والنصرة وأولو البأس والقوة في نصرة القضية الفلسطينية وكل قضايا الأمة العادلة، في ظل مسيرتنا الظافرة وتحت لواء قيادتنا الثورية الملهمة ذات الرؤية السديدة والثقافة القرآنية والبصيرة النورانية وفي ظل قيادتنا السياسية والعسكرية المحنكة والمخلصة، وبما يمتلكه شعبنا اليمني الحر الأبي من إرادة قوية وعزيمة فتية وهمة علية على المشاركة الفاعلة في تحقيق النهوض الحضاري والتنمية الشاملة والمستدامة، إلى جانب خوض معركة الدفاع عن الوطن والانتصار لغزة وللقضية الفلسطينية وكسر شوكة كيان الاحتلال الصهيوني الزائل بإذن الله في القريب العاجل.

أخبار الجبهات

وسيبقى نبض قلبي يمنيا
لن ترى الدنيا على أرضي وصيا