كتابات | آراء

صمود المقاومة مخزٍ للسلطة ومحرج للأنظمة الحاكمة

صمود المقاومة مخزٍ للسلطة ومحرج للأنظمة الحاكمة

كل ما يتوالى على الأراضي العربية المحتلة من وقائع متواصلة -مند أواخر 1993م وإلى الوقت الراهن- يُبقينا على يقين أنَّ سلطة «أوسلو» تجتهد في تمكين الكيان الصهيوني من الزحف التدريجي على ما تبقى -إلى ذلك الحين- من أرض فلسطين تحت أيدي الفلسطينيين.


سلطة فلسطينية أسيرة تنسيقاتٍ أمنية
لم يعد يخفى على أحد أنَّ مهمة أجهزة الأمن التابعة لـ«السلطة الفلسطينية» منحصرةٌ -في ضوء ما يتم بين سلطة «رام الله» وسلطة «تل أبيب» من تنسيقاتٍ أمنية- في التجسس -بصورةٍ دائمة- على عناصر المقاومة والإيقاع بهم بين براثن سلطات الكيان الآثمة ليُزَجَّ بهم في المعتقلات لأمد طويل فيخضعون للكثير من ألوان التعذيب والتنكيل.
فالملاحظ أنَّ ردود فعل سلطة «رام الله» على كل ما تقدِم عليه السلطات الصهيونية من اجتياحات ومداهمات لا تزيد عن تلويح تلك السلطات بالتنصل عن الالتزام بما بين السلطتين من تفاهمات، بيد أنَّ الأكثر من مشين أنَّ الأجهزة الأمنية التابعة لسلطة «أوسلو» -بحسب تصريحات مصادر رفيعة في جيش العدو للقناة 12 بالتلفزيون الصهيوني- أقدمت -الأسبوع الماضي- على اعتقال مقاومين فلسطينيين من «نابلس» كانوا في طريقهم إلى «جنين» لمساعدة مقاوميها على التصدي للعدوان العسكري الصهيوني الوحشي الذي تعرضت له يومي الإثنين والثلاثاء الماضيين.
وفي المقابل أكد محلل الشؤون الفلسطينية في القناة المذكورة «أوهاد بن حيمو» -بحسب المصادر ذاتها- أنَّ العملية العسكرية في مخيم «جنين» ليست ضد السلطة وإنما ضد من أسماهم المخربين.

عدوٌّ يريق بهجومه ماء وجوه الأنظمة
بالرغم من مواجهة النظام العربي الرسمي كل الاجتياحات والاقتحامات التي تقوم بها سلطات الكيان الصهيوني الهادفة إلى استكمال المخطط الاستيطاني على حساب ما تبقى من أراضٍ في حوزة الشعب العربي الفلسطيني بالكثير من الاحتجاجات والإدانات، فقد بات من المسلمات أنَّ الأنظمة العربية -بما فيها غير المطبعة والتي ما تزال تتصنع موقف الممانعة- لم تعد مهتمة –في ما يتعلق بالقضيّة الفلسطينية- بدعم المقاومة، كما لم تعد متفاعلة مع أية دعوات تحثُّ المجتمع الدولي على الوصول بالقضيّة إلى حلول عادلة أو حتى شبه عادلة، بقدر ما تحلم بحدوث عاصفة صهيونية خاطفة أسرع من لمح البصر لا تبقي من المقاومين الفلسطينيين ولا تذر، حتى لا تظل هي -أمام شعوبها- عرضةً لما يحدث من إحراجٍ متكرر، ومهما يصدر عنها من استنكار متذبذب لما يتعرَّض له أبناء فلسطين من تنكيل متواصل من قِبَل قوات الكيان الاحتلالي الغاصب، فلتفادي وامتصاص الغليان الجماهيري الذي يعتمل في أوساط الشارع العربي الغاضب.
وبقدر ما أكدت أحداث «جنين» الأخيرة صمود المقاومة الفلسطينية الباسلة في وجه الهجمة الصهيونية الشرسة، وإفشال مراميها الهادفة إلى كسر إرادة الشعب العربي الفلسطيني وتهجيره وقتل القناعات الراسخة في ضميره، أثبتت -من عدة جوانب- انسلاخ أنظمة «الأعارب» عن قيم العروبة الأصيلة في حدِّها الأدنى المتمثلة في واجب التفاني في نصرة الأقارب، بينما يتمادى حليفها الصهيوني -المرة تلو المرة- في استهداف المدنيين بالمجزرة بعد المجزرة مستخفًّا بمخرجات القمم الصهيوعربية المستنكرة، ومريقًا ماء وجوه تلك الأنظمة إراقاتٍ متكررة.

بطولات جنين والسير في طريق التحرير
بالرغم من فظاعة الوحشية الصهيونية التي تمارسها -على مدى عشرات السنين- في حق العزل المدنيين، لم تتمكن من إطفاء جذوة المقاومة المتقدة في دماء المقاومين الفلسطينيين، بل إنَّ ما تمارسه سلطات الكيان من تغطرس وعنجهية وتجبر يجعل المقاومة الفلسطينية في تطور مستمر ويجعلها -من مواجهة إلى مواجهة- أقدر على المجابهة وبما يزعزع ثقة الشعب المستجلب من أصقاع المعمورة بحكوماته المتعاقبة لا سيما المتطرفة المغرورة.
فقد انعكس تعرُّض محافظات وبلدات ومخيمات الضفة الغربية -خلال السنوات الأخيرة- لاعتداء عسكري صهيوني شبه متواصل على المقاومة الفلسطينية بتطور نوعيٍّ متسارعٍ في التكتيكات والأساليب والوسائل، وخصوصًا بعد تشكل النسخة الخامسة من حكومات الصهيوني المتطرف «بنيامين نتنياهو» المؤلفة من أغلبيةٍ متطرفة بلغ بها تطرفها -منذ تشكلها- افتعال أزمة حادَّة مع مؤسسة القضاء ما تزال آخذةً في التفاقم إلى هذه الأثناء.
ولا يمكن أن ينظر إلى ما ينتجه التصعيد والتصعيد المضاد على امتداد الضفة الغربية من وضع صداميٍّ خطير في منأى عمَّا تعتزمه خلايا المقاومة من ضرورة  السير في درب التحرير الباهظ الكلفة لتطهير الضفة وما بعد الضفة، لا سيما في ظل ما تؤمله -بسبب الخلافات الصهيونية الداخلية المتضاعفة- من رجحان الكفة المائلة لصالح القضية الفلسطينية العادلة.

أخبار الجبهات

وسيبقى نبض قلبي يمنيا
لن ترى الدنيا على أرضي وصيا