كتابات | آراء

حديث كربلاء

حديث كربلاء

هل أتاك حديث كربلاء؟ وهل علمت ماذا جرى في يوم عاشوراء؟.. يوم سفكت دماء الأصفياء وبقية الله في أرضه من أهل الكساء الإمام الحسين بن علي بن أبي طالب -سلام الله عليه- سبط الرسول الأعظم -صلوات الله وسلامه عليه وعلى أله الطاهرين- وابن علي المرتضى وفاطمة الزهراء، 

ووارث الكتاب وعلم الهدى وأهل بيته الكرام النجباء،  وثلة من أصحابه الذين آمنوا بالله ورسوله من أهل الشرف والكرم والعزة والقوة الأتقياء .
هناك في أرض كربلاء في يوم عاشوراء حلَّ بآل بيت النبي المصطفى الكرب العظيم والبلاء الشديد،  وحُوصر العطشى من الماء،  وقُتل ساقي العطشى وحامل اللواء أبو الفضل العباس بن علي بن أبي طالب صلوات الله عليهم أجمعين، وسُبيت النساء، وأصبح البقية من آل بيت النبي المصطفى -صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله- في هذه الأرض هم الغرباء !!
 أو تدرون من ذلك العظيم الذي قُتل في يوم كربلاء وسُفكت دماؤه في يوم عاشوراء، وقُطع رأسه الشريف، وذُبح طفله الرضيع بلا رحمة من ذلكم الأشقياء؟.. إنه الحسين بن علي بن أبي طالب.. هذا هو أبو عبدالله الحسين بن علي بن أبي طالب عليهم السلام، عندما خرج إلى العراق خرج إليها مصلحاً في أمة جده رسول الله -صلوات الله عليه وآله وسلم- من بعد أن بايعه الناس فيها وجاءته كتب مسلم بن عقيل بالبشرى كونه الذي قام بأخذ البيعة للإمام الحسين، لكنه قتل مظلوماً، وأولئك الذين بايعوه خذلوه ولم ينصروه فجرى عليه الذي جرى.
خرج الحسين إذ خرج بعد أن صار أمر الأمة إلى يزيد بن معاوية الدعيّ بن الدعيّ.. خرج إذ خرج من بعد أن ركز له يزيد بين السلة والذلة، فرد عليه بالقول: " مثلي لا يبايع مثله، وهيهات منا الذلة".
هذا هو الحسين بن علي وارث علم كتاب الله من جده، فكيف لا يخرج وقد صار الأمر إلى الطغاة والمفسدين في الأرض، وتحول دين الله إلى ملك تُستباح فيه دماء الأبرياء ويذل فيه الخلق، ويتحول دين الله إلى غطاء يتستر تحته الأشقياء المتبعون للأهواء، وساد في الناس ظلم الأمراء والظلال من بعد الهدى.
 ومن هو قاتله يا ترى؟!
 إنه الدَّعيُّ ابن الدَّعيِّ وطاغية العصر يزيد بن معاوية، الذي وقف قائلاً لما وصلت إليه السبايا مكبلاتٍ أسيراتٍ جائعاتٍ عاطشاتٍ ومعهن بعض الأسرى الأطفال وهو يردد :
ليت أشياخي ببدر شهدوا          جزع الخزرجي من وقع الأسل
لاستهلوا وأهلوا فرحاً              ثم قالوا يا يزيد لا تُشَل
لعبت هاشم بالملك فلا                خبرٌ جاء ولا وحيٌ نزل
وبالفعل عندما لم يستجب المؤمنون لأمر الرسول -صلى الله عليه وآله وسلم- كانت كربلاء، وكانت الفاجعة الكبرى فاجعة الفواجع والمأساة التي ليس قبلها وليس بعدها مأساة، والجريمة النكراء التي راح ضحيتها نخبة من الأولياء الصالحين الشرفاء في جريمة كان مهندسها اليهود وأحبارهم الذين ادَّعوا الإسلام كذباً وزوراً، ومدبرها هو الدَّعيُّ ابن الدَّعيِّ ابن الدَّعيِّ والطليق ابن الطلقاء يزيد، ومعه عبيدالله بن زياد قائداً ومنفذاً، عبيدالله بن زياد، وكلنا يعرف من يكون "زياد ابن أبيه".. كما شاركه في  ذلك عمر بن سعد طلباً لملك الرَّيْ الذي لم ينل منه شيئاً، إلا أنه خسر الدنيا والأخرى، وابن ذي الجوشن ذلك الذي لم يعرف الإسلام قط، وكان عبداً مأجوراً ليزيد وحزب الطلقاء، ومعهم بقية من المسلمين المدعين للإسلام وهم إلى النفاق أقرب، فرفعوا سيوفهم في وجه ابن بنت رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- وبضعة المصطفى سيدة نساء الدنيا والأخرى فاطمة البتول الزهراء، لقتل الحسين بن علي، ذلك الذي قال عنه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : "حسين مني و أنا من حسين، أحبَّ الله من أحبَّ حسيناً" .
وقال عنه :"حسينٌ سبطٌ من الأسباط"
فالويل لمبغضيه وقاتليه، فكأنما رفعوا سيوفهم في وجه رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- دون حياء أو خجل !!
كان الإمام الحسين قد خرج مع كثير من المسلمين إلى كربلاء، ولكنهم تفرقوا وهم في طريقهم إلى كربلاء لما علموا أن يزيد قد حشد جنده للنيل من ابن بنت رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- ولم يبق مع الإمام الحسين -عليه السلام- إلا ثلة من الصادقين، نصفهم من آل بيته وبني عمه من آل أبي طالب -سلام الله عليهم أجمعين- والنصف الآخر معظمهم من أرحب اليمن التي تشرفت بأن يستشهد ثلة من أبنائها مع الإمام الحسين -عليه السلام- في أرض كربلاء .
ولم يكن الإمام الحسين بن علي -عليهما السلام- ليرضى بأن يسلم حكم المسلمين إلى الفاجر يزيد الطليق الدعيّ بن الدعيّ ؛ لأنه بذلك سيمحو ما تبقى من معالم دين جده -صلوات الله عليه وآله وسلم- فخرج من المدينة ثم إلى مكة المشرفة ليؤدي الحج ويتوجه إلى كربلاء رافعاً سيفه معلناً ثورته على طغاة الأرض وعلى رأسهم يزيد الدعيّ بن الدعيّ قائلاً : "إنما خرجت مصلحاً في أمة جدي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم". وبعد أن ركز الدعي ابن الدعي يزيد الفاجر بين السلة والذلة، فهيهات للحسين أن يختار المذلة،  فكانت السلة، وكانت كربلاء، حينها نادى الحسين بالمسلمين ألا من ناصر ينصرني؟ ألا من ناصر ينصر الحق الذي خرجت من أجله؟ ألا من ناصر ينصر دين محمد الذي أريد أن يُطمس من هذه الأرض؟ ألا من مؤمن لا زالت لديه غيرة على دين الإسلام وعلى دين رسول الله؟!
ثم قال لهم متسائلاً:ماذا تقولون في صلاتكم؟ قالوا: نقول اللهم صلِّ على محمد وعلى آل محمد كما صليت وباركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد، فقال لهم: فكيف تصلون علينا ثم تقاتلونا وتسفكون دماءنا؟ فقالوا: إنما أنت خارج عن الشرعية متمرد عنها شققت عصا الطاعة وفرقت الجماعة،  فقال لهم: أيها الناس، أنتم تقاتلون المظلوم وتنصرون الظالم، وتواجهون الحق وتدعمون الباطل، إن لم يكن لكم دين فكونوا أحراراً في دنياكم، فقالوا : إن لم تبايع فسنقاتلك، فقال لهم: إن لم يكن إلا كذلك.. ولا حول  ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
 لكن أحدهم لم يسمع ولم يستجب لذلك النداء العظيم، كلهم ذهبوا إلى المال واتجهوا إلى الدنيا طمعاً فيما بيد يزيد من فتات المال الذي كان مقدراً أن يكون لكل المسلمين في هذه الأرض، لكنهم أبوا إلا أن يكونوا متسولين على أبواب يزيد، فخذلوا الحسين وتركوه وحيداً يواجه قوى الطاغوت، فانتصر الإمام الحسين بنيل الشهادة، وخسرت الأمة بعد استشهاده دينها ودنياها وأخراها، وكُتب عليها التيه حتى اليوم.
