كتابات | آراء

في الذكرى الـ46 لاغتيال الرئيس الحمدي

في الذكرى الـ46 لاغتيال الرئيس الحمدي

منذ بدء امتهاني فن الكتابة قبل ما يزيد على 28 عامًا بأربعة أشهر بالتحديد، وأنا أتهيب الخوض في سيرة مؤسس نهضة اليمن السعيد فخامة الرئيس الشهيد «إبراهيم محمد الحمدي» خشية ألَّا أفيَ ذكره العاطر ودمه الزكي الطاهر الحدَّ الأدنى من التمجيد والثناء.


تهيؤ المجال لفتح ملف الاغتيال
أما اليوم وبعد مضي 46 سنةً على جرم إزهاق روحه الطاهرة وإراقة دمه الزكي ومعه شقيقه المقدم «عبدالله الحمدي» قائد قوات العمالقة بأيادي عناصر مأجورةٍ مجبولة على الأنانية ارتهنت نفوسها المريضة وضمائرها الدائمة الانصراف عن الحق إلى نقيضه المتفننة في ابتداع الأساليب الخيانية لحساب نظام حكم رجعي نشأ -منذ أول طور من أطواره الجنينية- على أساس من العمالة للصهيوصليبية العالمية، فأغراها باغتياله بتلك الطريقة البشعة واللاإنسانية بعد أن اتخِذ قرار الاغتيال في أحد المحافل الماسونية حتى لا يبقى عائقًا يحول دون وقوع أهم جزء في منطقتنا العربية تحت الهيمنة الكاملة للدولة الصهيونية، فقد آن لكل يمني أن يطالب -بشكل علني- بفتح تحقيق قضائي حول ملابسات ذلك الجرم الاغتيالي العدواني المهول الذي قيِّد -بسبب تحكم بعض من القتلة في رسم المعادلة بخلاف ما تقتضيه العدالة- ضدَّ مجهول.

أفضلية تدويل القضية
وإذا كانت الظروف السياسية الحالية -جرَّاء معاناة بعض المحافظات اليمنية من أوضاع احتلالية- غير مثالية للتعاطي مع هذه القضية الشديدة الحساسية بموضوعية ومسؤولية، فربما أطلت علينا السنة أو السنون الآتية بظروف مواتية لرفع ما ينبغي رفعه من دعاوى قضائية وفتح ملفات القضية ذات الأبعاد  الوطنية أمام المحاكم الدولية بمنتهى الشفافية حتى تباشر مهامها في فتح تحقيقات موسعة وشاملة من شأنها تحديد الأطراف -أشخاصًا كانت أو أنظمة- التي تورطت في التخطيط والتنسيق لتنفيذ تلك الجريمة المخجلة، ومن ثم صياغة التوصيات اللازمة لتقديمها للعدالة بصورة عاجلة، حتى تنال عقوبتها العادلة.

تبييت نية اغتيال حاضر ومستقبل اليمن
كل ما لوحظ من تركيز الرئيس الشهيد «إبراهيم الحمدي» على إحداث نهضة تعليمية ونهضة زراعية ونهضة صناعية مصحوبة بإصلاحات جذرية لما كان متفشيًا في مؤسسات الدولة من اختلالاتٍ مالية وإدارية، بالإضافة إلى تهيئته مع أخيه «سالم ربيع علي» المناخات الملائمة لإقامة وحدة يمنية على أفضل ما يمكن من أسس متينة بسرعة قياسية، يؤكد -بالنظر إلى ما كان من اغتيال «الحمدي» في الـ11 من أكتوبر 1977 في «صنعاء» وما أعقبه من الإطاحة بـ«سالمين» في 22 يونيو 1978 ثم إعدامه في 26 يونيو 1978 في «عدن»- أنَّ اغتيال تينك القامتين الوطنيتين «الحمدي وسالمين» اغتيال ممنهج ومزمن لحاضر ومستقبل ووحدة «يمن الحكمة و الإيمان»، حتى لا يعود إلى تبوئ المكانة التأريخية التي تبوأها في غابر الأزمان، وكي لا يستفيد من موقعه الاستراتيجي المسيطر على أهم ممر تجاري مائي عالمي كما سيطر قديمًا على طريق اللبان.

اغتيال فكرة تحرر حوض البحر الأحمر
بالرغم من أنَّ وأد حلم اليمن المتمثل باغتيال الرئيس إبراهيم الحمدي نفذ بأيادٍ يمنية تخلت عن آدميتها أمام إغراءات الدولار وبتمويل وإشراف من إحدى دول الجوار، فإنَّ فكرة التصفية صهيوأمريكية 100%، نتيجة تأكد «أمريكا» أنَّ طموح هذا الرئيس المفعم بالحسِّ الوطني يتجاوز به حدود العمل الجاد على الاستقلال بالقرار السياسي اليمني إلى رسم استراتيجية لإنشاء تكتل أمني إقليمي من كافة الأقطار المطلة على البحر الأحمر والعربية منها على وجه الخصوص يضطلع بمهمة التصدي للتهديدات التي تفرضها بعض الأقطار التي كانت تتقمص -في بعض الأحيان- دور القراصنة واللصوص.
وقد أثار انعقاد المؤتمر التأسيسي لذلك التكتل المستفز يوم الأحد الموافق 20 مارس 1977م بدعوة من الرئيسين اليمنيين الشهيدين «الحمدي وسالمين» بمدينة «تعز» حفيظة «الولايات المتحدة الأمريكية»، فلم يلبث «البيت الأبيض» أن أصدر توجيهاته الفورية برسم خطة تكتيكية لاغتيال الرئيس «الحمدي» بصورة سريعة وذكية قبل أن يتحول منجزه الإقليمي الرائد إلى ظاهرة عالمية تحدُّ من بلطجة الأساطيل العسكرية الأمريكية ومن تغوُّل واشنطن المتزايد الذي يضمن لها الكثير من العوائد.
فرحم الله -تعالى- الرئيس الشهيد «إبراهيم الحمدي» الذي سيبقى ذكرى خالدةً في ذاكرة الأجيال مستعصية على كافة عوامل الزوال، كما ستبقى إنجازاته التنموية ووضعه أسسًا نوعية لمشاريع البنى التحتية شاهدًا حيًّا على حقبةٍ حافلةٍ بأروع مظاهر التطوير والتحديث والبناء.
(ولا نامت أعين الجبناء).

أخبار الجبهات

وسيبقى نبض قلبي يمنيا
لن ترى الدنيا على أرضي وصيا