كتابات | آراء

القبائل والحكومة والتاريخ في اليمن .. بول دريش جامعة أكسفورد»16«

القبائل والحكومة والتاريخ في اليمن .. بول دريش جامعة أكسفورد»16«

في المصادر الأدبية التي ألفها رجال الدين تتم مناقشة مصطلح الهجرة نظريًا ليس على انه بمعنى الحماية ولكن بمعنى الهروب من الاضطهاد والظلم إلى الإمام الحقيقي في ذلك الوقت

إن ما يعتبره رجال القبائل ان الهجرة شأن محلي بحت يعتبره بقية المتعلمين من رجال الدين الدين على انه شيء خاص واستِثنائي وبالتالي فهو مجرد مثال على اختلاف الاهتمامات التي لا تقتصر بأي حال من الأحوال على الزمان أو المكان ومن الأمثلة الجيدة على ذلك الحوار الذي دار بين اثنين من القرن التاسع عشر لطف بن أحمد جحاف والحسين الكبسي زبارة الدين يتساءل الأول عما إذا كانت الهجرة التي أشار إليها الزبارة على وجه التحديد بالهروب او الفرار من أجل الدين واجب شرعي أم شيء اختياري وجاء في الجواب أنه لا يجب على من يستطيع في وطنه أن يقوم بما يقوم به من فرائض دينية ويستطيع أن يطبق أحكام الله ويدرس العلوم الإسلامية فإذا كانت الحياة الدينية مستحيلة حيث يتعين على المرء أن يهاجر وهو مصطلح يستخدم أيضًا للذهاب إلى مكان آخر لمتابعة دراساته الدينية أو بالطبع البحث عن ملجأ في الأراضي القبلية.
 إن الحفاظ على شروط هذه الحياة الدينية كان من شأن الإمامة تحديداً أو بشكل أدق من شأن الأئمة المتعاقبين كان على الإمام أن يكون سيدًا سليل علي وفاطمة كان يجب أن يكون كاملاً عقلًا وجسدًا وقادرًا على قيادة الجهاد أو الحرب المقدسة شخصيًا ووفقًا لمعظم القراءات يجب أن يكون مجتهدا أي لديه القدرة على الاجتهاد في الأحكام الفقهية عن طريق الاستقراء من القرآن وهي مهارة لا يستطيع الحكم عليها إلا المتعلمون ومن الناحية العملية كان العلماء المحترمون يعترفون به عادةً وبالتالي يربطون السادة والقضاة به قبل أن يتمكن من انتزاع البيعة أو قسم الولاء من القبائل التي ستشكل جيشه وتزوده بالوسائل اللازمة لفرض الدين ومما زاد من عدم استقرار العملية النظرية القائلة بأن الإمامة تصبح شرعية من الناحية القانونية من خلال الدعوة الرسمية إلى الولاء الدعوة والنهوض ضد الظلم وليس من خلال الاختيار على الرغم من أنه من الناحية النظرية يجب أن يكون هناك دائمًا إمام والاعتراف باثنين في وقت واحد هو أمر استثنائي إلا أنه في الممارسة العملية كانت هناك فترات طويلة من الخلافات بين المطالبين ومنافسات متكررة جدًا بين المطالبين وعلى الرغم من وجود أمثلة عديدة على الخلافة السلمية للإمامة وحتى التنازل عنها إلا أنه كان هناك ميل لانتزاع القيادة بالقوة كما أن الزيدية لم تعترف بأي تقسيمات قائمة للولاء أو المنطقة ويمكن توجيه الدعوة إلى الوحدة الأخلاقية على حد سواء..
القبائل التي دعمت الإمامة ضد الغرباء من الأعداء تم دعوتهم بدعوة دينية من أجل نصرة العقيدة والوطن كما يمكن ملاحظة أن الإمام استعمل ايضا بعض القبائل لتأديب قبائل أخرى في داخل الوطن ويمكن أن تتحول هذه إلى أشكال قبلية من الصراع والتسوية كما يحدث في كثير من الأحيان إن متابعة الأمثلة التفصيلية العديدة لن يكون مجدياً فهي متكررة إلى حد كبير لكن وجود عدو خارجي أدى مراراً وتكراراً إلى تحويل الصراع إلى الخارج سواء تجاه الإسماعيليين في العصور الوسطى أو الرسوليين في اليمن السفلي في القرنين الثالث عشر والرابع عشر أو الأتراك في القرن السادس عشر وأوائل القرن السابع عشر أو الأتراك مرة أخرى في القرن التاسع عشر وبصرف النظر عن المكافآت الموروثة في تسوية نزاعاتهم الخاصة فقد استفادت القبائل من الحرب ضد الآخرين وحصل الإمام ورفاقه من السادة على الخمس الشرعي من الغنائم من هذا الجهاد مما سمح لهم بالاستفادة من المزيد من الدعم والحصول على المزيد من المكاسب.

أخبار الجبهات

وسيبقى نبض قلبي يمنيا
لن ترى الدنيا على أرضي وصيا