فهل أتاك حديث كربلاء يوم اهتزّ عرش الرحمن من هول الفاجعة الكبرى والجريمة النكراء، يوم ضجت السماء بالبكاء.. ويا حسرة على شقاء هذه الأمة التي قتلت أعلامها وأئمتها وقادتها إلى الحق والهدى.. ويا أسفاه على أمة انحازت إلى الظالمين ضد المظلومين وإلى الباطل ضد الحق.. يا أسفاه على الحسين  والذين معه، ولعنة الله على القوم الظالمين .
واليوم بعد أن عاد نهج الحسين -عليه السلام- بثورته من جديد بحُلّة جديدة، من خلال المسيرة القرآنية المباركة وفي صفة أعلام هدى وقادة من أحفاده وأحفاد رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- أمثال السيد حسين بدر الدين الحوثي والسيد عبدالملك بدر الدين الحوثي،  ليطهروا الأرض من رجس أولئك الأغبياء الطلقاء،  ويعيدوا مسار الإسلام إلى مساره الحقيقي بعد ذلك الانحراف الذي طرأ على الأمة، وبعد ذلك التيه الذي كتب على الأمة وشقائها الذي أدخلت نفسها فيه، وهم اليوم يواجهون كل طغاة العالم، ويواجهون يزيد وبرنامجه الخبيث "برنامج الداعشية" التي سلّطت سيوفها وذبحت أبناء أمتها المسلمة، وتركت المستضعفين في فلسطين وباقي الأرض فريسة لليهود والنصارى والماسونية والمجرمين،  وتركت الغرب الكافر ينال من الإسلام ومقدساته كما يشاء دون أن يعلو صوتاً لأحدهم، فسيوفهم لا تزال مسلطة على رقاب المسلمين.
 هنا في اليمن الميمون خرج الحسين -سلام الله عليه- والتفّ حوله الأنصار من جديد، وناصرته الأمة فاستعاد مجد الإسلام، وعمل بمنهج القرآن، فرأيت أولئك الأخيار من آل بيته، وأولئك النجباء الأطهار ممن حملوا سيفه وهتفوا بشعاره ليدافعوا عن عزة الأمة وكرامتها، وخرج الناصر من أبناء الأمة ليدفع عن الأمة ما أرادنا بها الظالمون، وكُسرت شوكة يزيد : العدوان" ومن معه، فها هو يعيش الذل والهوان في موطنه، وذلك عمر بن سعد ما بين الإمارات وقطر وتركيا ومصر والسعودية والساحل الغربي يطمح في الملك مرة أخرى وهيهات أن يكون له ذلك، وهناك في مارب يتبختر شمر بن ذي الجوشن؛ لينال من سبط المصطفى مرة أخرى، لكنه في هذه المرة سيسقط تحت أقدام المجاهدين الأباة الكرماء الأعزاء، وها هو الحر بن يزيد الرياحي يستعد في المحافظات الجنوبية ليلتحق بركب الحسين ليكون في الثائرين الصادقين المؤمنين، وكذلك الصادقون في شبوة وحضرموت ولحج وعدن وغيرها من المحافظات التي لا تزال تعيش تحت وطأة العدو المحتل الكافر، لكنها ستثور يوماً ما،  وسنلتحق بالصادقين الأحرار في أرض الإباء والكرامة، وسيتجه قائد الأمة بهم في يوم ليس بالبعيد إلى أرض فلسطين ليطهرها من رجس اليهود والنصارى، وسيطهر أرض الحرمين الشريفين من يزيد وأعوانه السفهاء المجرمين ويملأ الأرض عدلاً كما مُلئت ظلماً وجوراً، والله ولي المؤمنين.
"لبيك يا حسين، لبيك يا أبا عبدالله"، رددوها بأعلى أصواتكم، واهتفوا بها من صميم قلوبكم، وأينما كنتم.. (والعاقبة للمتقين) والحمد لله رب العالمين.

أخبار الجبهات

وسيبقى نبض قلبي يمنيا
لن ترى الدنيا على أرضي وصيا