كتابات | آراء

اليمن.. لعبة الدم والموت إلى أين ?!.. « 66»

اليمن.. لعبة الدم والموت إلى أين ?!.. « 66»

واليمنيون الذين تباهوا متفاخرين على أمم الأرض وشعوب العالم بأنهم " أولي قوة , وأولي بأس شديد " كما وصفوا بذلك أنفسهم عندما استشارتهم مليكتهم العظيمة ملكة سبأ بلقيس بنت الهدهاد في شأن ماجاء إليها من لدن نبي الله سليمان ,

كانوا ولا زالوا على هوايتهم المفضلة وولعهم بتشبيب نيران الحروب والصراعات وخوض غمارها سواء كانت الحروب بينهم وبين بعضهم البعض أو بينهم وبين الآخرين .
وفي أحيان كثيرة كانت تندلع تلك الحرب  المستعرة بين اليمنيين أو بينهم وبين أعدائهم وخصومهم ومنافسيهم لأتفه الأسباب وتكون دوافعها غير مقنعة ولا مقبولة ولا مبررة غالبا.
وكثيرا ماكانت الحماقات والطيش والمغامرات الإنفعالية والعصبيات إلى جانب التنازع على الأمر والصراع على النفوذ والمال وحب السيطرة والجاه والحكم تعتبر المحرك الأساسي والرئيسي لتشبيب لظى الحروب والصراعات الدامية في بلد مضطرب كاليمن , عرف أبنائه على مر التاريخ وحتى اليوم بعشق السلاح والولع والإنشغال بخوض الحروب وتشبيب نيرانها كل فترة وأخرى , ولا تكاد تخمد نيران حرب هنا ويتفق المتحاربين على اتفاقية سلام حتى يتفاجئوا بإندلاع حرب جديدة ودورة عنف تذكر بسابقتها وتأتي وكأنها تجديدا واستئنافا لها وبحماس أكثر قوة وشدة ولأسباب لاتختلف كثيرا عن أسباب الحروب ودورات العنف السابقة عادة , ليبقى الناس هنا على الدوام في حالة استنفار ومنشغلين ببناء المتارس ومواجهة بعضهم البعض من خلفها!.
وكمثال غير بعيد مما تشهده البلاد حاليا من حرب وعدوان خارجي منذ أكثر من ست سنوات وما تخلل ذلك من تمزق للنسيج الإجتماعي اليمني وتشظي وانهيار لمؤسسات الدولة وتفاقم الأوضاع المعيشية واتساع دائرة ورقعة الفقر في بلد تتقطع أوصاله كل يوم , فمن عام 2011 حتى اللحظة والمتحاربون هنا كانوا ولا زالوا ممسكين بالزناد ويخوضون حرب داخلية فيما بينهم على ماتبقى من دولة ووطن ضاعا في زحام الأحداث العاصفة , وكل طرف يدعي أنه على حق وكل طرف من أطراف الصراع السياسي يتحدث بإسم الشعب والوطن ويعتبر نفسه الممثل الشرعي والوحيد لهذا وذاك ولا يراعي أي طرف مصالح الشعب ومعاناة أبنائه بسبب استمرار الحرب التي مزقت البلد وجعلته على حافة الهاوية , فيما العامل والتدخل والدور  الخارجي  يفعل فعله في هذا الذي يحدث ويجري على الساحة اليمنية اليوم خارج نطاق المقبول والممكن والمشروع .
ولا يختلف اثنان على حقيقة تقول : " أن اليمن شهد على مدى المائة السنة الأخيرة سلسلة طويلة من الصراعات الداخلية والحروب القبلية والسياسية  , وقليل ماكانت البلاد تشهد لفترة مايسمى اصطلاحا بإستراحة المحاربين والتي لاتدوم طويلا ".
ومن.بين الحروب التي شهدها اليمن في تاريخه الحديث والمعاصر حرب دولة جنوب الوطن مع سلطنة عمان والمملكة العربية السعودية في عهد الحزب الإشتراكي اليمني الذي كان يحكم جنوب اليمن سابقا .
وما سبق ذكره والإشارة إليه يعني أن اليمن كانت ولا زالت تشهد كل عامين وعشرة أشهر تقريبا إما حرب دامية أو انقلاب عسكري في تاريخ بلد مزقته الحروب وهذا يعتبر الأسوأ إن لم يك الأفظع في تاريخ الكرة الأرضية على الأقل في التاريخ الحديث .
وبمعنى آخر أكثر دقة ووضوحا فإنه يمكن القول : لم يعش اليمنيين فترة سلام أكثر من عامين وبضعة أشهر , وكان مابين فترة وأخرى على موعد جديد مع حرب ودورة عنف أخرى ليظل الخراب وهدم العمران وسفك الدماء هي السمة الأولى والرئيسية لليمن واليمنيين .
ومن أبرز وأخطر التتائج الكارثية لتلك الصراعات والحروب العبثية الداخلية التي شهدها اليمن خلال المائة عام الأخيرة وحتى الآن , هجرة وتشريد ملايين اليمنيين , ووجود نحو ثمانية ملائين عاطل عن العمل وإعتبار قرابة 18 مليون مواطن يمني تحت خط الفقر وحرمان نحو سبعة ملائين يمني لايقرأون ولا يكتبون من فرصة التعليم بحسب تقارير حكومية ودولية وتدهور الوضع والخدمات في الجانب الصحي والتعليمي ومستوى المعيشة وإعتبار هذا الوضع الأسوأ على مستوى الشرق الأوسطً إلى جانب ان تلك الحروب تسببت في مقتل أكثر من مليون يمني ويتم مليوني طفل واستتزاف مليارات الدولارات  لاسيما إذا تم احتساب نفقات الجيش وضياع العائدات الوطنية ومعالجة الآثار المترتبة عن تلك الحروب وغيرها من النفقات المكلفة ذات الصلة .
ومشكلة اليمنيين الذين شغلوا أنفسهم بالحروب فيما بينهم وخاصة اليوم تكمن في عدم فهمهم وتعاميهم عن حقيقة جلية تفيد صراحة بما معناه :"  أن الدول التي تحاربنا من الخارج وتريد أن نبقى رهينة الجوع والفقر والتخلف والتبعية لها اشباه من الداخل ينفذون مشروعها في الفساد والسطو على الحق الخاص والعام ،والتلاعب بالاسعار والمتاجرة في السوق السوداء ونهب المواطن وجباية المغترب، وقمع الناصحين المخلصين الذين يريدون لهذا الوطن النصر  والرخاء والعز والاكتفاء." وهذا مايجعلهم معنيين بل ومطالبين بخوض معركة وعي  في الواقع المعاش انتصارا لكل قضايا ومتطلباتهم الوطنية وفي مقدمتها قضية التعايش والقبول بالعيش المشترك وتقديم التنازلات المشتركة التي تخدم معركة الوعي وانتصارهم فيها لأنفسهم ولوطنهم !.

أخبار الجبهات

وسيبقى نبض قلبي يمنيا
لن ترى الدنيا على أرضي وصيا